شهدت كلية الطب بجامعة الأزهر بالقاهرة مناقشة رسالة دكتوراه بقسم التخدير والرعاية المركزة وعلاج الألم، قدّمها الدكتور شادي مجدي يوسف، المدرس المساعد بالقسم، تناولت استخدام "الحقن المولّد" بمحلول الديكستروز عالي التركيز كوسيلة مبتكرة وآمنة لعلاج آلام المفصل العجزي الحرقفي، أحد الأسباب الشائعة والمزمنة لآلام أسفل الظهر.

وأوضح الباحث أن الهدف من الدراسة هو تقييم فعالية هذه التقنية غير الجراحية، التي تعتمد على تحفيز آليات الشفاء الذاتي داخل المفصل، لتكون بديلاً فعالًا وآمنًا للعلاج الدوائي التقليدي طويل الأمد.

وبيّنت النتائج الإكلينيكية للدراسة تحسنًا كبيرًا في تقليل شدة الألم، وزيادة نطاق الحركة، واستعادة الوظيفة المفصلية لدى المرضى المشاركين، ما يعزز من جودة حياتهم بشكل ملحوظ.

وأشار الدكتور شادي إلى أن التهاب المفصل العجزي الحرقفي قد ينتج عن عوامل متعددة، من بينها: الحمل الزائد، الاختلال الوظيفي في الحوض، الإصابات المزمنة، أو الأمراض المناعية مثل التهاب الفقار اللاصق والصدفية المفصلية، مما يؤدي إلى تدهور الأربطة والأنسجة المحيطة وتفاقم الألم المزمن.

واعتمدت الدراسة على حقن المفصل بمحلول ديكستروز عالي التركيز، الذي يُحدث استجابة التهابية طفيفة تنشط الخلايا الليفية وتدعم إنتاج الكولاجين، بما يُسهم في تعزيز الاستقرار المفصلي وتحفيز عملية التعافي الطبيعي.

وتمت مقارنة هذا النهج العلاجي بحقن الكورتيكوستيرويدات، التي رغم فاعليتها قصيرة الأجل، إلا أنها غالبًا ما ترتبط بآثار جانبية كضمور الأنسجة وهشاشة العظام وزيادة احتمالات العدوى، ما يجعل خيار الديكستروز أكثر أمانًا وملاءمة للعلاج طويل المدى.

جرت المناقشة في أجواء علمية راقية، تحت إشراف الدكتور وفيق أمين، وعضوية كل من الدكتور محمد البدوي، والأستاذ الدكتور سامح غنيم، والدكتور عماد شعبان، حيث أثنت اللجنة على أهمية الدراسة من الناحيتين البحثية والتطبيقية، لما تفتحه من آفاق جديدة في علاج الآلام المزمنة بطريقة فعالة وآمنة.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: رسالة دكتوراه علاج آلام أسفل الظهر كلية الطب بجامعة الأزهر

إقرأ أيضاً:

طفولة .. على مقصلة الحرب والحصار

غزة- «عُمان»- بهاء طباسي: في غرفة رطبة بمستشفى مكتظ بجراح الغزيين، يتناهى صوت بكاء متقطع، أشبه بنداء خافت يخرج من جسد صغير أنهكه الألم. الطفلة ملك صالحية، ابنة العشر سنوات، لا تبكي فقط لأنها موجوعة، بل لأنها باتت تعيش في جسد مهدد بالبتر، بين جدران عجزت عن توفير دواء، وتحت سماء لم تعرف الطفولة فيها طريقًا إلى النجاة.

حين تُجتث الحياة من أطراف الأطفال

لا شيء يُخفف أوجاع الطفلة الصغيرة، لا مهدئات ولا مسكنات، بعدما أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة منذ الثاني من مارس 2025، تاركة آلاف الجرحى – وأغلبهم أطفال – يصارعون الألم بأجساد عارية من أي قدرة على المقاومة.

ملك لم تكن تلعب في ساحة قتال، بل كانت داخل منزلها عندما سقط صاروخٌ حوّل دفء العائلة إلى مقبرة مفتوحة، فاستشهد والدها وشقيقها، فيما خرجت هي بأطراف مجروحة وملتهبة، تكاد تنفجر من شدة الألم، وتهددها العدوى بفقدان قدميها ويدها.

