في مواجهة تصعيد الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الصينية، لجأ المصدرون الصينيون إلى استراتيجيات بديلة لضمان استمرار تدفق مبيعاتهم إلى السوق الأمريكية، التي تُعد من أكبر أسواقهم. ومن بين هذه الشركات، تقف مجموعة “بيفا” إحدى أضخم شركات تصنيع الأقلام والقرطاسية في الصين أمام تحدٍ وجودي كبير، بعدما أصبح 40% من دخلها السنوي مُهدداً بسبب السياسات الأمريكية.

قرارات ترامب تقلب موازين التجارة

في أبريل، قررت "بيفا" إلغاء عدد من الصفقات التجارية مع زبائنها في الولايات المتحدة، بعد أن رفع الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، معدلات الرسوم الجمركية بشكل مفاجئ. هذا القرار لم يكن تأثيره بسيطاً، بل أدى إلى انهيار حجم الشحنات إلى السوق الأمريكية، مما دفع الشركة إلى البحث عن أسواق بديلة بسرعة، في وقت يدرك فيه مؤسس الشركة، الذي تجاوز الستين من عمره، أن تعويض هذا السوق لن يكون بالأمر السهل.

البحث عن مخارج| مصر في الصورة

ومع اشتداد الأزمة، قرر مؤسس "بيفا" توسيع آفاق البحث عن حلول، فسافر إلى دول بعيدة مثل مصر، مدفوعاً بأمل إيجاد طرق بديلة للوصول إلى السوق الأمريكية دون المرور مباشرة من الصين. الشركة تفكر حالياً بجدية في تصدير منتجاتها عبر دولة ثالثة مثل مصر، مستفيدة من المزايا الجمركية النسبية التي توفرها.

وفي تصريحات لصحيفة "South China Morning Post"، أوضح نائب رئيس الشركة ونجل المؤسس، تشيو بو جينغ، أن شركتهم لا تزال ملتزمة بالسوق الأمريكية، حتى إن اضطرت لاستخدام طرق أطول وأكثر تعقيداً. وأكد تشيو أن مصر تُعد خياراً مثالياً في المرحلة المقبلة، لكونها من الدول التي لم تُفرض عليها رسوم جمركية كبيرة فقط 10% من قبل إدارة ترامب، بسبب عجزها التجاري مع الولايات المتحدة.

محاولات للتموضع الجغرافي

من جهة أخرى، تسعى "بيفا" إلى تنويع حضورها العالمي بشكل أوسع، وذكرت الصحف الأمريكية أن الشركة تُخطط لإنشاء مصنع مستقبلي في مصر، لا يخدم فقط السوق الأمريكية، بل يفتح أبواباً نحو أوروبا وأفريقيا أيضاً. كما كشف تشيو عن اجتماع مرتقب هذا الشهر مع شركاء أميركيين لمناقشة إمكانية إقامة خطوط إنتاج على الأراضي الأمريكية، رغم إقراره بأن هذا المشروع لا يزال بعيد المنال.

الرسوم تتصاعد.. والمصدرون يتأقلمون

شهدت السياسة التجارية الأمريكية منذ إعلان "يوم التحرير" في 2 أبريل ارتفاعات كبيرة في الرسوم، حيث فرضت واشنطن رسوماً بنسبة 145% على المنتجات الصينية، لتصل النسبة الفعلية مع الرسوم السابقة إلى نحو 156%. وردت بكين بالمثل، ففرضت رسوماً بنسبة 125% على السلع الأميركية. هذا التصعيد لم يترك مجالاً كبيراً أمام الشركات الصينية سوى الابتكار في أساليب التصدير.

في هذا السياق، وفّر قرار ترامب بتجميد الرسوم الإضافية لمدة 90 يوماً (باستثناء الصين) متنفساً مؤقتاً لـ"بيفا"، التي بدأت بالفعل بشحن بعض الطلبيات من قواعدها في فيتنام، وهي دولة كانت قد فُرضت عليها رسوم جمركية بنسبة 46% فقط.
 

أزمة تُنبت حلولاً

رغم كل التحديات، يبدو أن شركة “بيفا” ومثلها عشرات الشركات الصينية مصممة على عدم الخروج من الساحة الأمريكية. وبين البحث عن بدائل لوجستية، وتوسيع خطوط الإنتاج، وتوظيف الذكاء التجاري في مواجهة التحديات السياسية، تؤكد هذه الأزمة أن التجارة العالمية لا تموت بسهولة، بل تتحوّل وتتكيف، مدفوعةً بعزيمة البقاء.

