تداعيات حوادث النهود، كسلا، بورتسودان
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
ما يتضح من احتلال الدعم السريع النهود، والخوي، وما تلى ذلك من قصفه كسلا، وبورتسودان، أن الحرب دخلت مرحلة جديدة. وما يتضح ثانيةً أن استعادة حكومة بورتسودان السيطرة على ولاية الجزيرة، والعاصمة الخرطوم، وبحري، لم ينه الحرب تماماً. ذلك خلافاً لما صدعنا به مسؤولون، ومؤيدون للحرب، من آراء مستعجلة زعمت انتصار الجيش، وأن هناك إمكانية لإعادة الإعمار.
ما جرى في النهود ليس جديداً من حيث التخطيط، والفعل، والعائد. فهو يضاف إلى سلسلة من الأحداث البانورامية التي شهدتها بعض مدن السودان، وقراه، منذ بدء الحرب. والنتائج المتحققة من كل هذه الأحداث كانت ضياع الأرواح، والممتلكات، وخراب البيوت، وانهيار البنيات التحتية. فضلاً عن نزوح المواطنيين، وهجرتهم، بعد تعرضهم للانتهاكات من الطرفين، وكذلك من أطراف أخرى استفادت من مناخ الحرب لتنجز السلب، والنهب.
التحول النوعي في الحرب منذ حين أن الطرفين امتلكا أدوات أكثر قدرة على تدمير المنشآت المدنية. فمسيرات الجيش ساعدته في استرداد جبل موية ما أجبر عدوه على فقدان الجزيرة، والخرطوم، إن لم نقل الانسحاب. ولاحقاً سعى الطيران الحربي إلى تدمير ما سماه حواضن الدعم السريع ما خلف دماراً للمنشآت، وإزهاق العدد الكبير من أرواح الأبرياء.
وبالمقابل جادت قريحة الداعمين للدعم السريع فساهم امتلاكه للمسيرات أيضا في توجيه قصف أدى إلى تدمير منشآت حيوية كانت آخرها مطارا كسلا، وبورتسودان، هذا بخلاف الانتهاكات التي وثقها جنود الدعم السريع ضد أسراهم.
وسط هذا السعي المحموم لتفعيل سلاح المسيرات أكثر من الاعتماد على الأسلحة التقليدية واصلت الحرب في مسارها لتحصد عدداً من الأبرياء فيما زادت في وتيرة تصاعد خطاب الكراهية الذي قسم مجتمعاتنا المدينية، والريفية.
بالتزامن مع كل هذه الأحداث غابت محاولات الحلول عبر المبادرات الإقليمية، والدولية. وبدا كأنما ترك العالم السودانيين ليواجهوا مصيرهم بأنفسهم دون توسط ناجع ينهي كارثتهم الإنسانية. وعلى صعيد الداخل فلا شي مؤسف أكثر من حرص حكومة بورتسودان على استمرار الحرب دون امتلاكها قدرات حقيقية لإنهائها، بجانب معالجة آثارها الكارثية على المواطنين. وبالنسبة للقوى السياسية المركزية فليس هناك ما هو ممض أكثر من انهيار مجهوداتها المجتمعة في إحداث اختراق لتوحيد خطابها السياسي لو قلنا إنه قد يجبر الطرفين المتحاربين للإصغاء لصوت العقل.
مع تعنت حكومة البرهان في السير نحو تحقيق نصر حاسم على الدعم السريع، ولو كلف ذلك عشرات السنين، وموت عشرات الآلف من الأرواح، وانهيار وحدة البلاد، فإن حلفاء الدعم السريع سيحاولون دائماً خلق معادلة في التسليح تبقيه قادراً على المنازلة المتكافئة.
إذن فإننا موعودون ازاء هذا الإصرار على سيطرة البرهان على السلطة بمعاونة الكيزان بالمزيد من الدمار، والاقتتال، في صفوف الفريقين، وارتفاع نسبة الموت والانتهاكات وسط المدنيين، وتهديم فاعلية المعطيات الوطنية، وغيرها من المآسي الإنسانية.
suanajok@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
السودان تعلن تعرض محطتين كهربائيتين لهجوم مسيّرة نفذته الدعم السريع
أعلنت شركة كهرباء السودان، مساء أمس الأربعاء، تعرض محطتين كهربائيتين في مدينة أم درمان، غربي العاصمة الخرطوم، لهجوم بطائرات مسيّرة نفذته قوات الدعم السريع، ما أدى إلى اندلاع حرائق وانقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء واسعة من الولاية.
