ورشة بمؤتمر الإفتاء الدولي العاشر تناقش دور الذكاء الاصطناعي في تحضير الفتوى وضوابط استخدامه
تاريخ النشر: 13th, August 2025 GMT
شهدت فعاليات المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء، اليوم الأربعاء، انعقاد ورشة «استخدام أدوات البحث الرقمي والذكاء الاصطناعي المساعد في تحضير الفتوى – مع بيان الضوابط»، بمشاركة نخبة من العلماء والخبراء، وتناولت الورشة التعريف بأهم أدوات البحث الرقمي والذكاء الاصطناعي المتاحة في خدمة الدراسات الشرعية والفتوى، وبيان مجالات الاستفادة من هذه الأدوات في تحضير الفتوى وجمع مادتها العلمية، وتدريب المشاركين بشكل عملي على استخدام التقنيات الحديثة في المجال الشرعي من خلال نماذج تطبيقية واقعية، تُسهم في رفع كفاءة إعداد الفتوى وتيسير الوصول للمعلومة بدقة وسرعة.
وافتتح اللواء محمد علاء، مستشار دار الإفتاء المصرية لتكنولوجيا المعلومات، الورشة معلنًا أن دار الإفتاء المصرية ستعمل قريبًا على مشروع بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي وجامعة النيل لمواجهة الفتاوى المحرفة.
من جانبه، أوضح الدكتور رضا زايد، مدير إدارة البرمجيات وأنظمة المعلومات، أن دار الإفتاء لديها خطة منهجية مدروسة، وأدارت عملية الرقمنة منذ عام 2004م، حيث حوَّلت كل التراث الإفتائي إلى قواعد بيانات منظمة ومفهرسة، مشيرًا إلى أن الدار تواجه بعض التحديات الأخلاقية والأمنية من خلال مشروعاتها التقنية، منها حماية بيانات المستفتين للحفاظ على الثقة بين الدار والمستفتي. كما حذر الدكتور رضا، من غياب الإطار القانوني والأخلاقي المنظم لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الفتوى، وتزييف بعض الفتاوى أو التصريحات لبعض القادة الدينيين، مما يهدد الأمن الفكري للمجتمع.
وطرحت الدكتورة إنصاف حسين محمد، أستاذ مساعد كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة النيل، عددًا من التقنيات الحديثة التي يمكن استخدامها لتجنب التحديات التي تواجه المجال الإفتائي، موضحة أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يكون بديلًا عن المفتي؛ حيث إنه لا يستطيع الفهم البشري، وحذرت من أن الاعتماد المفرط على تلك التقنيات يمكن أن يؤدي إلى فقدان ثقة المجتمع بمصدر الفتوى، وهذه المخاوف حقيقية ومشروعة. وقدمت الدكتورة إنصاف عددًا من الحلول لمواجهة تلك التحديات، موضحة أن أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامها كمساعد مبتكر والبحث الذكي للمعرفة، وتلخيص جيد للأبحاث، والتحقيق في المصادر، ودعم التدريب والتعليم الذاتي، وتحسين اللغة العربية، ومعالجة الصوت من خلال تحويل الفتاوى الصوتية إلى فتاوى مكتوبة، ورقمنة الأرشيفات التاريخية وكتب الفقه.
وأكدت الدكتورة ولاء مدحت، أستاذ مساعد كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة النيل، أن الذكاء الاصطناعي يمكن الاستفادة منه في الإسراع في عملية إصدار الفتوى لأنه قادر على البحث في مصادر كثيرة ومتنوعة في وقت سريع، ولكن من أبرز المشكلات التي تواجه المجال الإفتائي هي الاعتماد على مصادر غير موثوقة، وأيضًا عدم القدرة على الاجتهاد، لذلك لا يمكن أن تكون التقنيات الحديثة بديلًا عن المفتي البشري.
وأشارت الدكتورة غادة خريبة، أستاذ مساعد كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة النيل، إلى أنه يمكن تسخير الذكاء الاصطناعي في معالجة مصادر المعرفة الإسلامية بسرعة ونطاق غير مسبوقين، وصياغة ملخصات، ومخططات ومسودات أولية للاستفسارات الإسلامية المعقدة، ويساعد في تحديد المصادر ذات الصلة عبر الأدبيات الواسعة والنصوص التاريخية، وهيكلة المعرفة الإسلامية، وتحليل نبرة ومشاعر المناقشات عبر الإنترنت حول الأحكام الإسلامية، والترجمة الفورية للفتاوى مع الحفاظ على المصطلحات المتخصصة، والحفاظ على التراث الإسلامي من خلال التكنولوجيا الحديثة، وعرضت الدكتورة في نهاية مشاركتها عددًا من الأمثلة لتوضيح كيفية تسخير الذكاء الاصطناعي لمساعدة المفتي في إصدار الفتوى.
وأشار الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إلى أننا نتعامل مع عالم رقمي جديد وهو حقيقة لا يمكن تجاوزها، مؤكدًا أن التقنيات الحديثة ليست آلة وليست إنسانًا، بل هي نظام ومرآة.
