بيروت- تواصل إسرائيل تنفيذ سياسة الاغتيالات منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله والجيش الإسرائيلي حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، عقب أشهر من العمليات العسكرية المتبادلة بين الجانبين، على خلفية دعم الحزب لقطاع غزة إثر الحرب المستمرة عليه بعد عملية طوفان الأقصى.

وفي تصعيد لافت، شنت إسرائيل صباح اليوم غارة جوية استهدفت مركبة القيادي بالجماعة الإسلامية الدكتور حسين عطوي، في بلدة بعورتا قرب الدامور جنوب بيروت بمحافظة جبل لبنان، وهو ما اعتبر خرقا واضحا لاتفاق وقف إطلاق النار، واستهدافا هو الأول من نوعه في هذه المنطقة.

وتأتي هذه العملية في وقت يشهد فيه الجنوب اللبناني والمنطقة الحدودية توترًا، رغم اتفاق وقف إطلاق النار، وسط اتساع دائرة الاستهدافات الإسرائيلية داخل العمق اللبناني، حيث استهدفت أيضا مُسيرة إسرائيلية أخرى ظهر اليوم سيارة "بيك آب" ودراجة نارية على طريق بلدة الحنية في قضاء صور مما أدى إلى استشهاد مواطن.

الشهيد عطوي تعرض لمحاولة اغتيال في يناير/كانون الثاني 2024 خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان (الجزيرة) "جريمة جبانة"

أعلنت الجماعة الإسلامية في لبنان -في بيان رسمي- استشهاد الدكتور عطوي نتيجة اغتياله في الغارة الإسرائيلية، مؤكدة أن المُسيرة استهدفت سيارته أثناء انتقاله صباحا من منزله في بعورتا إلى مكان عمله في العاصمة بيروت.

وجاء في البيان "تنعى الجماعة الإسلامية في لبنان إلى عموم اللبنانيين وإلى جمهورها وأفرادها ومحبّيها، ارتقاء القيادي الأكاديمي والأستاذ الجامعي الدكتور حسين عزات عطوي شهيدًا، والذي اغتالته يد الغدر الصهيونية في غارة حاقدة".

وأضاف البيان "إننا في الجماعة الإسلامية ندين هذه الجريمة الجبانة، ونحمل العدو الصهيوني المسؤولية عنها، ونسأل: إلى متى ستظل هذه العربدة الصهيونية تعبث بأمن لبنان واللبنانيين؟".

إعلان

وكان عطوي -المولود عام 1968 في بلدة الهبارية الواقعة في منطقة العرقوب جنوب لبنان- قد انخرط في العمل المقاوم عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، حيث التحق بـ"قوات الفجر" الجناح العسكري للجماعة الإسلامية.

وواصل نشاطه المقاوم حتى بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، حيث شارك بإطلاق صواريخ باتجاه مواقع إسرائيلية شمال الجليل خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014.

كما شغل عطوي مناصب عدة، منها قيادة "كشاف المسلم" وعضوية هيئة العلماء المسلمين في لبنان، كما عمل في الصحافة لعدة سنوات قبل أن ينتقل إلى التدريس الجامعي، ويحمل شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، وبرز بدعمه للقضية الفلسطينية من خلال كتاباته، إذ ألّف كتابا عن القدس بعنوان "الحارس الأخير".

وكان يعرف أن عطوي من الشخصيات المستهدفة، وفي يناير/كانون الثاني 2024، وخلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، تعرّض لمحاولة اغتيال في بلدة كوكبا الجنوبية، حيث استُهدفت سيارته من نوع "رابيد" بواسطة مسيّرة، ولكنه نجا بعد أن قفز منها ولجأ إلى منزل قريب، فلاحقته المسيرة مجدداً مستهدفة المنزل إلا أنه نجا مرة ثانية، وبعد خروجه من المنزل أطلقت الطائرة صاروخاً ثالثاً لكنه نجا من جديد.

رسائل إسرائيلية

يعتبر الباحث والكاتب السياسي الدكتور علي مطر، في حديثه للجزيرة نت، أن مواصلة إسرائيل سياسة الاغتيالات التي تستهدف عناصر من حزب الله وحركة حماس والجماعة الإسلامية تعكس تعقيدا كبيرا في المشهد الأمني.