وقالت الشركة، في بيان رسمي، إن "مسيّرات تتبع للمليشيا استهدفت محطة المرخيات التحويلية ومحطة توزيع أخرى في مدينة أم درمان، مما أسفر عن انقطاع التيار الكهربائي في ولاية الخرطوم، وزيادة معاناة المواطنين نتيجة توقف الخدمات الحيوية".
وأضاف البيان أن "قوات الدفاع المدني تبذل جهوداً مكثفة لإخماد الحرائق الناجمة عن الهجوم، على أن تُجرى لاحقاً عمليات تقييم فني لحجم الأضرار، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة آثار الاعتداء".
تصاعد العنف الجنسي ضد النساء
وفي سياق متصل، حذر خبراء مستقلون تابعون للأمم المتحدة من تصاعد الانتهاكات الجسيمة التي تتعرض لها النساء والفتيات في السودان، لا سيما جرائم الاغتصاب الجماعي، والاستعباد الجنسي، والقتل، والتي تُنسب في الغالب إلى مقاتلي قوات الدعم السريع.
#Sudan: UN experts strongly condemn the widespread and systematic violations committed against women & girls, including conflict-related sexual violence, abductions, & killings, many attributed to the Rapid Support Forces (RSF).https://t.co/c6ZyeMLRh9 pic.twitter.com/PX3WGbk3B8 — UN Special Procedures (@UN_SPExperts) May 14, 2025
وأشار الخبراء، في بيان صدر أمس الأربعاء، إلى أن تلك الانتهاكات تُرتكب بشكل ممنهج في ظل الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهي حرب أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين وتسببت في نزوح ولجوء أكثر من 13 مليون شخص، في ما وُصف بأكبر كارثة إنسانية يشهدها السودان.
وأعرب تسعة من المقررين الخاصين وخبراء الأمم المتحدة عن "قلق بالغ إزاء التقارير المروعة التي تتحدث عن حالات عنف جنسي واختطاف وقتل تستهدف النساء والأطفال، حتى داخل مخيمات النزوح، في إطار حملة ممنهجة ووحشية ضد الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع السوداني".
وأكدوا أن "العنف الجنسي لا يزال يُستخدم كسلاح حرب ممنهج في مختلف مناطق البلاد"، مطالبين المجتمع الدولي باتخاذ خطوات عاجلة لحماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
منذ الرابع من أيار/مايو الجاري، بدأت قوات الدعم السريع تنفيذ سلسلة هجمات جوية مكثفة باستخدام الطائرات المسيّرة على ولايتي البحر الأحمر وكسلا شرقي السودان، في تطور نوعي يُعد الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب.
وشهدت مدينة كسلا قصفاً متكرراً استهدف مطارها، في حين تعرّضت مدينة بورتسودان، عاصمة ولاية البحر الأحمر، لهجمات متواصلة بالطائرات المسيّرة، طالت الميناء الرئيسي ومستودعات الوقود، فضلاً عن مطار المدينة وعدد من المواقع العسكرية، أبرزها قاعدة فلامنغو البحرية وقاعدة عثمان دقنة الجوية.
وفي تصعيد لافت، استهدفت قوات الدعم السريع، السبت الماضي، سجن مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، ما أسفر عن مقتل 20 نزيلاً وإصابة 45 آخرين بجروح متفاوتة، وفق مصادر طبية ومحلية.
ويشهد السودان منذ 15 نيسان/أبريل 2023 صراعاً دموياً بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو، وقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الطرفين في كانون الثاني/يناير الماضي على خلفية الانتهاكات المرتكبة خلال الحرب.
وقد أسفر النزاع عن دمار واسع في المدن والقرى والبنية التحتية، وخلق واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث تجاوز عدد النازحين داخلياً عشرة ملايين شخص، وفقاً لأحدث بيانات المنظمة الدولية للهجرة، ويتوزعون على 10 آلاف و336 موقعاً في 185 منطقة بجميع ولايات السودان الثماني عشرة.