تخوض كل من السعودية والإمارات سباقا محموما لفرض نفوذهما على اليمن وإن لم تتقاسم هذا النفوذ بطرق مريبة ومثيرة في ظل تراخي المكونات الوطنية اليمنية المنهمكة بدورها في سباق ترتيب أوضاعها الذاتية، وليس هناك سواء (الحراك المهري) يواصل رسالته الوطنية رافضا كل هذه المحاولات التنافسية سواء بين دول الجوار أو بين المكونات المحلية التي تتجاهل تنافس أشقاء الجوار وتخوض معاركها فيما بينها تاركة سيادة واستقلال الوطن وكرامة مواطنيه عرضة لاستباحة الآخرين وخاصة الإمارات التي في أحدث التقارير الاستخبارية الدولية تؤكد أن الإمارات استعانت بمرتزقة من إحدى الشركات الأمريكية وكلفتها بمهمة العمل في اليمن سواء المرابطة في بعض الجزر التي وضعت الإمارات اليد عليها وشيدت عليها مرافق ومهابط للطائرات، أو لتصفية بعض الرموز اليمنية الرافضة للتدخل الإماراتي السافر بالشؤون اليمنية.
(الحراك المهري) بقيادة الشيخ علي سالم الحريزي استطاع الصمود لسنوات وتمكن من فضح مخططات أشقاء الجوار وكشف نواياهم وخاصة بعد أن اثبت (الحراك المهري) أن هذه التدخلات التي قام بها الأشقاء من دول الجوار وخاصة السعودية والإمارات لم تأت لوجه الله أو لتهدئة الوضع اليمني وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة، بل جاءت هذه التدخلات لفرض السيطرة وتأمين مصالح أطراف دول الجوار التي تعمل بالوكالة لمصالح محاور النفوذ الإقليمية والدولية.
في هذا المعترك تبرز(سلطنة عمان) قيادة وحكومة وشعبا بدور أخوي صادق ورغبة في مساعدة الشعب اليمني والتخفيف من معاناته ولأنها تفعل ما تفعل من أجل اليمن الأرض والإنسان، وتحرص على استقرار تخومها الجغرافي بحكم القرب وعلى خلفية قناعتها الثابتة أن استقرار جوارها فعل يخدم استقرار ها، بعكس رؤية بعض أشقاء الجوار الذين يؤمنون أن استقرارهم مرهون بعدم استقرار اليمن، لذلك يحاول البعض (شيطنة الحراك المهري، وشيطنة دور السلطنة) ويغضون أبصارهم عما يجري في الجزر اليمنية على يد الإمارات واتباعها من (سقطرى) إلى جزيرتي (ميون وعبد الكوري) وما تحاول الشقيقة الكبرى من فرض معادلات جغرافية وسياسية، ليأتي الدور (التركي) الذي بدأت ملامحه تتشكل في حضرموت وهو دور برز بعد سقوط نظام (دمشق) وما جرى قبله في لبنان، الأمر الذي جعل الصراع الجيوسياسي على الوطن العربي يأخذ أبعاداً خطيرة، أبعاد الغائب فيه الفعل العربي المعبر عن الأمن القومي العربي الذي نسفته انتهازية النظم العربية وضربت ببنوده عرض الحائط..!
يبقى (الحراك المهري) بكل ما يحمل من رؤى وأهداف، وما يعبر من خلال دوره عن مواقف وطنية أصيلة، مواقف وإن كانت محصورة في النطاق المهري غير أنها تعكس الحاجة الوطنية الكلية لتبنيها والأخذ بها، إن كان فعلا هناك بقايا من الحريصين على المصلحة الوطنية وعلى أمن واستقرار اليمن.
إن ما تمارسه الإمارات في اليمن شيء مرعب ومخيف وكفيل بتدمير الهوية وتمزيق نسيجها الجغرافي بعد أن استباحت كل المحرمات في ظل صمت رسمي لما يسمى بالشرعية وانشطار ولاءاتها وولاءات مكوناتها بين أبو ظبي والرياض.
