بخار الكبريت ومسجد على حافة البركان.. رحلة إلى تانجكوبان بيراهو الإندونيسية
تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT
تقع إندونيسيا، أكبر دولة جزرية في العالم، على ما يُعرف بـ"حزام النار" في المحيط الهادي، وهي المنطقة الأكثر نشاطا جيولوجيا على وجه الأرض، وتشتهر البلاد بكثرة الزلازل والانفجارات البركانية، إذ تحتضن نحو 130 بركانا نشطا بين جزرها المتناثرة.
بركان "القارب المقلوب"من بين هذه البراكين، يبرز بركان تانجكوبان بيراهو الواقع في جزيرة جاوة كأحد أشهر المعالم الجيولوجية والسياحية في البلاد، ويعني اسمه بالإندونيسية "القارب المقلوب"، وذلك بسبب شكله الذي يشبه قاربا ضخما مقلوبا على وجهه.
وترتبط بهذا الشكل المميز أسطورة شهيرة، تحكي قصة الشاب "سانجكوريانج"، الذي وقع في حب والدته "دايانج سومبي" دون أن يعلم قرابته بها، وبعد أن اكتشفت الحقيقة، اشترطت عليه مهمة مستحيلة: بناء قارب عملاق في ليلة واحدة للفوز بقلبها، وعندما فشل في مهمته، ركل القارب من شدة الغضب، فانقلب وتشكل منه البركان.
يقع "تانجكوبان بيراهو" على بعد حوالي 3 ساعات بالسيارة من العاصمة جاكرتا، وساعة واحدة فقط من مدينة باندونج، التي تشتهر بين السياح بمزارع الشاي والينابيع الساخنة.
إعلانيمكن للسياح الوصول إلى قمة البركان، الواقعة على ارتفاع يقارب 2000 متر فوق سطح البحر، حيث يمكنهم التمتع بإطلالات خلابة على فوهة "راتو"، التي تضم بحيرة ذات مياه زرقاء لامعة.
يمنح تصاعد الأبخرة الكبريتية الساخنة من شقوق الصخور المكان طابعا دراميا، في حين تضفي الحمم المتجمدة والرماد البركاني طابعا قاسيا يشبه سطح القمر. وعلى حافة الفوهة، يرتفع مسجد أزرق لامع يمنح المشهد لمسة روحانية غير متوقعة في قلب الطبيعة المتقلبة.
أنشطة متنوعة وفوهات أخرىيمكن استكشاف فوهة "راتو" عبر جولات بالسيارات أو الخيول أو حتى سيرا على الأقدام، شريطة أن يتم ذلك خلال ساعات النهار وحتى فترة ما بعد الظهر.
وبالإضافة إلى "راتو"، توجد نحو 12 فوهة أخرى أصغر حجما، ثلاث منها تحظى بشعبية سياحية، لكنها لا تُزار إلا عبر مسارات مشي أطول.
من بين هذه الفوهات، تُعد فوهة "دوماس"، الواقعة أسفل الجبل، وجهة مفضلة للزوار بفضل ينابيعها الساخنة التي يُعتقد أن لها فوائد علاجية.
ورغم مظهره الهادئ أحيانا، فإن البركان لا يزال نشطا، وكانت آخر مرة ثار فيها في عام 2013، حين أطلق عمودا من الرماد البركاني ارتفع نحو 500 متر في السماء، بعد 3 عقود من السكون.
ولم تُسجل حينها أي خسائر بشرية أو إصابات، لكن الحادثة ذكّرت الجميع بأن الطبيعة في هذه المنطقة لا تزال تحتفظ بقوتها.
يمثل بركان تانجكوبان بيراهو مثالا حيا على كيفية دمج الأسطورة بالتضاريس النادرة، وكيف يمكن لمكان واحد أن يجمع بين الجمال والخطر والتاريخ والأسطورة. وهو يشكل اليوم محطة لا غنى عنها لكل من يزور جزيرة جاوة ويبحث عن تجربة تتجاوز المشاهد المألوفة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
أزمة كهرباء خانقة تلوح في الأفق.. 6 دول عربية على حافة الانهيار
توشك أزمة طاقة كهربائية غير مسبوقة أن تضرب ست دول عربية مع اقتراب ذروة فصل الصيف لعام 2025، وسط موجات حر مرتقبة وارتفاع قياسي في الطلب على الكهرباء، بحسب تقرير صادر عن منصة “الطاقة”.
وتشير المعطيات إلى أن الكويت، العراق، سوريا، لبنان، السودان، واليمن ستتصدّر قائمة الدول الأكثر تضرراً، في ظل هشاشة البنية التحتية وتراجع إمدادات الوقود وغياب الاستثمارات في قطاع الطاقة.
