سودانايل:
2025-06-01@12:02:37 GMT

الخرطوم إذ تنهض من رمادها

تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT

حال الخرطوم ليس أسوأ من لندن عندما سكتت أسراب القصف النازية.كما أنها ليست أكثر تهشّيما من ستالينغراد بعدما انطفأت أشرس معركة في التاريخ ضراوةً.أو أعمق جراحاً من برلين لمّا جفّت واحدةٌ من أشد المعارك دمويةً. كما أنها ليست أكثر خرابا من بيروت بعدما انقشعت حروب الفرقاء الأعداء والحمم الهمجية الاسرائيلية .

فالخرطوم رغم دمار الحرب الرعناء قادرةٌ كذلك على كنس الأنقاض ،تضميد الجراحات والنهوض في عملية إعادة إعمار تخلّق معجزة سودانية ربما على النمط الألماني أو الياباني.لكن تلك مهمة تستلزم توفر نهج فلسفي يوفّق بين الفهم الوطني الايكولوجي على جبهات الاقتصاد، السياسة والاجتماع والحداثة. كما تتطلب كوادر بفيض من الوعي والانتماء الوطني ، مسلحة بعتاد من الارادة الصلبة و التفاني في العمل العام من أجل الصالح العام .
*****
انتشار الجيش وانكسار الجنجويد لم يخرجا الوطن من حالة الحرب . بؤر النار لا تزال تتأجج في جنبات البلد . الاقتتال دخل مرحلة الكر والفر والجبهات المتنقلة. الأسلحة تجاوزت فوهات البنادق والمدافع الارضية إلى الأقمار الصناعية .افواج العائدين إلى دورهم لم تثبت اليقين بالسلام لديهم أو لغير العائدين . بنى الخدمات الأساسية -بما في ذلك الأمن -تتطلب استنفارا وطنيا بغية استرداد فعاليتها. ليست الميليشيا وحدها تعايش اشكالا من الفوضى . بل الوضع العام بأسره بات أسيرا لسيولة من الفوضى .الانتقال إلى تثبيت السلم يتطلب ذهنية تخترق مرحلتي الحرب والفوضى معاً . الواقع لا يزال يدحض فرص الرهان على تحقيق نصر وشيك. التوغل في الفوضى الراهنة يرفع حجم الخسارات على كل الجبهات ويطاول معاناة الشعب ويعطل حركة الاقتصاد.
*****
أقصر الطرق لاحتواء سيولة الفوضى يمر عبر أقنية الحوار . فالتفاوض ضرب من إدارة العراك .كل جبهات الاقتتال الساخنة على اتساع الأرض تتزامن مع معارك على طاولات الحوار . مثلما هناك أعداء على خطوط المواجهة هناك خصوم وحلفاء وراء خطوط النار .لذلك ابتدع الخبراء مابات يعرف في أدبيات السياسة بالحوار غير المباشر . الغاية منه تجاوز دور الوسيط التقليدي .معركة توريت الأكثر شراسة احتدمت بينما كان التفاوض بين الانقاذ والحركة الشعبية قطع شوطا بعيدا . معارك التفاوض الجارية حاليا على الجبهات الساخنة في العالم تدار باسلحة المصالح وفق موازين القوى . هنا يأتي دور الكوادر الوطنية المؤهلة لخوض المعركة مع القوى المؤثرة في ظل رصيدنا الوافر في عملية اعادة البناء وشهوات الاخرين النهمة على الاستثمار. .
*****
الخرطوم لا تحتاج إلى ترميم أو إعادة بناء بقدر ما تتطلب إعادة تخطيط حتى تصبح إحدى مدن المستقبل.تلك عملية ترتكز في البدء على استثمار الامكانات الهائلة المتاحة للمدينة .ثمة عوائق تبرز حتماً على درب الانجاز . لكن في وسع القدرات الوطنية تجاوز ها دونما عناء . مثلما تتطلب المهمة وفرة في الأرصدة المالية فإنها تستدعي أخيلة للاستعانة على الابداع والاستنفار . لدى الشعب ذرية طيبة من المبدعين المصقولين بالتجارب الثريّة في التخطيط،الهندسة ، المعمار ، السياحة ، التنشئة الحضرية ، التمويل والتسويق. لديه كذلك مستودع زاخر من الشباب يموج بالحماس ،التجرد والاستعداد للبذل والعطاء من أجل الخير والتقدم.فهم ظلوا يرددون (حنبنيهو …البنحلم بيهو يوماتي… وطن شامخ….وطن خير ديمقراطي) . هذا حلم لا ينحصر تحقيقه على اعادة اعمار الخرطوم فقط.بل يتسع بالضرورة لجهة تحويل التنمية من اقتصاد زراعي ريعي إلى اقتصاد صناعي حداثي.
*****
الخرطوم فقدت ألقاً حتى قبل الحرب تتوهمه أجيال شابة ضربا من الهذيان في حكاوي الكبار عن سحرها العتيق في زمنها الجميل .الموات أصاب المقاهي و الظلام الواجهات المضيئة و الغبرة الارصفة الأنيقة. المدينة المزدهرة باطراد نهشها الذبول في كنف ظلمة الانقاذ.حتى البنايات المستحدثة في عهده كسا تطاولها في الافق الشغب وفق توصيف استاذنا الراحل منصور خالد. لعلها فرصة إجبارية كي تلاحق الخرطوم إيقاع العصر عاصمةً يسترد وسطها حراك النهار الدؤوب وليلها نبض الأنس ، الفن ،الثقافة والسهر . لاينبغي للفاجعة المطبقة على مشهد العاصمة الخراب ملامسة قدرتنا على النهوض العجول واسترداد دورة الحياة فيها على نحو أفضل حيوية و أكثر ثقة وطمأنينة ترمّز وحدة النسيج السوداني في أحيائها السكنية وأسواقها.
*****
مشروع الإعمار يتجاوز حتما عمليات الترميم و إعادة البناء إلى استثمار إمكانات المدينة المتاحة و تفجير طاقاتها المحتملة على افضل الممكن.علاقة النيلين بالمكنون الحضري تستوجب تكريس الحصيلة المعرفية حداثيا.فالمدينة المتثائبة بين النهرين تراوح بين مكابدة الظمأ والغرق في الوحل ، فلا هي ريانة ولاهي نظيفة والماء حولها ينساب . أفضل ما في هذه العلاقة السخية العطاء بين النهر والبر ينحصر حالياً في بضعة جسور عابرة عاطلة من أبجديات التشكيل المعماري المعاصر ومسافة ضيقة مجتزأة على ضفة واحدة توحي بانطباع المحطات الخلوية. التحلّق حول بائعات الشاي مظهر معاكس للمساهمة في إثراء حياة العواصم وشبابها. ماتبقى من الضفاف لا يزال على فطرته الريفية البكر. لهذا ينبغي لعلاقة المدينة بالنهر أن تشغل حيزا حيوياً على طاولات التحديث.ربما تفيد تجربة (سولدير بيروت)في اعمار وسط العاصمة اللبنانية في استنباط آلية مشابهة.هناك مروحة واسعة من منظمات المجتمع المدني ينبغي مساهمتها كاتحاد المهندسين برؤى تساهم في الابداع والاقناع في التخطيط والتنفيذ.
*****

