مع بدء سريان الجولة الأحدث من الرسوم الجمركية التي أقرّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يتّجه الأميركيون لمواجهة موجة جديدة من ارتفاع الأسعار تطال سلعا استهلاكية أساسية مثل الأحذية والموز وحتى السيارات.

وبحسب ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" عن "مختبر الموازنة التابع لجامعة ييل"، فإن متوسط الضريبة على الواردات ارتفع إلى أكثر من 18%، مقارنة بنسبة 2.

4% فقط في كانون الثاني/يناير الماضي، في قفزة وُصفت بأنها الأعلى منذ عام 1934.

الأحذية والسيارات.. زيادات كبيرة

وتشير تقديرات "مختبر ييل" إلى أن أكثر القطاعات تضررا ستكون تلك المتعلقة بالملابس والمواد الغذائية والسيارات. ففي الأجل القصير، يُتوقّع أن ترتفع أسعار الأحذية بنسبة تصل إلى 40%، بينما قد ترتفع كلفة الملابس بنسبة 38%.

أما المنتجات الطازجة من خضار وفاكهة، فمن المتوقع أن تزداد أسعارها بنسبة 7%. وعلى صعيد السيارات، قد يضطر الأميركيون لدفع ما معدّله 5800 دولار إضافي لشراء سيارة جديدة، في وقت تعاني فيه ميزانيات الأسر من ضغوط التضخّم.

وفي هذا السياق، قالت شيكا جاين، الشريكة التنفيذية لشؤون المستهلكين والتجزئة في شركة "سايمون-كوشير" للاستشارات، إن "الناس قد يضطرون للاعتماد المتزايد على الديون للحفاظ على مستوى معيشتهم، ما يعني أن هذه الدورة التضخمية قد تُغذّي نفسها بنفسها، وتخلق حلقة مفرغة من الندرة وارتفاع التكاليف".

متسوقون في مركز وولمارت في الولايات المتحدة الأميركية (رويترز)الشركات لم تعد تتحمّل التكاليف

وأوضحت الصحيفة أن العديد من الشركات الكبرى، التي كانت قد امتصّت في مراحل سابقة بعض التكاليف الناتجة عن الرسوم الجمركية، باتت الآن تلجأ إلى تحميل تلك الكلفة مباشرة للمستهلك.

فقد أعلنت شركات مثل "أديداس" و"ستانلي بلاك أند ديكر" و"بروكتر أند غامبل" أنها بدأت فعليًا بتمرير جزء من كلفة الرسوم إلى العملاء، أو تخطط للقيام بذلك.

إعلان

أما شركات التجزئة مثل "وولمارت" و"ماتيل" و"هاسبرو" فقد حذّرت منذ أشهر من أن هذه الرسوم ستؤدّي إلى زيادات في الأسعار على المستهلكين الأميركيين.

وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن بعض الشركات الأخرى لجأت إلى إعادة هيكلة سلاسل التوريد أو إلى خفض عدد الموظفين، في محاولة لمواجهة الزيادات المفروضة. وذكرت الصحيفة أن "العديد من الشركات الصغيرة والكبيرة هرعت لتكييف أوضاعها مع اقتراب الموعد النهائي لتطبيق الرسوم الجديدة".

عبء على ذوي الدخل المحدود

من جهة أخرى، قال الخبير الاقتصادي في "معهد البحوث السياسية الهادئة"، واين وينغاردن، إن "الضرائب التي تمثّلها هذه الرسوم الجمركية تلحق الأذى الأكبر بالأسر ذات الدخل المنخفض والطبقة العاملة".

وأضاف في تصريحاته لـ"نيويورك تايمز" أن "الاقتصاد في وضع أسوأ الآن مما كان عليه في كانون الثاني/يناير 2025 بسبب هذه السياسة"، مشيرًا إلى أن أثر الرسوم سيطال بشكل أساسي من هم أصلا في وضع هش.

وتابع "ليس من المستغرب أن تبدأ مطاعم مثل تشيبوتلي وماكدونالدز في تسجيل تراجع في إنفاق الأسر ذات الدخل المحدود، سواء في تناول الطعام خارج المنزل أو في السفر، وهو ما يعكس علامات مبكرة للضيق المالي".