ويشير إلى أن هذه الاغتيالات تُظهر امتلاك إسرائيل معلومات استخبارية دقيقة عن أشخاص مرتبطين بالمقاومة وينشطون على الجبهة العسكرية، وتسعى لتصفيتهم، بغض النظر عن انتمائهم التنظيمي، وهو ما يفرض ضرورة التنبه إلى خطورة هذه المسألة.

ويوضح مطر أن إسرائيل تسعى من خلال هذه السياسة إلى إيصال عدة رسائل، أبرزها:

إعلان أنها تملك معلومات وقدرة على الوصول للمقاومين في أي مكان وزمان، وبأساليب متعددة. أنها قادرة على تصفية أي شخص تعتبره تهديدا لأمنها. أنها تمتلك بنك أهداف واسعا، ومعطيات استخبارية دقيقة. أنها صاحبة اليد الطولى، والقادرة على فرض المعادلات على الأرض.

ورغم خطورة هذه الرسائل، يرى مطر أن استمرار استهداف المقاومين يشير إلى أن المقاومة ما زالت حاضرة وفاعلة و"في المقابل يواصل الاحتلال الإسرائيلي خرق اتفاق وقف إطلاق النار وصولًا إلى العمق اللبناني، في انتهاك واضح للسيادة، دون أي رادع أو تدخل دولي".

ويؤكد مطر أن المساعي السياسية الجارية لم تسفر حتى الآن عن نتائج حاسمة توقف هذه الخروقات، مشددا على أن استمرار الاحتلال بهذه السياسة يشكل خرقا صارخا لقرار وقف إطلاق النار والقرار 1701، ويكشف عن ضوء أخضر أميركي يمنح إسرائيل حرية التحرك تحت ذريعة "الدفاع عن النفس".

حرب بصيغة مختلفة

يرى الكاتب والباحث السياسي الدكتور علي أحمد، في حديثه للجزيرة نت، أن إسرائيل تعمل على فرض قواعد اشتباك جديدة، متجاوزة القرار 1701، ومتجاهلة وقف إطلاق النار، في محاولة لترسيخ تفسيرها الخاص لهذا القرار ولوقف الأعمال القتالية.

ويتابع الكاتب قائلا إنه "من الواضح أن إسرائيل لا تزال تسعى لإظهار قدرتها الاستخباراتية، والتأكيد على أنها قادرة على استهداف أي عنصر أو قيادي تعتبره مصدر تهديد، كما تحاول إيصال رسالة مفادها أن مسرح العمليات لا يقتصر على الجنوب، بل يشمل كامل الأراضي اللبنانية".

ويضيف "في المقابل، يمكن القول إن المقاومة تواصل عملياتها بشكل فاعل، مما يعد مؤشرا واضحا على استمرارية نشاطها، وهو أمر تدركه إسرائيل جيدا، وتعلم أن المقاومة أعادت تفعيل حضورها الميداني".

ويؤكد الباحث "نحن لا نزال فعليا في قلب الحرب، إذ لم ينفذ وقف إطلاق النار، والأعمال العدائية مستمرة، كما أن اللجنة المشرفة لم تقم بمهامها كما ينبغي، وكل هذه المؤشرات تؤكد أننا لا نزال في حالة حرب ولكن بصيغة مختلفة".

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وقف إطلاق النار

إقرأ أيضاً:

من الفائز بالحرب الإسرائيلية الإيرانية؟

أنقرة (زمان التركية) – تم انتهاك وقف إطلاق النار المعلن يوم الأحد بين إسرائيل وإيران عدة مرات، لكن على حد تعبير الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يبدو أن “حرب الاثني عشر يوما” بين إسرائيل وإيران قد انتهت على الأقل في الوقت الحالي.

وذكر موقع الجزيرة القطري أن كل من ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وقادة إيران يزعمون أن وقف إطلاق النار يصب في صالحهم.

كانت إسرائيل شنت هجمات على غيران في الثالث عشر من الشهر الجاري زاعمة استهدافها البرنامج النووي الإيراني. ودخلت الولايات المتحدة الحرب في 22 من الشهر الجاري بقصفها منشآت فوردو ونطنز وأصفهان  النووية الرئيسية في إيران، بـ “قنابل خارقة للتحصينات”. وردت إيران باستهدافها القاعدة الأمريكية في قطر في هجوم انتقامي.

