استدعاء الاحتياط الإسرائيلي تحت المجهر.. مناورة سياسية أم ضرورة حربية؟
تاريخ النشر: 9th, May 2025 GMT
قبل أيام وفي إطار سعي الجيش الإسرائيلي إلى توفير النصر المطلق لنتنياهو وحكومته قرر رئيس الأركان الجديد الجنرال إيال زامير استدعاء عشرات الألوف من ضباط وجنود القوات الاحتياطية.
وبمعنى من المعاني فإن مثل هذا القرار بعد أكثر من عام ونصف على الحرب يعني فشل المجهود السابق وبدء الحرب من جديد على أسس مختلفة.
وبديهي أن هذا أثار ليس فقط تساؤلات، وإنما أيضا اعتراضات من جانب شرائح واسعة من المجتمع الإسرائيلي، فالأمر يتصل بتعاظم الخلاف بشأن الحرب وغاياتها وأولوياتها، والأهم حول الإجابة عن السؤال: من تخدم هذه الحرب.. مصلحة وطنية أم مصلحة زعامية أو أيديولوجية؟
وجاء نشر صحيفة هآرتس جوهر النقاشات التي سبقت اتخاذ القرار في هيئة الأركان، والتي أظهرت أن الإفراج عن الأسرى جاء في آخر أهداف عملية توسيع الحرب المقررة، ليشعل الخلاف ليس فقط في الشارع والحلبة السياسية وإنما أيضا في صفوف القوات الاحتياطية.
وإذا أخذنا في الحسبان عرائض الاحتجاج ضد استمرار الحرب وعدم تبادل الأسرى التي كانت انتشرت في صفوف الجيش بدءا من سلاح الجو وانتهاء بالمشاة والمدرعات فإن التحذيرات من جانب عسكريين سابقين من توسيع الحرب تحقق ذاتها، فوسائل الإعلام الإسرائيلية ترى في إعلانات الجيش عن أن نسبة التجاوب مع استدعاءات الخدمة الاحتياطية تبلغ 80% إعلانات كاذبة، وأنها تقترب فقط من 50%.
إعلانوهذا يدلل على فجوة كبيرة تشير في الواقع إلى ما أظهرته استطلاعات الرأي، والتي تحدثت عن انهيار الثقة في الجيش وهبوطها من نحو 90% إلى نحو 51%.
ورغم أن البعض رأى في إيال زامير -الذي استدعاه اليمين لقيادة الجيش- "هجوميا" بل و"كهانيا" حسب أحد التعليقات رأى آخرون أن استدعاءه عشرات ألوف الجنود الاحتياط وإعلانه دعوة ألوف من الحريديم إلى الخدمة العسكرية ضربة لليمين.
بل اعتبر بعضهم أن هذه الدعوات محاولة لإيقاف المستوى السياسي اليميني على حجم الأثمان الباهظة المطلوب دفعها لتحقيق هدف النصر المطلق.
ومعروف أن دعوة الاحتياط ترافقت مع قرارات من المجلس الوزاري المصغر بشأن أهداف توسيع الحرب، والتي تتضمن صراحة أهدافا إجرامية وفق القانون الدولي، وبينها تهجير أهالي غزة.
ورغم دوي وضجة استدعاء القوات الاحتياطية فإن معلقين إسرائيليين بارزين -بينهم رون بن يشاي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"- اعترفوا بأن الاستدعاءات صدرت حتى الآن لقادة الألوية والكتائب ولم تصدر لعموم الضباط والجنود.
كما أن عاموس هرئيل في صحيفة "هآرتس" لاحظ أنه رغم كل الضجة بشأن تجنيد القوات الاحتياطية فإن هجوما إسرائيليا واسعا على غزة "ليس محتملا".
وكتب هرئيل "رغم الاستعدادات العملياتية فإن احتمالية هجوم إسرائيلي مستقل الآن تبدو متدنية جدا، ترامب يهتم بإظهار كل أسبوع وبشكل علني تحفظاته من الحرب، ويأمل أن تؤدي المفاوضات الجديدة مع إيران بوساطة عُمان إلى التوقيع على اتفاق نووي جديد".
وتابع "في الفترة الأخيرة دخلت إلى حيز التنفيذ تغييرات أولية في قيادة الإدارة الأميركية، وعلى رأسها نقل مايكل والتز من منصب مستشار الأمن القومي إلى منصب السفير الأميركي في الأمم المتحدة، الإقالة ترجح كفة الميزان الداخلي حول ترامب لصالح المعسكر الانفصالي الذي يتحفظ على توسيع النشاطات العسكرية الأميركية في كل الجبهات".
