جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-15@03:19:04 GMT

قانون الغاب

تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT

قانون الغاب

 

 

صادق بن محمد سعيد اللواتي

 

كيف يثق شعوب العالم عمومًا، والمسلمون خصوصًا، بالأوروبيين؟ لقد سجل التاريخ عددًا لا يُحصى من أفعالهم اللاإنسانية تجاه أناس ليسوا من جلدهم الأبيض. لقد استعمروا وغزوا دولًا، وحولوا شعوبها إلى دينهم إما بالقوة أو بمنحهم حوافز مادية. لقد قتلوا ملايين السكان الأصليين ليستقروا في بلدانهم ويعتبرونها لهم.

تعتبر حكوماتنا الأوروبيين أصدقاء لنا، ولكن هل يمكن أن يكونوا أصدقاء لنا حقًا؟

في عالمنا اليوم، يحكم الأوروبيون من مختلف الأعراق واللغات دولًا عديدة، بل قارات، لم تكن في الأصل ملكهم، بل غزاها الاحتلال بقوة السلاح. على سبيل المثال يحكم الإنجليز الولايات المتحدة وكندا، ويحكم البرتغاليون الأرجنتين، ويحكم الإسبان جميع دول أمريكا اللاتينية. ونتيجة لذلك، أصبحت الشعوب الأصلية أقلية، تعيش في أدغالها، ولا تتمتع بحقوق متساوية مع الأوروبيين. إذا سألت أوروبيًا كيف جعلوا هذه البلدان ملكًا لهم، فسيجيب، "نحن من اكتشفها". هل يمكنك القول إنك اكتشفت دولًا لا يعيش سكانها الأصليون على أراضيها؟ هل هذا اكتشاف أم سرقة؟ حتى عندما وصلت إلى القمر، لم يكن بإمكانك ادعاء ملكيته لمجرد اكتشافك إياه، فكيف تُنسب القارتين الأمريكية والأسترالية بالكامل إلى الأوروبيين؟

في الواقع، كنت أول بشر هبط على سطح القمر وكما لا يمكنك ادعاء ملكيتك للقمر، فلا يجب عليك أيضًا ادعاء ملكية بلدان أخرى. فأنتم لصوص سرقتم بلدان شعوب أخرى وتدعون ملكيتها. حتى أنكم غيرتم أسماءها الأصلية، أليس كذلك؟ هل يحق للأوربيين سرقة بلدان وإقامة حكومات فيها وحرمان الشعوب الأصلية من حقوقها؟ هل عين أي من السكان الأصليين رئيسًا في الولايات المتحدة أو كندا أو أستراليا أو نيوزيلندا؟ أي قانون سمح للأوروبيين بالاستيلاء على بلدان الآخرين؟ الجواب: قانون الغاب. يمكن للمقيم أن يصبح مواطنًا في بلد غير البلد الذي ولد فيه، وهناك قوانين ولوائح تُـنظم هذا الأمر. خذ دونالد ترامب، على سبيل المثال، الرئيس الأمريكي الحالي. هو من أصل ألماني وأسكتلندي. ولد في أمريكا وقضى المدة اللازمة للتجنس، ما يمنحه الجنسية الأمريكية. لكن هذه اللوائح لا تمنحه الحق في التصرف كالفرعون الذي أعلن: "أنا ربكم الأعلى"؟

في قارة أستراليا، سيطر البريطانيون على أستراليا ونيوزيلندا. لماذا؟ لأنهم اكتشفوهما؟ عندما وصلت سفنكم الشراعية إلى تلك المنطقة ألم تكن مأهولة بالسكان الأصليين؟ الجواب لا يحتاج إلى إجابة؛ فالعالم أجمع يعلم أن للقارة سكانها. إذن أنتم سرقتم أستراليا ونيوزيلندا، ولم تكتشفوهما. وصلتم إلى القارة فقط ثم سيطرتم عليها بقوة السلاح.

