أطلقت وزارة النفط والمعادن اليمنية مرحلة جديدة في خطة إعادة تشغيل شركة مصافي عدن، بإعلان بدء تشغيل وحدة إنتاج الأسفلت، بعد سنوات من التوقف الجزئي الذي انعكس سلبًا على قطاع الطاقة والخدمات. وتأتي هذه الخطوة في إطار توجه أوسع لإعادة تشغيل جميع الوحدات الإنتاجية بالمصفاة، بما يرسخ دورها التاريخي كأحد أهم المرافق الاقتصادية في البلاد.

وأوضحت الوزارة أن تشغيل وحدة الأسفلت يمثل المرحلة الأولى من خطة إعادة التشغيل، والتي تتضمن تكرير نحو 6 آلاف برميل نفط خام يوميًا، في مسار تدريجي يستهدف استعادة كامل الطاقة الإنتاجية للمصفاة. ووفقًا لمصادر في الوزارة، يجري العمل على استكمال الإجراءات النهائية للحصول على قرض يمكّن من تشغيل المصفاة بكامل طاقتها، بما يسهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد الخارجي وتخفيف أعباء فاتورة الطاقة.

وتزامن إعلان التشغيل مع حراك حكومي ورئاسي مكثف في العاصمة المؤقتة عدن، يهدف إلى إعادة تنشيط مصافي عدن باعتبارها أحد أبرز المرافق الحيوية والاستراتيجية في اليمن، ودعامة رئيسية لتوفير المشتقات النفطية محليًا وخفض تكلفتها على المواطنين. وتشمل الخطوات الحكومية لتأمين التمويل، التنسيق مع البنوك المحلية لتوفير مبلغ 20 مليون دولار لتغطية المرحلة الأولى، مع التركيز على إنتاج المشتقات البترولية الأساسية لتلبية احتياجات السوق ومحطات الكهرباء.

وكان وزير النفط والمعادن، سعيد الشماسي، أكد في وقت سابق أن العمل جارٍ لتأمين إمدادات من النفط الخام المحلي لتشغيل المصفاة بشكل مستقر، بما يدعم استقرار منظومة الكهرباء في عدن والمحافظات المجاورة، ويسهم في تقليص ساعات الانقطاع وتحسين القدرة التوليدية. وأشار إلى أن تشغيل المصفاة بكامل طاقتها لن يقتصر أثره على تحسين خدمات الطاقة، بل سيوفر فرص عمل، ويرفع الإيرادات العامة، ويعزز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني.

وتعد مصافي عدن، التي تأسست في خمسينيات القرن الماضي، من أقدم وأهم المنشآت النفطية في المنطقة، وقد توقفت عن العمل لفترات طويلة بسبب الحرب وتراجع البنية التحتية. وإعادة تشغيلها اليوم تمثل خطوة استراتيجية على طريق التعافي الاقتصادي، إذ توفر إمكانية تكرير الوقود محليًا بدلًا من استيراده بالعملة الصعبة، وتحد من تقلبات أسعار المشتقات في السوق المحلية.

ويُنظر إلى تشغيل وحدة إنتاج الأسفلت كإشارة انطلاق لمسار طويل من الإصلاحات والتأهيل، من شأنه أن يعيد المصفاة إلى موقعها التاريخي كمحرك أساسي للتنمية الاقتصادية، وركيزة في ضمان أمن الطاقة الوطني.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: تشغیل وحدة مصافی عدن فی عدن

إقرأ أيضاً:

أساطير عن الإقتصاد

أساطير عن الإقتصاد:
من الأساطير الشائعة عن الأقتصاد أن راس المال يهرب إلي حيث الأجور المنخفضة. في أفضل الحالات هذه نصف حقيقة. نظرة سريعة إلي تاريخ الصين الحديث، حيث اعظم تجربة تنموية في تاريخ البشرية، تشير إلي انجذاب راس المال الأجنبي إلي الصين مع بداية سياسة الإنفتاح في أواخر سبعينات القرن الماضي.
صحيح أن إنخفاض الأجور كان جاذبا للمستثمرين الأجانب ولكن هذا الإنخفاض لم يكن كافيا لوحده. فقد تعززت الجاذبية بوجود عمالة ماهرة، متعلمة، شديدة الإنضباط، كما عززها وجود بيئة سياسية وقانونية وحوكمية مستقرة تماما وسياسة عامة مدروسة ومتسقة داخليا ومنضبطة في وجود قوانين إستثمار موثوق بها. في غياب هذه العوامل لم ليكن إنخفاض الأجور وحده يعني الكثير، ولا نحتاج للاستدلال بان دولا أخري حول العالم تدنت فيها الأجور ولكنها لم تجذب سوي الذباب.
أضف إلي ذلك أن عصر الأجر المنخفض في الصين قد إنصرم مع ارتفاع متوسطه أكثر من أربعة مرات وما زالت الصين مغطيسا جاذبا للإستثمار نسبة لإرتفاع مهارة العمال والفنيين والمهندسين بأعداد مهولة (سلك سلك قدر ما الله خلق). وقد ذكر مستثمر أمريكي في مجال التكنولوجيا الرفيعة أنه لو أعلن عن وظائف لمهندسين في مدينة أمريكية فان المتقدمين المؤهلين يمكن إستقبالهم في غرفة ولكن لو فتح نفس الفرص في مدينة صينية فان المتقدمين المؤهلين يحتاجون لإستاد لإستقبالهم.
يعزز الجاذبية الإستثمارية وجود بنية تحتية هي الأفضل في العالم في جهات وبمقاييس متعددة من طرق سريعة وقطارات بسرعة الطلقة وموانئ من الدرجة الأولي وسلاسل قيمة مترابطة وجيدة التوزيع وسياسة إقتصادية ممتازة التصميم والتنفيذ. كل هذا يتيح خروج المنتج الصيني من المصنع ليبحر إلي أسواق البيع في الدول الأخري في نفس اليوم وبتكاليف نقل منخفضة بلا معاناة من قيود بيروقراطية أو لوجستية.
كما قلنا سابقا، وكثيرا، فان الماركسيين الصينيين وغيرهم هم أعمق من يفهم الراسمالية، بداية بماركس نفسه، أعظم دارس للرأسمالية معية ادم سميث – سميث الحقيقي وليس النسخة المضروبة منه التي أنتجتها الدعاية الراسمالية .
ما الذي يهم المستثمر ؟
عادةً ما يُطرح في الخطاب العام أن المستثمرين يبحثون فقط عن العمالة الرخيصة، ويتجهون إلى حيث تكون الأجور الأدنى. لكن هذه الفكرة ليست دقيقة تمامًا. فما يهم المستثمر حقًا ليس مستوى الأجور بحد ذاته، بل تكلفة وحدة العمل، أي التكلفة التي تتحملها الشركة لإنتاج كل وحدة من المنتج.
ما هي تكلفة وحدة العمل؟
لتوضيح الفكرة، لنأخذ هذا المثال البسيط:
في الدولة “أ”، يتقاضى العامل 30 دولارًا شهريًا وينتج 30 قميصًا في الشهر.
في الدولة “ب”، يتقاضى العامل 60 دولارًا شهريًا (ضعف الأجر) لكنه ينتج 90 قميصًا (ثلاثة أضعاف الإنتاج).
أين سيستثمر رجل الأعمال الذكي؟
تكلفة وحدة العمل في الدولة “أ” = 30 / 30 = 1 دولار للقميص.
تكلفة وحدة العمل في الدولة “ب” = 60 / 90 = 0.67 دولار للقميص.
النتيجة؟ حتى مع ارتفاع الأجور في الدولة “ب”، فإن إنتاجية العمال الأعلى تجعلها أكثر جذبًا للاستثمار نسبة لإنخفاض تكلفة إنتاج القميص الواحد ما يعني أن الربحية أعلي!
المغزى أن الأجور المنخفضة لا تعني بالضرورة استثمارًا أفضل. وأن انخفاض الأجور لا يكفي لجذب الاستثمار إذا كانت الإنتاجية متدنية. ففي بلد مثل السودان، قد تكون الأجور منخفضة، لكن انخفاض الإنتاجية يجعل تكلفة وحدة العمل مرتفعة، مما يثبّط المستثمرين. بينما في دول أخرى، قد تكون الأجور أعلى، لكن الإنتاجية العالية تحقق تكلفة وحدة عمل أقل، مما يعزز الجاذبية الاستثمارية.
كيف نخفض تكلفة وحدة العمل؟
الحل ليس دائما في خفض الأجور، بل في رفع الإنتاجية من خلال:
التعليم الجيد والتدريب المهني – لأن العمالة الماهرة أكثر إنتاجًا.
تحسين بيئة العمل – عبر القوانين المدروسة والإدارة الفعّالة، والتكنولوجيا، والانضباط.
الاستثمار في البنية التحتية – لتسهيل عمليات الإنتاج والتوزيع.
هذه الإجراءات ليست مجرد “رفاهية اجتماعية”، بل هي استثمار في التنمية الاقتصادية. فالإنتاجية الأعلى تتيح للشركات دفع أجور أفضل مع الحفاظ على القدرة التنافسية، مما يعود بالنفع على العمال والاقتصاد ككل.
الخلاصة: المستثمرون لا يهربون من الأجور المرتفعة، بل يهربون من الإنتاجية المنخفضة أو من مركب الإنتاجية والأجور. لذلك، إذا أراد السودان جذب الاستثمارات، فالحل ليس في إبقاء الأجور متدنية، بل في صناعة عمالة أكثر كفاءة، مما يخفض تكلفة الوحدة المنتَجة ويجعل الاقتصاد أكثر تنافسية.
لهذا السبب عندما ندعو إلى التعليم المجاني وبرامج التدريب المجانية، فهي ليست مجرد دعوة أخلاقية لإعادة توزيع الموارد وانما هي من صميم التنمية ومحاربة الفقر.
يمكن أن يؤدي التعليم الجيد، النوعي، المدروس والتدريب المتوفر إلى زيادة إنتاجية العمل وبالتالي جعل البلاد جذابة للمستثمرين المحليين والأجانب.
وتسمح الإنتاجية العالية للشركات بتقديم أجور أعلى مع الحفاظ على قدراتها على المنافسة في الاسواق الداخلية والخارجية.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مصافي عدن تعود للعمل وترتيبات للإعادة تشغيلها بكامل طاقتها الإنتاجية
  • بدء تشغيل وحدة إنتاج مصافي عدن بقدرة 6 آلاف برميل يومياً
  • الوطنية للنفط تعلن تجاوز إنتاج النفط الخام 1.3 مليون برميل يومياً
  • بين صعود الإنتاج وهبوط الأسعار.. تحديات تواجه إنتاج النفط في 2026
  • أساطير عن الإقتصاد
  • إدارة الطاقة الأمريكية تتوقع هبوط أسعار النفط إلى أقل من 60 دولاراً للبرميل
  • ابتكار روسي يُسرع إنتاج الهيدروجين “الأخضر” ويخفض استهلاك الطاقة
  • قفزة في إنتاج «أوبك».. 335 ألف برميل إضافي تدفع الإمدادات لأعلى مستويات
  • مؤسسة النفط: إنتاج ليبيا يتجاوز 1.38 مليون برميل يومياً