كيف يقرأ الإسرائيليون خطة نتنياهو لاحتلال غزة؟
تاريخ النشر: 11th, August 2025 GMT
القدس المحتلة- مع اقتراب ملامح خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاحتلال قطاع غزة من الاكتمال، والتي قد تمتد لـ6 أشهر أو أكثر، تتجه الحكومة الإسرائيلية لتعزيز قدراتها العسكرية بمنح وزير الأمن يسرائيل كاتس صلاحية استدعاء ما يصل إلى 430 ألف جندي احتياط، تمهيدا لتوسيع نطاق القتال والسيطرة على القطاع.
ورغم أن هذه الخطوة تبدو للوهلة الأولى حاسمة، فإن أوساطا إسرائيلية عسكرية وإعلامية أبدت تحفظات واسعة بشأن جدوى تنفيذ خطة الاحتلال الشامل، مرجحة أن تكون في جوهرها مناورة سياسية لكسب الوقت، خصوصا مع تصاعد الضغوط الدولية والمحلية، وفي مقدمتها القرار الألماني بوقف تصدير السلاح لإسرائيل.
كما حذرت تقديرات اقتصادية وقانونية من أن احتلال غزة سيكلف الميزانية الإسرائيلية عشرات المليارات من الشواكل سنويا، فضلا عن المخاطر القانونية التي قد تواجهها تل أبيب بفعل استمرار الاحتلال، وما يفرضه القانون الدولي من التزامات على الدولة المحتلة تجاه السكان المدنيين.
وتؤكد هذه التقديرات أن تبعات القرار لن تقتصر على دوائر صنع القرار، بل ستنعكس على حياة الإسرائيليين اليومية من حيث تكاليف المعيشة، والتنقل، والسفر، مما يفاقم حالة القلق الشعبي حيال استمرار الحرب.
على المستوى الداخلي، شهدت إسرائيل تصاعدا ملحوظا في الحراك الشعبي المناهض للحرب، تخلله اشتباكات بالأيدي بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب، وإغلاق طرق رئيسية، وإشعال الإطارات، كما انخرطت عائلات الأسرى في احتجاجات واسعة، داعية إلى إضراب شامل في المرافق الاقتصادية للضغط على الحكومة من أجل وقف القتال والتوصل إلى صفقة تبادل أسرى عاجلة.
وفي ظل هذه الأجواء، يرى محللون أن خطة الاحتلال التي يروج لها نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- تندرج ضمن إستراتيجية سياسية تهدف لتعزيز موقعه الانتخابي عبر خلق انطباع بـ"هجوم واسع" يبرر استمرار العمليات، ويصرف الأنظار عن الحاجة الملحة لصفقة تبادل الأسرى.
إعلانووصف المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت يوسي يهوشواع الخطة بأنها ليست خطة حقيقية لاحتلال غزة، بل وسيلة لكسب الوقت من أجل إتمام صفقة تبادل جزئية.
وأوضح أن نتنياهو يقدمها لقاعدته الانتخابية على أنها "هجوم واسع"، رغم معارضته الكاملة أو الجزئية لمثل هذا الهجوم، مشيرا إلى أن ثمن الانقسام الداخلي سيدفعه الشارع الإسرائيلي.
ونقل يهوشواع عن رئيس أركان الجيش إيال زامير اعتباره الخطة "مصيدة إستراتيجية" يستحيل تنفيذها بسبب الكثافة السكانية العالية في القطاع، وغياب أي حلول إنسانية لإجلاء نحو مليون شخص.
وأشار إلى أن تقرير زامير حذر من إرهاق القوات، وارتفاع الإصابات، وتراجع الشرعية الدولية، مما يعزز صعوبة تطبيق الخطة.
أما المحلل العسكري في صحيفة هآرتس عاموس هرئيل، فرأى فجوة كبيرة بين قرار المجلس الوزاري المصغر الكابينت باحتلال غزة، وما يمكن تحقيقه فعليا على الأرض.
وأوضح أن صيغة القرار تؤجل التنفيذ نحو شهرين على الأقل، إن نفذت الخطة أصلا، مشيرا إلى تحديين أساسيين أمام نتنياهو: أولهما الضغط الأميركي لتنفيذ خطوات إنسانية مثل إدخال المساعدات وإقامة مراكز توزيع وإخلاء تدريجي للسكان، وهي خطوات تحتاج وقتا وتعاونا دوليا، وثانيهما صعوبة استدعاء أعداد كبيرة من قوات الاحتياط في ظل تراجع معدلات الاستجابة.
ولفت هرئيل إلى أن بيان الكابينت تجنب استخدام كلمة "احتلال" مكتفيا بـ"السيطرة"، ولم يتطرق إلى مصطلحات مثل "الهجرة الطوعية" أو "المدينة الإنسانية"، كما لم يحسم ما إذا كانت الخطة تهدف لصفقة تبادل شاملة أو جزئية.
