هيمنة الحزبين التقليديين تدفع أحزاب كردستان إلى الانسحاب
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
22 أبريل، 2025
بغداد/المسلة:
يمثل إعلان أحزاب المعارضة في إقليم كردستان، بقيادة الجماعة الإسلامية وحركة الجيل الجديد وجماعة العدل الكردستاني وغيرها، قرارها بعدم المشاركة في الحكومة المقبلة، نقطة تحول سياسية ذات دلالات عميقة.
و يكشف هذا القرار، الذي يعكس إحباطاً متزايداً من هيمنة الحزبين التقليديين – الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني – عن أزمة تمثيل سياسي تتجاوز مجرد رفض المشاركة إلى طرح تساؤلات حول شرعية وشمولية العملية السياسية في الإقليم.
و يلخص تصريح ريبوار محمد أمين، عضو جماعة العدل الكردستاني، جوهر الإشكالية: المعارضة ترى أن وجودها في الحكومة لن يحقق تغييراً ملموساً، بل قد يجعلها شريكة صامتة في استمرار الفساد وسوء الإدارة، وهي تهم لطالما وجهت للحزبين الحاكمين.
ويعكس القرار أيضاً تراجعاً في ثقة الأحزاب الصغيرة بقدرتها على التأثير داخل المنظومة الحاكمة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي يواجهها الإقليم، بما في ذلك تأخر صرف الرواتب والتوترات المستمرة مع بغداد.
وأكدت حركة الجيل الجديد، التي برزت كقوة معارضة شعبية، انسحابها من المفاوضات لتشكيل الحكومة، مشيرة إلى عجزها عن الوفاء بوعودها الانتخابية في ظل هيمنة الحزبين.
في المقابل، تردد حركة التغيير في اتخاذ موقف نهائي يكشف عن انقسامات داخلية، مما يضعف جبهة المعارضة ويحد من قدرتها على تقديم بديل موحد.
مشاركة المكونات الأخرى، مثل التركمان والمسيحيين، في الحكومة الجديدة، مع تخصيص مناصب رمزية لهم، قد تكون محاولة لإضفاء طابع “تعددي” على الحكومة، لكنها لا تعالج جوهر الأزمة.
ويعزز استمرار هيمنة الحزبين التقليديين الانطباع بأن النظام السياسي في الإقليم يفتقر إلى التجديد، مما يهدد بتعميق الفجوة بين النخبة الحاكمة والشارع الكردي.
ويفتح هذا الوضع قد الباب أمام تصعيد التوترات الاجتماعية، خاصة في ظل الإحباط الشعبي من الأوضاع المعيشية.
وتكمن الإشكالية الأكبر في غياب آليات فعالة لضمان تمثيل سياسي حقيقي للمعارضة، مما يدفعها إلى خيار المقاطعة كوسيلة احتجاج.
لكن هذا الخيار قد يؤدي إلى عزلة سياسية للمعارضة، تاركاً الساحة خالية للحزبين الحاكمين.
ويتطلب مستقبل الإقليم حواراً شاملاً يعيد النظر في توزيع السلطة ويعزز الشفافية، وإلا فإن الاستقطاب السياسي سيظل السمة الغالبة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
بغداد ترد على عقوبات الكونغرس.. لا وصاية أمريكية ولا هيمنة إيرانية
ردت بغداد بلهجة حازمة على دعوات نواب جمهوريين في الكونغرس الأمريكي لفرض عقوبات فورية على العراق، بدعوى خضوع القرار العراقي لنفوذ طهران. ورفضت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي هذه التصريحات، مؤكدة أن "السيادة العراقية ليست للمساومة"، وأن البلاد ليست ساحة لتصفية حسابات إقليمية أو دولية.
موقف البرلمان العراقي.. تصريحات لا تمثل الإدارة الأمريكية
قال النائب مختار الموسوي، عضو لجنة العلاقات الخارجية، في تصريحات لـ"شفق نيوز" اطلعت عليها "عربي21"، إن دعوات بعض نواب الكونغرس "مواقف إعلامية متطرفة لا تمثل الإدارة الأمريكية"، نافياً وجود هيمنة إيرانية على القرار السياسي في العراق، مشددًا على أن العلاقات مع طهران تجري في "إطار طبيعي كما هو الحال مع بقية الدول".
وأكد أن واشنطن تدرك أهمية العراق الجيوسياسية، وتسعى لعلاقات مستقرة معه، وأن لا نية حقيقية لفرض عقوبات، واصفًا التصريحات الأمريكية بـ"الدعائية"، في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة.
خلفيات التصعيد.. حملة ضغط جمهورية قبل الانتخابات
وكان عضوان جمهوريان في الكونغرس دعيا، الأربعاء، إلى تجميد المساعدات الأمريكية وفرض عقوبات، متهمين الحكومة العراقية بالخضوع الكامل لنفوذ طهران، خصوصاً داخل الأجهزة الأمنية. واعتبر مراقبون في بغداد أن هذا التحرك هو جزء من حملة ضغط سياسي ضمن إطار الصراع الأمريكي-الإيراني، وتحديدًا في ظل التحضيرات للانتخابات الأمريكية القادمة.
