حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

 

يرى بعض الخبراء أن البنوك الإسلامية في المنطقة لم تحقق التنمية الاقتصادية المنشودة بالشكل المأمول في معظم الدول العربية والإسلامية، لكنها تساهم في بعض الجوانب التجارية المهمة، وما زال لديها إمكانيات كبيرة لم تُستغل بعد.

هذه الإجابة  تدفعنا للحديث عن هذا القطاع الذي يأمل الكثير منه بأن يحقق المزيد من التطورات الإيجابية في الاقتصادات القائمة، ويقدّم المزيد من الدعم للمجتمعات التجارية والصناعية في المنطقة، ويساعد في تعزيز التنمية المستدامة.

ويحث البعض ضرورة دخول هذه البنوك في دعم المشاريع الصناعية، بجانب المساهمة في إقامة المزيد من الصروح التجارية ودعم مشاريع الشباب ودفعهم في الصناعة بحيث لا يقل الاعتماد الكبير على استيراد المنتجات والسلع من الخارج وألا تكون التبعية عليها.

الكل يدرك بأن البنوك الإسلامية لها دور مركزي في تحقيق التوازن بين العمل المالي والالتزام بالقيم الأخلاقية والدينية في المجتمعات، خصوصًا في العالم الإسلامي، وتحتاج إلى بذل المزيد من الجهود لتحقق التنمية المطلوبة، في الوقت الذي يتطلب فيه من الجهات المعنية إعطاء الفرصة للبنوك الإسلامية لتتمكن من مواجهة المنافسة الشرسة التي تواجهها من البنوك التقليدية، ودعم أجهزتها بالخبرات والكفاءات اللازمة للتعامل مع المؤسسات التجارية والصناعية ومعرفة احتياجات الاسواق الإسلامية للسلع والمنتجات التي تستوردها القطاعات العامة والخاصة؛ الأمر الذي يتطلب إعطاء دور اكبر للخبراء المصرفيين في هذا القطاع الهام الذي يحاول قدر الامكان الابتعاد عن خلط الأوراق بين ما هم حلال وحرام، وابتعاده عن العمل في القطاعات المشبوهة. ولا شك أن هذه الأمور تعتمد أيضا على طبيعة النظام المالي في كل دولة، والسياسات الاقتصادية، ومدى التزام البنوك الإسلامية بمبادئها.

البنوك الإسلامية في أعمالها اليومية لا تبتعد كثيرًا عن أعمال البنوك التقليدية المعتادة، إلّا أنها تعمل بالتشريعات الإسلامية التي تعتمد على صيغ تمويل قائمة على المشاركة (مثل المضاربة والمشاركة)؛ مما يدفع نحو تمويل المشاريع بدلًا من الاستهلاك. وقد تمكنت هذه البنوك خلال العقود الماضية من جذب شريحة من الناس الذين كانوا يتجنبون البنوك التقليدية لأسباب دينية والعمل على تحقيق الشمول المالي.

وخلال بعض الأزمات السابقة، أظهرت البنوك الإسلامية أداءً جيدًا نسبيًا مثل الأزمة المالية العالمية 2008 بسبب ابتعادها عن المنتجات المعقدة والمشتقات، أي أنها أظهرت مرونة في مثل هذه الأزمات. وفي مقابل ذلك ما زالت البنوك الإسلامية تواجه العديد من التحديات، منها ضعف الالتزام الحقيقي بالمبادئ الإسلامية؛ حيث تبين أنه في بعض الأحيان، تستخدم هذه البنوك صيغ تمويل إسلامية اسميًا فقط، دون اختلاف جوهري عن القروض التقليدية. كما إنها تعاني من ضعف في الابتكار المالي الخاص بها، أي أنها في أغلب الأمور ما تزال تُقلِّد المنتجات التقليدية بدلًا من تطوير أدوات تمويلية جديدة لها تراعي التنمية. وعليها اليوم تقديم الكثير للتمويل طويل الأجل، بدلًا من التمويل قصير الأجل لتتمكن المؤسسات من الدخول في المشاريع التنموية المنتجة، في الوقت الذي يتطلب من البنوك الإسلامية عدم التركيز على تمويل العقارات والاستهلاك أكثر من تمويل المشاريع الإنتاجية، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وهذه القضايا تحتاج إلى تزويد البنوك الإسلامية بالكفاءات وزيادة الوعي لدى الموظفين والمتعاملين بهذه القضايا.

هناك اليوم العديد من البنوك الإسلامية الكبيرة في الدول الإسلامية، وعلينا في السلطنة الاستفادة من تجارب هذه المؤسسات لدعم المشاريع الاقتصادية القائمة في البلاد. فالتجربة المصرفية الإسلامية لدينا تدخل اليوم عقدها الثالث، وتحتاج إلى مزيد من الخبرات لتفعيل أنشطة هذه المؤسسات والدخول في المشاريع الانمائية طويل الأجل. وقد ​شهدت البنوك الإسلامية في سلطنة عُمان نشاطًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية، وتظهر تقارير الأداء المالي نموًا في الأصول والأرباح، إضافة إلى تعزيز التزامها بالاستدامة والمسؤولية الاجتماعية لها منذ أن تم قام البنك المركزي العُماني في شهر مايو من عام 2011 بإصدار إرشادات أولية لمزاولة الأعمال المصرفية الإسلامية في سلطنة عُمان.

