قبل أن يقعوا فريسة لمن يغتال براءتهم.. «الأسبوع» تضع روشتة تأهيل الصغار لمواجهة التحرش
تاريخ النشر: 6th, May 2025 GMT
- القرب من الطفل والتحدث معه والاستماع له والانشغال بأدق تفاصيله.. أولى خطوات العلاج
- علماء النفس والاجتماع: حدوته قبل النوم ضرورة.. لتقديم المعلومة وزيادة الوعى عند الأطفال
عاد الحديث من جديد عن التحرش بالأطفال، طفت هذه الجريمة مجددًا على السطح بعدما اختفت أو كنا نظن ذلك، فهي موجودة على مر العصور وفي مختلف المجتمعات.
ورغم اختلاف البيئات، ونظرًا لبشاعة الجريمة خاصة أن المجنى عليه فيها طفل صغير لا يستطيع الدفاع عن نفسه، نجد المجتمع بأكمله يهتز لوقوع مثل هذه الجريمة الأكثر بشاعة بين مختلف الجرائم، فالمتحرش أو مغتصب الصغار، شيطان يغتال براءة الأطفال يويد ضحكة صغير ويحفر في ذاكرته مالا ينساه أبدًا.
وحول سبل مواجهة هذه الجريمة الخطيرة، وكيفية القضاء عليها ومحوها من السجل الإجرامي، تقول الدكتورة عزة سليمان استشاري الصحة النفسية والإرشاد النفسي: إن التحرش جريمة مستمرة عبر الزمان رغم سهولة مواجهتها وأولى الخطوات تبدأ بتأهيل الآباء والأمهات للتعامل مع أطفالهم، حيث يجب أن ننتبه جيدًا، لكل وأدق التفاصيل التي تحدث مع أولادنا، على أن يكون سؤالنا بود ولطف وعلامات الهدوء مرسومة على وجهنا حتى وإن كنا نستمع إلى كوارث.. فالهدوء أهم خطوة ويخلق لغة مألوفة بين الأم وأولادها.
وتطالب د.عزة سليمان متابعة أي تصرف غريب أو شرود أو قلق يصدر عن الطفل، قائلة: حتى أحلامهم أو حدوث أي اضطرابات في النوم يجب التوقف عندها وعلاجها، كذلك شعور الطفل بالخوف عند رؤية أي شخص غريب أو حتى مهما بلغت درجة قرابته للأسرة، أدق التفاصيل يجب أن نتوقف عندها ونتفهم مدلولها ويتم التعامل معها في وقتها ومنذ البداية.
وتشدد استشاري الصحة النفسية والإرشاد النفسي على ضرورة أن يعرف الطفل ومن سن ثلاث سنوات، حدود جسده ويدرك أن هناك مناطق معينة ليس من حقه أو حق غيره أن يقترب منها أو يلمسها بطريقة معينة ومن سن ٥ إلى 6 سنوات، علينا أن نعلمهم التفرقة بين اللمسة الطبيعية واللمسة المؤذية، والقبلة أو الحضن المقبول وغير المقبول، والأهم من ذلك أن يعتاد الطفل على أن يحكي للأم ما يشغله في أي وقت بوصفها مصدر الأمان الحقيقي في حياته.
وتطالب د.عزة سليمان الآباء والأمهات بالإنصات إلى أطفالهم وتخصيص مساحة كبيرة من الوقت لهم، ومنحهم فرصة حقيقية التعبير عن الرأي دون التقليل من قيمة ما يقال أو السخرية منه حتى لا يلجأ الطفل إلى الصمت والابتعاد عن المشاكل.
من جانبها تقول الدكتورة عائشة ربيع استشاري العلاقات الأسرية والمعالج النفسي والسلوكي: إن التحرش يظل عالقا بالأذهان طيلة الحياة وهناك حالات تعانى أمراضًا نفسية خطيرة وعند علاجها نجد أن البداية كانت من التحرش، وللأسف كثير من الأمهات تحتاج إلى تأهيل وإدراك تربوي قبل ممارسة الأمومة وهذا للأسف لا يحدث، مشيرة إلى أن علاج هذه الظاهرة وغيرها والقضاء عليها يبدأ من توعية الأم بضرورة مصاحبة أطفالها في كل تفاصيلهم اليومية، مشددة على ضرورة أن تعي الأم ما يحيط بأبنائها سواء مواقف أو أشخاصا فجريمة التحرش بها فاعل ومفعول به، ولو استطعنا توعية المفعول به منذ صغره وعملنا على تنمية وعيه وإدراكه وفهمه للأشخاص حوله، وكيفية الدفاع عن نفسه، وأن يلجأ لأمه وأبيه من البداية لن يكون هناك تحرش وتنتهى القضية، أما الفاعل فهو شخص مريض غير سوي وتغليظ العقوبة ستجعله يرتدع ويفكر ألف مرة قبل ارتكاب جريمته.