نقلا عن العربي الجديد

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

هل هناك طريقة لكشف عسل النحل المغشوش؟.. رئيسة بحوث النحل تُجيب

كتب- عمرو صالح:

كشفت الدكتورة أسماء أنور رئيس قسم بحوث النحل التابع لمعهد وقاية النباتات بوزارة الزراعة، حقيقة وجود طرق تقليدية لكشف عسل النحل المغشوش لتجنب تناوله واستخدامه في صناعة الحلويات خاصة بعد أن تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تتناول طرق الكشف عن سلامة عسل النحل دون اللجوء لأساليب علمية.

وقالت "أنور"، في تصريحات خاصة لمصراوي، إن الطريقة الصحيحة لفحص عسل النحل والتأكد من سلامته وعدم خلطه بسكر جلوكوز أو مواد أخرى هي فحصه بمعمل جودة عسل النحل واختبارات العسل التابع لمعهد وقاية النباتات الذي يقوم بالكشف عن جميع الأعسال المصرية نافية وجود أي طريقة تقليدية لفحص العسل وكشف ما إن كان مغشوش أو سليم.

وأشارت إلى أن المستهلك المداوم على شراء وتناول العسل يمكن كشف المغشوش منه بسهولة، موضحة أنه يملك القدرة على الشم والتذوق وفحص لونه والتأكد من سلامته الصحية.

وأوضحت أنور، أن العسل الطبيعي هو نتاج مباشر للنحل بعد جمع رحيق الأزهار وتحويلها إلى مادة غنية بالسكريات الطبيعية والإنزيمات ومضادات الأكسدة أما العسل المغشوش، فيتم خلطه أو تصنيعه بإضافة كميات من السكر أو الجلوكوز التجاري أو النشا، ما يفقده قيمته الغذائية ويؤثر سلبًا على الصحة.

اقرأ أيضًا:

رياح وأمطار وحرارة بهذه المناطق.. توقعات طقس الـ6 أيام المقبلة

الحج 2025.. نصائح للوقاية من الإجهاد الحراري يوم عرفة

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

أسماء أنور عسل النحل المغشوش عسل النحل

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة باحثة بـ"البحوث الزراعية": الغالبية العظمى من عسل النحل المصري ممتاز رغم أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

هل هناك طريقة لكشف عسل النحل المغشوش؟.. رئيسة بحوث النحل تُجيب

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

إسرائيل توافق وحماس تدرس.. التفاصيل الكاملة لمقترح ويتكوف بشأن غزة للإعلان كامل للإعلان كامل 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • الأبلق: هناك عقبات تواجه تشكيل حكومة جديدة
  • هل يُعلن الذكاء الاصطناعي نهاية الفأرة ولوحة المفاتيح؟
  • قواعد جديدة للجيش السوري.. هل تُنقذ المؤسسة العسكرية من الفوضى أم تبقى بيانات بلا فعل؟
  • درميش: استدامة قطاع الطيران في ليبيا تتطلب بيئة سياسية مستقرة
  • هل هناك طريقة لكشف عسل النحل المغشوش؟.. رئيسة بحوث النحل تُجيب
  • خبير عسكري: الاحتلال يستخدم مستعربين لنهب المساعدات وخلق الفوضى بغزة
  • خدعة نتنياهو الجديدة ومقترح ويتكوف
  • المخيزيم: مواجهة تحديات المياه تتطلب إرادة وحلولاً مبتكرة
  • طرابلس | النائب العام يناقش ملف الفوضى الأمنية ويوجه بتحريك الدعاوى
  • عميد قصر العيني: الصناعة لن تنهض إلا من خلال العلماء