صحيفة البلاد:
2025-12-08@11:35:40 GMT

أزمة منتصف العمر

تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT

أزمة منتصف العمر

في منتصف العمر بين الشباب والشيخوخة، أي بين الأربعين أو الخمسين، وحينما تتباطأ خطى الأيام، يجد الإنسان نفسه في مواجهة هادئة مع حياته، ذلك عندما تداهمه فجأة “أزمة منتصف العمر”، وهو مصطلح يقصد به في علم النفس مرحلة يمر بها بعض الأشخاص عادة بين سن الأربعين والخمسين، ويشعرون خلالها بمراجعة حياتهم وإنجازاتهم وأحلامهم الماضية، ويرافقها أيضًا شعورهم بمواجهة بعض مشاعر القلق، أو الندم، أو الخوف من التقدم في العمر، أو قد ترافقها رغبة في تغيير نمط الحياة، أو تحقيق أحلام مؤجلة، كتعدد الزواج مثلا، أو البحث عن وظيفة أفضل، أو غيرها.


“أزمة منتصف العمر”، ليست مرضًا نفسيًا، لكنها فترة طبيعية من التأمل وإعادة التقييم، ولا تأتي دائمًا في شكل صاخب أو مأساوي، بل قد تبدأ بهمسة عابرة أثناء صباحٍ عادي، أو نظرة طويلة في مرآة مزدحمة بالذكريات، وفي هذه اللحظة، يطرح الأنسان على نفسه سؤالًا يبدو بسيطًا في ظاهره، لكنه يحمل وزن العمر بأكمله: ماذا حققت؟ وأين ذهبت أحلامي القديمة؟
إنّ “أزمة منتصف العمر” لا تعني بالضرورة أزمة وجودية حادة كما تصفها الروايات أو الأفلام، بل هي في أحيان كثيرة عملية صامتة لإعادة تقييم المسار، وأبرز ما يمّيزها محاولة الإنسان التكيّف مع الأماني غير المحققة، كعدم الحصول على الوظيفة المناسبة، أو فتاة أو فارس الأحلام. وهنا يبدأ الإنسان في إعادة قراءة فصول حياته، ويستعرض محطات عبرها دون أن يتوقف طويلًا، وأحلامًا حملها يومًا ثم تركها تسقط، ربما بفعل الزمن، أو تغير ترتيب الأولويات، ثم يكتشف في لحظة مكاشفة صادقة، أن بعض الأحلام لم تُنجز، وأن سنوات العمر التي كان يراها سابقًا بلا نهاية، أصبحت معدودة ومحسوبة، ويرى نفسه بين طموحات شابة ما زالت تسكن داخله، وواقع عملي وأسري رسم معالمه بطريقة مختلفة تمامًا عمّا تخيله في بداية المشوار. وفي هذه المرحلة يشعر الإنسان أنه فجأة، تغيرت نظرته إلى حياته، فالوظيفة التي كانت يومًا مصدرا للفخر، باتت روتينية تستهلكه دون أن تمنحه شعور الرضا، والشغف القديم بمواهب مثل الكتابة أو الفن أو السفر صار هامشيًا، مؤجلًا دومًا لمستقبل قد لا يأتي، والأحلام الكبرى التي طالما خطط لها، أصبحت أحاديث مؤجلة مع النفس، بلا يقين بتحقيقها.
ومع هذا الشعور، تظهر الحاجة إلى التكيُّف مع واقع جديد، فكيف يمكن للإنسان أن يتعامل مع الأماني غير المحققة، دون أن يقع في فخ الإحباط أو جلد الذات؟ فمنهم، وهو الصنف الأول الذي يعترف دون قسوة أن بعض الأحلام كانت جزءًا من مرحلة عمرية معينة، وما كان يناسب طموحات الشاب المليء بالحماس، قد لا يناسب الشخص الناضج الذي تغيرت أولوياته، وأن الاعتراف بعدم تحقيق كل شيء، لا يعني الفشل، بل يعكس مسارًا طبيعيًا لتطور الإنسان وتجدد اهتماماته عبر السنين.
أما الصنف الثاني فهو الذي يحتفي بما تحقق بالفعل، كتكوين علاقات صادقة، أو خوض تجارب ناجحة في الحياة، أو تكوين أسرة مستقرة، أو حتى لحظات صبر وشجاعة، على اعتبار أنها إنجازات تستحق أن يحتفي بها الإنسان، بدلًا من أن يحتقرها مقارنة بأحلام مثالية رسمها في وقتٍ سابق.
أما الصنف الثالث، فيبدأ بإعادة صياغة أحلامه، على اعتبار أن الأحلام لا تموت، لكنها تتغير أحيانًا، فلربما لم يتحقق حلم السفر حول العالم، لكن أثري عالمه الداخلي بقراءة عن ثقافات جديدة، أو تعلم لغة أجنبية طالما كان يحبها، على اعتبار أن الأحلام ليست نصوصًا جامدة، بل يمكن تشكيلها لتناسب مراحل الحياة المختلفة، دون التخلي عن جوهر الشغف.
أما الصنف الرابع والأخير، فيفضل الرضا بالواقع دون الاستسلام، على اعتبار أن الرضا الحقيقي لا يعني أن يتخلى الإنسان عن الطموح، بل أن يتوقف عن معاقبة نفسه على كل فرصة ضاعت، والفرق بين الرضا والاستسلام هنا: أن الأول ينبع من قبول واعٍ للذات وما مرت به، والثاني يولد من اليأس، وبين الاثنين، تبنى حياة متزنة أكثر واقعية وإنسانية.
والحديث حول هذا الموضوع، أعتقده مهمًا لكل منهم يعيشون هذه المرحلة، أو من يتعامل مع أفراد يعيشون هذه المرحلة، لكن المساحة المتاحة هنا قد لا تسمح بالتوسع أكثر ممّا تم عرضه وتدوينه، ولكن خلاصة الأمر: أن أزمة منتصف العمر ليست نهاية الطريق، بل فرصة ثمينة لإعادة ترتيب الأولويات وتصحيح المسار، وهي دعوة للتصالح مع الذات، ولرؤية الماضي والحاضر بعين ناضجة لا ترهقها المثالية، ولا تجلدها الأخطاء، على اعتبارها لحظة يجب أن يعترف فيها الإنسان بأنه، رغم كل ما لم يتحقق، لا يزال قادرًا على أن يحيا بسعادة، ويتنفس بشغف، ويواصل رحلته وهو أكثر حكمة وواقعية، حتى لو لم يصعد  كل القمم التي حلم بها صغيرًا، لكنه بالتأكيد قطع مسافات لم يكن يظن أنه سيقطعها، وهذا وحده، في ميزان الحياة، كافٍ ليُقال له: “لقد عشت حياتك”.

