"عاهدت نفسي ألا أصمت أبدًا"، بهذه الجملة تلخص الناشطة اليهودية النمساوية داليا ساريج، مسيرتها التي اتخذت فيها موقفا صريحا ضد الصهيونية، من داخل أوروبا، ومن قلب المجتمع اليهودي نفسه.

وفي لقاء خاص مع "عربي 21" قالت داليا، التي تنحدر من عائلة يهودية نجت من المحرقة النازية بعد فرارها من فيينا عام 1938 إلى فلسطين، أنها بدأت مسيرتها النضالية في التسعينيات بعد تجربة شخصية عاشتها في فلسطين، حيث واجهت لأول مرة رواية الفلسطينيين عن التهجير والتمييز.



وأضاف أنها بدأت بعد ذلك تقف أمام الموروث الصهيوني الذي نشأت عليه، قائلة "فهمت أن الصهيونية ليست مجرد حركة وطنية، بل مشروع عنصري يقوم على تهجير شعب بأكمله."

وخلال إقامتها في فلسطين المحتلة، التحقت بجمعية الجليل – وهي منظمة فلسطينية مقرها الداخل المحتل – واندمجت مع المجتمع الفلسطيني، حيث تأثرت بقصص التشريد والحرمان التي رواها زملاؤها ومعلموها.



وقالت ساريج : "كان أستاذي للغة العربية، يحدثني عن عائلته التي طُردت من قريتها، وأدركت وقتها أنني إن أردت دولة يهودية، فإن ذلك يعني أن يقمع الآخرون، ما جعلني اتنازل عن فكرتي في العيش في دولة يهودية، نظرا لأنها تقوم على دماء الفلسطينيين، وعلى التمييز العنصري الصهيوني".

من الانتماء إلى التمرّد
وغادرت داليا الأراضي المحتلة عام 2000 بعد أن شعرت بالتضييق داخل أوساط الاحتلال، قائلة "العنصرية أصبحت لا تطاق، لم أعد قادرة على العيش هناك"، حيث تم اتهامها بـ"التعاون مع العدو" بسبب قربها من الفلسطينيين، ومنذ ذلك الحين، كرّست نشاطها السياسي والاجتماعي في النمسا لمناصرة القضية الفلسطينية، وفضحت العنصرية الصهيونية، "التي تراها أكذوبة" وفق وصفها.

وأسست الناشطة اليهودية في فيينا منظمة "ليس باسمنا"، وأصبحت عضوًا ناشطًا في حركة التضامن مع فلسطين، وتشغل الآن موقعًا قياديًا في منظمة "مبادرة التضامن مع فلسطين" (IPS). وتعمل على تنظيم أول مؤتمر يهودي مناهض للصهيونية في أوروبا، تأكيدًا على أن "معاداة الصهيونية ليست معاداة للسامية".


وأضاف داليا ساريج خلال لقاءها مع "عربي21" أن دولة الاحتلال الصهيوني تخدع اليهود وتستخدمهم لإقامة دولة صهيونية قائمة على العنصرية والتمييز".

صوت يهودي لغزة
وقالت داليا: "أستخدم صوتي كيهودية لأحدث فرقًا... لكن لا أؤمن بالدين اليهودي كمرجعية سياسية، بل أعتبر نفسي شخصًا ذا جذور يهودية، ومنتميًا لحركة تحرير فلسطين".

وخاضت داليا تجربة سياسية في النمسا عبر المشاركة في تأسيس حزب تحت مسمي "قائمة غزة" في محاولة لنشر القضية الفلسطينية في المجتمع النمساوي وكذلك الترشح ضمن "قائمة غزة" للانتخابات البرلمانية في أيلول / سبتمبر الماضي، في محاولة لكسر الصمت الإعلامي والسياسي تجاه العدوان على غزة. قائلة: "صوتنا ملغى، الإعلام لا ينقل الحقيقة، والسياسيون خاضعون للوبي الصهيوني".


وتواجه داليا وزملاؤها في الحركة تحديات قانونية وأمنية، من بينها قمع الشرطة، وتهم دعم الإرهاب لمجرد استخدام شعار "من النهر إلى البحر". رغم ذلك، مؤكدة: "أنا من الطبقة المحمية، وخوفي أقل، ولهذا أصرخ... نيابة عن الذين لا صوت لهم".

دعوة أوروبية للضمير
ومن ناحية أخري تحمل داليا النخب الأوروبية – خصوصًا في ألمانيا والنمسا – مسؤولية الصمت عن جرائم الاحتلال الإسرائيل، معتبرة أن عقدة الذنب بسبب المحرقة تدفعهم لتبرير الإبادة الحالية بحق الفلسطينيين. قائلة: "لا أحد مسؤول عن ما فعله أجداده، لكننا مسؤولون عما يجري الآن".

ودعت داليا إلى النضال ضد العنصرية ليس فقط في فلسطين، بل أيضًا في أوروبا، حيث تتصاعد موجات الإسلاموفوبيا والتمييز ضد العرب والمسلمين. وتختم: "إذا لم نقف الآن ضد ما يجري في غزة، فغدًا سيكون الصمت مبررًا لكل ظلم... وكل من لا ينتمي للهيمنة سيكون هدفًا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الصهيونية فلسطين الاحتلال فلسطين الاحتلال الصهيونية ناشطة يهودية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مذيعة بريطانية تنتقد تعامل الإعلام مع قضية شميما بيغوم على خلفية دينها (شاهد)

انتقدت المذيعة السابقة في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، ميشال حسين، الطريقة التي تناول بها الإعلام قضية "شميما بيغوم"، الفتاة البريطانية التي سافرت مع زميلاتها إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم الدولة (داعش)، مشيرة إلى أن تناول الإعلام لها كان مرتبطا بدينها الإسلامي، بحسب تقرير نشرته صحيفة “التايمز” استنادا إلى محاضرتها بجامعة أوكسفورد.

