في الوقت الذي تتواصل فيه المساعي الدولية والإقليمية من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، ما زالت المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس تراوح مكانها دون تحقيق تقدم ملموس.

ويبدو أن الخلافات الجوهرية بين الطرفين، خصوصاً حول مستقبل الحرب وشروط الصفقة، تضع العملية التفاوضية على شفا الجمود، في ظل تصعيد عسكري متزايد وتدهور إنساني مقلق في القطاع المحاصر.

الصفقة "عالقة".. ومطلب "نهاية الحرب" يقف حجر عثرة

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية أن المفاوضات الخاصة بصفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس ما تزال "عالقة"، على الرغم من جهود الوسطاء المتواصلة.

وأوضحت الهيئة أن الخلافات تتمحور حول مطلب "نهاية الحرب"، الذي تصر عليه حماس كشرط أساسي لإتمام أي صفقة شاملة.

في المقابل، تتمسك إسرائيل بموقفها الرافض لإنهاء الحرب في هذه المرحلة، وتفضل التوصل إلى صفقة جزئية تفضي إلى إطلاق سراح بعض الأسرى مقابل هدنة مؤقتة، دون التزامات مستقبلية بإيقاف العمليات العسكرية بشكل دائم.

إسرائيل تطالب بتفكيك حماس وتنحيتها عن الحكم

وبحسب التقرير الإسرائيلي، فإن من أبرز مطالب تل أبيب في المفاوضات، إلى جانب استعادة الأسرى، تفكيك البنية العسكرية لحركة حماس وتنحيتها عن أي دور سياسي أو إداري في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب. 

وهذا المطلب يعتبر من النقاط الحساسة التي ترفضها الحركة الفلسطينية، التي ترى فيه مساسًا بوجودها وشرعيتها.

نتنياهو يلوح بالتصعيد.. لا مفر من القتال

وفي خطاب متلفز ألقاه مساء السبت الماضي، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لهجته التصعيدية، مشيرًا إلى أنه أصدر تعليمات للجيش "بزيادة الضغط على حماس"، معتبرًا أن "إسرائيل، على الرغم من التكلفة الباهظة للحرب، ليس لديها خيار سوى مواصلة القتال حتى تحقيق النصر الكامل".

وأكد نتنياهو أن حكومته "ستعمل على إعادة الرهائن دون الخضوع لمطالب حماس"، في إشارة إلى رفض تقديم أي تنازلات في ملف التهدئة دون مكاسب عسكرية وسياسية واضحة.

حصار خانق وتوغل مستمر

ومنذ استئناف العمليات العسكرية في 18 مارس الماضي، بعد فشل المحادثات المتعلقة بتمديد اتفاق وقف إطلاق النار، فرضت إسرائيل حصارًا شاملاً على القطاع، ومنعت دخول الإمدادات الإنسانية والغذائية بشكل كافٍ، في ظل دمار هائل يعم مدن وبلدات غزة.

كما شنت القوات الإسرائيلية عمليات توغل بري واسعة في عدة مناطق، وتمكنت من السيطرة على مساحات كبيرة من القطاع. وصدرت أوامر بإجلاء مئات الآلاف من الفلسطينيين من منازلهم، ما أثار مخاوف من نوايا إسرائيلية لإحداث تغيير ديموغرافي دائم أو فرض وقائع جديدة على الأرض.

حماس: لا إفراج عن الأسرى إلا باتفاق شامل ينهي الحرب

من جانبها، أكدت حركة حماس في عدة تصريحات خلال الأسابيع الأخيرة أنها لن توافق على إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المتبقين إلا في إطار صفقة شاملة تتضمن إنهاء الحرب بشكل كامل، ورفع الحصار، وضمان عدم تكرار العدوان على غزة.

