بين مراسيم الرئاسي وتوافقات المجلسين والخارطة الأممية.. ليبيا إلى أين؟
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
طرابلسـ قد تبدو الأزمة الليبية ظاهريا كمجموعة من التعقيدات الدستورية والسياسية، غير أن ما تخفيه أكثر ترابطا مما يبدو، إذ إنّ سحب خيط واحد من نسيجها قد يبعثر المشهد بأكمله، تماما كما في رقعة أحجار الدومينو التي تنتظر لمسة واحدة لتنهار.
وفي هذا السياق، أثارت المراسيم الثلاثة الصادرة مؤخرا عن رئيس المجلس الرئاسي في ليبيا محمد المنفي -الخاصة بالمحكمة الدستورية، ومؤتمر المصالحة، وتشكيل مفوضية الاستفتاء- تساؤلات حول مدى مشروعية صلاحياته، وحدود التفويض الممنوح له في ظل غياب إطار دستوري واضح.
وجاءت هذه المراسيم في وقت تتقاطع فيه مؤشرات تقارب حذر بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وسط مساعٍ أممية لكشف مخرجات اللجنة الاستشارية، رغم ما يسودها من تباينات لم تُحسم بعد.
تصف عضو المجلس الأعلى للدولة أمينة المحجوب -في حديثها للجزيرة نت- مراسيم المنفي بأنها "أحادية ومجردة من أي غطاء دستوري"، معتبرة أنها تفتقر لأي أثر قانوني في ظل وجود سلطة تشريعية قائمة.
أما عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي، فيعتبر أن هذه المراسيم "تفتقر للصفة القانونية"، وكشف عن تحركات برلمانية لردّها ورفضها جملة وتفصيلا.
كما رأى النائب علي السويح أن بعض المراسيم مقبولة من حيث المبدأ، لكنه تحفّظ على طريقة إصدارها بشكل منفرد دون توافق بين الأطراف، خاصة أعضاء المجلس الرئاسي أنفسهم.
إعلانبدوره، وصف الأكاديمي القانوني فيصل الشريف جميع الكيانات السياسية الحالية -ومن بينها البرلمان- بأنها غير شرعية، مذكرا بأن ولاية البرلمان انتهت بعد سنة ونصف السنة من انتخابه ولا يحق له التمديد من دون استفتاء شعبي، معتبرا أن ما يجري يمثل "انتهاكا للإعلان الدستوري والاتفاقات السياسية".
ورغم التباينات، فإن مؤشرات لتفاهم سياسي باتت تلوح بين مجلسي النواب والدولة، مع تصاعد الحديث عن تشكيل حكومة موحدة كأولوية مركزية.
وقال النائب عبد النبي عبد المولى -للجزيرة نت- إن التفاهم بين المجلسين "فعلي"، وتوقع تشكيل حكومة موحدة بحلول يونيو/حزيران المقبل، مشيرًا إلى أن المجلس الأعلى للدولة بات ينخرط في مشروع وطني مشترك مع البرلمان.
من جانبها، أكدت أمينة المحجوب وجود تواصل سياسي متقدم بين المجلسين، معتبرة أن الدفع نحو تشكيل حكومة موحدة يُناقش بجدية، مع تداول أسماء مرشحة لرئاستها.
وأفاد عضو مجلس الدولة أحمد لنقي -للجزيرة نت- بأن التوافق بين المجلسين لم يعد خيارًا سياسيًا، بل أصبح "استحقاقا لا مناص منه"، لتمرير الاتفاق السياسي، وتقاسم المناصب السيادية، ومراجعة السياسات الاقتصادية والمالية، والبدء بمسار إصلاحي شامل.
لكن مقرر المجلس الأعلى للدولة القاسم دبرز خالف هذا الطرح، مشيرًا إلى عدم وجود مؤشرات جدية للتوافق حول المواد الخلافية، خصوصًا ما يتعلق بشروط الترشح، متهمًا البرلمان بالتمسك "بمعايير مفصّلة على مقاس شخصيات بعينها"، وهو ما يرفضه مجلس الدولة بشكل قاطع.
ووسط الحراك الجاري، أثيرت أيضًا مسألة شرعية رئاسة مجلس الدولة، إذ دعا عضو المجلس محمد تكالة -في كلمة متلفزة- إلى انتخابات مبكرة لمكتب رئاسة المجلس.
إعلانوعُقد أمس الأحد اجتماع تشاوري لبحث المبادرة وآليات توحيد المجلس قبل أغسطس/آب المقبل، وهو ما رآه النائب العرفي بوابة لتشكيل حكومة تنفيذية جديدة تقود نحو الاستحقاق الانتخابي.
