المغرب – في ظل الاستعدادات المكثفة لاحتضان كبرى البطولات الكروية، يُبرز المغرب توجها استراتيجيا يربط بين الرياضة والسياحة، ويهدف إلى تحويل التظاهرات الرياضية إلى محرك اقتصادي واستثماري يعزّز مكانة المملكة على الساحة الدولية.

في هذا الإطار، قال إدريس عبيس، الخبير المغربي في قطاع الرياضة، إن هناك تكاملا وارتباطا وثيقين بين السياحة والرياضة، موضحا أن التظاهرات الرياضية الكبرى باتت تستقطب جماهير وسياحا من مختلف أنحاء العالم، مما يخلق فرصا استثمارية ضخمة في قطاعات الفندقة، والنقل، والبنية التحتية.

وتأتي تصريحات عبيس بعد أيام من إطلاق استراتيجية “المغرب أرض كرة القدم” التي تهدف إلى الترويج السياحي للبلاد من خلال شعبية اللعبة، بحسب ما أعلنته وزارة السياحة، التي أكدت أن المبادرة تمزج بين شغف المغاربة بكرة القدم وجاذبية البلاد كوجهة سياحية.

مشاريع واستعدادات لكأس إفريقيا ومونديال 2030

بالتوازي مع التحضير لاحتضان كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030 (بالمشاركة مع إسبانيا والبرتغال)، يشهد المغرب تنفيذ أكثر من 120 مشروعا تطويريا في ست مدن ستحتضن البطولة القارية، بحسب وزارة الداخلية.

وتشمل هذه المشاريع تطوير البنية التحتية الحضرية، وتحسين خدمات النقل، وإعادة تأهيل محيط الملاعب، وإطلاق برامج تنشيطية لاستقبال الزوار والمشجعين.

وفي تصريح سابق، أكد الوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع أن تنظيم كأس العالم 2030 “لن يكون مجرد منافسة رياضية، بل فرصة استراتيجية لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل، إلى جانب الترويج لقيم التنمية المستدامة والوحدة والسلام”.

** جذب المستثمرين

وأوضح إدريس عبيس أن التظاهرات الرياضية الكبرى أصبحت عامل جذب للمستثمرين، سواء مغاربة أو أجانب، ممن يسعون للاستثمار في السياحة والفندقة والنقل والخدمات، بالتزامن مع نمو الطلب السياحي.

وأبرز ضرورة أن تكون البلاد مؤهلة من أجل النجاح في الربط بين معادلتي الرياضة والسياحة، خاصة أن كل قطاع يكمل القطاع الآخر.

ولفت إلى أن المغرب أطلق الكثير من المشاريع على مستوى البنية التحية والطرقية وعلى مستوى الصحة والأمن، ومجموعة من القطاعات الأخرى.

وأشار إلى أهمية قطاع السياحة الذي يلعب دورا مهما في نجاح التظاهرات الرياضية، لأنه بدون الترويج السياحي لا يمكن للتظاهرة الرياضية أن تحقق النجاح المطلوب.

* ترويج عبر نجوم الكرة

وفي هذا السياق، تعتمد استراتيجية الترويج على الاستفادة من النجوم المغاربة في كرة القدم، مثل أشرف حكيمي وإبراهيم دياز وحكيم زياش، الذين يحظون بمتابعة عالمية.

وبحسب عبيس، يسمح قانون الرياضة المغربي باستغلال صورة اللاعبين لأغراض دعائية، مما يعزز الحضور الإعلامي للبلاد.

وأوضح أنه “بالإضافة إلى صورة اللاعبين داخل الملاعب، يتكلف وكلاء اللاعبين خارج التظاهرات الرياضية من تسويق صورهم عبر عقود إشهارية، في عدد من القطاعات، مثل الملابس والساعات والعطور، خاصة أن الكثير من الرياضيين لديهم الآلاف أو الملايين من المتتبعين”.

ولفت إلى أن بلاده “تتوفر على العديد من النجوم في كرة القدم، خاصة لاعبي المنتخب مثل أشرف حكيمي لاعب باريس سان جيرمان، وإبراهيم دياز لاعب ريال مدريد، وحكيم زياش لاعب نادي الدحيل القطري”.

وتابع: “البلاد تعمل على توظيف صورهم للترويج للقطاع السياحي، خاصة أنهم يتوفرون على الكثير من المتابعين سواء داخل المغرب أو خارجه، بالإضافة إلى الاستثمار في المجال الإشهار”.