الخبراء يتوقعون أن تضر الرسوم الجمركية الجديدة بالأسر ذات الدخل المنخفض والطبقة العاملة (رويترز)حلقة تضخّمية بلا نهاية واضحة

وبحسب الصحيفة، فإن ما يزيد من حدة الأزمة هو غياب آفاق قصيرة الأجل لتخفيف الضغط عن المستهلك. فمعظم الشحنات التي بدأت تخضع للرسوم تمثّل منتجات يومية يصعب الاستغناء عنها أو تأجيل شرائها، مما يضع المستهلك الأميركي في مواجهة مفتوحة مع تضخم جديد، غير مرتبط بعوامل السوق التقليدية كزيادة الطلب أو نقص المعروض، بل بقرار سياسي صرف.

ويُشار إلى أن إدارة ترامب دافعت عن الإجراءات الجديدة بوصفها وسيلة لحماية الصناعة الأميركية من المنافسة الخارجية غير العادلة، إلا أن الاقتصاديين يشكّكون في فاعلية هذه الخطوة، لا سيما مع انتقال كلفة الإجراءات مباشرة إلى المستهلكين.

تكلفة سياسية واقتصادية

وفي وقت يروّج فيه ترامب لسياساته الحمائية بوصفها استعادة للسيادة الاقتصادية، ترى جهات أكاديمية واقتصادية أن النتيجة المباشرة هي إثقال كاهل المستهلك الأميركي برسوم إضافية. وقالت "نيويورك تايمز" في تقريرها إن "الرسوم لم تعد تؤثر فقط على التجارة، بل تُحدث شرخًا في ميزانية الأسر".

وقد بدأت تداعيات هذه الإجراءات تلقي بظلالها على شعبية ترامب، لا سيما بين شرائح الطبقة الوسطى التي كانت تشكل قاعدة دعمه الأساسية.

ومع استمرار هذه الدورة التضخمية، وتفاقم العبء على العائلات، من المرجّح أن يتحوّل الموضوع إلى محور رئيسي في النقاش السياسي أثناء الانتخابات المقبلة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات الرسوم الجمرکیة نیویورک تایمز إلى أن

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز: فرحة فلسطينية بالإفراج عن الأسرى وسط جراح الحرب الطويلة

خرجت الجماهير الفلسطينية الاثنين، في مشاهد احتفالية لاستقبال الأسرى المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية، ضمن اتفاق تبادل الأسرى الذي تم في إطار وقف إطلاق النار الجديد بين دولة الاحتلال وحركة حماس.

وأوضحت صحيفة نيويورك تايمز، أن الحشود تجمعت منذ ساعات الفجر في مدينة رام الله بالضفة الغربية، حيث استقبلت بالحفاوة والدموع الحافلات التي نقلت نحو ألفي أسير ومعتقل فلسطيني تم الإفراج عنهم.

ولوح الأسرى بشارات النصر أثناء نزولهم من الحافلات، فيما هرعت عائلاتهم لمعانقتهم وسط أجواء من البكاء والهتافات.

ونقلت الصحيفة عن ناصر شحادة، أحد المفرج عنهم بعد قضائه ثلاث سنوات من حكم بالسجن لمدة 17 عاماً بتهمة تنفيذ عملية دهس ضد جنديين إسرائيليين، قوله: "هذا الشعور لا يوصف... لم أنم منذ أن أُبلغت بخبر الإفراج قبل ثلاثة أيام".

وأعلنت مصلحة السجون الإسرائيلية، بحسب التقرير، أنها أفرجت عن جميع الفلسطينيين الـ1,968 المدرجين في صفقة التبادل مقابل جميع الرهائن الإسرائيليين الذين كانوا محتجزين في غزة، مشيرة إلى أن المفرج عنهم وُزعوا على الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.

من بين المفرج عنهم، بحسب "نيويورك تايمز"، نحو 250 أسيرا أدينوا بعمليات ضد إسرائيليين، معظمهم من حركة فتح، بينما تم اعتقال حوالي 1,700 آخرين من غزة خلال الحرب دون توجيه تهم. كما نُفي أكثر من 150 أسيراً إلى خارج الأراضي الفلسطينية، ونُقل سكان غزة منهم عبر معبر رفح إلى مصر.

وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وفق ما نقلت الصحيفة، إن ثمانية من الأسرى أُدخلوا المستشفيات للعلاج بعد الإفراج عنهم، بينهم أسير نُقل إلى مستشفى رام الله من سجن عوفر.

وأوضح بلال شحادة، والد ناصر، أن ابنه "فقد نحو 100 رطل من وزنه، وحُرم من الطعام والنظافة لأشهر طويلة"، مضيفاً: "أولويتنا الآن هي علاجه واستعادته لعافيته".

وفي خان يونس، نقلت الصحيفة عن حليمة أبو شناب قولها إنها شعرت "بالفرح والخوف في آن واحد" بعد رؤية شقيقها كمال أبو شناب، الذي أمضى 23 عاماً في السجن، مضيفة أنه "كان مغطى بالكدمات ويعاني من إصابة في الكتف لم تُعالج منذ ثمانية أشهر". وأكدت أن شقيقها "تعرض للضرب المبرح والإهانة داخل المعتقل".




ونقلت الصحيفة عن أبراهام موسى، رئيس المنظمة الوطنية الإسرائيلية لضحايا الإرهاب، قوله إنه "بكى عندما علم بإطلاق سراح محمد عادل داود، الذي قتل زوجته وابنه"، لكنه أضاف: "إذا كان هذا سيساعد عائلات الرهائن على استعادة أحبائهم، فربما يكون الثمن مقبولاً".

في المقابل، نقل التقرير مشاعر الإحباط عن بعض العائلات الفلسطينية التي لم تشملها الصفقة، مثل نهاد حمامي التي كانت تنتظر شقيقها محمد، وقالت: "كان اسمه على القائمة حتى صباح اليوم، ثم تغيرت. لا نعرف إن كنا سنراه مجددا... غزة مدمرة، وأخشى ألا يجد مأوى".

وفي غزة، أفادت الصحيفة أن الحشود احتشدت أمام مستشفى ناصر في خان يونس، حيث نُقل عدد كبير من الأسرى المحررين لتلقي العلاج، وسط إطلاق نار في الهواء من عناصر مسلحة في محاولة لتنظيم الجموع.

وقالت الصحيفة إن "آلاف الأشخاص احتفلوا وسط أنقاض المدينة، مختلطين بين الفرح والحزن والذهول".

ورصد التقرير مشاهد إنسانية مؤثرة، منها ما نقلته روزان نايف عدوة (23 عاماً) التي كانت تبحث عن خطيبها محمد خليل المعتقل منذ 11 شهراً، وقالت: "خرج من سجن صغير إلى سجن أكبر... لكنه سيعيد بناء منزله وحياته".

وقالت أماني نصير، 30 عاما، التي نزحت 19 مرة خلال الحرب، إن "اليوم أسعد أيام حياتنا"، مضيفة: "كنا سعداء لأجل أسرانا، نحن نحب السلام والهدنة، تماما كما يقلق الإسرائيليون على أسراهم، نحن نقلق على أسرانا".

وختمت "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن مشاهد الإفراج والفرح في الضفة وغزة عكست "توق الفلسطينيين إلى السلام بعد عامين من الحرب المدمّرة"، لكنها في الوقت ذاته "أظهرت حجم الجراح الإنسانية العميقة التي خلفها الصراع".

مقالات مشابهة

  • صندوق النقد: الامتناع عن الرد على رسوم ترامب الجمركية يدعم النمو
  • نيويورك تايمز: حرب ترامب التجارية مع الصين تغير المشهد الاقتصادي بالعالم
  • صندوق النقد: الامتناع عن الرد على رسوم ترامب الجمركية يدعم النمو العالمي
  • نيويورك تايمز: فرحة فلسطينية بالإفراج عن الأسرى وسط جراح الحرب الطويلة
  • رسوم ترامب الجمركية على الخشب والأثاث تربك سوق الإسكان الأمريكي
  • دخول «رسوم ترامب» الجمركية على الخشب والأثاث حيّز التطبيق
  • رسوم ترامب الجمركية على الخشب والأثاث تدخل حيّز التطبيق
  • دخول رسوم ترامب الجمركية على الخشب والأثاث حيّز التطبيق
  • الصين تبدأ المواجهة الجمركية مع الولايات المتحدة
  • نيويورك تايمز: هل تستطيع إسرائيل إصلاح علاقاتها مع الأميركيين؟