أعرض هنا لإعلان الرئيس سلفا كير قبل الانفصال يوم 18 أغسطس عيداً لقدامى المحاربين في الجنوب طالما كنا في سيرة عقدة الذنب الليبرالية في الليبريساريين الشماليين. وهو اليوم من عام 1955 الذي عرف ب"اضطرابات الجنوب" أو "التمرد". ولم يعترض أي من جماعات الليبرويساريين على قرار سلفا لأن ذلك اليوم كما سنرى مما لا يشرف عسكرياً مستحقاً للاسم.

كان جنوسايد للشماليين المدنيين بشكل رئيس.
كان هناك الكثير مما يمكن أن يقال من معارضي الحيرة عن هذا القرار الأخرق. ولكنهم طووا لسانهم في حلوقهم. فليس مما يشرف محارباً قديماً أن تكون حربه مع غير محاربين مثله. فلم يُقتل في سائر المديرية الاستوائية، مركز التمرد، سوى ٧ من ضباط وصف ضباط قوة دفاع السودان الشماليين من جملة ٢٤٩ شهيداً من التجار والجزارين والمعلمين والموظفين فيهم ١٥ امرأة و٢٤ طفلاً.
علماً أنه لم يلق محاربو سلفا كير الضباط وصف الضباط الشماليين في ساحة الوغى، بل في بيوتهم فرداً. ففي كبويتا طلب قائد المتمردين الباشاويش ترتليانو ألونق من مساعد مفتش مركز جنوبي رحيم أن يطلب من اليوزباشي إبراهيم الياس أن يسلم مسدسه لو أراد الشفقة به. فلما سلم الياس مسدسة بعد إلحاف عليه أوسعوا بيته رصاصاً بالبرين وتعقبوه في بيته حتى الحمام وقتلوه.
من جهة أخرى لم يكن التمرد مواجهة بين عسكريين شماليين وجنوبيين (جدلاً). فكان المدنيون الجنوبيون رأس سهم في قتل الشماليين ونهب متاجرهم ودورهم جنباً إلى جنب مع العسكريين. واتصلت هجمات المدنيين على الشماليين مسلحين بالحراب والنشاب والحريق. وكان للمدنيين الجنوبيين وجود بارز في تعقب الشماليين في سائر بؤر التمرد ليكذب أن تلك الأيام من أغسطس مما يصح الاحتفال بها كيوم لقدامى المحاربين ناهيك عن الاحتفال بها لكآبتها أصلاً.
ولا أعتقد إن قتل المدنيين من رجال ونساء وأطفال مما يحتفل به محارب ناهيك عن ضروب التوحش التي اكتنفت موت كثيرهم. فقتل التمرد محمد أحمد فضل المولى وزوجه وأربعة أطفال وُلد أصغرهم خلال فترة حبسهم على يد المتمردين (توريت). ونزع مساعد حكيم طفلاً ذا ١١ شهراً من رجله من أمه وضرب به الأرض (بلدة تالي). وأحاط التمرد بملاحظ غابات وأحرقوه وأسرته (بلدة تومالي). وأحرق المدنيون داراً لجأ إليها الشماليون حتى الموت (بلدة تمالي)، وقتلوا إسماعيل عبد الغني التاجر وزوجه وبنته فوزية وابنه حامد ومصطفى (بلدة لينيا). وأحرق الأهالي منزلاً لجأ له الشماليون وطاردوا من هرب منهم وقتلوا امرأتين بالحراب (لوكا). وهجمت عصبة من العسكر والأهالي على بنت صغيرة لسيد محمد النذير وطعنوها بالرمح، وأخذوا زوجته وطفلته الأخرى للحبس (بلدة لينيا). ولم يجد عبد الماجد الشفيع بداً من الانتحار بطلقة من بندقيته لما حاصره المتمردون (ياي). ونفدت النساء في تركاكا من القتل واكتفوا منهن بالحبس.
