في النهاية، نحن نكتب الحياة، والحياة في بلادي هي الحرب.
تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT
يومًا ما، وعدتُ أصدقائي وزملائي من جيلي، جيل التسعينيات، أن أكتب قصتي الصافية.
لغتي أُصيبت بالإرهاق، يا رفاق، وعيناي تكلّستا وهما تريان نفس المشاهد: دبابات، دوريات عسكرية، جنود، شهداء، سجون، جرحى، اقتحامات...
سأفحص فكرة التخلّي عن فلسطين في قصصي، لا من باب الإحساس بأنها عبء جمالي على نصوصي فقط، بل من باب الملل أيضًا من هذه الفكرة المتكرّرة المُلحّة، التي تطارد نصوصنا في كل مكان.
كنت في الصف السادس الابتدائي في مدرسة مخيم الجلزون -قضاء رام الله- في حصة الإنشاء، أمام مدرس اللغة العربية، وكان بالمناسبة خالي، شقيق أمي.
كان يحمل عصًا خشبية يلوّح بها أمامنا، بصوت مثقل بلهجة تهديدية غير مفهومة، وبسعالٍ ودخانٍ وتعب قِلّة النوم، وهو نفس تعب أبي وأعمامي الصباحي، أظنه ربما بسبب اقتحامات الاحتلال الليلية اليومية للمخيم.
قال: "اكتبوا عن وعد بلفور، بما لا يتجاوز العشرين صفحة.
اكتبوا عن ذكرى تقسيم فلسطين، بما لا يتجاوز عشر صفحات.
اكتبوا عن مجزرة كفر قاسم، بما لا يتجاوز عشر صفحات.
اكتبوا عن دبابة صهيونية تقف أمام مدخل بيتكم، بما لا يتجاوز العشرين صفحة.
اكتبوا عن شهيد فلسطيني سقط أمامكم، ولن تنسوا دمه المُراق قرب أقدامكم.
تخيّلوا آباءكم وهم يُعتقلون أمامكم بفظاظة، واكتبوا عن مشاعركم تجاه ذلك، بما لا يتجاوز عشر صفحات".
(أحد أصدقائي أقسم لي أنه كان يسمع مباشرةً بعد هذه الجمل كلمة: "وإلّا...".)
سأخلع "فلسطينيتي"، كما يخلع ربّ أسرة متعب، عائد من يوم عمل مرهق، جاكيته الذي يلبسه منذ سنوات طويلة. لن أعلّقه وراء الباب على مشجب. سأطويه بطريقة غير منتظمة وأدسّه في رطوبة رفٍّ من رفوف خزانتي. سأُبقيه هناك، ولن أضعف أمام أنين أزراره وهي تنادي ضمير صدري.
سأكتب عن حكاية حدثت معي، سأكون بطل الحكاية.
كان من أهم سمات القصة الجديدة في فلسطين، بعد الانتفاضة الأولى في أوائل التسعينيات -والتي أزعم الانتماء إليها مع جيلي- أنها قصص حدثت بالفعل، وكنا شاهدين عليها أو كنّا شخصيات من شخصياتها.
هذه السمة لم تكن موجودة من قبل، هكذا زعمنا. فالكاتب الذي سبقنا لم يكن يكتب عن تجاربه ومشاعره وحياته الشخصية؛ لأنه كان مشغولًا بوصف بحر الدم المُراق أمامه، ولا وقت عنده للتفكير في أمر آخر.
هذا ما كنا نعتقده، وهكذا أردنا أن نتميّز ونقفز، ونصبح حداثيين، ومُجددين، ومجانين.
كنا نحب أن تُطلق علينا كلمة "مجانين"، ففيها ما يُدغدغ ويبهر ويُلفت النظر.
"هذا جيلٌ مجنون! من أين جاء هؤلاء؟ ومن يظنون أنفسهم؟"
يا الله! كم كانت هذه العبارات تُحولنا إلى عمالقة.
"يظنّ هؤلاء الحمقى أن الاحتلال قد رحل! وهم يطلقون العنان لشهواتهم وانحرافاتهم ومشاعرهم غير المحترمة!"
كان هذا الموقف كفيلًا بجعلنا نبكي من الفرح.
أخيرًا، استطعنا القفز من السفينة القديمة، ومواصلة الإبحار بطريقتنا، أوفياء للتجارب والهويات المتعددة في سياقاتنا المأساوية.
لم تبدأ لغتنا الجديدة في الحياة بعد الانتفاضة فقط، بل بدأت حياتنا نفسها من جديد: عفوية، حرّة، مجنونة.
