مسقط- الرؤية

أكدت دراسة علمية حديثة أن أشجار اللُبان العُمانية- التي تشتهر بإنتاجها المادة الصمغية العطرية المعروفة باللُبان والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالموروث التاريخي والثقافي للسلطنة- لا تشهد تدهورًا في المناطق الجنوبية من سلطنة عُمان، رغم تعرضها للتحديات البيئية والتهديدات الناجمة عن الأنشطة البشرية.

وتأتي هذه النتائج المشجعة من أول تقييم شامل لصون أشجار اللُبان العُمانية (Boswellia sacra) في بيئاتها الجبلية الأصلية في محافظة ظفار، إذ قامت جمعية البيئة العُمانية بتنفيذ هذه المبادرة البحثية، بالتعاون مع هيئة البيئة، وجامعة فاجينينجن، وشركة فيرسورس للنباتات، وجامعة مندل في برنو، وقد تلقّى المشروع دعمًا تمويليًا مبدئيًا من وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية في سلطنة عُمان.

وأظهرت دراسة أجريت في عام 2022 تحليلًا لأشجار اللُبان العُمانية، من حيث أعدادها، والضغوط البيئية التي تواجهها، وأنماط تجددها الطبيعية ضمن نطاق توزيعها المعروف في محافظة ظفار. وأفادت ورقة علمية نُشرت في وقت لاحق من هذا العام أنه رغم أن الأشجار تظهر تنوعًا في توزيعها ومعدلات التجدد، إلا أنه لا يوجد أي دليل على حدوث تراجع كبير في أعدادها.

وتشكل هذه النتائج تقدمًا مهمًا في سبيل حماية أشجار اللُبان، حيث إنها ليست مجرد رمز ثقافي وروحي لتجارة اللُبان التقليدية في عُمان، بل تمتد لكونها جزءً حيويًا من صناعات محلية مزدهرة ترتكز على اللُبان ومنتجاته.

ومن بين حوالي 24 نوعًا في جنس البوسويليا على الصعيد العالمي، تُعتبر البوسويليا ساكرا شجرة موسمية ذات حجم معتدل، ويعد موطنها الأصلي جنوب شبه الجزيرة العربية (سلطنة عُمان واليمن) والصومال، ويوجد هذا النوع في مختلف مناطق محافظة ظفار في سلطنة عُمان؛ حيث ينمو من مستوى سطح البحر وصولًا إلى ارتفاعات تصل إلى 1774 مترًا في السلاسل الجبلية.

ومع ذلك، فإن أشجار اللُبان ليست بمنأى عن التهديدات؛ حيث يُعد الرعي الجائر، لا سيما من قبل الإبل، من أخطر العوامل التي تهدد بقاءها، وتتمثل التحديات الأخرى في تفشي الحشرات، وهجمات الآفات، وطرق جمع اللُبان غير المستدامة، وأنشطة الكسارات والمحاجر القريبة، إضافة إلى الظواهر المناخية المتقلبة والمتزايدة، وتعد جميعها عوامل قد تؤثر سلبًا على حيوية الأشجار وقدرتها على التجدد.

ورغم أن الدراسة تبدد مخاوف حدوث انهيار وشيك في أعداد أشجار اللُبان، إلا أن الباحثين يحذرون من التهاون في ذلك، فالتحديات التي تواجه أشجار اللُبان في عُمان معقدة، وتختلف باختلاف المواقع والفصول، وتتأثر بعوامل بيئية واجتماعية وسياسية متعددة، ولذلك تؤكد الدراسة العلمية أنه لابد لخُطط الصون الفعّالة أن تراعي السياق الاجتماعي والبيئي بشكل شامل.

وأشاد الدكتور المكرُم عامر المطاعني رئيس جمعية البيئة العُمانية، بالنجاح الذي حققته هذه الدراسة باعتباره خطوة محورية نحو تعزيز جهود الحفاظ على هذا الموروث الطبيعي، مضيفا: "يُجسد دور جمعية البيئة العُمانية في قيادة هذه الدراسة الرائدة التزامها الراسخ لصون إرث اللُبان العُماني، نظرًا إلى القيمة الثقافية والبيئية الثمينة المرتبطة به".