وأوضح أن الجديد في المجال الرياضي هو توظيف الذكاء الاصطناعي لتحديد أكثر اللاعبين تأثيرًا ومتابعة، بهدف استثمار صورهم بفعالية في الحملات الترويجية.

** ضرورة تنويع العرض السياحي

وشدد الخبير المغربي على أهمية تنويع العرض السياحي ليتناسب مع تنوع جماهير الرياضة ومستوياتهم الاقتصادية، وتقديم وجهات تشمل الشواطئ، الجبال، الصحارى، والمآثر الثقافية، وهو ما يجعل المغرب مؤهلًا لتقديم تجربة سياحية شاملة.

ولتحقيق هذه الأهداف، دعا عبيس إلى الموازنة بين سرعة الاستعداد لاستقبال الأحداث الكبرى ومستوى التنمية في مختلف المدن، من الناحيتين اللوجستية والبشرية.

** بلد الرياضة والسياحة معا

بحسب بيانات وزارة السياحة، استقبل المغرب خلال عام 2024 نحو 17.4 مليون سائح، بزيادة 20 بالمئة عن العام السابق، ليصبح في صدارة الوجهات السياحية الإفريقية.

وبفضل استراتيجيته الجديدة، يراهن المغرب على أن يصبح بلدا رياضيا وسياحيا بامتياز، لا سيما مع احتضانه لأربع بطولات قارية خلال 2025.

ومن بين هذه البطولات كأس إفريقيا للأمم لأقل من 17 سنة، وكأس إفريقيا للأمم لكرة القدم النسوية، وكأس العالم للسيدات تحت 17 عاما وصولًا إلى الموعد الأهم: كأس إفريقيا للرجال 2025، تمهيدا لمونديال 2030.

 

الأناضول

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: التظاهرات الریاضیة کأس إفریقیا

إقرأ أيضاً:

الروح قبل الجسد.. لماذا يجب أن نعيد النظر في علاقتنا النفسية بالرياضة؟

في الوقت الذي يركض فيه الجميع وراء النتائج والبطولات، تغيب عن كثيرين، حقيقة أن الرياضة ليست عضلات وخططا وتكتيكًا، بل في جوهرها علاقة معقدة بين النفس والجسد، وبين الفرد والجماعة، وهنا تبرز دراسة حديثة نُشرت في مجلة بحوث التربية الرياضية كجرس إنذار، تنبهنا إلى أن”المناخ النفسي الاجتماعي” داخل الفرق الرياضية، وتحديدًا في كرة السلة، قد يكون هو المفتاح الحقيقي للفَرق، بين فريق يصمد وآخر ينهار. الدراسة التي أنجزها الباحث السعودي وثاني خريج علي مستوي المملكة في علم النفس الإجتماعي الرياضي د. رشاد أحمد محمد عقيل، وبعض زملائه بكلية التربية الرياضية بنين جامعة الزقازيق بجمهورية مصر العربية، كشفت بوضوح أن البيئة النفسية، التي يتحرك فيها اللاعب لا تقل أهمية عن مهاراته الفنية، ستة عناصر حددتها الدراسة كمرتكزات لهذا المناخ؛ وهي الاستقلال، والاندماج، والثقة، والضغوط، والدعم والتقدير. ستة أركان لو انهار واحد منها، قد ينهار معها الفريق كله، فما الذي يدفع لاعبًا إلى أن يمرر الكرة في لحظة حاسمة؟ أو أن يغامر بتسديدة؟ ليس فقط التدريب، بل شعوره بأن هناك من يثق به، بأن لديه مساحة من الحرية لاتخاذ القرار، وأنه لن يُحاسب فقط على الخطأ، بل سيُحتفى به عند النجاح، وهذا هو المناخ الذي تتحدث عنه الدراسة، ليس الجو العام، بل المناخ النفسي الدقيق غير المرئي الذي يتنفسه اللاعبون طوال الوقت، المثير في الدراسة أنها لم تقف عند حدود القياس، بل ربطت بين هذا المناخ، وبين مستوى التعاون الاجتماعي، أي أن بناء فريق ناجح يبدأ من بناء أفراد يشعرون أنهم آمنون، مفهومون ومدعومون، في زمن تُختصر فيه الرياضة في دقائق معدودة من اللعب، ويُغفل أننا نتحدث عن بشر يحملون مخاوفهم، وطموحاتهم وهشاشتهم. ونتائج الدراسة كانت واضحة: كلما زادت الثقة والدعم والانتماء، زاد انسجام الفريق وقوته في الأداء، وهنا يبرز مشهد مهم من خارج حدود البحث، يؤكد نفس الفكرة، ويجعل نتائج الدراسة ليست مجرد ملاحظات نظرية، بل وجد صداها في واقع بدأ يعترف علنًا بدور النفس في صناعة الأداء، ففي خطوة لافتة، أوصت لجنة الشباب والرياضة في مجلس الشورى بإطلاق “برنامج الدعم النفسي الرياضي” بالتعاون مع وزارة الصحة السعودية، لتقديم خدمات إرشاد وتقييم نفسي للرياضيين والمدربين، على مدار الموسم الرياضي. التوصية تعكس تحوّلًا نوعيًا في النظرة إلى الرياضة؛ إذ لم يعد التركيز منصبًا فقط على اللياقة والنتائج، بل بدأ ليشمل البنية النفسية والوجدانية التي يقوم عليها الأداء الرياضي برمّته، وهي خطوة رائدة تهدف لتوفير الدعم النفسي للرياضيين والمدربين والكوادر الفنية. البرنامج يشمل تقييمات نفسية دورية وخدمات إرشاد وتوجيه فردي وجماعي، وهذا التحول ليس مجرد إجراء تنظيمي، بل اعتراف رسمي بأن الصحة النفسية، جزء أصيل من منظومة النجاح الرياضي، وهذا التوجه السعودي يُعطي وزناً جديداً للدراسة: فكلاهما يلتقيان عند نقطة واحدة، وهي لا بطولة تُحسم دون استقرار نفسي، ولا فريق يُبنى فقط على المهارة، فإذا كنا نريد جيلًا من الرياضيين الحقيقيين، علينا أن نعاملهم كبشر أولاً، وكلاعبين ثانيًا، لأننا بحاجة إلى مدربين يُتقنون الإصغاء، بقدر ما يُتقنون وضع الخطط، وإداريين يرون في الدعم النفسي أداة للبطولة، لا رفاهية، فالرياضة لا تتشكَّل داخل الملعب فقط، بل في الكواليس النفسية التي تحيط باللاعب، كشعوره ودعمه ومدى ثقته في محيطه وحجم القلق الذي يحمله على كتفيه قبل كل مباراة. وكل ذلك يؤثر، بل وأحيانًا يحسم النتيجة. إن مثل هذه المبادرات تكشف عن رؤية أوسع تتبناها الحكومة السعودية التي باتت تدرك أن الاستثمار في الرياضة لا يعني فقط بناء منشآت أو تنظيم بطولات، بل يبدأ من الإنسان نفسه، من نفسيته، حماسه واستقراره الداخلي. والاهتمام بالصحة النفسية للرياضيين، ليس فقط دليل نضج اجتماعي، بل خطوة إستراتيجية تؤسس لمجتمع رياضي أكثر وعيًا، وأكثر قدرة على الإنجاز طويل الأمد، فالبطولات الحقيقية تبدأ من الداخل، وحين نؤمن بذلك نصنع فرقًا لا تهزم، فلا أحد يولد بطلاً، لكن يمكن أن يُصبح كذلك إذا وجد مناخًا إنسانيًا يحميه، يُشجعه ويمنحه الثقة.

NevenAbbass@

مقالات مشابهة

  • لقجع: المغرب ملتزم بجعل كأس العالم 2030 نموذجا للاندماج والاستدامة البيئية
  • الفيفا يتخذ قرارا حاسما في مجموعة المغرب ضمن تصفيات مونديال 2026
  • لقجع: المغرب عازم على جعل مونديال 2030 نموذجاً عالمياً في الاستدامة البيئية والاجتماعية
  • “هيئة الطرق”: طريق (تبوك / حقل) مشروع إستراتيجي لتعزيز السياحة
  • هيئة الطرق: طريق «تبوك - حقل» مشروع إستراتيجي لتعزيز السياحة
  • “هيئة الطرق”: طريق (تبوك / حقل) مشروع إستراتيجي لتعزيز السياحة على ساحل خليج العقبة
  • لقجع: مونديال 2030 صديق للبيئة والمغرب أصبح فاعلا رئيسيا في كرة القدم العالمية
  • الروح قبل الجسد.. لماذا يجب أن نعيد النظر في علاقتنا النفسية بالرياضة؟
  • ولد الرشيد يتباحث مع رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا
  • شراكة استراتيجية بين العصبة الاحترافية و"لاليغا" لتعزيز مسار الاحتراف في كرة القدم المغربية