أخرجنا من قلوبنا الأرائك القديمة، جدّدنا القمصان، وخطّنا معاطف جديدة تُناسب شتاء بلادنا الجديد.
(قالت لي: "أريد أن أعيش تجربة حبّ غريبة، في مكانٍ غريب، لا جنود فيه، ولا شهداء. أريد أن يحدث ذلك، حتى لو في مقبرة.")
دسّت لي جمانة هذه الكلمات من تحت بابي.
كنّا نسكن مخيمًا واحدًا، ونحمل حبا مكبوتا واحدا.
حدث ذلك بعد أن وضعت الانتفاضة الأولى أزرارها على الطاولة، وسلّمتها لقميص حياة جديدة.
كانت رفيقة لي طيلة سنوات الانتفاضة في ساحة المظاهرات والاعتصامات.
كنت أحبها، وكانت تحبّني، لكننا لم نجرؤ على الاعتراف لبعضنا البعض، خوفًا من الإحساس بذنب الخيانة، أو ربما خجلًا من التفكير في الموضوع، ورفاقنا يسقطون شهداء حولنا، أو جرحى أو معتقلين.
كانت تأتي إلى بيتي في آخر الليل. نغلق الباب خلفنا. ولم نكن نقلق من أن يفكر أحد من أهلي أو أهلها بأننا نمارس الخطأ.
كانوا يعرفون أننا أوفياء بشكل هستيري للفكرة المقدسة، المسماة "فلسطين"، وأن لا وقت لدينا للعب.
كنت أكتب معها بيان الحزب.
نتشارك بهاءه وقوته: هي تعطيه لمحات شعرية وفلسفية، وأنا أعطيه قسمات واقعية ميدانية تحريضية وجدانية.
فيخرج رغيف وجدان جماعي وطني ساخن، وجاهز للأكل.
شعرتُ بالرعب وأنا أقرأ رسالة جمانة.
ذلك الرعب اللذيذ الذي يُشبه طعم قبلة أولى لرجل مستقيم أمضى حياته يتدرّب عليها سرًّا.
أرسلتُ لها:
"انتظريني في آخر شارع المصيون، قريبًا من مقبرة المسيحيين، مقابل معهد المعلمات، وخلف سور مدرسة الذكور الثانوية، ليس بعيدًا عن وزارة التربية والتعليم.
وحين ترينني أدخل المقبرة، الحقيني.
ابحثي عن قبر ميليا، شقيقة الكاتب الكبير خليل السكاكيني.
ميليا الطويلة، الحادة مثل رمح، التي ماتت عام 1967.
ميليا التي نحبها، والتي استشهدنا بمواقفها في بياناتنا الحزبية.
كم أعجبنا بها وهي تؤسس مع زليخة أبو ريشة أول اتحاد نسائي فلسطيني، وهي تهاجم الجنود البريطانيين حين كانوا يعتقلون شباب الثورة في شوارع القدس أوائل الأربعينيات."
جلستُ مع جمانة، كتفًا منهارًا إلى كتف مغمى عليه، تحت شاهد قبر ميليا.
كنا نرتجف صامتين، وعيوننا تهرب من بعضها البعض.
في يدها نامت يدي، وفي هذه اللحظة استيقظت يدانا على أصوات هتاف الطالبات وراء سور المقبرة.
كان القرار ألّا ننتبه لأي صوتٍ يأتي من الزمن القديم الذي أكل حياتنا ورماها عظامًا.
أن نواصل جنوننا، حتى أفي بوعدي وأكتب قصة صافية، نقية من الاحتلال وأصواته.
علت أصوات الطالبات، وانضمّت إليها أصوات طلاب المدارس المجاورة.
شعرنا بالانزعاج، لكنني حثثتها على تجاهل كل صوت لا يصدر من روحي أو روحها.
نهضتُ مع جمانة، اختبأنا خلف الشجرة التي تظلّل قبر ميليا، وهناك واقفين مرتجفين، على إيقاع أصوات الرصاص الذي انطلق مع وصول جنود الاحتلال.
خافت جمانة. قالت لي:
"أنا خائفة... خائفة. أحسّ أن الرصاص قريب منّا."
كنت أحاول طمأنتها، ونغيب في هيولى الصفاء السردي.
حين أكتب هذا الشعور اللطيف سأُلغي كل هذه الأصوات من قصتي.
سنكون في القصة فقط: جمانة، وميليا، وأنا، والشجرة.
وحتى الرصاصة المطاطية التي جاءت من الزمن الآفل، والتي طارت من خلف السور واخترقت ظهري وجعلتني أقفز هلعًا وألمًا... سأحذفها من القصة.
