شاركت الدكتورة غادة ندا، وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية، في فعاليات ندوة توعوية بعنوان “السلوكيات الإيجابية للمعلم والطالب' وأثرها في تحسين العملية التعليمية”، في ضيافة الدكتور عربي أبو زيد، وكيل وزارة التربية والتعليم بالإسكندرية، وبحضور الدكتور إبراهيم الجمل، مدير عام منطقة وعظ الأزهر بالإسكندرية، والدكتور محمد أنور فراج، عميد كلية تربية جامعة الإسكندرية سابقا، وذلك بمدرسة الكويت الثانوية بنات بإدارة المنتزه التعليمية.

شهدت الندوة نقاشًا ثريًا حول أهمية بناء علاقة إيجابية بين المعلم والطالب تقوم على الاحترام والتفاهم المتبادل، لما لذلك من أثر مباشر في تحسين جودة التعليم داخل الفصول الدراسية.

وخلال كلمتها، أكدت الدكتورة غادة أن الصحة العامة تلعب دورًا محوريًا في دعم العملية التعليمية، مشيرة إلى أهمية دور المعلم خلال تواجده مع الطلاب لتحسين السلوك الصحي والاكتشاف المبكر لبعض الأمراض.

ونوهت إلى التعاون المثمر مع التربية والتعليم لتنظيم ندوات وورش عمل توعوية لرفع الوعي الصحي بالمدارس.

وخلال كلمتها، تطرقت لبعض الموضوعات الهامة، والتي شملت أهمية غسل الأيدي للوقاية من العدوى، والتغذية السليمة وأثرها الإيجابي على صحة الطالب وقدرته على التحصيل الدراسي، ومفاهيم النظافة الشخصية، والتوعية ببعض الأمراض التي يمكن للمعلم اكتشافها مبكراً من خلال تعامله اليومي مع التلاميذ، والإسعافات الأولية لإصابات الأطفال داخل المدارس.

كما أوضحت مكافحة التنمر والتحرش، والتعريف بكيفية تعليم الطفل الحفاظ على جسده ، وآليات التصرف حال حدوث أي مكروه للطفل، وضرورة بناء ثقة وجسر قوي للتواصل مع الطلاب، والتوعية بمخاطر الابتزاز الإلكتروني وتزويد الطلاب برقم خط نجدة الطفل للإبلاغ في حالة التعرض لأي شكل من أشكال الأذى.

وخلال كلمته، أكد الدكتور عربي أبو زيد أهمية التكامل بين جميع مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني للتنمية والنهوض والارتقاء بجميع عناصر المجتمع المصري وتوعيتهم توعية شاملة بمقدراتهم ومقدرات وطنهم وغرس وتعزيز قدراتهم ومهاراتهم في تعزيز السلوكيات الإيجابية للطالب والمعلم بالمدارس لتحقيق التنمية الشاملة.

وشدد على أهمية تعزيز الثقة بالنفس، وتنمية مهارات التفكير العلمى والموضوعى والإبداعي وتحمل المسئولية وتحقيق التوازن مع تنمية مهارات التواصل مع الآخرين واحترام ثقافة الآخر وحماية أمن الطالب والمعلم وسلامته ومواجهة التحديات مع شغل أوقات الفراغ بما يفيد فى الوصول للأهداف التي يسعى الى تحقيقها وتنمية الوعى وغرس الانتماء وإعمال العقل والتفكير المنطقى مما يساعد على نبذ العنف ومواجهة التطرف ومحاربة الشائعات ونشر ثقافة العمل الجماعي والتطوعي ومواجهة التحديات وتوجهات الدولة نحو بناء الإنسان.

كما أكد الدكتور إبراهيم الجمل فى كلمته أن رسالة المعلم تتجاوز تدريس المناهج، لتشمل توجيه التلاميذ نحو القيم الإنسانية والإيجابية، والمعلم هو رائد في مجال التعليم، يحمل على عاتقه مسئولية تشكيل عقول وأفكار الأجيال الجديدة، وأن التوجيه والنصح والوعظ أو التعاليم المرسلة -رغم أهميتها- لا تكفي لتعديل السلوك وتثبيت السمات والأنماط السلوكية الجديدة، وأنه قد آن الأوان إلى التحول من الثقافة الوعظية إلى الأساليب العصرية التطبيقية، فتغير السلوك شيء صعب واكتساب بعض السمات والعادات أكثر صعوبة.