وقالت حسين، خلال محاضرتها التي حملت عنوان "الإمبراطورية، الهوية والبحث عن العقل" ضمن فعاليات "محاضرة رومينز 2025"، إن الطريقة التي عوملت بها بيغوم كانت ستختلف لولا كونها مسلمة. وتسائلت: "هل كان سينظر الإعلام إلى بيغوم بنفس الطريقة لو لم تكن مسلمة؟". وأضافت أن الإعلام تعامل مع بيغوم بتسرع، مستغلا عمرها الصغير وظروفها النفسية والاجتماعية.

"I'm arguing for the lens that we look at issues [through] to, as far as possible, be equal and level."

Bloomberg Weekend presenter Mishal Husain speaks to #R4Today about delivering Oxford University's annual Romanes Lecture on 'Empire, Identity and the Search for Reason’. pic.twitter.com/pv9rTN74GR — BBC Radio 4 Today (@BBCr4today) October 14, 2025
وأشارت حسين إلى أن شبكة بي بي سي و"سكاي نيوز" فشلتا في القيام بواجب الرعاية تجاه بيغوم، التي فقدت جنسيتها البريطانية بعد سفرها إلى سوريا عام 2015 لدعم تنظيم الدولة. وأوضحت أن الإعلاميين أجروا مقابلة معها عام 2019، عندما كانت تبلغ 19 عاما، في مخيم بسوريا، ما أثار استياء واسعا بعد ادعائها عدم تأثرها بمشاهدة رأس مقاتل مقطوع، بينما تجاهل الإعلام حقيقة أنها كانت في حالة ضعف شديد وأنجبت بعد أيام من تلك المقابلة.

ولفتت حسين إلى أن المراسلين سجلوا المقابلة عندما كان ابن بيغوم يبلغ ثلاثة أيام فقط، مع سماع صراخ المولود بوضوح، وهو ما لم يلق اهتمام صناع القرار التحريري. وأضافت: "كنت سأواجه صعوبة في إجراء مقابلة بعد ولادة كل من أطفالي الثلاثة، حتى لو كانوا بصحة جيدة، فما بالك بمراهقة حديثة الولادة".

وأكدت حسين أن الإعلام فشل في فهم السياق الذي دفع بيغوم إلى التطرف في سن 16 عاما، معتبرة أنها كانت طفلة من الناحية القانونية، وأن الرجل الذي اصطحب الفتيات إلى سوريا كان يعمل مخبرا للاستخبارات الكندية، وهو أمر لم يتم التركيز عليه إعلاميا.


وحذرت حسين من أن الطريقة التي يصور بها المسلمون في وسائل الإعلام لم تواكب التحولات في الهويات الدينية الأخرى، مشيرة إلى أن الإعلام البريطاني تناول المسائل المتعلقة بالديانة الكاثوليكية والبروتستانتية في أيرلندا الشمالية من منظور قومي ووحدوي، بينما يختزل خطاب المسلمين في الإعلام إلى "السنة" و"الشيعة" أو "الصوت الإسلامي"، دون أي سياق أعمق عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية أو الفروق الداخلية. وأضافت: "قد يُقرأ عن مسلمين يشاركون في 'حرب مقدسة' دون أي تفسير لما يقوله الدين بشأن استخدام القوة".

وانتقلت حسين إلى الحديث عن تجربتها الشخصية في الإعلام، موضحة أن البداية كانت صعبة، وأن الحديث عن الدين أو العرق كان يبدو شخصيا للغاية، لكنها شعرت بمسؤولية المواطنة والامتياز المرتبط بمنصتها الإعلامية، معتبرة أن معظم المسلمين البريطانيين يفتقرون إلى تمثيل كاف في وظائف مثل وظيفتها، وفي سوق العمل بشكل عام.

يُذكر أن حسين تركت بي بي سي مؤخرا لتصبح محررة مستقلة في برنامج "بلومبيرغ ويك إند"، كما أطلقت بودكاست أسبوعي بعنوان "برنامج ميشال حسين"، حيث من المقرر أن يبث قريبا مقابلة مع مارك كارني، رئيس الوزراء الكندي.

مقالات مشابهة

  • عمل مليء بالدموع | الذكاء الاصطناعي يستدعي رموزا تاريخية للغناء من أجل فلسطين (شاهد)
  • مذيعة بريطانية تنتقد تعامل الإعلام مع قضية شميما بيغوم على خلفية دينها (شاهد)
  • فازت بجائزة التميز.. رونزا عمارة تروي حكاية شغفها بالفن: لوحاتي تجسّد طاقة الطبيعة | شاهد
  • العلامة مفتاح يؤكد التحضير الجيد للمؤتمر السادس “فلسطين قضية الامة المركزية”
  • العلامة مفتاح يؤكد أهمية الإعداد والتحضير الجيد للمؤتمر السادس “فلسطين قضية الامة المركزية”
  • “الشعبية” تهنئ الفلسطينيين والحركة الأسيرة بمناسبة تحرر الأسرى من سجون العدو الصهيوني
  • بلدية غزة لـعربي21: حجم الدمار في غزة هائل وغير مسبوق (شاهد)
  • طقس مستقر ورياح ناشطة جنوبًا
  • شاهد بالصور.. استمرار وصول الأسرى الفلسطينيين المحررين إلى مجمع ناصر الطبي في غزة
  • صنعاء: تحرير الأسرى الفلسطينيين انتصار للمقاومة وفشل ذريع للكيان الصهيوني