علامات استفهام حول موقف الدول التركية من قضية قبرص
تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT
أعلنت كل ن أوزبكستان وكازاخستان وتركمانستان، قبل أيام، الاعتراف بجمهورية قبرص اليونانية، وقررت فتح سفارات لها في عاصمتها نيقوسيا، استجابة لطلب الاتحاد الأوروبي الذي يستعد لاستثمار 12 مليار يورو في تلك الدول. ولكون الدول الثلاث من جمهوريات آسيا الوسطى التركية واثنتين منها عضوين في منظمة الدول التركية، فقد أثارت هذه الخطوة ضجة كبيرة في تركيا، وعلامات استفهام حول موقف الدول التركية من قضية قبرص ومستقبل المنظمة الناشئة والعلاقات بين أعضائها.
اعتراف الدول الثلاث بجمهورية قبرص اليونانية جاء في الوقت الذي كان الأتراك ينتظرون فيه من الدول التركية الشقيقة أن تعترف بجمهورية قبرص الشمالية التركية. ولذلك، اعتبر بعض المحللين الخطوة تجاهلا للجهود التي تبذلها أنقرة بهذا الاتجاه، بل وذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، فوصفوها بــ"طعن تركيا في ظهرها"، و"الخيانة لحقوق الأخوّة التركية". كما رأت المعارضة أنها جاءت نتيجة فشل السياسة الخارجية التي تتبناها الحكومة، وطالبت وزارة الخارجية التركية بانتقاد الدول الثلاث.
اعتبر بعض المحللين الخطوة تجاهلا للجهود التي تبذلها أنقرة بهذا الاتجاه، بل وذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، فوصفوها بــ"طعن تركيا في ظهرها"، و"الخيانة لحقوق الأخوّة التركية". كما رأت المعارضة أنها جاءت نتيجة فشل السياسة الخارجية التي تتبناها الحكومة، وطالبت وزارة الخارجية التركية بانتقاد الدول الثلاث
اعتراف أوزبكستان وكازاخستان وتركمانستان بجمهورية قبرص اليونانية قد يكون إحدى ثمرات رغبة تلك الدول في الابتعاد عن ضغوط روسيا والصين، والتقرب من الدول الأوروبية، إلا أنه في ذات الوقت يشكل ضربة لحلم جمع الدول التركية تحت مظلة اتحاد تركي على غرار الاتحاد الأوروبي. ومن المؤكد أن الابتعاد عن فكرة الاتحاد التركي بمثل هذه الخطوات سيؤدي إلى بقاء منظمة الدول التركية مجرد تكتل ثقافي؛ بعيد عن تبني مواقف موحدة في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
أنقرة لم تبدِ أي انزعاج من خطوة الدول الثلاثة، وقد يكون هذا الموقف مبنيا على تفهم حاجة تلك الدول لتعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، أو أن تركيا ترى أن الدول الثلاث يمكن أن تستخدم علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي لصالح جمهورية قبرص الشمالية التركية في المستقبل. كما أن إظهار أي ردة فعل غاضبة تدل على انزعاج أنقرة مما قامت به تلك الدول قد يتم تفسيرها من قبل الدول الثلاث تدخلا في شؤونها، وتبعدها عن تركيا. ولذلك، اختارت أنقرة سياسة عدم الانفعال واحتواء الموقف لحماية ما تم بناؤه في إطار منظمة الدول التركية، ومحاولة استثماره لصالح القبارصة الأتراك.
منظمة الدول التركية لها خمسة أعضاء، وهي تركيا وأذربيجان وكازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان، كما أن لها ثلاثة أعضاء مراقبين، وهي المجر وجمهورية قبرص الشمالية التركية وتركمانستان. وللمنظمة مجلس استشاري، يسمى "مجلس ذوي اللحى البيضاء"، ويتألف من ممثلي الدول الخمس. ومن المتوقع أن يعقد هذا المجلس في مستهل الشهر القادم اجتماعا في جمهورية قبرص الشمالية التركية لمناقشة موضوع اعتراف الدول الثلاث بجمهورية قبرص اليونانية، داخل البيت التركي، وبهدوء، بعيدا عن وسائل الإعلام.
القوميون الأتراك يقولون دائما إنه "لا صديق لتركي غير تركي"، في إشارة إلى إيمانهم بقوة الروابط القومية، إلا أن اعتراف الدول الثلاث من جمهوريات آسيا الوسطى التركية بجمهورية قبرص اليونانية، بدلا من الاعتراف بجمهورية قبرص الشمالية التركية، أثبت عدم صحة تلك المقولة التي تستخدم غالبا لرفض محاولات تعزيز العلاقات مع الدول العربية والإسلامية
جمهورية قبرص اليونانية عضو في الاتحاد الأوروبي، وكان انحياز الدول الأوروبية لصالح القبارصة اليونانيين على حساب القبارصة الأتراك معروفا حتى قبل انضمام جمهورية قبرص اليونانية إلى الاتحاد. ولذلك، ليس مفاجئا أن يضغط الاتحاد الأوروبي على أوزبكستان وكازاخستان وتركمانستان، وأن يشترط الاعتراف بأحد أعضائه للاستثمار في الدول الثلاث. وإضافةً إلى ذلك، يهدف الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز نفوذه في آسيا الوسطى من خلال الاستثمار في دولها، ويعرف أن تركيا أحد أقوى المنافسين له في تلك المنطقة.