على سرير المشفى، كان أصحابي يضحكون عليّ:
"كيف ستحذف رصاصة الظهر من قصتك؟ أَتَجْرُؤ على ذلك؟"
ولماذا لا أجرؤ؟
ألم نخرج من زمن السفينة القديمة؟
لا، لم نقفز. بقينا فيها.
فقط جدّدنا السفينة، طليناها بطلاء جديد، واشترينا مجدافًا قويًّا، وسارية متينة. لكن الاتجاه بقي هو هو.
جدّد نصّك الفلسطيني من داخله، وإيّاك أن تقفز منه.
في البيت، ليلًا، كنت غزير العرق، أفكّر: كيف سأكتب تجربة الحب الجديدة، والمكان الغريب، دون أن أكون وفيًّا لما حدث؟
ألست صاحب فكرة الكتابة عمّا يحدث؟
ألست شاهدًا على ما حدث؟
ألست شخصية من شخصيات القصة؟
كيف، إذن، سأحذف مشهد الرصاصة التي اخترقت ظهري.
كيف سأمحو أصوات الطالبات الهاتفات الغاضبات؟
وكيف سأُلغي الحديث عن ماضي ميليا، وبطولتها؟
لماذا لا أكتب بصدق عمّا حدث؟
عن عمى الحب وانفلات الوحش المخبوء داخلي، وعن رصاصة الأعداء التي انطلقت من خلف سور المقبرة، ثم انحرفت باتجاهي، وصفعتني على ظهري... وظهر نظرية النصّ السردي الفلسطيني الصافي.
تلك الليلة نضجت بسرعة كبيرة.
عرفتُ أن الموضوع الدرامي بسيط، ولا يستحق كل هذه الثرثرة.
باختصار شديد:
اكتب، يا زياد، عن حُمّى الحب وعن حُمّى الرصاص، بمقاربة تخصك أنت، تخص عقلك وتجاربك وأسلوبك وتفكيرك.
فحذف المشاهد وإلغاء الأصوات ما هو إلا عجز في لغتك عن خلق مساحتها الخاصة وفرض بصمتها، تمامًا كما عجز كُتّاب الجيل السابق عن تربية طريق خاص لكل منهم.
ركضتُ إلى جاكيتي في الخزانة.
حملته، وذهبت به إلى الخيّاط، الذي أجرى عليه، بناءً على طلبي، تقصيرًا من هنا، ورَتقًا من هناك، وتعميقًا للجيوب، وتغييرًا لشكل ولون الأزرار.
لكنه بقي جاكيتي... الذي يعرف رائحة جسدي، والشاهد على كل جوعي، وأناقتي.
في النهاية، نحن نكتب الحياة، والحياة في بلادي هي الحرب.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
غزة: تشدُّد أمريكي يتجاوز إسرائيل وخطط استيطانية تهدّد جغرافيا فلسطين
الولايات المتحدة تُصعّد سياساتها..
انسحاب المبعوث الأمريكي من المفاوضات يتّسق مع أجندة نتنياهو ويعكس انحياز واشنطن
موقف ترامب وويتكوف يكشف تحوّلًا أمريكيًا خطيرًا من دور «الوسيط» إلى «الشريك المباشر»
واشنطن تستخدم أساليب «التلاعب السياسي» ضد المقاومة.. والتصعيد العسكري وارد
الكنيست يصوّت لضم الضفة ويُحيي مشروع «الريفييرا» لتحويل القطاع إلى مستوطنة سياحية
إجماع إسرائيلي على تهجير الفلسطينيين.. ومشاريع «المدن الذكية» توظّف التطوير في التهجير
يتّسق انسحاب المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، والوفد المرافق له من المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس، مع موقف حكومة بنيامين نتنياهو، التي فرضت على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذ مخططاتها في فلسطين ودول مجاورة (لاسيما سوريا ولبنان وإيران).
موقف ويتكوف كان أكثر حدّة من موقف وفد نتنياهو، الذي أعلن أنه «استُدعي» الوفد الإسرائيلي المفاوض من الدوحة إلى تل أبيب «للتشاور» حول بعض النقاط الخلافية في مفاوضات الهدنة، ما يشير إلى أن واشنطن أكثر تشدّدًا من تل أبيب في التعامل مع الملف الفلسطيني.
الخميس الماضي، قال نتنياهو: «هناك تقدم في موقف حماس. استدعينا وفد التفاوض الإسرائيلي من الدوحة لإجراء بعض المشاورات»، لكن في التوقيت نفسه زعم ويتكوف ورئيسه ترامب أن «حماس تُعرقل أي اتفاق لصفقة وقف إطلاق النار».