وترى الحركة أن أي اتفاق جزئي يخدم المصالح الإسرائيلية فقط ويطيل أمد الحرب، دون أن يقدم ضمانات حقيقية للمدنيين الفلسطينيين الذين يعانون من أسوأ أزمة إنسانية شهدها القطاع منذ سنوات.

وفي ظل هذا الجمود، تبقى احتمالات التوصل إلى اتفاق نهائي ضئيلة في المدى القريب، خصوصًا في ظل تعنت الطرفين وتمسك كل منهما بسقفه التفاوضي. وبينما تتصاعد التحذيرات الدولية من كارثة إنسانية تلوح في الأفق، تزداد معاناة المدنيين في غزة، الذين يدفعون ثمن صراع سياسي وعسكري يبدو أن نهايته لا تزال بعيدة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة قطاع غزة الجيش الإسرائيلي حماس المزيد

إقرأ أيضاً:

اتفاق غزة.. موعد تبادل الأسرى لا يزال غير محسوم.. وحماس تؤكد: نزع السلاح غير وارد

رغم مرور أكثر من 24 ساعة على بدء تنفيذ وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لا يزال موعد تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس غير محدد بشكل رسمي، وسط تقديرات إسرائيلية بأن العملية قد تبدأ صباح الاثنين، بينما تبقى احتمالات المفاجأة واردة.

وتشير تقديرات أمنية إسرائيلية إلى أن حماس قد تعمد إلى تسريع تنفيذ الصفقة، ربما يوم الأحد، لتفادي تزامنها مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إسرائيل، أو لإنهائها قبل وصوله.

أكثر من نصف مليون فلسطيني يعودون إلى مدينة غزة بعد سريان الهدنة

حماس: نزع السلاح "غير وارد"

في تصريحات بارزة، أكد مسؤول في حركة حماس، أن نزع سلاح الحركة وهو أحد البنود المحورية في الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب "أمر غير مطروح للنقاش أو التفاوض". وقال لوكالة "فرانس برس" إن تسليم السلاح "غير وارد على الإطلاق".

الاستعدادات اللوجستية والجدل حول قوائم الأسرى

وفقا للاتفاق المبرم، من المتوقع أن يتم تسليم الأسرى الأحياء دفعة واحدة إلى الصليب الأحمر، في خطوة تختلف عن الصفقات السابقة التي نفذت على مراحل. أما الجثث فستسلم لاحقًا، بعد جمعها في نقطة محددة.

وترجح مصادر إسرائيلية أن حماس تحتاج لبعض الوقت لإنهاء الاستعدادات اللوجستية لنقل الأسرى من أماكن احتجازهم إلى موقع التسليم.

وفي الجانب الفلسطيني، بدأت تظهر احتجاجات داخل حماس، مع اعتراض بعض مسؤوليها على أن من بين 250 أسيرا سيفرج عنهم، فقط 195 محكومون بأحكام مؤبدة، معتبرين أن الصفقة لم تلب التوقعات.

لكن إسرائيل أكدت أن قائمة الأسرى تم الاتفاق عليها مسبقًا مع الوسطاء وصادقت عليها الحكومة، وبالتالي لا يمكن تعديلها.

خلافات حول الأسماء وإمكانية التأجيل

نقل موقع "بي بي سي" عن مسؤول فلسطيني أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف طلب منه طرح مسألة الإفراج عن سبعة أسرى بارزين، من بينهم أحمد سعدات ومروان البرغوثي، غير أن إسرائيل رفضت ذلك بشكل قاطع.

أكثر من نصف مليون فلسطيني يعودون إلى مدينة غزة بعد سريان الهدنةBBC : حماس تستدعي 7 آلاف مقاتل وتعين 5 محافظين عسكريين في غزةقائد القيادة المركزية الأمريكية: لا خطط لنشر قوات أمريكية فى غزة

ورغم بقاء بعض الخلافات حول الأسماء، ترى مصادر فلسطينية أن حماس "لا تملك خيارًا" سوى الالتزام بما تم الاتفاق عليه.

