لجريدة عمان:
2025-07-06@03:06:47 GMT

افتتاحية - معارض الكتب.. أعراس الوعي الإنساني

تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT

افتتاحية - معارض الكتب.. أعراس الوعي الإنساني

لا تقاس الأمم، فقط، بعدد مصانعها أو بحجم أسواقها، ولكن وقبل كل شيء، تقاس بمفكريها وعلمائها ومبدعيها، وباحتفائها بالكلمة والإبداع وبالفنون. ومن هذا المعنى تأخذ معارض الكتب قيمتها ومكانتها لأنها تتجاوز كونها مهرجانات أو أسواقا لبيع الكتب إلى منصات لبناء الوعي وساحات للاحتفاء بالمبدعين عبر ما أبدعوه في كتبهم ومجلداتهم وما أبدعه السلف من معارف وعلوم ساهمت في بناء مسيرة الإنسانية.

وإذا كانت معارض الكتب عبر تاريخها الطويل تملك هذه القيمة وهذه الأهمية فإن أهميتها في الوقت الحالي تتضاعف كثيرا وبذلك يكون الاهتمام بها انتصارا إنسانيا على عوامل التسطيح والتبسيط الذي يعيشه العالم في لحظة ملتبسة من تاريخه، وتأكيد أن البناء الحضاري مستمر لا يمكن أن يتوقف وأن الإنسان ما زال يملك أدوات صوغ تفاصيل مستقبله إن كان يمتلك الإرادة لذلك.

والحالة التي تشكلها معارض الكتب في أي مكان في العالم هي النموذج الذي من شأنه أن يساهم في إنتاج الحوار الحضاري والحوار الثقافي داخل الثقافة الواحدة أو بين مختلف الثقافات الإنسانية، وهي، أي الحالة التي تخلقها معارض الكتب، القادرة على بناء جسور غير مرئية تصل الشعوب ببعضها البعض أكثر مما تستطيعه المعاهدات السياسية والبروتوكولات الدبلوماسية... إنها تفتح أبوابا لفهم جديد لهذا العالم.

ولعل ما يجعل معارض الكتب حدثا فارقا في زمن تتآكل فيه الروح الجماعية هو أنها تتيح لحظة نادرة من التلاقي الحي، وجها لوجه، بين الكاتب والقارئ، بين الفكرة وحساسيات البشر المختلفة. وفي هذه اللحظة لا تكون القراءة فعل استهلاك فردي فقط، إنها تتحول إلى طقس جماعي، واحتفاء بالمعرفة بوصفها قيمة مشتركة وليست سلعة عابرة.

لكن ثمة معنى آخر جدير بمعرفته يمكن أن يعطي معارض الكتب قيمة وجدانية، يكمن هذا المعنى في أن معارض الكتب يمكن أن تكون محطة مقاومة ضد ثقافة الشاشة السريعة وضد ثقافة العزلة التي أوجدتها الشاشة الفردية عكس شاشة التلفزيون التي كانت تحتفي بالجماعة وبالأسرة.. لذلك تبدو لحظة التقليب البطيء لصفحات كتاب في جناح من أجنحة المعرض، أو مناقشة فكرة مستعصية مع ناشر أو مؤلف، هي فعل استعادة للزمن البشري الأصيل؛ ذاك الزمن الذي ينضج فيه الوعي بعيدا عن إملاءات السرعة والسطحية.

معارض الكتب، إذن، ليست مجرد تظاهرات ثقافية عابرة. إنها مواسم تزهر فيها أسئلة الإنسان الكبرى: من نحن؟ وإلى أين نمضي؟ وفي مسقط، كما في فرانكفورت أو باريس أو الشارقة، ترفع هذه المعارض راية الوعي عالية، وتذكرنا بأن الحرف كان ولا يزال بذرة التحولات الكبرى.