من جانبه، قال الباحث المشارك في الدراسة علي بن سالم بيت سعيد مدير مكتب حفظ البيئة بالمديرية العامة للبيئة بمحافظة ظفار: "أتاحت هذه الدراسة فرصة استثنائية للتعاون بين مؤسسات محلية ودولية، بهدف تقديم معلومات علمية دقيقة حول حالة أشجار اللُبان في عُمان، وقد ساعدت الدراسة في تصحيح بعض المفاهيم الشائعة بشأن تراجع هذه الأشجار"، مشيرًا إلى أن القلق العالمي بشأن الحفاظ على اللُبان يجب أن يراعي الاختلافات بين أنواعه، وكذلك بين الدول التي ينمو فيها والتدابير التي تتخذها كل دولة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«الغطاء النباتي» ينهي دراسة للوقاية من حرائق الغابات في المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية

أنهى المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر دراسة بعنوان "سبل الوقاية من حرائق الغابات ومعالجة آثارها في المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية من المملكة"، بالتعاون مع جامعة الملك خالد وجامعة موناش الأسترالية، ضمن جهوده لتعزيز حماية الغابات، والحد من أخطار الحرائق تحقيقًا لأهداف الاستدامة البيئية.

وشملت الدراسة تقييمًا شاملًا لأوضاع الغابات والمخاطر المحيطة بها، وإنشاء قاعدة بيانات رقمية، ودراسة تفصيلية للإجراءات الوقائية والسلوكيات المجتمعية، إضافة إلى وضع خطة تحرك متكاملة تشمل الجهات ذات العلاقة مع تحديد مهام كل جهة، باستخدام تقنيات حديثة مثل: الإنذار المبكر، والطائرات بدون طيار، كما قدّم تصاميم ميدانية، وبدائل مستدامة لإنشاء ممرات إستراتيجية، وتطوير دليل لإعادة تأهيل الغابات بعد الحريق، إلى جانب تصميم أداة لتقييم الأداء، وإنشاء هيكل تنظيمي لغرفة عمليات مشتركة، وتفعيل دور المجتمع والفرق التطوعية في الوقاية والمكافحة.

وأولت الدراسة أهمية خاصة لإشراك المجتمع، من خلال تطوير آلية شاملة تتيح للفرق التطوعية المجتمعية في مناطق الغابات الإسهام الفاعل في جهود الوقاية والمكافحة، عبر التدريب والتأهيل والتكامل مع عمل الجهات الرسمية.

وتُمثِّل هذه الدراسة أحد النماذج المتميزة للتكامل المؤسسي والتقني والمجتمعي في مجال تنمية الغابات وحمايتها، وتؤكد التزام المملكة بالحفاظ على مواردها الطبيعية، ومواجهة تحديات التغير المناخي، بما يعكس رؤية إستراتيجية تسعى لتحقيق التوازن بين التنمية وحماية النظم البيئية.

يذكر أن المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر يعمل على تعزيز وجود غطاء نباتي مستدام في الغابات، إذ تبنَّى مبادرة لزراعة 60 مليون شجرة، بما يعادل تأهيل 300 ألف هكتار حتى عام 2030، إضافةً إلى عمله بنظام اللائحة التنفيذية لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، عبر المادة السادسة الخاصة بضوابط الغابات؛ التي تهدف إلى إعداد وتنفيذ خطة وطنية للإدارة المستدامة للغابات، والعمل على حمايتها، والمحافظة عليها وتطويرها، وتنظيم الرعي في أراضي الغابات.

أخبار السعوديةالغطاء النباتيأخر أخبار السعوديةحرائق الغاباتقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • دراسة هيكل «الحوت البالين» في مراقبة آثار بنغازي
  • مستقبل وطن يستقبل وفدا من السفارة الأمريكية لمناقشة سبل مواجهة التحديات الإقليمية
  • دراسة تحذّر من مخطط تهجير ممنهج بغزة وتدعو إلى اقتصاد مقاوم يتصدّى له
  • دراسة: خسارة الوزن في منتصف العمر تُقلل الأمراض وتُطيل العمر
  • دراسة جديدة: فيتامين "د" قد يساهم بـ"إبطاء" الشيخوخة
  • دراسة علمية تكشف المفتاح.. فقدان 30 بالمئة من الوزن في أسبوع واحد
  • «الغطاء النباتي» ينهي دراسة للوقاية من حرائق الغابات في المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية
  • دراسة: اللافقاريات باتت ملوثة بجزيئات البلاستيك
  • وزيرة المالية تؤكد أهمية التكامل بين الإصلاح المالي والسياسات البيئية
  • سوريا تؤكد إغلاق المقرات التي كان يشغلها انفصاليو البوليساريو