إعلانات الجزيرة الممولة.. نموذج للتأثير القسري على “يوتيوب”
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
محمد محسن الجوهري
أصبحت مشاهدة مقاطع “يوتيوب” تجربة مزعجة للكثيرين بسبب كثافة الإعلانات الممولة، لكن يبقى للمستخدم خيار حظر بعض الإعلانات أو الإبلاغ عنها إن لم يرغب في رؤيتها مجددًا. غير أن بعض الإعلانات، وعلى رأسها تلك الخاصة بمنصة الجزيرة 360، تبدو عصية على الحظر. فمهما حاولت تجاوزها، تبقى ماثلة أمامك بإصرار، لتطرح تساؤلات مشروعة حول آليات الانتشار والظهور التي تتحكم بها شركات التكنولوجيا العالمية.
هذا النموذج من الحضور الإعلامي القسري يكشف كثيرًا من الخفايا حول طبيعة التمويل الضخم لبعض المؤسسات الإعلامية، والدور الذي يلعبه المال في فرض خطاب معين على الجمهور، بغض النظر عن طبيعة هذا الخطاب أو صدقيته. فحين تتمكن مؤسسة إعلامية من احتلال صدارة التوصيات على المنصات العالمية، أو من فرض نفسها على شاشات المستخدمين دون خيار للرفض، فنحن أمام نموذج من الاستحواذ الإعلامي لا يقل خطرًا عن أشكال الاستبداد التقليدية.
وبالرجوع إلى قناة “الجزيرة” القطرية، نجد أن ما تملكه من أدوات ليس المحتوى بقدر ما هو المال السياسي الضخم الذي يُستخدم لتوجيه الرأي العام العربي والإقليمي. إذ لطالما اتُّهِمت القناة بلعب أدوار تتجاوز الإعلام إلى صناعة التأزيم، وتعزيز الانقسامات الداخلية بين مكونات المجتمعات العربية. ويكفي أن نراجع أرشيف تغطيتها للأحداث في سورية، أو العراق، أو ليبيا، لندرك كيف يمكن للإعلام الممول أن يُسهم في إذكاء النعرات الطائفية والعرقية، بل وحتى في تبرير الاقتتال الداخلي.
فعلى سبيل المثال، خلال السنوات الأولى للأزمة السورية، ركّزت تغطيات الجزيرة على تأجيج السرديات الطائفية، وسعت لتصوير الصراع وكأنه حرب بين مذهبين، بدلًا من عرضه كأزمة سياسية واجتماعية مركبة. وقد أشار كثير من الباحثين في الإعلام إلى خطورة هذا النوع من الخطاب، الذي يسهم في ترسيخ الكراهية بدلًا من فتح باب الفهم والحوار.
ولا يقتصر التأثير على الإعلانات وحدها، بل يمتد ليشمل نتائج البحث على محركات مثل “غوغل”، حيث تلعب الأموال دورًا جوهريًا في تحسين ترتيب الصفحات، وتمكين مؤسسات معينة من الظهور أولًا، حتى لو لم تكن الأكثر موضوعية أو مهنية. هذا التلاعب بخوارزميات الانتشار يُعد نوعًا من “الرقابة الناعمة”، حيث لا يُمنع المحتوى المنافس بشكل مباشر، بل يُدفن تحت سيل من المحتوى الممول والمهيمن.
إن خطورة هذا الوضع تكمن في أن التمويل الضخم لا يستخدم فقط لأغراض تجارية، بل بات يُستخدم كسلاح سياسي ناعم، يُعيد تشكيل وعي الجماهير، ويوجه النقاشات العامة نحو ما يخدم مصالح مموليه. وهذه الظاهرة باتت تستحق دراسة متعمقة من قبل خبراء الإعلام، وصانعي السياسات، للحفاظ على الحد الأدنى من التوازن والعدالة في الفضاء الرقمي.
إن التمويل الضخم لا يصنع فقط إعلامًا مهيمنًا، بل يصنع واقعًا إعلاميًا جديدًا تتحكم فيه القنوات الكبرى بالرأي العام، وتُحاصر الأصوات البديلة والمستقلة، في ظل تواطؤ خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وسياسات المنصات التجارية.
وحين يغيب التوازن، وتُفرض قناة ما على الجمهور رغمًا عنه، فإننا نكون أمام أزمة حرية إعلام حقيقية. فالمشكلة لا تكمن في وجود إعلام ممول، بل في غياب الحياد الرقمي، وضعف آليات حماية المستخدم من الإعلام القسري.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
حظر نشر إعلانات مجانية..آليات التغطية الإعلامية بانتخابات الشيوخ 2025
تزامنا مع قرب بدء أولى مراحل التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ 2025 للمصريين بالخارج يوم الجمعة الموافق 1 أغسطس، وتستمر حتى السبت 2 أغسطس، بحسب الجدول الزمني الرسمي الذي أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات.
و نظم قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية ، آليات التغطية الإعلامية للعملية الانتخابية.
في هذا الصدد, نصت المادة 32 من القانون على أنه يجب على وسائل الإعلام المرخص لها بالعمل في مصر عند قيامها بتغطية إعلامية للانتخابات أو الاستفتاء، أن تراعى الموضوعية وفقا للأصول المهنية المتعارف عليها.
وطبقا للقانون، لابد أن تأتي التغطية في نطاق إلقاء الضوء على البرامج الانتخابية للمترشحين أو مناقشة موضوعية ومحايدة للموضوع المطروح للاستفتاء، و بصفة خاصة يجب الالتزام بالآتي:
1.عدم خلط الرأى بالخبر، وعدم خلط الخبر بالإعلان.
2.مراعاة الدقة في نقل المعلومات، وعدم تجهيل مصادرها.
3.استعمال عناوين معبرة عن المتن.
4.عدم نشر صور بعيدة الصلة عن موضوع التغطية.
5.عدم الخلط بين المسميات أو التعميم غير الجائز أو اقتطاع جمل من الأقوال بالمخالفة لمتن هذه الأقوال.
6.عدم سؤال الناخب عن المترشح الذي سينتخبه أو انتخبه، أو سؤاله عن الرأي الذي سيبديه أو أبداه في الاستفتاء.
7.عدم إجراء أي استطلاع رأى أمام لجان الانتخاب أو الاستفتاء أو في نطاق جمعية الانتخاب
8.الكشف المسبق عن الهوية الانتخابية للضيوف أو تحيزاتهم الفكرية بشأن الموضوع محل الاستفتاء.
9.عدم توجيه أسئلة إيحائية ذات تحيز واضح
10.عدم الانتقاص من حق كل طرف في الرد أو التعليق علي ما يتعرض له من هجوم أو مدح.
11.عدم نشر إعلانات مجانية أو بمقابل للمترشح أو لمن يجاهر برأيه بشأن الاستفتاء وذلك بعد الميعاد المحدد قانونا للدعاية.
12- عدم استخدام الشعارات الدينية لتأييد أو رفض مترشح أو موضوع معروض علي الاستفتاء.