وفي حضرة الكتاب، تبدأ كل بدايات النهضة، وتمتد جذور الحضارة نحو ضوء لا ينطفئ أبدا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: معارض الکتب

إقرأ أيضاً:

"قطر الخيرية" وأوتشا تنظمان لقاء استراتيجيا لتعزيز التنسيق الإنساني والإنمائي في سوريا

نظّمت "قطر الخيرية"، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، اليوم، "الطاولة المستديرة التشاورية الاستراتيجية لتعزيز التنسيق الإنساني والإنمائي في سوريا"، وذلك بمقر "قطر الخيرية" في الدوحة، بمشاركة ممثلين عن منظمات أممية ودولية ومحلية معنية بالشأن الإنساني السوري.

ويهدف اللقاء، الذي حضره ممثلون عن وكالات الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية الدولية، ومنظمات المجتمع المدني السورية، إلى تعزيز التنسيق بين الفاعلين الإنسانيين، وتبادل الرؤى حول التحديات والفرص الراهنة، وبناء شراكات استراتيجية لتحقيق استجابة متكاملة ومستدامة في سوريا.

وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، أكد السيد محمد علي الغامدي، مساعد الرئيس التنفيذي لقطاع الحوكمة والعلاقات الخارجية بقطر الخيرية، أهمية اللقاء في ظل التحولات التي يشهدها الملف السوري، بما فيها تخفيف بعض القيود، مشددا على ضرورة ترجمة هذه المرحلة إلى خطوات عملية تسهم في إعادة ترتيب الأولويات وتعزيز دور الفاعلين المحليين.

من جهته، أعرب السيد ميشيل سعد، نائب مدير إدارة العمليات والمناصرة بمكتب "أوتشا" في نيويورك، عن شكره لقطر الخيرية على تنظيم واستضافة اللقاء، مؤكدا على أهمية تمكين المنظمات غير الحكومية السورية والمجتمع المدني المحلي في بناء مسار إنساني وتنموي أكثر فعالية واستدامة.

كما ثمّن السيد نواف الحمادي، مساعد الرئيس التنفيذي لقطاع العمليات الدولية بقطر الخيرية، الشراكة القائمة مع "الأوتشا"، مشيرا إلى أن اللقاء يسهم في دعم جهود الاستقرار والتنمية في سوريا، عبر التشاور وتوحيد الرؤى بين مختلف الأطراف الفاعلة.

وتضمنت أعمال الطاولة المستديرة جلسات نقاشية تناولت التحديات الميدانية وآفاق التنسيق المشترك، وتمكين المنظمات المحلية، وتعزيز البرمجة المتكاملة بين العمل الإنساني والإنمائي، وبحث تداعيات التغيرات الأخيرة على العمل الإنساني داخل سوريا.

واختتم اللقاء، بالتأكيد على أهمية متابعة توصيات ومخرجات الطاولة التشاورية، وتعزيز الشراكات والتنسيق من أجل استجابة فعالة تلبي احتياجات السوريين وتدعم مسار الاستقرار والسلام.

مقالات مشابهة

  • التضاريس الوعرة والذخائر غير المنفجرة أبرز التحديات التي تواجهها فرق الدفاع المدني أثناء عملها لإخماد الحرائق في ريف اللاذقية
  • بنكيران وجوج وجوه…نهار كان رئيس حكومة كان مع المصحات الخاصة ونهار خرج من النافذة ولا معارض
  • "قطر الخيرية" وأوتشا تنظمان لقاء استراتيجيا لتعزيز التنسيق الإنساني والإنمائي في سوريا
  • الأونروا: إسرائيل فشلت في استبدال منظمتنا ومراكزنا هي العصب الإنساني في غزة
  • أغلى مكان للموت في العالم.. الضريبة التي دفعت الأثرياء للهروب السريع!
  • «الصحة العالمية»: الوضع الإنساني في غزة كارثي ويستدعي تحركاً عاجلاً
  • لحظة إنسانية مؤثرة في كأس العالم للأندية.. دموع كانسيلو ونيفيز حزنا على رحيل جوتا
  • أغنية ارجعلها من ألبوم ابتدينا.. علامات بتقولك لازم تسمع كلام الهضبة
  • “حماس” تجري مشاورات مع الفصائل الفلسطينية بشأن عرض الوسطاء إنهاء العدوان
  • في الإبداع وتلقيه والاستخلاص الإنساني