وقد تم تقنين هذه المبادرة في ديسمبر 2012 من خلال المرسوم السلطاني رقم (69/ 2012) الذي أدخل بابًا جديدًا في القانون المصرفي تحت مسمى "الأعمال المصرفية الإسلامية"، ومزاولتها، بإنشاء لجنة رقابة شرعية خاصة بها، بحيث تنسجم هذه المبادرات مع الأهداف الاقتصادية لسلطنة عُمان، والتي تضمنت تعزيز الشمول المالي، والتنويع الاقتصادي، وتفعيل الممارسات المالية المسؤولة.

ويؤدي هذا القطاع اليوم دورًا حيويًا في تعزيز المدخرات الوطنية وجذب الاستثمارات؛ مما يساعد في بناء قاعدة استثمارية متنوعة، إلى جانب توفير مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لكافة الأفراد والمؤسسات. وبهذا أصبح هذا القطاع رافدًا مهمًا لمسار التقدم والنمو الاقتصادي. والمأمول منه بأن يدخل في تمويل المشاريع الصناعية والعلمية التي تحتاج إليها البلاد في السنوات المقبلة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

المشاط تتابع مع رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) جهود تحقيق التنمية الزراعية والريفية ودعم الأمن الغذائي

التقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، السيد/ ألفارو لاريو، رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد)، لمناقشة عدد من الملفات المشتركة، وذلك خلال مشاركتها بالاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية لعام 2025 والمنعقدة خلال الفترة من 19 إلى 22 مايو بالجزائر، عاصمة الجمهورية الجزائرية، تحت شعار «تنويع الاقتصاد، إثراء للحياة»، والتي تشهد اجتماع مجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية، لمناقشة سبل تعزيز التنمية الشاملة والمستدامة، ومواجهة التحديات الاقتصادية المشتركة.

وخلال اللقاء، أشادت الدكتورة رانيا المشاط، بالجهود المشتركة للصندوق الدولي للتنمية الزراعية، بالتعاون مع الجهات الوطنية، لدعم التنمية الزراعية والريفية، والتوسع في البرامج التي ترفع مستوى معيشة صغار المزارعين، فضلًا عن تعزيز جهود الأمن الغذائي خاصة من خلال المنصة الوطنية لبرنامج «نُوفّي»، حيث يتولى الصندوق دور شريك التنمية الرئيسي في مشروعات محور الغذاء بالبرنامج، ويعمل من خلال الشراكة مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، على حشد الدعم الفني والتمويلات الميسرة لتنفيذ مشروعات الأمن الغذائي.

كما تناولت الدكتورة رانيا المشاط، الإطار الجديد لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في ضوء التكليفات الرئاسية الأخيرة، حيث تسعى الوزارة إلى تحقيق التنمية الاقتصادية وتعظيم الاستفادة من الموارد المحلية والخارجية من أجل تحقيق نمو مستدام وتنمية شاملة.

وناقش الجانبان مستجدات مشروع إدارة المياه الموائمة للتغيرات المناخية في وادي النيل CROWN ضمن منصة «نُوفّي»، مؤكدين على عمق التعاون بين الحكومة المصرية والصندوق الدولي للتنمية الزراعية والدعم الفعّال للصندوق في إعداد وتنفيذ الترتيبات اللازمة لحشد الموارد المالية من مصادر متعددة، بما في ذلك صندوق المناخ الأخضر والوكالة الصينية للتعاون الدولي الإنمائي CIDCA، وذلك لتغطية المكونات والفنية ضمن المشروع، والتي تشمل التدريب وبناء القدرات والإدماج المجتمعي.

جدير بالذكر أنه يجري في إطار محور الغذاء ببرنامج «نُوفّي» تنفيذ عدد من المشروعات وهي مشروع إدارة المياه الموائمة للتغيرات المناخية في وادي النيل، ومشروع التحول الزراعي الغذائي المقاوم للمناخ CRAFT، فضلًا عن مشروع التكيف في منطقة شمال الدلتا المتأثرة بارتفاع مستوى سطح البحر، ومشروع تحقيق المرونة بالمناطق النائية والأكثر احتياجا.

وكانت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أطلقت في مارس الماضي، تقرير المتابعة رقم 2 حول المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي»، واستعرض التقرير تطور تنفيذ المشروعات ضمن محور المياه والغذاء والطاقة، والجهود المبذولة مع شركاء التنمية لإنجاز البرنامج.

مقالات مشابهة

  • الجامعة الافتراضية السورية تعلن بدء التسجيل على دبلوم تدريبي في الصيرفة الإسلامية
  • وزيرة التنمية المحلية تتابع جهود تحسين مستوى النظافة بالقاهرة والجيزة
  • من المساعدات إلى التحالفات: مستقبل تمويل التنمية في أفريقيا
  • وزير “المواد البشرية”: السعودية تدعم جهود التنمية الإدارية عربياً
  • وزيرة التخطيط تتابع مع “إيفاد” جهود تحقيق التنمية الزراعية ودعم الأمن الغذائي
  • المشاط تتابع مع رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) جهود تحقيق التنمية الزراعية والريفية ودعم الأمن الغذائي
  • وزيرة التنمية المحلية تتابع جهود تحسين مستوى خدمات النظافة بالقاهرة والجيزة
  • وزيرة التنمية المحلية تتابع جهود تحسين مستوي خدمات النظافة بالقاهرة والجيزة
  • وزارة التنمية الإدارية تبحث المشاريع والخطط التشغيلية القادمة
  • عجلة التنمية تتواصل بخطى متسارعة بجميع محافظات سلطنة عمان ونقلات نوعية في تنفيذ المشاريع