لا نستغرب عندما نرى كيف تقدم هذه الدول، أمريكا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا مساعدات مالية وعسكرية سخية وغير محدودة للكيان الصهيوني، لأنها مثل بلدانها، احتلت بريطانيا فلسطين عام 1917م فأصبحت ملكًا لها، ثم أهدتها لليهود عام 1948. ألم يأت المهاجرون اليهود بعد الحرب العالمية الثانية من العالم الغربي وجعلوا فلسطين وطنهم، وطردوا سكانها الأصليين؟ إذا قيل لي إنَّ فلسطين ملك اليهود وإنهم عاشوا فيها قرونًا، أقل هذا صحيح، عاشوا كمحتلين عندما هاجر اليهود من مصر قادهم النبي موسى وأخوه هارون، الذي كان يكبر موسى بثلاث سنوات، مات هارون في الطريق ولم يكتب له رؤية فلسطين. لم يحقق النبي موسى حلم اليهود، إذ مات هو وخليفته قبل فتح فلسطين. واجه الجيش الغازي مقاومة شرسة من الكنعانيين، ولم يكن احتلالهم لفلسطين دون ثمن، كما توقعوا. يدعي اليهود زورًا أنهم عندما وصلوا إلى فلسطين، لم يكن فيها بشر، وفي هذا الصدد، يذكر كتابهم المقدس فلسطين بالاسم وملوك الكنعانيين العرب مرات عديدة، بل يذكر التاريخ أن النبي موسى تزوج امرأة عربية. طرد الرومان اليهود من فلسطين في القرن الأول من الميلاد. كتابهم المقدس هو تاريخ بني يعقوب، مليء بالأساطير. يذكر أن عدد المهاجرين اليهود بلغ ستمائة ألف، وأن إله العبرانيين كان ينزل عليهم خبزًا من السماء. كما أيدهم بملاك ليرشدهم في طريقهم إلى فلسطين.

ولا يخفى على أحد أن دولًا غربية كبريطانيا وفرنسا وهولندا، وحتى ألمانيا وإيطاليا، استعمرت معظم دول آسيا وأفريقيا، ويبدو أن الهدف كان جعلها مثل الأمريكيتين وأستراليا يحكمها البيض، حتى أن الأقلية البيضاء في دولتين هما جنوب أفريقيا وزمبابوي أعلنت استقلالها من جانب واحد بل وغيروا اسم زمبابوي إلى روديسيا. ومع ذلك، وبفضل مقاومة شعوب الدول المستعمرة، اضطرت الدول الأوروبية إلى الانسحاب ومنح شعوبها حق تقرير المصير.

أُكرِّرُ ما بدأتُ به، هل الأوروبيون جديرون بالثقة؟ عشت في أوروبا قرابة خمس سنوات، ووجدت أن معظم الأوروبيين يكرهون العرب، ربما لأننا لا نعترف بوجود إسرائيل. ألسنتهم معسولة، لكن قلوبهم مليئة بالكراهية تجاه المسلمين عمومًا. ألم يحن الوقت للشعوب العربية للبحث عن منافذ بديلة لمشترياتهم؟

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تداول المعلومات.. تسقط الشائعات