في غزة، لا تنتهي المأساة عند مشهد القصف، بل تبدأ بعدها فصولٌ أخرى من الموت البطيء. وملك، بصرخاتها المرتجفة، صارت وجهًا آخر لهذه المأساة: فتاة صغيرة تتوسل الحياة ولا تجد من يسمع نداءها، ولا من يمنحها الحق في البقاء كما هي – طفلة بقدمين ويدين، لا أنصاف أطرافٍ تُجرُّ على أسِرّة الخذلان.

على سرير الألم

على سرير الجراح التقت «عُمان» بها، كانت ملك تتوجع بشدة، أوجاعها كسكاكين تُقطع في صدر الإنسانية الطبيبة العاجزة. ودار بينها وبين أمها هذا الحوار المؤلم: ملك (تبكي): ماما بتوجعني يا ماما.. بتوجعني يا ماما. أمها (تحاول تهدئتها): وجع؟ أم إنك مش قادرة تتحركي؟ ملك: وجع. أمانة يا ماما خلي الدكتور يخفف الوجع!

أمها: إيش بيوجعك يا روحي؟ ملك: إيدي! أمها: خليني أشوف طيب... (تلمس يد ابنتها المغطاة بالأربطة فتصرخ الأخيرة ألمًا). ملك (تصرخ): آه.. آه.. آه! أمها (بوجع): طب نادي على الدكتور.. ملك (منهارة): دكتور.. دكتور.. دكتور... ولا يأتي أحد. لا بسبب الإهمال، بل لأن الطبيب نفسه لا يملك شيئًا يقدّمه. لا دواء، لا مخدر، لا مضاد حيوي. وحده الصمت يملأ الفراغ بين الصرخة والصرخة، في مشهد تختزل فيه غزة مآسي العالم كله، وتُرفع فيه الطفولة على مقصلة الحصار. الأم تحكي: «صراخها لا يغيب عن أذني»

تجلس الأم بجوار سرير ملك، تحتضنها كلما هدأ الألم قليلاً، وتمسح دموعها حين تنهار من شدته. «منذ أصيبت ابنتي، وأنا أعيش في كابوس لا ينتهي. صراخها المستمر يمزق قلبي، ولا أملك لها شيئًا سوى الدعاء. الأطباء لا يستطيعون فعل شيء، والدواء مفقود، والمعابر مغلقة. أشعر بالعجز والخذلان، وأتساءل: هل هذا هو مصير أطفالنا؟».

تحاول أن تتمالك دموعها، لكنها تنكسر: «ملك كانت تحلم أن تصبح طبيبة. كانت تحب أن تضع السماعة على صدر أبيها وتقول له: (أنا الدكتورة ملك). والآن، هي من ترقد على السرير، تطلب أن يخف الألم، ولا تجد طبيبًا قادرًا على إنقاذها. مات حلمها مع أول دفقة دم».

تضيف لـ«عُمان»: «كل دقيقة تمر أشعر أنها قد تكون الأخيرة. أراقب أطرافها تتغير ألوانها، أسمع الأطباء يتمتمون: البتر وارد... البتر وارد. وأنا أمسك يدها وأخشى أن أفقدها كما فقدت والدها وأخيها».

وتنهي حديثها: «نحن لا نطلب المستحيل. نطلب فقط أن تنجو ملك. أن تُفتح المعابر. أن يُسمح بدخول العلاج. أن لا تموت طفولتنا بصمت كما مات أحباؤنا تحت الركام».

الطبيب المعالج: «نواجه العجز الطبي بأيدٍ فارغة»

في مستشفى ناصر الطبي بخان يونس، حيث تتكدس الإصابات على الأسرّة، يتحدث الطبيب سليم صقر، المشرف على حالة ملك وهو يطالع صورًا بالأشعة تُظهر تآكل الأنسجة في يدها وساقها: «إصابة ملك خطيرة ومعقدة. التلوث في أطرافها تجاوز الحد الذي يمكن التعامل معه محليًا، وهي بحاجة عاجلة لتحويلها للعلاج في الخارج، وإلا فإن البتر هو الخيار الوحيد».