وقال إن الإسلام قدم مجموعة من الأساليب الفعّالة في هذا المجال تتفق مع الأبحاث الحديثة ومع آراء علماء معاصرين، فالمعلمون، عبر التاريخ، كان لهم دور كبير كقدوة حسنة في تربية الأجيال على القيم الإسلامية. من خلال تعليمهم وتوجيههم، استطاعوا أن يؤثروا بشكل إيجابي على طلابهم، مما ساهم في بناء شخصياتهم وتشكيل قيمهم.

وأوضح الدكتور محمد أنور فراج فى كلمته أن إشراك التلاميذ في الأنشطة هو أحد الأساليب الفعالة لتعزيز القيم، وتساعد الأنشطة التلاميذ على تطبيق القيم في الحياة اليومية وتعلم التعاون والمشاركة، ويمكن للمعلم تنظيم ورش عمل، أو فعاليات تطوعية، أو مسابقات تحفز التلاميذ على العمل الجماعي، ويلعب المعلمون دورًا محوريًا في غرس السلوكيات التي يرغبون في تقليدها في فصولهم الدراسية. 

وأضاف: “يميل الأطفال إلى التعلم من خلال ملاحظة الكبار وتقليدهم، لذا من الضروري أن يُظهر المعلمون الاحترام والتعاطف أثناء تفاعلهم مع الطلاب عندما يُقدّم المعلمون نماذج سلوكية إيجابية باستمرار، فإنهم بذلك يضعون معيارًا يمكن للطلاب اتباعه”.

جاء ذلك بحضور الدكتورة رانيا أبو الخير، مدير إدارة الثقافة الصحية، والدكتورة شريهان فؤاد، مدير إدارة العلاقات العامة والاتصال السياسي، والدكتورة شيماء فضالي، مدير المكتب الفني لوكيل الوزارة، بالإضافة لعدد من قيادات مديرية التربية والتعليم وعدد من معلمي مدارس إدارة المنتزه الطبية.

وفي نهاية الندوة، تم فتح نقاش حر مع المعلمين والرد على أسئلتهم واستفساراتهم.

وقد أكدت الدكتورة غادة ندا خلال المناقشة ضرورة عقد مثل هذه الندوات وأنها على استعداد لكل سبل التعاون مع التربية والتعليم من أجل نشر المعلومات الصحية السليمة داخل المدارس بين الطلاب والمعلمين لضمان صحة وسلامة العملية التعليمية.

طباعة شارك الاسكندرية تعليم الاسكندرية السلوكيات الايجابية غادة ندا وزارة الصحة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الاسكندرية تعليم الاسكندرية السلوكيات الايجابية غادة ندا وزارة الصحة التربیة والتعلیم

إقرأ أيضاً:

عن قلوب الشعوب وأرواحها.. حديث في الثقافة واللغة وارتباطهما بتعليم اللغة لغير الناطقين بها

"الثقافة ذاكرة الشعوب وعنوان حضارتها"، ما زالت هذه العبارة التي سمعتها من أحد الأساتذة الفضلاء في إحدى المحاضرات في الزمن الغابر ترنّ في أذني كلما طرق حديث الثقافة أبواب المجالس والحوارات، وأذكر جيدًا كيف شرح لنا آنذاك كيفية تشكيل الثقافة في المجتمعات، واكتسابها لدى الأفراد، فقال إن ثقافة كل منكم تعتمد على ما سيبقى في ذاكرته من الكتب التي طالعها والمعلومات التي سمعها، والمعارف التي عاينها، والحكايات التي كان من شأنها أن تبقى راسخة في نفسه وذاكرته من دون وعي منه أو إدراك. ويتسق هذا الحديث مع ما قاله المهاتما غاندي من أن "ثقافة الأمة تكمن في قلوب شعبها وأرواحهم".

مما لا شك فيه أن الثقافة مرتبطة ببُنية الشعوب وهيكلها الأساسي، ويذهب بعض علماء الاجتماع إلى ربطها بالديمقراطية بوصفها نتيجة حتمية تعيشها الشعوب المثقفة بأشكالها كافة. وقبل الحديث عن ارتباط الثقافة بتعليم اللغة لا بد أن نعرج قليلا على علاقة الثقافة بالمجتمعات.

ما العلاقة بين الثقافة والمجتمعات وكيف تتشكل؟

إذا اتفقنا على أن الثقافة أسلوب حياة، فلا بد أن ننتبه إلى أن لكل أمة من الأمم ثقافتها الخاصة بها، ولكل شعب من الشعوب طقوسه الثقافية المختلفة التي يتميز بها، ولأن اللغة وعاء الثقافة وحاملها وناقلها لا بد أن نرى انعكاسات الثقافة في اللغة نفسها، فهي أداة التواصل الأساسية بين أبناء المجتمع الواحد، وبينه وبين المجتمعات الأخرى، لتبادل أي نشاط معرفي أو فكري.