القوميون الأتراك يقولون دائما إنه "لا صديق لتركي غير تركي"، في إشارة إلى إيمانهم بقوة الروابط القومية، إلا أن اعتراف الدول الثلاث من جمهوريات آسيا الوسطى التركية بجمهورية قبرص اليونانية، بدلا من الاعتراف بجمهورية قبرص الشمالية التركية، أثبت عدم صحة تلك المقولة التي تستخدم غالبا لرفض محاولات تعزيز العلاقات مع الدول العربية والإسلامية غير التركية، مؤكدا أن العلاقات بين الدول مبنية بالدرجة الأولى على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
تركيا تولي أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتها مع جمهوريات آسيا الوسطى التركية التى تراها ضمن عمقها الاستراتيجي، كما تدعم العلاقات بين تلك الدول. إلا أن محاولات تطوير التنسيق والتعاون بين الدول التركية في كافة المجالات ليصل إلى مستويات متقدمة، تواجه عوائق وتحديات في ظل احتفاظ روسيا بنفوذها في المنطقة إلى حد كبير، كما أن تجربة الاتحاد الأوروبي يكاد يستحيل تكرارها في آسيا الوسطى؛ بسبب التباين بين أنظمة الدول الأوروبية الديمقراطية وأنظمة دول تلك المنطقة التي لا تعكس معظمها إرادة شعوبها.
قضية قبرص في نظر أنقرة قضية وطنية مرتبطة بأمنها القومي، وبالتالي، ستواصل تركيا دعمها للقبارصة الأتراك وحمايتهم، والدفاع عن قضيتهم العادلة وحقوقهم المشروعة، بكل ما تملك من قوة سياسية واقتصادية وعسكرية، بغض النظر عن مواقف الدول الأخرى بما فيها جمهوريات آسيا الوسطى التركية، كما ستستمر في بذل جهودها الدبلوماسية لتنال جمهورية قبرص الشمالية التركية اعتراف دول العالم بها، بعد أن تأكد أن الحل الوحيد للأزمة القبرصية هو أن يعيش القبارصة الأتراك واليونانيون في الجزيرة جنبا إلى جنب في دولتين مستقلتين.
x.com/ismail_yasa
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قبرص آسيا الوسطى تركيا الاتحاد الأوروبي تركيا الاتحاد الأوروبي قبرص آسيا الوسطى مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد مقالات اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة منظمة الدول الترکیة اعتراف الدول الثلاث الاتحاد الأوروبی تلک الدول إلا أن
إقرأ أيضاً:
يصعّد ضد بروكسل.. رئيس وزراء المجر: مقترحات المفوضية حول روسيا غير قانونية
صعّد رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، لهجته تجاه مؤسسات الاتحاد الأوروبي، معتبراً أن المقترحات الأخيرة التي قدّمتها المفوضية الأوروبية بشأن التعامل مع روسيا تتناقض مع القوانين المنظمة لعمل الاتحاد وتخرج عن الإطار التشريعي الملزم للدول الأعضاء.
وقال أوربان في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الأوروبية إن الخطوات المقترحة لا تتوافق – وفق تعبيره – مع المبادئ القانونية التي تحكم آليات اتخاذ القرار داخل الاتحاد، مشيراً إلى أن بلاده ترفض أي إجراءات “لا تستند إلى توافق جماعي ولا تراعي مصالح جميع الدول الأعضاء”.
وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه الاتحاد الأوروبي انقسامات حادة حول كيفية إدارة العلاقة مع موسكو، خصوصاً في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية والعقوبات المفروضة على روسيا.
ويرى مراقبون أن موقف بودابست قد يفتح جولة جديدة من الجدل داخل مؤسسات الاتحاد حول حدود الصلاحيات القانونية للمفوضية الأوروبية، ودور الدول الأعضاء في رسم السياسات المشتركة.
وتؤكد الحكومة المجرية باستمرار أن أي قرارات تتعلق بروسيا يجب أن تُبنى على أسس قانونية صلبة، وبمراعاة مصالح الأمن والطاقة للدول الأوروبية كافة، وليس من خلال ما وصفته بـ“المبادرات الأحادية التي تضر بالتوازن الداخلي للاتحاد”.
بهذا الموقف، يواصل أوربان ترسيخ صورة بلاده كأحد أبرز الأصوات المعارضة لسياسات بروكسل تجاه روسيا، ما يضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى المشهد السياسي الأوروبي المأزوم.