الكويت: هامش أمان محدود وخطر تجاوز القدرة القصوى
رغم أن الكويت تُعد من أكثر دول الخليج استقراراً على مستوى الطاقة، إلا أن توقعات الصيف الحالي تكشف عن اقترابها من الخط الأحمر، إذ تبلغ القدرة الإنتاجية للكهرباء نحو 20.5 غيغاواط، بينما يُتوقع أن يصل الطلب إلى 19 غيغاواط في ذروة الحرارة، مما يجعل البلاد في مواجهة مباشرة مع احتمالية حدوث انقطاعات إذا ما طرأت أي أعطال فنية مفاجئة أو تصاعد في الأحمال.
العراق: عجز هائل يتجاوز 27 ألف ميغاواط وسط تراجع الغاز الإيراني
يعيش العراق أزمة كهرباء مزمنة تفاقمت خلال الأشهر الستة الأخيرة بعد تراجع حاد في إمدادات الغاز الإيراني، والذي تعتمد عليه بغداد لتشغيل عدد كبير من محطاتها، ومع ارتفاع الطلب إلى 55 ألف ميغاواط مقابل قدرة إنتاج لا تتجاوز 28 ألف ميغاواط، يُتوقع أن تواجه البلاد عجزاً يفوق 27 ألف ميغاواط خلال شهري تموز وآب، ما ينذر بانقطاعات طويلة قد تُشعل مجدداً احتجاجات شعبية.
سوريا: الإنتاج لا يغطي ربع الحاجة اليومية
تشير التقديرات إلى أن سوريا تنتج حالياً حوالي 2600 ميغاواط فقط، في حين يبلغ الطلب الفعلي في الصيف أكثر من 9 آلاف ميغاواط، مما يعني تغطية لا تتجاوز 28% من الحاجة اليومية، وتعاني البلاد من دمار شبه كامل في بنيتها التحتية منذ عام 2011، في وقت يعوّل فيه السوريون على مشروع الربط الكهربائي مع تركيا وإمدادات الغاز من أنقرة، والتي لن تدخل الخدمة قبل نهاية الصيف، مما يفاقم من معاناة السكان.
لبنان: شلل كهربائي بفعل نقص الوقود وتعثّر التمويل
في لبنان، تبدو الصورة قاتمة مع قدرة تشغيلية لا تتعدى 2000 ميغاواط مقابل طلب يصل إلى 5 آلاف ميغاواط يومياً، وتعاني البلاد من نقص مزمن في الوقود وتدهور مالي يعرقل أي خطط للإصلاح أو الاستثمار في قطاع الطاقة. ويعتمد اللبنانيون في الغالب على المولدات الخاصة، والتي لا توفر حلاً دائماً وسط ارتفاع أسعار المحروقات ومخاطر السلامة.
اليمن: 20 ساعة انقطاع يومي وأزمة إنسانية تلوح في الأفق
تعيش اليمن واحدة من أسوأ أزمات الكهرباء في المنطقة، حيث تصل ساعات الانقطاع في مناطق مثل عدن ولحج وأبين إلى أكثر من 20 ساعة يومياً، في وقت يتوقع فيه أن يتجاوز الطلب 800 ميغاواط خلال الصيف، ومع استمرار نقص الوقود وغياب الصيانة، تحذّر منظمات إنسانية من أن أزمة الطاقة قد تتحول إلى كارثة إنسانية تهدد المستشفيات ومراكز حفظ الأغذية والمياه.
السودان: بنية منهارة وطاقة كهرومائية تحت الضغط
أما في السودان، فإن الأزمة تأخذ طابعاً مزمناً، حيث تعاني البلاد من تدهور كبير في شبكات النقل والتوزيع، مع اعتماد كبير على الطاقة الكهرومائية التي تأثرت بموجات الجفاف وتراجع منسوب الأنهار، ويزيد من تعقيد الوضع غياب التمويل والاستثمارات، ما يجعل البلاد عرضة لانقطاعات متكررة دون حلول قريبة.
ما الحل؟
يرى خبراء الطاقة أن الحلول تكمن في الإسراع بتنويع مصادر الوقود، وتحسين الكفاءة التشغيلية للمحطات، وتوسيع شبكات الربط الكهربائي الإقليمي، خاصة في ظل وجود مشروعات غير مكتملة بين بعض الدول العربية، كما يتطلب الأمر تحديث شبكات النقل والتوزيع وتعزيز الشفافية في إدارة ملف الطاقة.
تحذيرات ومخاوف
ومع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية هذا العام، يحذر مراقبون من أن أزمة الكهرباء قد لا تكون أزمة خدمات فقط، بل تهدد الاستقرار الاجتماعي والمعيشي، خاصة في الدول التي تعاني من أزمات سياسية واقتصادية متزامنة. وتدعو الأصوات المختصة إلى إعلان حالة طوارئ طاقية واستنفار حكومي شامل في البلدان المهددة.