إعلان

ولكل مجتمع قواعده الخاصة التي تنظمه، وله معاييره في الحكم على السلوك وتقييم المعرفة. ولأن الثقافة تُكتَسب من المحيط نجد أن المرء يتشرب ثقافة مجتمعه الذي نشأ فيه، ومجتمعه الذي يعيش فيه، شاء أو أبى.

المثقفون عناصر أساسية وفعالة في بناء المجتمعات، وهذا ما يجعل الثقافة بحد ذاتها ظاهرة إنسانية فحسب، تعتمد على الاجتهاد في تحصيل المعارف، والسعي إلى توسيع دائرة المدارك، وخلق أجواء إبداعية تقوم على تراكم التحصيل المعرفي بشتى مجالاته العلمية والفنية والأدبية.

اللغة تشكل وعاء الثقافة فهي أداة للتواصل وتبادل الأفكار بين المجتمعات وتعكس هوية الشعوب عبر الزمن والتفاعل مع البيئة الحاضنة (شترستوك)

ولأن الثقافة مكتسب تراكمي، لا بد أن يحافظ المثقفون على ما جاء في تراثهم الثقافي، ليبنوا ويزيدوا عليه بالقدر الذي ينسجم مع ما جاء فيه انسجاما منطقيا يقوم على تفنيد الأفكار ومحاورة العقول وتصفية المعارف مما علق فيها من الشوائب، مع العمل على دعمها بالقيم الروحية إن أراد أو استطاع!

وعند الحديث عن ثقافة الشعوب فإننا نقصد كل ما يتعلق بهم من عادات وتقاليد مجتمعية، وقيم أخلاقية وأخرى معيارية جمالية ذوقية، إذ تتجلى مظاهر ثقافة الشعوب في المأكل والمشرب والملبس والزينة، وكل ما له صلة بالحياة وأساليب المعيشة، وتظهر في احتفالاتهم وأعيادهم، لا سيما القومية والدينية منها، كما تبدو في أنواع الفنون التي يفضلونها ويهتمون بها، كالفنون الشعبية والرسم والموسيقا، وغير ذلك من الفنون التي وصف الكاتب الأميركي توماس وولف تحولها في تعريف الثقافة وارتباطها بالمجتمعات إلى معتقدات فقال إن "الثقافة هي الفنون التي ترقى إلى مستوى مجموعة من المعتقدات".

وكلما كانت الشعوب أكثر انفتاحًا على ثقافات الآخرين تحلّت بقدرات عالية على الاتصال والتواصل، في حالات السلم والحرب على حد سواء. كذلك فإن الاختلافات الجوهرية بين الشعوب، وفقًا لعالمة الاجتماع الأميركية روث بندكت، ليست بيولوجية، بل ثقافية بحتة. وهذا التنوع الثقافي يُعدّ ثراء مجتمعيا وقوة جماعية.

إعلان هل الثقافة نشاط مجتمعي مقصود لذاته؟

يمكن للإنسان أن يصنع ثقافته الشخصية، ويغذي مراجعه المعرفية، ويطور من علومه المكتسبة ومعارفه التي يطلع عليها بعمق أو بسطحية، غير أن ثقافة الشعوب ليست فعلًا واعيًا كبناء الثقافة الشخصية، إذ تتكون ثقافة الشعوب والمجتمعات بالزمن والتجارب والتراكم المعرفي لدى الشعوب، وبالتفاعل مع البيئة الحاضنة وما تفرضه من شروط، وما تجلبه بطبيعتها من انفتاح على الآخر أو انغلاق.

المثقف هو مرآة مجتمعه وقادر على محاورة الأفكار بموضوعية (شترستوك) كيف نميز المثقف من غيره؟

يعتمد معيار الحكم بالثقافة لشخص ما على كثرة معارفه واطلاعه، وقدرته على استحضارها واستعمالها في حديثه ومواقفه، ولكي يكون المرء مثقفًا راقيًا يجب أن يكون متنوع المشارب منفتحًا على ما لا يوافق هواه وأفكاره ومعتقداته، متفهمًا لطبيعة الاختلاف البشري، قادرًا على إظهار الموضوعية في تناول الأفكار ومعالجتها، وإلا فإنه سيكون أشبه بالبحار الذي يصر على بلوغ وجهته على الشاطئ الأبعد وقد ترامت به الأطراف وبدت له السواحل الأقرب.