ولم تخل السيرة الكأداء للتمرد من إشراقات النبل بالطبع. فتضافر جنوبيون من إداريين وشرطة وطلاب لاستنقاذ الشماليين من حولهم بحيلة وشجاعة. كما ساهم تجار إغريق وقسس، بل حكومات مجاورة في الكنغو في نجدة الشماليين. فالتمس دون أفندي بولي، مساعد مفتش كبويتا، من المتمردين أخذ الشماليين أسرى. ولا حياة لمن تنادي. وآوى أمباشي سجون دفع الله عدلان وطبله في السجن (كتري). ولاذ الشماليون بمنزل تاجر إغريقي لتأخذهم الكنيسة البروتستانتية للكنغو. وكافأت الحكومة البلجيكية أياً من رعاياه بجنيه إسترليني متى جاء بشمالي آمن.
ووقف المعلمون والطلاب الجنوبيون يحمون أساتذتهم وأسرهم ما وسعهم. ففي لينيا كان أحد المعلمين الشماليين وزوجته على رأس رحلة من طلبة رمبيك الثانوية وجهتها الشمال ساعة اندلاع التمرد. فأحاط بهم ٢٥٠ من الأهالي بالحراب والنشاب والسهام. ولدى نزول المدرسين طعنوهم بالحراب برغم ما بذله الطلبة والمدرس الجنوبي. وفي مريدي ضبط الصول ماهليلي نياقو شرطته برغم تجمع الأهالي بحرابهم. ووضع حماية لمفتش المركز. فدمغوه بالخيانة. فأخذ بعض المدرسين مع ذلك ولاذ بهم إلى قريته.
وكان من السقم وبؤس المروءة أن يحتفل سلفا كير بمثل تلك الأيام المضرجة الغبراء عيداً لقدامى المحاربين. فبعبارة بسيطة كان ما احتفل به هو جنوسايد شمالي في أدق معاني هذه العاهة البشرية. فتعريف الجنوسايد هو أن تقتل المرء لأنه هو: أي القتل على الهوية العرقية التي لا يملك المرء حيالها صرفاً ولا عدلاً. فبوسع المرء أن يغير عقيدته السياسية، ولكن الشمالي شمالي إلى نهاية التاريخ. وهذا سبب سحر عنوان كتاب صدر في أعقاب جنوسايد رواندا الذي قتل فيه شعب الهوتو شعب التوتسي على الهوية. وكان عنوانه "لن أكون توتسياً في المرة القادمة" لبيان استحالة تغيير الجلد العرقي.
ولذا لا يعد علماء الجنوسايد مثل ما قام به كل من ستالين وماوتسي تونغ جنوسايد لأنه قتل مجاني لأجل السياسة على فحش أرقامه. فالجنوسايد ليس "لعبة" أرقام الضحايا كما يطرأ للبعض. فيكفي أن تقتل قتيلاً واحداً كراهة في هويته وتُكتب عند الله جنوسايدياً.
بالطبع من حق سلفا كير وطغمته أن يحتفلوا بما شاء الله لهم أن يحتفلوا به. ولكن من العار أن يصمت حلفاء الحركة الشعبية للإطاحة بالإنقاذ، بل ومنسوبوها من الشماليين، عن ردها عن الفرح بجنوسايد من التاريخ وتدشينه يوماً لقدامى المحاربين.
فأصل فجور السلاح المهني وغير المهني على مسرح السياسة اليوم أن حملته لم يجدوا من يلجمهم من الحلفاء دون ترهاتهم الكثيرة في الحين والساع. فباضوا وأفرخوا.
كل المعلومات الواردة هنا من كتاب لجنة التحقيق في اضطرابات الجنوب التي كونتها الحكومة بعد "التمرد" برئاسة قاض باكستاني عامل في السودان. وفي مقال يأتي نتطرق لبولتيكا الذنب الليبرالي حيال عفو سلفا كير عن الشماليين لما سماه توحشهم في الجنوب.