أما الدكتور ناصر عبد الرحمن أستاذ الطب النفسي بكليه الطب جامعة عين شمس، فيرى أن العودة الى سلوك الحكي بين الأم وابنها، هو الحل الأمثل قائلا: اغلقوا الهواتف التي يظن الأهل أنها تلهى الصغار بينما تجعلهم يعيشون في عالم افتراضي غير واقعى، مضيفا: أعيدوا حدوته قبل النوم حيث تقدم الأم لأطفالها وبشكل يومي المعلومات التي توجههم وتوعيهم وتزيد من إدراكهم فهي ضرورية لتنشئة الأطفال وليست فقط للترفيه.
اقرأ أيضاًالقبض على شخص بتهمة التحرش بطفلة من ذوى الهمم في المنوفية
كيف تؤثر حوادث التحرش على الأطفال؟ طرق الوقاية والدعم النفسي (خاص)
بتهمة التحرش بالقاصرات.. مدرب «كيك بوكسينج» أمام جنايات القاهرة اليوم
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مواجهة التحرش التحرش بالأطفال علماء النفس
إقرأ أيضاً:
بيان اليونيسف يشعل الغضب من دور المؤسسات الدولية.. من يحمي الطفل الفلسطيني؟
في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، نشرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" بيانا مقتضبا، جاء فيه: "مرت عامات على الهجمات المروعة على الأطفال والمجتمعات في إسرائيل". لم تكن الجملة طويلة، لكنها حملت ما يكفي لإشعال موجة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي.
اعتبر الكثيرون، البيان، دليلا إضافيا على: "ازدواجية المعايير الدولية، وصمت أممي طويل الأمد، تجاه واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث: حرب الإبادة الجماعية على كامل الأهالي بقطاع غزة المحاصر".
وبحسب أحد التعاليق الغاضبة، فإنّه: "مر عامان منذ انكشاف حقيقة المنظمات الدولية التي أوهمت العالم الحديث أنها منار الديمقراطية وأداة الدفاع عن حقوق الإنسان".
وأضاف آخر: "انكشفت الحقيقة أخيرا، لا صوت يُسمع لضحايا غزة، حتى منظمات حقوق الطفل... خانت الأطفال".
مرّ عامان على الهجمات المروّعة التي شنّتها حماس وجماعات مسلحة أخرى على الأطفال والمجتمعات في إسرائيل.
يُعدّ قتل الأطفال وتشويههم واختطافهم انتهاكات جسيمة لحقوقهم.
لكل طفل، في كل مكان، الحق في الأمان والرعاية والحماية. pic.twitter.com/f9KsBg9P95 — منظمة اليونيسف (@UNICEFinArabic) October 6, 2025
أطفال بلا أسماء ولا صوت
منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي، الأهوج، على غزة قبل عامين، وثّقت مصادر فلسطينية، مختلفة، استشهاد أكثر من 67 ألفا و173 شخصا، بينهم 20 ألفا و179 طفلا. رقم لا يحمل اسما، ولا قصة، لكنّه كاف ليمزق قلب كل من لم تصبه البلادة، وذلك وفقا لما يقوله الغاضبين من المنظمة الدولية، التي يُفترض أنها تُعنى بكافة الأطفال دون تمييز.
تجدر الإشارة إلى أنّه في غزة المحاصرة، وفي قلب مستشفيات شبه منهارة، بين أروقة مظلمة، ووسط عجز طبي ومجاعات متفاقمة، يستشهد الأطفال بوتيرة مُتسارعة، أمام مرأى العالم وسمعه؛ وفي ضرب صارخ بكافة القوانين والمواثيق الدولية المتعلّقة بحقوق الإنسان والطفل، عرض الحائط.
وفي وقت سابق، اعترف المتحدث باسم يونيسف، جيمس إلدر، في تصريحات صحفية، بـ"مقتل نحو 20 ألف طفل في غزة، بينهم ألف رضيع، ولم يتحرك العالم. هذا أمر لا يُصدق".
