صحيفة التغيير السودانية:
2025-05-28@17:06:51 GMT

القابلية للارتزاق والابتزاز

تاريخ النشر: 24th, April 2025 GMT

القابلية للارتزاق والابتزاز

القابلية للارتزاق والابتزاز

خالد فضل

يكثر إطلاق صفات التخوين والعمالة والارتزاق وسط السودانيين بصورة مَرَضِيّة، وبصورة كثيفة خلال هذه الحرب اللعينة، بما يجعل من الممكن وصف المجتمع السوداني في غالبيته مجتمع شبهات.

ولما كانت شؤون الحكم والإدارة العامة والسياسة والاقتصاد قد ظلت دولة بين بنادق العسكريين خلال 57 سنة من أصل 69 سنة على الاستقلال، يصبح من الضروري لأي نظر موضوعي لتلك الظاهرة أن يفترض وجود علاقة مباشرة بين المسار العسكري في التسلط والحكم وظاهرة نمو وتطور مجتمع الشبهات، وما إذا كان دوران هذه الصفات بكثافة ناجم عن حالة إسقاط، والإسقاط كما هو معلوم في علم النفس واحد من آليات الدفاع الذاتي  التلقائية، ولا تعتبر تلك الآليات ظاهرة خلل نفسي إلا في حالة الإكثار منها واستخدامها المستمر كسمة ملازمة لسلوك الأفراد والمجتمعات.

المتابع في أثناء هذه الحرب المدمرة لكثير من الكتابات والحوارات والتعليقات التي ترد على أي مقال رأي أو خبر منشور على لسان أحد رموز القوى المدنية الديمقراطية تحديداً، عدم ورود أي تعليق أو نقد أو تصويب لمعلومة حول المنشور بل يتجه كثير من المعلقين مباشرة إلى إطلاق العبوات الناسفة المعبأة سلفاً، بصفات التخوين العمالة والارتزاق، حتى لو كان المنشور قصيدة مما تجود به أحياناً قريحة الأستاذ ياسر عرمان..

هل تاريخ حكم العسكرية السودانية تعتوره سلوكيات الخيانة، العمالة والارتزاق، هل هناك شواهد على فرضية كهذه؟ ولذلك تتم حالة الإسقاط كآلية دفاع ذاتي تلقائية وتحولها بالتالي إلى خلل نفسي بكثرة الاستخدام؟.

في الواقع هذا الأمر يحتاج إلى بحث علمي في مجال علم النفس السياسي والعسكري والاجتماعي، فليت بعض الباحثين الشباب من ذوي الدربة والتأهيل يفترعون دراسات موثوقة في هذا الحقل حتى تدخل ضمن خطوات إعادة تأسيس وطن جديد معافى.

في الأمثال الشعبية السائدة- على الأقل في وسط السودان- قول (الفيك بدربو وود الناس احقربو) يمكن ترجمته (بادر بطرح حالتك وإسقاطها على الآخر، ثمّ احتقره بها) ومنها القول (أب سنينة إضحك على أب سنينتين) وقديما قال شاعر عربي: لسانك لا تذكر به عورة امرئ.. فكلك عورات وللناس ألسن..

تطرأ على الخاطر بعض الوقائع التي حدثت في تاريخ الحكم العسكري في السودان، تحمل في تقديري شكوكاً معقولة حول مسألة القابلية للخيانة والعمالة والابتزاز.. منها على سبيل المثال وليس الحصر، إغراق منطقة النوبة التاريخية في وادي حلفا، ترحيل اليهود الإثيوبيين (الفلاشا) إلى إسرائيل، الرضوخ لاقتطاع أجزاء من أرض السودان، الرضوخ لابتزاز وكالة الاستخبارات الأمريكية وطرد وتسليم بعض قادة الحركات الجهادية الإسلامية الذين استجاروا بإخوتهم في التنظيم، العمل على فصل الجنوب، تكوين المليشيات والتخلي عن مسؤولية احتكار السلاح الرسمي، قتل المتظاهرين السلميين وفض اعتصامهم السلمي، إرسال بعض الوحدات العسكرية النظامية للعمل كمرتزقة في حرب خارجية. تجنيد بعض أفراد المليشيات السودانية المسلحة كمرتزقة في حروب إقليمية، تهريب بعض الموارد الثمينة والإتجار بها في أسواق بعض الدول التي يكثر الضجيج حول عمالة بعض السودانيين لها. إشاعة وابل من الإفادات المتناقضة حول طبيعة ومجريات الحرب الراهنة، القيام بالانقلابات العسكرية والإطاحة بالحكومات المدنية المنتخبة أو الانتقالية، إشعال الحرب الراهنة التي تنحصر مسؤوليتها في ثلاث مكونات عسكرية هي القوات المسلحة والدعم السريع وكتائب الحركة الإسلامية، فالمدنيون الديمقراطيون براء من اقتناء سلاح أو تكوين مليشيات مسلحة، اللهم إلا أنْ تكون البراءة من الجرم دليل إتهام كما في حالة الإسقاط، هذه بعض الوقائع تحتاج كما أسلفت إلى بحث وتقصٍّ علمي موثوق ليعلم السودانيون من الأجيال الحاضرة في أي واقع يعيشون وتتعلم الأجيال القادمة أي بلد يرومون.. وأي نمط في الحكم يستحقون والأهم من ذلك أي مجتمع إنساني ينشدون.. مجتمع الشبهات والخيانة والعمالة والارتزاق والدغمسة والغتغيت أم مجتمع الشفافية والمحاسبة والرقابة والتقدم صوب العيش في العصر الحديث.. عندها يصح إطلاق الصفات على الآخرين بسند قوي مشهود..