طباعة شارك المنتجات الصينية الأقلام السياسات الأميركية الرسوم الجمركية الصين

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المنتجات الصينية الأقلام السياسات الأميركية الرسوم الجمركية الصين السوق الأمریکیة البحث عن

إقرأ أيضاً:

تعاون هندوي روسي متصاعد رغم العقوبات الأمريكية.. شراكة استراتيجية في الطاقة والتقنية

أعلنت وزارة التجارة والصناعة الهندية توسيع التعاون بين الهند وروسيا في عدد من القطاعات الاستراتيجية، من بينها إنتاج الألمنيوم والأسمدة والنقل السككي، وذلك عقب الجلسة الحادية عشرة لفريق العمل الهندي-الروسي المعني بالتحديث والتعاون الصناعي.

وذكر بيان رسمي أن الجانبين رحّبا بتعزيز التعاون في مجالات متعددة شملت معدات التعدين، الاستكشاف، إدارة النفايات الصناعية والمنزلية، فضلاً عن بناء القدرات وتبادل التكنولوجيا.

كما شمل التعاون مجالات العلوم والتكنولوجيا الفضائية، بما في ذلك تطوير محركات المكبس للطائرات الصغيرة، وتقنيات ألياف الكربون، والتصنيع الإضافي، والطباعة ثلاثية الأبعاد.

وأشار البيان إلى أن المحادثات تناولت أيضًا فرص التعاون في تعدين المعادن الأرضية النادرة والمعادن الإستراتيجية، وتغويز الفحم تحت الأرض، بالإضافة إلى تطوير بنية تحتية صناعية حديثة.

وأكد الطرفان التزامهما المتجدد بتعميق الشراكة الصناعية والاقتصادية، في وقت تشهد فيه العلاقات الروسية الهندية دفعة قوية رغم التوترات الدولية.

ويأتي هذا التطور في ظل ضغوط أميركية متصاعدة، إذ أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 25% على واردات هندية، مبررًا الخطوة بعلاقات الهند المستمرة مع روسيا، ولا سيما في مجال الطاقة.

في المقابل، نقلت صحيفة “مينت” عن مصادر مطلعة أن مصافي النفط الهندية المملوكة للدولة لا تزال تشتري النفط من روسيا، رغم التلميحات الأميركية إلى عكس ذلك. وتُعد الهند ثالث أكبر مستورد للطاقة في العالم، وتعتمد على الخارج لتغطية أكثر من 80% من احتياجاتها النفطية.

وتزامن هذا مع بيانات حديثة كشفت عن ارتفاع واردات الهند من النفط الروسي في يونيو/حزيران الماضي إلى أعلى مستوياتها خلال 11 شهرًا، بحسب شركة “كبلر” لتحليلات أسواق السلع، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية بين إسرائيل وإيران.

ويعكس استمرار التعاون بين نيودلهي وموسكو رغبة الجانبين في تعزيز الشراكات الاستراتيجية، رغم التحديات الجيوسياسية والضغوط الغربية المتزايدة.

مقالات مشابهة

  • «آي صاغة»: رسوم الذهب الأمريكية تفجر اضطرابًا في الأسواق العالمية… واستقرار حذر محليًا
  • تبدأ من 38 إلى 100 ألف جنيه.. مصروفات الجامعة الصينية وأقساط الرسوم 2025
  • متوسط الرسوم الجمركية الأمريكية يصل إلى أعلى مستوى له منذ الكساد العظيم
  • بينها الأحذية والموز والسيارت.. سلع سترفع رسوم ترامب الجمركية أسعارها بأميركا
  • رسوم ترامب تدفع الهند لوقف صفقة أسلحة أميركية
  • الرسوم الأمريكية الجديدة تهدد العلاقات مع الهند.. اجتماع حكومي لاحتواء الأزمة
  • الرابحون والخاسرون من رسوم ترامب الجمركية
  • تعاون هندوي روسي متصاعد رغم العقوبات الأمريكية.. شراكة استراتيجية في الطاقة والتقنية
  • رسوم ترامب الجمركية الجديدة على عشرات الدول تدخل حيز التنفيذ
  • رسوم ترامب الجمركية تدخل حيز التنفيذ في اختبار جديد للاقتصاد العالمي