التصريحات الأمريكية شجّعت نتنياهو على التراجع عن تصريحه السابق، وقال مساء الجمعة إنه «سيبحث عن خطط بديلة للمفاوضات، لكي يُفرج عن الرهائن الإسرائيليين لدى حماس بعد أن تعثّرت المفاوضات»!
ويأتي الموقف الأمريكي أكثر تشددًا، وأكثر التباسًا من غيره من المواقف، وهو ما اعتبره البعض مجرد خطوة تكتيكية للضغط على المقاومة لإجبارها على التنازل عن بعض مطالبها في المفاوضات، فيما رأى آخرون أن الموقف الأمريكي يُعبّر عن تحوّل في الموقف الاستراتيجي.
ويشير مراقبون إلى أن كلًا من ترامب وويتكوف دأبا على زيادة حدة التهديد، ثم العودة سريعًا إلى الخط الطبيعي، وأن ما فعله كلاهما هو جزء من المناورة التي تسعى للضغط على حماس كي تتنازل عن بعض مطالبها التي تتعارض مع الطروحات الأمريكية والإسرائيلية.
وكانت واشنطن قد أثنت، في وقت سابق، على حركة حماس وتجاوبها في المفاوضات قبل أيام قلائل، وهذه هي الطريقة الأمريكية في التلاعب بالمفاوضين للحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية، وهي لعبة معتادة في سياسات الولايات المتحدة الخارجية.
في حين رأى البعض أن الموقف الأمريكي جاء بسبب تعنّت حماس في المفاوضات، وأن الحركة لم تُبدِ المرونة المطلوبة كي توافق إسرائيل على الهدنة ووقف إطلاق النار، وهو ما دفع ترامب إلى التصريح بأن "حماس تريد أن تموت"، في لغة تهديدية واضحة.
ويتحدث خبراء فلسطينيون عن نوايا ترامب المُبيّتة، التي تتجاوز الضغط السياسي إلى تهديد واضح بإعادة التصعيد العسكري بعد تسليم الرهائن المحتجزين لديها، وأن المقاومة تدرك جيدًا مدى ما يمكن أن تتعرض له من "غدر" بعد عملية التسليم.
وأشاروا إلى أن المقاومة تُجهّز نفسها لمرحلة ما بعد التفاوض، والاستعداد للتصعيد العسكري عبر المزيد من عمليات الاستنزاف، من خلال تكثيف عمليات القنص والتفجيرات، في مواجهة التوغّل داخل غزة وتنفيذ المزيد من العمليات العسكرية.
وجاء الإعلان عن تعثّر المفاوضات مواكبًا لعدد من الأحداث الخطيرة التي تؤكد عزم دولة الاحتلال تنفيذ مخططاتها التوسعية في الأراضي المحتلة، ومنها قرار الكنيست الإسرائيلي بضم الضفة الغربية إلى دولة الاحتلال.
كما تواكب مع إعلان مجموعة من السياسيين والمستوطنين الإسرائيليين من اليمين المتطرف في الكنيست عن مناقشة خطة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وضم أراضي القطاع، وتحويلها إلى مدينة سياحية فاخرة عالية التقنية للإسرائيليين.
يتضمّن المخطط (يُحيي فكرة مشروع «الريفييرا السياحي» الذي أعلنه ترامب في فبراير الماضي) بناء نحو 850 ألف وحدة سكنية، وإنشاء مدن ذكية عالية التقنية تعتمد على تداول العملات المشفّرة، وشبكة مترو تمتد عبر القطاع.
ينص المخطط الاستيطاني الجديد على أن «حق شعب إسرائيل في الاستيطان والتنمية والحفاظ على هذه الأرض ليس مجرد حق تاريخي، بل هو التزام وطني وأمني»، وقد نوقشت الخطة في الكنيست الإسرائيلي تحت عنوان: «ريفييرا غزة: من الرؤية إلى الواقع».
حضر النقاش وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، الذي يتبنّى طرد الفلسطينيين من جميع الأراضي المحتلة، وسط ما يشبه الإجماع الإسرائيلي على أن «الفلسطينيين ليس لهم مكان في الداخل، ويجب ترحيلهم إلى مصر ودول أخرى».
وأيّد الكنيست الإسرائيلي مقترحًا يقضي بضم الضفة الغربية، بأغلبية 71 نائبًا من إجمالي 120، في خطوة قوبلت بتنديد الرئاسة الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بوصفها باطلة وغير شرعية، وتقوّض فرص السلام وحل الدولتين.