يقال إن دور المثقفين يقتصر على حل المشكلات بعد وقوعها، في حين تعتمد المجتمعات على العباقرة لمنع حدوث المشكلات من أصلها، فما رأيك؟

إن هذا الاعتقاد يؤطر دور المثقفين في المجتمعات ويجعلهم أشبه بالأدوات الإسعافية التي يلجأ إليها لحل المسائل العالقة والخلافات الشائكة، وحقيقة الثقافة وأهمية المثقفين في المجتمعات تتجاوز هذه المعاني إلى مساحات أوسع وأعمق بكثير.

فالمثقفون هم واجهة المجتمعات ومرايا ها التي تعكس مدى رقيّها وثبات أعمدتها في بنيان الحضارة الإنسانية، إنهم أشبه بالأنوار التي تدور في أفلاك المجتمعات فتنير السبل وتهتدي بها الخُطا وتسمق القامات. كذلك فإن للثقافة ارتباطًا وثيقًا بالأخلاق في عموم المجتمعات، تتفاوت أهميته وفقًا للمعتقدات الدينية والقوانين المجتمعية الناظمة.

إعلان ما بين الثقافة والهوية وتعليم اللغة لغير الناطقين بها

ترتبط الهوية بالسمات والخصائص والمقومات الجوهرية التي تجعل أي شعب مطابقًا لذاته، مميزًا من غيره من الشعوب والأمم، فالهوية ثقافة، والهوية لغة، والهوية دين ومعتقد، وبهذا المعنى فإن الهوية ليست محض فسيفساء جمالية خارجية، بل هي أساس جوهري في وجود الفرد والمجتمع، فالوجود الحضاري للإنسان في هذا الكون مرتبط بهويته ارتباطًا جذريا. وقد يتساءل القارئ: وما علاقة الثقافة بتعليم اللغة؟

علاقتهما وطيدة جدا! ويمكننا أن نقول إن العلاقة بينهما علاقة تكاملية. فحين تحاول تعلم لغة ما أو تعليم لغة ما ستكتشف مدى حضور ثقافة الشعوب وأهميتها في تعلّم اللغات، فالثقافة الشعبية حاضرة في تفاصيل اللغة حضورًا بارزًا، فهل يمكن لمن يتعلم اللغة العربية أن يغفل عن جدية حضور الثقافة الإسلامية لدى الشعوب العربية؟

حاول أن تتذكر معي كثيرًا من العبارات التي ترددها كل يوم للرد على الآخرين في مفاصل كثيرة من حياتك اليومية، ستدرك أن الدعاء -على سبيل المثال- حاضر في تفاصيل أحاديثنا حضورًا متسقًا وكثيفًا، حتى بات المتحدث لا يدرك اتصال هذه العبارات بالثقافة الدينية، وصار غير المتدينين يرددونها، بل حتى العرب من أصحاب الديانات الأخرى صاروا يرددونها بسبب هيمنة الثقافة المجتمعية والبيئة الحاضنة عليهم، كقولنا: ما شاء الله! وإن شاء الله. وسأزيدك من الشعر بيتًا، بعض المسلمين من غير العرب يستعملون هذه القوالب من دون إدراك تامّ لمعانيها!

تعلم لغة جديدة يكشف تفاصيل ثقافة الشعوب وأساليب حياتها ويعزز الفهم والتواصل الإنساني (شترستوك)

ولعلك عزيزي القارئ تتذكر حين حاولت تعلم لغة أجنبية أنك صادفت تفاصيل ومواقف لا تتناسب مع ثقافتك وعقيدتك، فحين نطالع كتابًا من كتب تعليم اللغات كتعليم الإنجليزية أو غيرها، سنجد بعض النصوص المعدّة للتعليم تتحدث عن ثقافات بعيدة عن معتقداتنا كلّ البعد، وسنجد بعض الحوارات التي تدور بين الأصدقاء وهم يحتسون أنواعًا مختلفة من الشراب في نادٍ أو مقهى ليلي، فتتعلم بذلك بعض الكلمات والمصطلحات التي لم ولن تستخدمها في حياتك بوصفك مسلمًا ملتزمًا.

إعلان

في حين نجد في كتب تعلم العربية حوارات تدور في المساجد، ونصوصًا أخرى تتحدث عن التاريخ الإسلامي، وتبث عبارات إيمانية تحمل معاني الاعتقاد الإسلامي بوصفه أمرا بدهيا، كالحديث عن الجهاد في سبيل الله ومكانة الشهداء مثلا. لذلك لا يمكن أن تنفصل لغة الشعوب عن أنماطها الثقافية وعاداتها وتقاليدها.