وأخيرا (تركيا) وربما تبرز ولاءات أخرى في مكوناتها لعواصم أخرى عربية وإسلامية ودولية، من يدري، بعد أن أصبحت سياسة الاستقوى بالخارج ديدن وهوية فعاليات الداخل.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
مياه العراق، وقناني المياه المُعبأة، ودول الجوار
آخر تحديث: 10 يونيو 2025 - 9:16 ص بقلم:نبيل رومايا يواجه العراق اليوم أزمة مائية متفاقمة ليست فقط بسبب التغيرات المناخية أو سوء الإدارة المحلية، بل أيضاً نتيجة سياسات دول الجوار المائية، التي أصبحت تتحكم بمصادر النهرين العظيمين دجلة والفرات. والأسوأ من ذلك، هو مشهد المفارقة الصارخة الذي نشهده في الأسواق العراقية، حيث تُعرض المياه المُعبأة القادمة من دول قطعت عنه مياه الأنهار.وعلى مدى العقود الماضية، أقامت تركيا وإيران عشرات السدود والخزانات المائية التي قلّصت تدفق المياه إلى العراق بنسبة تجاوزت 50% في بعض السنوات، وفق تقارير وزارة الموارد المائية العراقية. فتركيا، من خلال مشروع “غاب” الضخم، أقامت أكثر من 20 سداً على دجلة والفرات، أبرزها سد “إليسو” الذي بدأ بتقليص حصة العراق منذ عام 2018. وأيضا إيران بدورها حوّلت مجرى العديد من الروافد التي كانت تغذي شرق العراق، مثل نهر الكرخة والكارون الى داخل إيران. مما أدى الى أدى انخفاض منسوب المياه وجفاف الأهوار وارتفاع نسبة الملوحة في شط العرب، وأثّر هذا على التنوع البيئي في المنطقة، وكذلك تفاقمت الهجرة الداخلية من المناطق الزراعية إلى المدن، مما زاد من البطالة والفقر وهدد الأمن الغذائي.
وفي مشهد يبدو عبثياً ومؤلماً، أصبحت الأسواق العراقية اليوم تعجّ بمياه الشرب المعبأة المستوردة من دول مثل تركيا وإيران. وتُعرض هذه المياه بأسعار مرتفعة في الوقت الذي يشهد فيه العراق تراجعاً كبيراً في المياه الصالحة للشرب، خاصة في محافظات الجنوب مثل البصرة وذي قار. والمفارقة تكمن في أن هذه الدول نفسها مسؤولة عن تقليص الحصة المائية للعراق.ويشير تقرير صادر عن “الجهاز المركزي للإحصاء” العراقي إلى أن قيمة واردات العراق من المياه المعبأة تجاوزت 100 مليون دولار سنويا مما يضع علامات استفهام على السيادة المائية والاقتصادية.
وفي ظل تصاعد أزمة المياه في العراق، تبدو المفارقة بين النقص الحاد في مياه الشرب، وبين استيرادها من دول قطعت منابع انهاره، جرحاً في السيادة الوطنية وكرامة شعبه. لقد آن الأوان للعراق أن يعيد رسم خارطة مياهه بسياسة شجاعة تجمع بين الضغط الدبلوماسي والابتكار الداخلي.
وإلى جانب المياه المعبأة، تستورد الأسواق العراقية كميات هائلة من البضائع والمنتجات القادمة من دول الجوار، وعلى رأسها تركيا وإيران، وتشمل المنتجات الغذائية، والأجهزة الكهربائية، والمشروبات، والمنظفات، والمواد الإنشائية، وتغرق هذه السلع السوق العراقي وتسيطر على رفوف المحال التجارية.
ووفق بيانات وزارة التخطيط العراقية، تجاوزت قيمة الواردات السنوية من تركيا وحدها أكثر من 11 مليار دولار، ومن إيران نحو 12 مليار دولار، دون أن تقابل هذه العلاقات التجارية أي التزامات فعلية من تلك الدول لضمان حصة العراق المائية.
إن هذه المعادلة تفتح الباب أمام فكرة “المقايضة الاقتصادية”، أي استخدام العراق لأدواته التجارية كورقة ضغط. وإن بإمكان العراق أن يعيد النظر في اتفاقيات التجارة الحرة، أو يفرض تعرفة جمركية إضافية على سلع الدول التي تحجب عنه المياه، إلى أن تلتزم بسياسات منصفة في تقاسم الموارد المائية.إن الهدف من هذا النهج ليس التصعيد، بل إعادة التوازن للعلاقات الإقليمية من منظور السيادة والعدالة، خاصة عندما تصبح المياه موردًا نادرًا يهدد وجود ملايين العراقيين؟