الوسومالابتزاز الارتزاق الاستقلال الحركة الإسلامية السودان العمالة المليشيات حكم العسكر خالد فضل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الابتزاز الارتزاق الاستقلال الحركة الإسلامية السودان العمالة المليشيات حكم العسكر خالد فضل

إقرأ أيضاً:

الكوليرا تحصد أرواح أكثر من 170 شخصاً في السودان خلال أسبوع

رام الله - دنيا الوطن
أفادت وزارة الصحة السودانية، اليوم الثلاثاء، بازدياد كبير في الإصابات بالكوليرا وتسجيل 2700 حالة، و172 وفاة خلال أسبوع.

وقالت الوزارة في بيان، إن 90% من الإصابات سجلت في ولاية الخرطوم، حيث تعطلت إمدادات الطاقة والمياه بشدة في الأسابيع الأخيرة جراء ضربات بالمسيرات نسبت إلى قوات الدعم السريع التي تخوض حربا ضد الجيش منذ أبريل 2023.

وقبل أيام، حذرت منظمة أطباء بلا حدود من الانتشار المتسارع لمرض الكوليرا في العاصمة الخرطوم، حيث بلغت عدد الإصابات خلال الأسابيع الثلاثة الماضية 2500 حالة، بينما أودت بحياة 51 شخصا.

وقالت أنها رصدت نحو 500 حالة يشتبه بإصابتها بالكوليرا في مناطق مختلفة من الخرطوم خلال يوم واحد، مشيرة إلى أن مركزين رئيسيين لعلاج الكوليرا في أم درمان، استقبَلا أكثر من 570 مريضا في الفترة من 17 إلى 21 أيار/ مايو الجاري. فيما سجلت وزارة الصحة نحو 2000 حالة يُشتبه في إصابتها بالكوليرا في الأسابيع الثلاثة المنتهية في 20 مايو الجاري.

ودعت المنظمة الجهات المانحة والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية إلى دعم عاجل لجهود تعزيز المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في الخرطوم للحد من تفشي المرض.

مقالات مشابهة

  • دمار كبير في القطاع الصناعي سببه الحرب في السودان
  • اليونيسيف : تسجيل أكثر من 7700 حالة إصابة الكوليرا في السودان
  • نقابة أطباء السودان تستبعد القضاء على الكوليرا في ظل استمرار الحرب .. حمدوك يخاطب العالم… و«أطباء بلا حدود» تحذِّر من ازدياد الإصابات
  • تفاقم أزمة الكوليرا في السودان وسط انهيار الخدمات وتداعيات الحرب
  • السودان.. 172 حالة وفاة ومئات الإصابات بالكوليرا والغالبية في الخرطوم
  • السودان: أكثر من 170 وفاة بالكوليرا خلال أسبوع
  • عرمان: نطالب بإعلان حالة الطوارئ و الكوارث الصحية بصورة عاجلة في السودان
  • الكوليرا تحصد أرواح أكثر من 170 شخصاً في السودان خلال أسبوع
  • مطالبات عاجلة بإعلان الطوارئ إثر تفشي الكوليرا في السودان
  • تآكل مجتمع الصهيونية “اللقيط” من الداخل.. أرقامٌ ومؤشرات