بعد فترة وجيزة من هذا الانتقام الذي تم الإبلاغ عنه مسبقا، أعلن ترامب أن الصراع الذي استمر 12 يوما بين إيران وإسرائيل سيتوقف على الفور قائلاً: “دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أرجو ألا تنتهكوه”.

وخلال فترة وجيزة من إعلانه، تم انتهاك وقف إطلاق النار، إذ زعمت إسرائيل انتهاك إيران لوقف إطلاق النار وأعلنت إصدارها تعليمات للجيش بمهاجمة طهران، بينما نفت إيران التقارير التي تفيد بأنها شنت هجوما صاروخيا على إسرائيل وانتهكت وقف إطلاق النار.

في حديثه إلى مراسلي البيت الأبيض، انتقد ترامب كل من الإسرائيليين والإيرانيين بعد انهيار وقف إطلاق النار الذي أعلنه قبل ساعات قائلا: “هناك دولتان تقاتلان بجنون منذ فترة طويلة ولا تُدركان ما تفعلاه”.

وعلى خلفية هذا التصريح الغاضب من ترامب، دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ مرة أخرى في تمام الساعة 14:30.

وبعد حديثه مع نتنياهو، نشر ترامب تغريدة عبر حسابه بمنصة تروث ذكر خلالها أن إسرائيل لن تهاجم إيران وأن المقاتلات الإسرائيلية ستؤدي “تحية ودية” لإيران من ثم ستعود أدراجها قائلا: “لن يتضرر أحد، وقف إطلاق النار ساري المفعول! ”

ماذا كسبت إسرائيل؟

رغم ادعاء إسرائيل منذ فترة طويلة أن إيران تشكل “تهديدا وجوديا”لها فإنها لم تقُدم في الماضي على ضرب المنشآت النووية الإيرانية.

وصرح مسؤولون إيرانيون إن المنشآت النووية يجري تطويرها لأغراض مدنية.

مع ذلك، شنت إسرائيل غارة جوية على ثلاث منشآت نووية في 13 من الشهر الجاري. وردت إيران بالطائرات المسيرة والصواريخ.

سبق أن ضربت إسرائيل منشآت نووية في سوريا والعراق. وعلى الرغم من إعلان المنظمات الدولية أن الهجمات الإسرائيلية “غير قانونية” فإن إسرائيل كثفت هجماتها تحت ذريعة “الدفاع الوقائي عن النفس”، لكن يوجد خلافات حول ما إذا كانت إيران قد طورت قنبلة نووية أو تخطط لاستخدامها ضد إسرائيل.

في الثامن عشر من الشهر الحالي، صرح نتنياهو أنه تحدث مع قادة العالم وأنهم تأثروا كثيرا بنجاح وإصرار الجيش الإسرائيلي.

في نهاية المطاف، أقنعت إسرائيل الولايات المتحدة بشن هجوم مباشر في الشرق الأوسط.

دعمت الولايات المتحدة إسرائيل في حرب الأيام الستة في عام1967 وحرب يوم الغفران في عام 1973، لكنها لم تساندها عبر شن هجوم مباشر.

وعقب الهجمة الأمريكية على إيران، هنأ نتنياهو الرئيس الأمريكي قائلا: “إن قرارك الشجاع باستهداف المنشآت النووية الإيرانية بالقوة الرائعة والعادلة للولايات المتحدة سيغير التاريخ “.

هل تمكنت إيران من حماية برنامجها النووي؟

ألحقت إسرائيل أضرارًا جسيمة بأهداف في إيران، حيث تدعي الولايات المتحدة أنها “دمرت بالكامل” المنشآت النووية تحت الأرض.

وعلى الرغم من إظهار صور الأقمار الصناعية صواريخ أمريكية تصيب أهدافا، فإنه لا يوجد تأكيد مستقل لما تم تدميره في المنشآت النووية.