ثم أضاف المسؤول الأممي نفسه: "ثلث الولادات في القطاع أصبحت مبكرة، وهناك نقص شديد في الحاضنات، بل إن إدخال الحاضنات ممنوع، كما تُمنع المواد الغذائية من الدخول، ويُطلب من السكان، وبينهم آلاف الأطفال، أن يغادروا شمال القطاع... لكن إلى أين؟".
هل تغير شيء؟
البيان الأخير لليونيسف، جاء في وقت كانت فيه المنظمة نفسها تُطلق نداء استغاثة عاجل، تحذّر فيه من ارتفاع وشيك في وفيات الأطفال في قلب قطاع غزة، نتيجة سوء التغذية الحاد، وانهيار المناعة لدى الرضع وحديثي الولادة.
وقال متحدث المنظمة، ريكاردو بيريس، إنّ: "الوضع حرج. نواجه خطرا حقيقيا بارتفاع عدد وفيات الأطفال، لأنهم لم يتناولوا الطعام بشكل صحيح، وفي الآونة الأخيرة، لم يتناولوه على الإطلاق". غير أنّ الغاضبين من المنظمة، أبرزوا أنّ: "التصريح الإنساني، لم يشفع للبيان".
وجاء في عدد من التعليقات على البيان، أنّه: "أمام المجازر، تبدو الكلمات مفرغة من قيمتها، خصوصا حين تتحدث عن معاناة "مجتمعات" في إسرائيل، دون أن تذكر صراحة المجزرة التي لا تغادر غزة منذ 730 يوما".
أوقفوا إطلاق النار الآن. https://t.co/afVkLKoHfY — منظمة اليونيسف (@UNICEFinArabic) October 1, 2025
مرآة الطفل الفلسطيني
"ما الذي يعنيه أن يُستشهد عشرات الآلاف من الأطفال، ثم تصدر المنظمات المعنية بحمايتهم بيانا منحازا لجلاّدهم؟" سؤال تكرّر كثيرا خلال الأيام القليلة الماضية، وأعاد إلى الأذهان أصواتا طالما حذّرت من تحوّل بعض المنظمات الأممية إلى أدوات تبرير، أو كيانات "صامتة" تُجيد البيروقراطية، أكثر مما تجيد الوقوف مع الضحية.
منظمة كير الدولية، والمجلس النرويجي للاجئين، والأونروا نفسها، كانت قد اشتكت خلال الفترة نفسها من منع دخول إمدادات إنسانية، مؤكّدة أنّ: "بعضها عالق منذ شهور".
طفلة تذرف دموعها بحرقة بسبب الجوع
اغيثوا اطفال غزة.. غزة تموت جوعاً. pic.twitter.com/HQk6kjJlD3 — همام شعلان || H . Shaalan (@osSWSso) July 20, 2025
"نواجه عراقيل في التسجيل، ولا نعلم حتى الآن متى وكيف سنتمكن من إدخال الغذاء والماء والمعدات الطبية"، أكّدت مديرة منظمة كير في فلسطين، جوليان فيلدفيك؛ بينما لم يعد الطفل الفلسطيني رمزا للمأساة، فقط، بل أصبح كما كتب أحد المغرّدين، "مرآة أخلاق هذا العالم".
ويتوقع برنامج الأغذية العالمي البدء في زيادة عمليات التسليم مطلع الأسبوع المقبل، لكن ذلك سيعتمد على انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي لتوسيع نطاق مناطق الإغاثة الآمنة. وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، في بيان، إنه سيُسمح لشاحنات المساعدات التي تديرها الأمم المتحدة و"المنظمات الدولية المعتمدة" والقطاع الخاص والدول المانحة بدخول غزة.
وأكّدت عدّة تعليقات أخرى، رصدتها "عربي21": "إن كان في وسع هذا العالم أن يشاهد مجازر كهذه، وأن يقفز فوقها، وأن يعاتب الضحية، أو على الأقل يتجاهل وجعه، فماذا تبقى من القيم؟ من الإنسان؟".
إلى ذلك، إنّ ما كُتب على بوابات المنظمات الدولية في القرن الماضي: "كرامة، عدالة، حقوق، إنسان"، بات يُعاد كتابته هذه الأيام بحروف باهتة، على جدران مدمّرة في مخيم النصيرات أو حي الشجاعية، بقلب قطاع غزة، حيث كُسر الوعدٌ الأخلاقي.
ودخل سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة يومه الثاني على التوالي، مع تواصل عودة النازحين عبر شارعي الرشيد وصلاح الدين الرابطان بين الجنوب إلى الشمال، وبدء جهود محلية لفتح الشوارع المدمرة، وإزالة الأنقاض منها.