al_mosaily@

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: أزمة منتصف العمر على اعتبار أن

إقرأ أيضاً:

تركي آل الشيخ يطلق النسخة الثانية من مبادرة “ليلة العمر”

 

 

البلاد (الرياض)

في إطار المسؤولية الاجتماعية لموسم الرياض 2025، أعلن المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه (GEA) عن تنظيم النسخة الثانية من مبادرة “ليلة العمر”، وذلك مطلع شهر فبراير المقبل، التي تهدف إلى رسم بداية جديدة لشباب الوطن، عبر تنظيم حفل زفاف استثنائي في ليلة تجسد معاني الفرح، وتمنحهم انطلاقة مستقرة لحياتهم الزوجية.

 

وتقام “ليلة العمر 2” الذي سيقتصر حضورها على الرجال في أحد مسارح موسم الرياض، بموسم يجمع العطاء مع البهجة، وبمشاركة فاعلة من شركاء يمثلون الجهات الحكومية والقطاع الخاص والقطاع غير الربحي، في نموذج يعكس تكامل الأدوار المؤسسية لخدمة المجتمع وتعزيز الأثر الإنساني للمبادرة.

 

وتسعى المبادرة إلى تخفيف الأعباء المالية عن الشباب المقبلين على الزواج، من خلال توفير تجربة زفاف متكاملة تليق بهذه المناسبة المفصلية في حياتهم، حيث يشمل الدعم المقدم للمستفيدين عدة مسارات، يمكن للداعمين التقديم عليها عبر زيارة الرابط التالي: https://riyadhseason.com/ar/laylat-alomr ، ومن بينها الإسهام المالي، وتوفير مستلزمات الزفاف، وتجهيزات المنزل، إضافة إلى العطور والبخور والهدايا، إلى جانب تقديم المنتجات أو الخدمات التي تسهم مباشرة في نجاح هذه الليلة الاستثنائية.

وفي جانب الشراكات، تتيح مبادرة “ليلة العمر” حزمة من المزايا للشركاء الداعمين، أبرزها الظهور الإعلامي واسع النطاق عبر قنوات ومنصات موسم الرياض، حيث حققت النسخة الأولى من المبادرة انتشارًا لافتًا بلغ ما يقارب مليار مشاهدة، ما يعكس حجم التأثير الإعلامي والجماهيري الذي تحظى به المبادرة.

كما تشمل المزايا عرض شعار الشريك على جميع المواد الرسمية للمبادرة، بما في ذلك الشاشات الرئيسية في موقع الحفل، إلى جانب التغطية الإعلامية والترويج عبر الحسابات الرسمية لموسم الرياض على منصات التواصل الاجتماعي.

ويُمنح كل شريك كذلك عدد 10 دعوات مخصصة للرجال لحضور مراسم الزواج الجماعي، بما يعزز حضور الشركاء في الحدث ومشاركتهم المباشرة في صناعة هذه الليلة الإنسانية الفريدة.

وتُعد مبادرة “ليلة العمر 2” امتدادًا لنجاح النسخة الأولى، وترسيخاً لحرص موسم الرياض على الجمع بين الترفيه والمسؤولية الاجتماعية، عبر مبادرات تترك أثرًا مستدامًا في حياة الشباب، وتسهم في ترسيخ قيم التلاحم المجتمعي وصناعة الفرح في واحدة من أكبر الوجهات الترفيهية على مستوى المنطقة.

مقالات مشابهة

  • انتحار ضابط في الجيش العراقي بشنق نفسه في بغداد
  • نشرة منتصف الليل| الحكومة تؤكد سلامة الدواجن.. ووزير الإسكان يكشف تفاصيل أزمة أرض الزمالك
  • حازم مبروك عطية يوضح أثر صلة الرحم على بركة العمر
  • تركي آل الشيخ يطلق النسخة الثانية من مبادرة “ليلة العمر”
  • كيف يتفكر الإنسان ويكون الفكر لله؟..على جمعة يوضح
  • هل ممارسة الرياضة في منتصف العمر مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بالخرف؟
  • ارتفع عدد المصابين في مشاجرة باسوان
  • أزمة منتصف العمر فى «السلم والثعبان - لعب عيال»
  • إعادة تدوير الماضى
  • الثوم: كنز طبيعي لتعزيز الصحة وطول العمر