ويتبنّى القرار دعم فرض السيادة على الضفة الغربية المحتلة، بادعاء حماية أمن إسرائيل، وقد حاز تأييد جميع أحزاب «الصهيونية الدينية» مثل «الليكود» و«شاس» و«إسرائيل بيتنا»، الذين دعموا القرار بقوة.
ويُعد مشروع القرار كاشفًا عن الموقف السياسي، وهو غير مُلزم للحكومة الإسرائيلية بتنفيذه بشكل فوري، لكنه يطالبها بالعمل على تنفيذه في التوقيت الذي تراه مناسبًا.
وأكدت ذلك الناشطة الاستيطانية الإسرائيلية «دانييلا فايس» لوسائل إعلام غربية، قائلة: «لديّ قائمة بأكثر من ألف عائلة إسرائيلية سجلت أسماءها للعيش على أرض غزة بعد طرد سكانها الفلسطينيين منها. خطتي هي أن أجعل غزة جنة تشبه سنغافورة».
وقد واكب إعلان الإدارة الأمريكية عن تعثّر مفاوضات الهدنة تصويت الكنيست الإسرائيلي على ضرورة ضم الضفة الغربية إلى الأراضي العربية المحتلة من جانب الاحتلال الإسرائيلي.
رغم حملات التحريض والشائعات.. مصر تواصل دورها المحوري في دعم غزة وكسر الحصارفي ظل ما تتعرض له الدولة المصرية من حملة ممنهجة تستهدف تشويه دورها الإنساني والقومي في دعم الشعب الفلسطيني، تواصل القاهرة القيام بواجباتها التاريخية تجاه الأشقاء في قطاع غزة، متجاوزة بذلك حملات التشكيك المغرضة التي يروج لها البعض، ممن تتنوع ارتباطاتهم بين الجهل الممنهج والعمالة المأجورة، في محاولة لتحريف الحقائق وتزييف الوقائع.
ورغم الادعاءات الزائفة التي تروج لإغلاق مصر لمعبر رفح ومنع دخول المساعدات، فإن الوقائع الميدانية تكشف عن نقيض ذلك تمامًا، إذ نجحت الدولة المصرية، خلال الأيام الماضية، في إدخال مئات الشاحنات المحمّلة بالمساعدات الغذائية والطبية إلى داخل قطاع غزة، كما تمكنت، من خلال مجهودات استثنائية، من إدخال كميات كبيرة من المواد الإغاثية عبر معبري زكيم وكرم أبو سالم، متجاوزة بذلك القيود التي يفرضها الاحتلال ومؤمنة ما يمكن تأمينه من احتياجات عاجلة للسكان المحاصرين.
وتتزامن هذه الجهود مع نشاط محموم تقوده عناصر تابعة لتنظيم الإخوان، مدعومة بأذرع إلكترونية مرتبطة بوحدة 8200 التابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، عبر حملات ممنهجة هدفها إشاعة البلبلة وتشتيت الانتباه عن الفاعل الحقيقي في جريمة الحصار، وهو الاحتلال الإسرائيلي، الذي يواصل منذ قرابة اثنين وعشرين شهرًا ارتكاب جرائم القصف والتدمير والقتل الممنهج بحق المدنيين في القطاع.
في موازاة ذلك، تواصل مصر تحركاتها السياسية والدبلوماسية من أجل الحفاظ على زخم مفاوضات الهدنة، من خلال طرح مقترحات وأفكار جديدة تحول دون انهيار المسار التفاوضي، الذي يسعى الاحتلال لإفشاله عمداً، بهدف إطالة أمد الحرب وتحقيق أهدافه من خلال القوة الغاشمة، على حساب أرواح الأبرياء ومعاناة المحاصرين.
وبذلك، تكرّس مصر التزامها الكامل بمسئولياتها التاريخية، وتؤكد أن دورها القومي في دعم القضية الفلسطينية لا تحكمه اعتبارات دعائية، أو مزايدات ظرفية، بل ينهض على ثوابت سياسية وإنسانية راسخة، تنطلق من وعي عميق بطبيعة الصراع، وإيمان راسخ بضرورة حماية أمن واستقرار المنطقة بأسرها.
اقرأ أيضاًوزير الخارجية: مؤتمر "حل الدولتين" يأتى فى مرحلة مفصلية من الحرب الإسرائيلية على غزة
ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 59 ألفا و921 والإصابات إلى 145 ألفا و233 منذ بدء العدوان