ثم يضيف خلال حديثه لـ«عُمان»: «المشكلة ليست فقط في تعقيد حالتها، بل في استحالة علاجها داخل غزة. نحن محرومون من المضادات الحيوية، من مسكنات الألم القوية، من أدوات الجراحة الدقيقة، بل حتى من أدوات التعقيم».

يتنهد الطبيب ثم يكمل: «كل يوم يتأخر فيه تحويل ملك للعلاج، نقترب خطوة من اتخاذ قرار كارثي ببتر أطرافها. وهذا ليس قسوة، بل إنقاذ لحياتها. لكنها طفلة، هل تستحق أن تُبتَر لأنها ولدت في قطاع محاصر؟».

ويختم بصوت يملؤه القهر: «ملك ليست الوحيدة. لدينا عشرات الأطفال في نفس الوضع، ومع كل يوم إغلاق للمعابر، نخسر المزيد منهم. العدو يقتل بصواريخه، ونحن نُترك لنكمل المهمة دون أدوات، دون دواء، دون حتى أمل».

ضحايا بلا توقف

منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023 وحتى كتابة هذه السطور، تحوّلت غزة إلى مكان هو «الأكثر دموية للأطفال في القرن الحادي والعشرين»، وفق توصيف مشترك لوكالات أممية عدة، من بينها «اليونيسف» و«الأونروا» و«الأوتشا».ففي تلك المدة، فقد أكثر من 17400 طفل فلسطيني حياتهم تحت القصف الإسرائيلي، بمعدل مأساوي يُقدّر بوفاة طفل كل 45 دقيقة.ولم تقتصر المأساة على من فارقوا الحياة، بل سُجلت إصابات متفاوتة الخطورة لدى أكثر من 25000 طفل، فيما تشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن 19000 يعانون من سوء تغذية حاد بسبب الحصار الخانق ومنع دخول المساعدات الغذائية والدوائية.

وتُعد هذه النسبة غير المسبوقة من الأطفال الضحايا – التي تجاوزت 30% من إجمالي القتلى– علامة سوداء في سجل الحروب الحديثة، لم تُسجل حتى في أكثر النزاعات دموية خلال العقود الماضية.

خنقٌ للحياة

في الثاني من مارس 2025، أغلقت إسرائيل بشكل كامل جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، بما في ذلك معبر رفح البري، الذي كان يُمثّل المنفذ الأخير لآلاف المرضى والجرحى في القطاع المحاصر.نتيجة لذلك، تُرك أكثر من 12,000 مريض – من بينهم نحو 4700 طفل – يواجهون مصيرًا مجهولًا، بعد أن توقفت إجراءات تحويلهم لتلقي العلاج في الخارج.

ترافق ذلك مع انهيار شبه تام للمنظومة الصحية في غزة، حيث تعمل 90% من المستشفيات بطاقات تشغيلية تقل عن 30%، بفعل انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود والمستلزمات الطبية.

في بعض المرافق، توقفت جلسات الغسيل الكلوي للأطفال بشكل كامل، كما تعثرت خدمات الطوارئ بعد انقطاع دخول الأدوية بشكل تام منذ مارس، ما دفع وزارة الصحة إلى إعلان عجزها الكامل عن الاستجابة للحالات الحرجة.

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة حلوان يناقش رسالة دكتوراه عن فلسفة العلامة التعريفية والجرافيك
  • طفولة .. على مقصلة الحرب والحصار
  • رسالة عراقية خاصة معنونة الى الأمين العام للأمم المتحدة والى امين عام جامعة الدول العربية من اللواء الدكتور جمال الحلبوسي مدير صنف المساحة العسكرية الأسبق
  • جراحة استبدال مفصل الورك في تركيا.. تمنح المرضى حياة جديدة دون ألم
  • لطلاب الثانوية العامة.. خبير تربوي يقدم نصائح فعالة لتنشيط المخ وزيادة التركيز
  • عن تقنية الفار.. وزير الشباب والرياضة يشارك في مناقشة رسالة دكتوراه ببني سويف
  • أبرز أسباب التهاب المفاصل التنكسي في الركبة
  • الاندماج الإعلامي وتأثيره على المحتوى الرقمي.. رسالة دكتوراه بجامعة سوهاج
  • الهند وباكستان تاريخ طويل من الصراعات| تفاصيل