ورأى الدكتور الورداني أن المخاوف من التقنيات الحديثة هي من جعلتنا نتراجع، منبهًا إلى ضرورة مواجهة التحديات بقوة عبر إنشاء وحدة الذكاء الإفتائي التي تضم البحث والتطوير، والتدريب والتأهيل المتبادل، وضمان الجودة، والتطوير التقني، والإشراف الشرعي، كما قدَّم عرضًا مقترحًا لنموذج "رشيد" المساعد الذكي للفتوى من خلال بناء قاعدة بيانات ضخمة للفتوى وتحليلها.
كما أشار الدكتور طارق أبو هشيمة، مدير المؤشر العالمي للفتوى، إلى أن دار الإفتاء قامت بإصدار محرك البحث الإلكتروني عام 2019م، وهو يعد بوابة رقمية ضخمة تستخدم آليات التكنولوجيا في الرصد والتصنيف والتحليل لتكوين أكبر قاعدة بيانات إفتائية في العالم، فهو أول محرك بحث متخصص في رصد وتتبع الفتاوى وتحليلها عالميًّا.
وفي ختام الورشة، طرح الكاتب الصحفي هاني نسيرة تساؤلًا عن إمكانية الإصلاح الديني من خلال التقنيات الحديثة، وأكد ضرورة السعي إلى التدريب بشكل أكبر على الذكاء الاصطناعي، لأنه يكاد يهزمنا في جميع المجالات وليس المجال الإفتائي فقط.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي دار الإفتاء مؤتمر الإفتاء الفقه الإسلامي الذکاء الاصطناعی فی التقنیات الحدیثة مؤتمر الإفتاء دار الإفتاء من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
مستشار مفتي الجمهورية: الذكاء الاصطناعي فرصة وتحد في مجال الإفتاء
أكد الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم أن الذكاء الاصطناعي يمثل تطورًا تقنيًا كبيرًا سيؤثر على مهنة الإفتاء، مشيرًا إلى أنه فرصة وتحدٍ في الوقت ذاته.
وأوضح نجم -في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأربعاء، أن المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء 2025 الذي يحمل شعار "صناعة المفتي في عصر الذكاء الاصطناعي" يناقش دمج التقنيات الحديثة في عملية الإفتاء.. مشيرا إلى أنه يساعد في أتمتة عمليات الفتوى، من خلال تحليل الأسئلة الفقهية والبحث في قواعد بيانات ضخمة لتقديم إجابات أولية، مبينًا أن دار الإفتاء بدأت في تطبيق "فتوى برو" الذي يستفيد من هذه التقنية لتحسين خدمة الفتوى الإلكترونية.
ورغم الفوائد، حذر نجم من محدودية الذكاء الاصطناعي في فهم المقاصد الشرعية والجانب الإنساني، مؤكدًا أن دور المفتي يبقى محوريًا كمشرف وموجّه للذكاء الاصطناعي، ومشددًا على أهمية التدريب ووضع ضوابط أخلاقية لاستخدامه.
وأشار إلى أن الجمع بين العلم الشرعي والتقنية الحديثة سيحدث نقلة نوعية في الإفتاء، مع حفاظه على روحه وأصالته، كما سيسهم الذكاء الاصطناعي في تنقية المحتوى الديني الإلكتروني ومواجهة الفتاوى غير الموثوقة المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال إنه مع وجود نظام ذكاء اصطناعي مدرَّب على ملايين من الأسئلة الفقهية وأجوبتها الصحيحة الموثوقة؛ فقد يمكنه في ثوانٍ أن يستقبل سؤال المستفتي (سواء مكتوبًا أو صوتيًا) ويحلله، ويبحث في قاعدة بيانات ضخمة عن فتاوى مشابهة صادرة عن دور الإفتاء المعتبرة، ثم يقدم جوابًا أوليًا. .
وأشار إلى أن دار الإفتاء بدأت بالفعل خطوة في هذا الاتجاه عبر تطبيق “فتوى برو” الذي يستفيد من تقنيات الذكاء لتحسين خدمة الفتوى إلكترونيًا، وخلال فترة قصيرة تعامل التطبيق مع آلاف الاستفسارات بسرعة وكفاءة وهذا مثال عملي كيف أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا (ولو بسيطًا حاليًا) من منظومة الإفتاء لدينا.. مشيرا إلى أنه مع تطور التقنية، سيصبح أكثر اندماجًا وربما جزءًا أساسيًا من تقديم الفتاوى، خاصة في الأمور المتكررة أو ذات الطابع المعلوماتي.
وأوضح أن لاستخدام الذكاء الاصطناعي تحديات فعلى قدر ذكائه التقني يفتقر إلى الحكمة البشرية والبصيرة الشرعية العميقة، فصحيح أنه يستطيع تحليل البيانات الضخمة بوتيرة تفوق البشر، لكنه لا يستطيع (ولن يستطيع في المدى المنظور) فهم المقاصد الكلية للشريعة، ولا مراعاة الفروق الدقيقة بين الحالات الإنسانية، ولا تقدير البعد الأخلاقي والروحي الذي يحمله المفتي البشري.