إن الشرعية الدستورية، ألزمت الدولة بتوفير المعلومات، وإتاحتها بكل شفافية ووضوح للشعب، من خلال ضوابط قانونية تنظم هذا الحق والحصول عليه، ولكن إذا كان القانون الأسمى والأعلى، قد أقره فى صلب تشريعاته، فكيف لا يوجد قانون إلى الآن، ينظم حرية تداول المعلومات والإفصاح عنها من مصادرها، لقد عرض رئيس الوزراء هذا الأمر، ذات القيمة الدستورية وجلا حقيقته، فى اجتماع مجلس الوزراء الأسبوع الماضى، حتى لا يكون هناك أى تناقضات لسلطة تشريعية تقره، أو ثمة أغلال أو قيود تعوق ممارسته، ثم Yن جموع الصحفيين فى أشد الاحتياج للمعلومات الصحيحة، فهم يريدونها ويكافحون من أجلها، لأنها بمثابة أكسجين الحياة بالنسبة لهم، وضرورة حتمية تقتضيها حرية العمل الصحفى، وتعتبر حجر الزاوية والتأصيل القانونى، فى حق التعبير عن الرأى فلا يكون إلا بها، لأنه لا ينفصل عن حرية الصحافة، وهو أساس العمل الديمقراطى لكل بلد متحضر، يسعى لإقامة دولة المؤسسات، التى تحترم حرية الرأى والنقد البناء، وهذا لن يأتى إلا فى ظل وجود صحافة حرة، يلتمس منها الشعب الآراء والأفكار، لتؤكد الإيمان بالعلم وترتقى بالمعرفة، بغية إصلاح حال المجتمع والأفراد، وتحقيق السعادة والرفاهية والازدهار والتقدم لهما، وتزداد الحياة رقيًا وجَمالًا.
إن أهمية إعداد تنظيم قانونى، لحرية الحصول على المعلومات وتداولها، له عدة أسباب رئيسية نذكر منها ثلاثة «أولها» أن هذا الحق وجد الحماية الدستورية فى إقراره، أى عندما تقره الحكومة تكون كاشفة لهذا الحق، بضوابط قانونية تنظمه وليست منشئة له.
«وثانيها» أن توافر المعلومات وسهولة الوصول إليها، دون فرض أى قيود عليها، تكون الدولة قد حققت أفضل طريقة للقضاء على الشائعات،التى أصبحت الشغل الشاغل لقنوات الشيطان، والسويشال ميديا الخاصة بها، التى تبث سموم الأفاعى والعقارب بتمويل من الخارج، وأن المقدمين لبرامجها هم خائنون عملاء ومرتزقة مأجورون لخدمة مخطط الشيطان، لأن هدفهم السعى بنشر الفتن والأكاذيب، وتأليب الرأى العام ضد الحكومة ومؤسسات الدولة الوطنية.
«وثالثها» يستحيل أن يكون هناك محتوى صحفى هادف، يخدم المصلحة العامة، دون أن يكون هناك تدفق وانسياب للمعلومات، وهذا ما تقوم به الصحف الورقية ومواقعها الرقمية، حيث إن ثمرة تَكريس أفكار عملهم الجماعى، يتواجد عندما يستسقى الصحفى معلوماته الصحيحة من المصادر الموثوق بها، وهذه حقيقة يتفق عليها كل من يشتغل أو يمتهن رسالة الصحافة، لأن توفير الوثائق والبيانات يمثل الشكل الأساسى فى نجاح العمل الصحفى، ومن نافلة القول يجعلنا نتحدث على أن، لا حرية صحافة دون وجود لحرية المعلومات وتداولها، وأن وجودها يضع حدًا قويًا لتقييد الشائعات وكبحها، وهذه الرؤية قد ظهرت حقيقتها جلِيا، عندما عزمت الحكومة على سن قانون المعلومات.

مقالات مشابهة

  • بطل مسلم ينقذ عشرات اليهود من الموت في هجوم سيدني ويحرج نتنياهو.. ما القصة؟. (فيديو)
  • أستراليا تجمل 14 هجوماً ضد اليهود منذ حرب غزة وسط اتهامات لإيران
  • واشنطن تدين الهجوم على احتفال اليهود
  • مجـ.ـزرة على شاطئ بوندي.. 12 قتـ.ـيـلًا وإصابة 29 في هجوم استهدف اليهود الأستراليين
  • ثنائية رافينيا تُعزّز صدارة برشلونة
  • من البوسنة إلى أستراليا.. هذا ما تعلمته طفلة لاجئة عن حرب البوسنة
  • سوريا تمنح ترخيصا لأول منظمة تُعنى بإعادة ممتلكات وتراث اليهود
  • برشلونة.. «الفارق 7» بـ«ثنائية» رافينيا
  • تداول المعلومات.. تسقط الشائعات
  • ملايين الأوروبيين بلا تدفئة كافية.. أين يبلغ فقر الطاقة أسوأ مستوياته؟