[email protected]

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لقدامى المحاربین سلفا کیر

إقرأ أيضاً:

ما قد لا تعلمه عن شريان الحياة المالي الأكبر لروسيا والضربات الأوكرانية

(CNN)--أعلنت أوكرانيا، الخميس، أن طائراتها المسيرة بعيدة المدى ضربت منصة نفطية بحرية رئيسية في بحر قزوين هذا الأسبوع، في مهمة لم يتم الكشف عنها سابقاً، مما يشير إلى توسع جديد في قائمة أهدافها في حملة متصاعدة لقطع عائدات الطاقة الروسية التي تمول حربها.

وبدأت أوكرانيا حملة الضربات العميقة ضد منشآت الطاقة الروسية بشكل جدي مطلع عام 2024، لكن منذ بداية أغسطس/آب، صعّدت كييف هذه الجهود، مُضاعفةً ما يُطلق عليه مفوض العقوبات الأوكراني فلاديسلاف فلاسيوك "العقوبات طويلة المدى" التي تستهدف أكبر شريان حياة مالي لروسيا. وتستهدف أوكرانيا الآن نطاقًا أوسع من الأهداف، لا يقتصر على المصافي فحسب، بل يشمل أيضًا البنية التحتية لتصدير النفط والغاز، وخطوط الأنابيب، وناقلات النفط، والآن البنية التحتية للحفر البحري.

وشهد شهر نوفمبر أعلى عدد من الهجمات في شهر واحد حتى الآن، وفقًا لبيانات مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة (ACLED) وتحليل شبكةCNN.

يأتي هذا في منعطف حاسم من الحرب. ويبدو أن جهود السلام الأخيرة التي تقودها الولايات المتحدة لم تُسفر إلا عن تصلب مطالب روسيا المتشددة، وتتقدم قوات موسكو ببطء في عدة مناطق على خط المواجهة. هذا، إلى جانب وفرة المعروض العالمي من النفط التي تحمي السوق من ارتفاع الأسعار المحتمل، يعني أن حلفاء أوكرانيا الغربيين قد ازدادوا دعمًا لهذه الحملة.

وبين بداية أغسطس ونهاية نوفمبر، شنت أوكرانيا غارات على 77 منشأة طاقة روسية على الأقل، أي ما يقارب ضعف إجمالي عدد الغارات التي استهدفتها خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، وفقًا لبيانات مشروع بيانات مواقع الأحداث المتفجرة ومواقعها (ACLED). وفي نوفمبر، سُجلت 14 غارة على الأقل على مصافي النفط وأربع هجمات على محطات التصدير الروسية.

ويُعدّ استهداف المنشآت نفسها عدة مرات جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية المتبعة حاليًا. فعلى سبيل المثال، تعرضت مصفاة ساراتوف، المملوكة لشركة روسنفت، لثماني غارات على الأقل منذ بداية أغسطس، أربع منها في نوفمبر.

ويشير نمط الهجمات أيضاً إلى أن أوكرانيا لم تعد تحاول حصر تأثيرها في سوق الطاقة المحلية الروسية فحسب. فمنذ أغسطس/آب، كثّفت بشكل ملحوظ ضرباتها على منشآت تصدير النفط الروسية.

وبدأت أوكرانيا حملة الضربات العميقة ضد منشآت الطاقة الروسية بشكل جدي مطلع 2024، لكن منذ بداية أغسطس/آب، صعّدت كييف هذه الجهود، مُضاعفةً ما يُطلق عليه مفوض العقوبات الأوكراني فلاديسلاف فلاسيوك "العقوبات طويلة المدى التي تستهدف شريان الحياة المالي الأكبر لروسيا".

أوكرانياروسياانفوجرافيكنشر الجمعة، 12 ديسمبر / كانون الأول 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • الصهيونية الليبرالية قشرة الحداثة فوق بنية استعمارية
  • قطر.. الأرصاد الجوية تحذر من أمطار رعدية ورياح قوية
  • المخابرات في الموعد
  • بعد أشهر من التوقف.. وزارة الدفاع تعلن موعد صرف راتب أغسطس للعسكريين
  • "هجليج" الخطر على السودان
  • 3 شهداء في غارات للاحتلال الاسرائيلي على الجنوب اللبناني
  • بيراميدز يواصل عقدة الأندية المصرية أمام البرازيلية بخسارة أمام فلامنجو في نصف نهائي كأس الانتركونتيننتال
  • تصعيد في الجنوب.. قنابل على حفّارتين وغارة في طيرهرما (فيديو)
  • صحف عالمية: ترامب ينفد صبره بغزة ويستهدف القوة الليبرالية في أوروبا
  • ما قد لا تعلمه عن شريان الحياة المالي الأكبر لروسيا والضربات الأوكرانية