وفي المقابل، ظهرت دعوات داخل الحركة تطالب بـ"تفجير الاتفاق"، لكن هذا السيناريو لا يعد مرجحًا في الوقت الراهن.

اتصالات من داخل السجون واستعدادات إسرائيلية

قالت عائلات فلسطينية إن أبناءها الأسرى تواصلوا معهم من داخل السجون الإسرائيلية، وأبلغوهم بأن أسماءهم وردت ضمن قائمة المفرج عنهم.

وتشير التقديرات إلى أن التغيير الوحيد المحتمل هو رفض بعض الأسرى المبعدين إطلاق سراحهم، كما حدث في صفقات سابقة، وفي هذه الحالة سيتم استبدالهم بأسماء بديلة تمت الموافقة عليها مسبقًا.

فريق دولي للبحث عن جثامين الأسرى

في إسرائيل، بدأت التحضيرات لاستقبال 20 أسيرًا على قيد الحياة، يتوقع أن تكون حالات بعضهم الصحية معقدة بعد عامين من الأسر، حيث سيتم نقلهم مباشرة إلى المستشفيات بمرافقة فرق طبية ميدانية.

كما ستباشر فرَق دولية تضم ممثلين عن الولايات المتحدة، مصر، تركيا، قطر وإسرائيل مهمة البحث عن جثث الأسرى القتلى، باستخدام معلومات استخباراتية دقيقة.

عودة النازحين ومطالب إنسانية

في غزة، أعلن الدفاع المدني أن أكثر من 500 ألف نازح فلسطيني عادوا إلى شمال القطاع منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل إن العودة جرت خلال اليومين الماضيين.

من جانبها، طالبت منظمات إنسانية إسرائيل بفتح معابر إضافية لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وجود أمريكي وتنسيق إقليمي

وصل نحو 200 جندي أمريكي إلى إسرائيل ضمن الاستعدادات لتنفيذ الاتفاق، وسيتولون مهام الدعم والتنسيق من مركز سيتم إنشاؤه داخل إسرائيل، يتعامل مع القضايا المرتبطة بقطاع غزة حتى تشكيل حكومة دائمة هناك.

وفي سياق التحركات الدبلوماسية، من المتوقع أن يزور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مصر يوم الاثنين، بعد زيارته لإسرائيل، حيث سيشارك في حفل رمزي لتوقيع الاتفاق في مصر، بحضور عدد من الزعماء الأوروبيين، في حين لم توجه الدعوة لأي مسؤول إسرائيلي لحضور هذا الحدث.

طباعة شارك وقف إطلاق النار في قطاع غزة قطاع غزة اتفاق تبادل الأسرى إسرائيل وحركة حماس إسرائيل دونالد ترامب

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تضع مدير مستشفى كمال عدوان على قائمة الاحتياط ضمن صفقة التبادل
  • ترامب: سمحنا بنشر شرطة تابعة لحماس مؤقتا.. ولدينا ضمانات بشأن غزة
  • الحكومة الإسرائيلية: مروان البرغوثي ليس جزءا من صفقة التبادل
  • "تصريحات مقلقة" قبيل اتفاق غزة.. ماذا قالت إسرائيل وحماس؟
  • قبل صفقة تسليم الأسرى.. حماس: نزع سلاح المقاومة خارج النقاش
  • اتفاق غزة.. موعد تبادل الأسرى لا يزال غير محسوم.. وحماس تؤكد: نزع السلاح غير وارد
  • أبرز الأسرى الذين استبعدتهم إسرائيل من صفقة التبادل
  • عمرو أديب: إسرائيل مسيطرة على نص غزة.. وحماس لم تتكلم عن سلاحها
  • هآرتس: حماس خرجت من الحرب متماسكة وتحققت أهداف السنوار
  • وثيقة تكشف محاور اتفاق إنهاء الحرب وتبادل الأسرى في القطاع