إن تعلم لغة أي شعب من الشعوب يتصل اتصالا وثيقًا بالاطلاع على ثقافتها، فتعلم اللغات يعتمد على قراءة النصوص والمقالات وسماع الحوارات المختلفة في مواقف متنوعة من الحياة، وستدرك في رحلة تعلم لغة ما أنك في نهاية المشوار حصّلت معارف ثقافية حول أصحاب اللغة، واكتشفت أساليبهم في المعيشة ومنهجهم في التفكير ومعالجة الأمور ومحاكمتها، وستدرك أنك كوّنت فكرة واسعة عن الشعب نفسه وثقافته بمحض تعلّمك للغته، فاللغة في الحقيقة مرآة الشعوب التي تعكس ثقافاتها.

وفي مجال تعليم اللغات يعمد مبرمجو المناهج التعليمية إلى بث ثقافات الشعوب في موادهم التعليمية، إذ يرون أن ذلك يبعث في نفوس الطلاب رغبة في اكتشاف الجديد ومعرفة ما يجهلونه من طبائع الشعوب وعاداتها، ويعد محفزًا على تعلم اللغة والإحاطة بها، فيغدو اكتساب اللغة حينذاك تحصيلًا تلقائيا، إذ يرغب الطالب بفهم أهل اللغة ومعرفة أهوائهم فيجد نفسه منكبًّا على تعلم لغتهم والاطلاع على ثقافتهم.

ومن تجربتي الشخصية وجدت أن الطلاب ينكبّون على دروس القراءة والمحادثة بشوق مختلف عن دروس القواعد والإملاء، ففيها حكايات مسلّية وأفكار مختلفة عما ألفوه، كأنها نوافذ مغلقة تنفتح أمامهم على مغاليق الشعوب الأخرى، لا سيما إذا ما كان الموضوع يعكس أساليب المعيشة في المأكل والمشرب والملبس والاحتفالات، إذ تغدو مثل هذه الدروس أكثر جاذبية لدى الطلاب، بدافع الفضول أكثر من دافع الرغبة بتعلم اللغة.

اللغة مرآة تعكس عمق التجارب والعادات الاجتماعية (شترستوك) هل تعكس تعابيرنا اللغوية اليومية ثقافتنا؟

تشكل اللغة أرضًا خصبة لإظهار ثقافة الإنسان وسعة اطلاعه، ويقال في ما أُثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه "إن الإنسان مخبوء تحت لسانه". والإنسان في الحقيقة نتاج أفكاره وخطراته، ولغته التي يلتزمها في كلامه ترسم صورته الذهنية لدى الآخرين، وأساليبه في الحديث والتعبير تبني لدى الآخرين انطباعًا عامًّا عن شخصيته وأدبه وثقافته، وتعكس خلفيته الثقافية ومشاربه الفكرية واعتقاداته الدينية أيضًا.

إعلان

فالكلمة مرآة العقل، وهي معيار السامع في الحكم على عقل المتحدِّث ومكانته، ويشهد لذلك قول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أظلُّ أهاب الرجل حتى يتكلَّم، فإن تكلَّم سقط من عيني، أو رفع نفسه عندي"، ومثل ذلك العبارة الشهيرة التي تُنسب إلى الفيلسوف اليوناني سقراط: "تكلَّمْ حتى أراك". لذا يجب أن نكون على حذر عند التصدر للحديث، فكلماتنا ترسم وجوهنا وتحدد معالم شخصياتنا وتبني مكانتنا في المجتمع ولدى الآخرين.

مقالات مشابهة

  • السيسي وبوتين يشددان على أهمية استعادة الاستقرار في قطاع غزة
  • عن قلوب الشعوب وأرواحها.. حديث في الثقافة واللغة وارتباطهما بتعليم اللغة لغير الناطقين بها
  • سفير مصر في بلجراد: القاهرة تولي أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتها مع صربيا
  • وزير التربية والتعليم يعرض التحديات التي تواجه العملية التعليمية وماتم اتخاذه من قرارات وخطوات للتعامل مع هذه التحديات
  • جامعة طنطا تستضيف مصطفى حسني في ندوة حوارية
  • نائب رئيس جامعة الإسكندرية يفتتح الملتقى التوظيفي السابع بكلية تربية نوعية
  • الدكتور مصطفى ثابت يحذر من «الدارك ويب» في ندوة توعوية بعلوم الحاسب جامعة باديا
  • وكيل صحة الإسكندرية: الصحة العامة تلعب دورًا محوريًا في دعم العملية التعليمية
  • جامعة طنطا تستضيف الداعية مصطفى حسني في ندوة «كيف نكون طلابًا أسوياء»