على الصعيد الاقتصادي، حذر المستشار الاقتصادي السابق لرئيس الأركان رام أمينوخ من أن احتلال غزة سيكون فخا مكلفا وخطيرا بلا أفق زمني، إذ يفرض القانون الدولي على إسرائيل تقديم الخدمات المدنية الكاملة لنحو مليوني فلسطيني، وهو ما يشكل عبئا هائلا على ميزانية الدولة التي تعاني أصلا من دين عام يناهز 1.35 تريليون شيكل (الدولار يساوي 3.45 شواكل).
وأوضح أمينوخ لصحيفة ذا ماركر أن تقديم الخدمات لسكان غزة قد يزاحم الخدمات المقدمة للإسرائيليين، وربما يفرض إغلاق مستشفيات أو رفع الضرائب أو زيادة الاقتراض، محذرا من أن أي تقصير قد يعرض تل أبيب لاتهامات دولية بالإهمال المتعمد.
وفي تحليل لصحيفة كلكليسيت، قدر المحلل الاقتصادي أدريان بايلوت التكلفة السنوية لتوفير خدمات مماثلة لتلك التي يحصل عليها المواطن الإسرائيلي لسكان غزة بنحو 61 مليار شيكل (17.5 مليار دولار)، وحتى في حال خفضها للنصف ستبقى التكلفة بحدود 30 مليار شيكل (8.6 مليارات دولار)، فضلا عن النفقات العسكرية والأمنية.
وأشار بايلوت إلى أن إعادة إعمار غزة ذات الكثافة السكانية الأعلى في العالم تكاد تكون مهمة مستحيلة في ظل أزمتها الإنسانية الخانقة، مرجحا أن السيناريو الأكثر واقعية هو مقترح زامير بتطويق القطاع وعزل القوات الإسرائيلية عن السكان، لكنه حذر من أن هذه الخطة أيضا ستكلف عشرات المليارات سنويا.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات احتلال غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
4 دول تنضم لبيان غربي يدين خطة إسرائيل لاحتلال غزة
انضمت 4 دول إلى بيان مشترك وقعت عليه ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وأستراليا ونيوزيلندا، يدين قرار إسرائيل شن عملية عسكرية واسعة النطاق لاحتلال قطاع غزة.
وعقب إقرار المجلس الإسرائيلي الأمني المصغر (كابينت) في اجتماع أمس الأول الجمعة، أصدرت ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وأستراليا ونيوزيلندا، بيانا مشتركا أدانت فيه القرار "الذي يشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي".
وانضمت النمسا وفرنسا وكندا والنرويج لاحقا ووقعت على البيان الذي حذر من تبعات الخطة الإسرائيلية التي ستؤدي تفاقم الأوضاع الإنسانية، وتعريض حياة الأسرى الإسرائيليين للخطر، وزيادة مخاطر النزوح الجماعي للمدنيين الفلسطينيين من القطاع.
ولفت البيان إلى أن الخطة الإسرائيلية "تشكل خطرا حقيقيا لانتهاك القانون الدولي الإنساني"، وأكد أن أي محاولات لضم الأراضي أو توسيع المستوطنات "تُعَد انتهاكا صارخا لهذا القانون".
كما دعا البيان المجتمع الدولي لبذل ما بوسعه من أجل التوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار بما يسمح بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودون عوائق ووضع حد للمجاعة الذي حصدت أرواح عشرات من أهلي غزة.
وشدد البيان على أن الوضع الإنساني في غزة لا يزال كارثيا، وطالب الحكومة الإسرائيلية بإيجاد حل عاجل لتغيير نظام تسجيل منظمات الإغاثة الدولية، إذ إن استبعاد هذه المنظمات سيكون "إشارة مروعة".
وأكد على ضرورة تنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لضمان عيش الإسرائيليين والفلسطينيين معا في سلام وأمن وكرامة، واعتبر أن "الحل السياسي القائم على حل الدولتين يتطلب نزع سلاح حركة حماس بالكامل، واستبعادها من أي شكل من أشكال الإدارة في قطاع غزة، مع منح السلطة الفلسطينية دورا مركزيا"، وفق نص البيان.
يذكر أن الخطة الإسرائيلية الجديدة تنص على بدء جيش الاحتلال التحرك نحو مناطق لم يدخلها سابقا، بهدف السيطرة عليها، وتنطلق من تهجير فلسطينيي مدينة غزة نحو الجنوب، وتطويق المدينة، ومن ثم تنفيذ عمليات توغل إضافية في مراكز التجمعات السكنية، وفق هيئة البث الإسرائيلية الرسمية.
إعلانووفق معطيات الأمم المتحدة، فإن 87% من مساحة القطاع الفلسطيني المنكوب باتت بالفعل اليوم تحت الاحتلال الإسرائيلي أو تخضع لأوامر إخلاء، محذرة من أن أي توسع عسكري جديد ستكون له تداعيات كارثية.