ومن جهة أخرى، لم تُستبعد احتمالية ولادة حكومة تنفيذية جديدة، إما برعاية التفاهمات بين المجلسين أو ضمن صيغة توافقية وسطية.
وقال النائب عبد المنعم العرفي إن تجاوز الخلاف حول رئاسة مجلس الدولة سيمهّد الطريق لتشكيل حكومة تنفيذية جديدة هذا العام، مضيفا أن بعض المرشحين حصلوا بالفعل على التزكيات المطلوبة.
وبدوره، لم يستبعد لنقي إمكانية طرح خيار "الحكومة التنسيقية" كتسوية واقعية لتجاوز الانقسام، شريطة ألا تكون بوابة لإعادة إنتاج الأجسام الحالية، بل أداة لتقليص الفجوة بين السلطتين.
وفي ما يتعلق بالخلافات داخل اللجنة الاستشارية التابعة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، كشف مصدر خاص للجزيرة نت عن أن النقاشات داخل اللجنة لم تكن خلافية بالمعنى التقليدي، بل اتسمت باختلاف في ترتيب الأولويات، مشيرا إلى أن التوصيات انحصرت في 3 مسارات رئيسية:
المسار الأول يقترح إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معا، مع فك الارتباط بين نتائجهما. المسار الثاني يدعو إلى الاكتفاء بإجراء انتخابات برلمانية فقط. المسار الثالث يقترح تجاوز الأجسام الحالية كليًا، والذهاب نحو تشكيل هياكل سياسية جديدة ضمن تسوية شاملة.ويرى المحلل السياسي فرح فركاش أن تحركات المجلس الرئاسي والبرلمان الأخيرة تأتي كنوع من الاستباق لمخرجات اللجنة الاستشارية، في ظل تسريبات عن إمكانية اقتراح إلغاء المجلس الرئاسي أو الدعوة لانتخابات برلمانية منفصلة.
وأشار فركاش -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن بعض الأطراف تسعى لربط إجراء الانتخابات التشريعية بالاستحقاق الرئاسي، رغم تعذّر ذلك في ظل الانقسام الأمني والسياسي، وتعنت مرشحين جدليين، مما قد يُبقي المعادلة على حالها ويطيل عمر المؤسسات القائمة.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المجلس الأعلى للدولة اللجنة الاستشاریة المجلس الرئاسی الأمم المتحدة بین المجلسین تشکیل حکومة مجلس الدولة للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
القومي لحقوق الإنسان يشارك في المؤتمر الترويجي لمعرض الدول العربية والصين
شارك المجلس القومي لحقوق الإنسان "لجنة الحقوق الاقتصادية" في أعمال المؤتمر الترويجي للدورة الثامنة لمعرض الصين والدول العربية – «مصر»، وذلك في إطار متابعة المجلس للتغيرات الاقتصادية والتنموية التي تشهدها الدولة، وانعكاساتها على منظومة حقوق الإنسان، خاصة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وتأتي مشاركة اللجنة ضمن جهود المجلس لمتابعة اتساق السياسات الاقتصادية مع المعايير الحقوقية، ورصد أثر الشراكات الدولية والمشروعات الكبرى على حياة المواطنين، لا سيما في ظل تنامي التعاون المصري – الصيني في مجالات التكنولوجيا، البنية التحتية، النقل، التعليم، الصحة، والخدمات العامة.
وشهد المؤتمر استعراضا لفرص التعاون بين مصر والصين خلال المرحلة المقبلة، بما يدعم التنمية الشاملة، ويرفع كفاءة الخدمات، ويعزز الحق في التنمية، والحق في العمل، والحق في مستوى معيشي لائق، باعتبارها من الحقوق الأساسية التي يتابعها المجلس ضمن اختصاصاته.
وقال محمد ممدوح عضو المجلس وأمين اللجنة، أن مشاركة اللجنة تأتي في إطار الدور الوطني للمجلس لضمان ارتباط السياسات الاقتصادية بمبادئ حقوق الإنسان، موضحا أن النمو الاقتصادي لا يكتسب قيمته الحقيقية إلا عندما ينعكس بوضوح على حياة المواطنين.
وأشار إلى أن الشراكة المصرية – الصينية تمثل نموذجًا داعمًا لمسار التنمية المستدامة من خلال توسيع فرص العمل، وتطوير الخدمات، وتعزيز التحول الرقمي، بما يدعم الحقوق الأساسية للمواطن.
وأضاف أن اللجنة تولي اهتماما خاصا بملفات العدالة الاقتصادية وتكافؤ الفرص، ومتابعة استفادة الفئات الأكثر احتياجًا من عوائد المشروعات الاستثمارية، مؤكدًا أن دمج البعد الحقوقي في السياسات الاقتصادية بات ضرورة لضمان تنمية مستدامة.