وقال رافائيل ماريانو غروسي، رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية: “لا أحد، بما في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكنه بعد قياس الأضرار التي لحقت بفوردو”. وأضاف غروسي أن الأضرار قدرت بأنها “خطيرة للغاية نظرا لاستخدام عبوات متفجرة في الهجوم وأن أجهزة الطرد المركزي في المنشأة حساسة للغاية للاهتزاز المفرط.

وصرح غروسي أن منشأتي ناتانز وأصفهان تعرضتا للقصف ولحقت بهما أضرار من الطائرات المقاتلة الأمريكية وصواريخ توماهوك.

هل سيُشن هجوم جديد على إيران؟

اتفقت إسرائيل وإيران على وقف إطلاق النار، لكنهما لم تتفقا على السلام.

ويشير الخبراء إلى سيناريوهين فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني ألا وهما مراجعة جديدة من الأمم المتحدة للمنشآت النووية الإيرانية واتفاق نووي جديد سيتم توقيعه مع إيران.

في عام 2015، وافق الرئيس الأمريكي آنذاك، باراك أوباما، على ما يسمى بخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) مع إيران. وبموجب الاتفاق، تم تخفيف العقوبات الأمريكية بشرط أن تحد إيران من أنشطتها النووية،لكن في عام2018 وخلال رئاسة ترامب الأولى، انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وأعادت فرض العقوبات على إيران.

سحبت إيران  أيضا التزامها وبدأت في إنتاج اليورانيوم المخصب بأي معدل تريده.

وقد ينضم القادة الأوروبيون إلى العملية الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، إذ اجتمعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مع وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في 20 يونيو/ حزيران الجاري وحاولت وقف الهجوم الأمريكي، لكنهم لم يفلحوا في الأمر.

وقد يكون الاتحاد الأوروبي عنصر توازن ضد القوة الأمريكية الإسرائيلية في المستقبل.

أزمة البرنامج النووي

في حديثه إلى قناة الجزيرة، أفاد يوانيس كوتولاس، المحاضر في جامعة أثينا، أن إيران ستستعى إلى إشراك الأوروبيين في العملية الدبلوماسية من خلال عرض تقديم عمليات تفتيش لبرنامجها النووي والعديد من الالتزامات.

سعت إسرائيل في السابق إلى تقويض الاتفاقات النووية بين الغرب وإيران. لذلك ليس من الواضح ما إذا كانت ستقبل بصفقة جديدة.

حتى الآن، يبدو أن إيران لن تتهاون في مواصلة برنامجها النووي، حيث صدق البرلمان الإيراني اليوم على مشروع قانون لتجميد التعاون مع الوكالة الذرية للطاقة النووية.

وقال رئيس البرلمان، محمد بكير كاليباف، إنهم يريدون وقف التعاون حتى يتلقوا “ضمانات ملموسة للسلوك المهني” من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

في المقابل، صرح ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء أنهم لن يسمحوا لإيران بمواصلة برنامجها النووي.

وإذا لم يزول التوتر بشأن هذه القضية، فقد تُستأنف الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل بما في ذلك الولايات المتحدة.

Tags: الحرب الإسرائيلية الإيرانيةبرنامج إيران النووي

مقالات مشابهة

  • من الفائز بالحرب الإسرائيلية الإيرانية؟
  • رغم وقف إطلاق النار.. استمرار سقوط جواسيس إسرائيل في إيران
  • الصحافة الإسرائيلية: كيف تبدو إسرائيل بعد 12 يوما من الضربات الإيرانية؟
  • الهيئة اللبنانية للعقارات تحذّر من استمرار الفوضى القانونية في قوانين الإيجارات الاستثنائية
  • عاجل- ترامب يطالب إسرائيل بوقف القصف فورًا ويصف استمرار العمليات بـ "الانتهاك الجسيم" للهدنة
  • إيران: إسرائيل واصلت ضرب أهداف داخل البلاد حتى التاسعة صباحًا رغم إعلان وقف إطلاق النار
  • تحالف الأحزاب يرحب بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران
  • بعد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.. مغردون: لماذا لا تنهي أميركا حرب غزة؟
  • استمرار القصفات الصاروخية على إسرائيل.. وسقوط 3 قتلى
  • البزري: وحدة الموقف ضمانة للنأي بلبنان عن التصعيد الراهن