السوداني.. قرارنا الوطني مستقل.. ونتحرك لضبط السلاح
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، المعروف بسياسته الوسطية، رفض الاتهامات الأمريكية، مؤكدًا أن الحكومة العراقية تسعى إلى تعزيز استقلال القرار الوطني، وأن بغداد توازن بعناية علاقاتها مع واشنطن وطهران دون الانحياز لأي محور.
وفي إطار الرد على الضغوط الأمريكية، بدأت حكومة السوداني تنفيذ خطوات للحد من نفوذ الفصائل المسلحة، أبرزها تفعيل قانون "قوات الرد السريع"، ومراقبة تسليح الجماعات المرتبطة بالحشد الشعبي، وفرض سيطرة الدولة على الحدود، استعدادًا للانتخابات البرلمانية القادمة.
العلاقات مع إيران.. بين الجوار والمصالح والسيادة
تربط العراق وإيران علاقات تاريخية عميقة تشمل ملفات الاقتصاد، الأمن والطاقة. لكن بغداد تشدد على أن هذه العلاقات لا تعني هيمنة سياسية، وأنها تسعى لإبراز استقلالية القرار العراقي، في وقت تشكل فيه فصائل موالية لطهران تحديًا حقيقيًا في مشهد السيادة الوطنية.
وتواصل الحكومة حوارها مع طهران حول الملفات الحساسة، بينما تعمل داخليًا على إعادة ضبط التوازن بين المؤسسات الأمنية والفصائل المسلحة، في محاولة لصياغة عقد سيادي جديد يحفظ للعراق قراره واستقراره.
حلفاء طهران في العراق.. شبكة متشابكة من النفوذ
تمتلك إيران شبكة من الفصائل المؤثرة في العراق، أبرزها "عصائب أهل الحق"، "كتائب حزب الله"، و"كتائب الإمام علي"، التي تمثل قوى سياسية وعسكرية واقتصادية فاعلة. هذه الفصائل: سياسيًا: تهيمن على كتل نيابية وتشارك بوزارات ومناصب سيادية، أمنيًا: تتحكم بجزء كبير من الأجهزة الأمنية من خلال "الحشد الشعبي"، اقتصاديًا: تستثمر في مشاريع كبرى جنوب العراق وتدير شبكات تمويل تتجاوز الحدود.
ورغم محاولة الحكومة دمج "الحشد الشعبي" داخل الجيش النظامي، إلا أن بعض فصائله تعمل باستقلال شبه تام، وتمثل امتدادًا مباشرًا للنفوذ الإيراني.
تسريبات.. عملية عسكرية مرتقبة ضد الحشد بدعم أمريكي
كشفت مصادر عراقية رفيعة أن مسؤولين في مجلس الأمن القومي الأمريكي أبلغوا سياسيين عراقيين بأن عملية عسكرية مرتقبة ضد فصائل الحشد الشعبي قد تبدأ بين يونيو ويوليو المقبلين، بالتعاون مع الجيش العراقي و"بموافقة إيرانية غير مباشرة".
ووفقًا لتلك المصادر، فإن واشنطن ترى أن مبرر بقاء الحشد انتهى بعد القضاء على تنظيم "داعش"، وأن تمدده بات يهدد توازن القوى الإقليمي وفتح الحدود مع إيران.
كما تحدثت أنباء عن استعدادات داخلية في الحشد، خاصة من قبل "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق"، لتحصين مواقعهم في بغداد ومحيطها، تمهيدًا لأي مواجهة محتملة.
هارون محمد: واشنطن تُلوّح ولا تنوي المواجهة.. والسوداني متردد
في هذا السياق، شكك الإعلامي والسياسي العراقي هارون محمد، في تحليله المصوّر عبر "يوتيوب"، في صحة هذه التسريبات، معتبرًا أن الولايات المتحدة تمارس تلويحًا إعلاميًا أكثر من نيتها الدخول في مواجهة مباشرة.
وقال إن رئيس الوزراء السوداني لا يمتلك القرار ولا الجرأة الكافية لمواجهة الحشد الشعبي، مشيرًا إلى أن أجهزة الدولة الأمنية منقسمة الولاء، ولا يمكن التعويل على مشاركة الجيش ككتلة واحدة في أي عملية.
ووصف الادعاءات بشأن "موافقة إيرانية" بأنها مبالغ فيها وغير واقعية، مؤكدًا أن طهران تعتبر الحشد أحد أذرعها الإستراتيجية، ولن تقبل بإضعافه. كما اعتبر أن الضغوط الأمريكية الحالية مرتبطة بصراع داخلي بين الجمهوريين والديمقراطيين، أكثر من ارتباطها بقراءة موضوعية للوضع العراقي.
سيادة العراق على المحك.. والمعركة أبعد من بغداد
في ظل تصاعد الخطاب الأمريكي ضد النفوذ الإيراني في العراق، وسعي حكومة السوداني لإظهار استقلال القرار الوطني، يبدو أن العراق يسير على حبل مشدود بين واشنطن وطهران، وسط معركة نفوذ تتجاوز حدود بغداد.
المعركة، في جوهرها، ليست فقط حول الحشد الشعبي أو العقوبات، بل هي اختبار لقدرة العراق على فرض سيادته، وضبط أمنه، وتحرير قراره السياسي من هيمنة الخارج، أياً كانت بوصلته.