إعلانونشرت "واشنطن بوست" أمس أن ترامب نقل والتز من منصبه أيضا بسبب أنه كشف أن الأخير أدار بالسر محادثات مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تناولت إمكانية مهاجمة إيران.
وأكثر وزير الحرب يسرائيل كاتس من إطلاق التهديدات وفتح وإغلاق أبواب الجحيم متباريا في ذلك هو ورئيسه بنيامين نتنياهو، حتى مع سموتريتش وبن غفير.
وأعطى هؤلاء الانطباع بأن كل شيء معد وجاهز لانطلاق الحملة الجبارة التي ستجلب النصر هذه المرة تحت راية "عربات غدعون" بعد أن فشلت رايات "السيوف الحديدية" أو "حرب النهضة" و"حرب الجبهات السبع"، والتي لحقتها راية "الجرأة والسيف" الدائرة حاليا.
وأُعلن عن أن 5 فرق عسكرية ستجتاح غزة من جديد، ولكن بشكل تدريجي هذه المرة، وأن العملية لن تتوقف ما إن تبدأ، وأن بدايتها ستكون نهاية زيارة الرئيس ترامب إلى المنطقة.
ولم تخف جهات كثيرة في إسرائيل رغبتها في أن تفلح الوساطات في تجنيب إسرائيل عواقب ما سوف يحدث إذا لم تخضع حماس للإملاءات الإسرائيلية.
لكن رد حماس للوسطاء كان واضحا: نعم لصفقة شاملة لإنهاء الحرب وتبادل الأسرى وإعادة الإعمار ولا للإملاءات الإسرائيلية، وتهديداتهم لا تخيفنا وليحتلوا غزة ويتحملوا إدارة شؤونها وستبقى المقاومة ضدهم كما كانت، ومن الجائز أن عدم تراجع إسرائيل عن منطقها المعربد يفتح الباب على مصراعيه أمام ما يمكن وصفها ببوابات الجحيم المتقابلة.
وفي احتفالات إسرائيل بذكرى إنشائها أعلن نتنياهو أن "الهدف النهائي للحرب هو الانتصار على أعدائنا"، وأن هذا يسبق إطلاق سراح الرهائن.
لكن رئيس الأركان إيال زامير المطلع على الحالة المزاجية بين جنود الاحتياط أوضح في اجتماع المجلس السياسي والأمني أن عودة المختطفين هي الأهم.
وشدد زامير على أن معظم جنود الاحتياط الذين يطيعون الأوامر ويعودون إلى الخدمة يفعلون ذلك انطلاقا من شعورهم بالواجب من أجل إطلاق سراح الأسرى.
إعلانوبحسب معلقين، يدرك نتنياهو جيدا أنه لا يستطيع البدء بتوسيع الحرب باستخدام الفرق العسكرية الخمس في غزة قبل زيارة ترامب إلى المنطقة، لكن ليس هناك ما يمنع استخدام التهديد رافعة على طريق تحقيق الهدف.
ولهذا السبب حاول زامير اختيار طريق وسط يتمثل بتصعيد تدريجي، وربما العمل في مناطق لم يعمل الجيش فيها بعد استئناف الحرب في مارس/آذار كنوع من زيادة الضغط على حماس لإبداء مرونة أكبر في المفاوضات.
ولهذا، يشدد رئيس الأركان الإسرائيلي -خلافا لنتنياهو والمستوى السياسي- على أن الهدف هو إطلاق سراح الأسرى في المقام الأول، وبعد ذلك هزيمة حماس.
وبديهي أن هذا الخلاف يترك أثرا بالغا على مدى تجاوب جنود الخدمة الاحتياطية مع أوامر الاستدعاء للخدمة، فالأمر لا يتعلق فقط بأولويات الحرب على أهميتها، وإنما كذلك بتقاسم الأعباء في تحمّل تكاليف الحرب البشرية والاقتصادية والاجتماعية، فهناك جنود احتياط يخدمون ما يقارب نصف عام في الجيش، مما قاد إلى انهيار أسرهم ومشاريعهم الاقتصادية، في حين الحريديم -وبقبول من نتنياهو واليمين- لا يلتحقون بالخدمة أبدا.
وهذا ما حدا مثلا بزعيم المعارضة يائير لبيد إلى الإعلان عن أنه منذ بدء الحرب أصدر الجيش الإسرائيلي 18 ألفا و915 أمر تجنيد للشباب الحريديم الخاضعين للتجنيد الإجباري.
ومن بين هؤلاء التحق 232 شابا، أي أقل من واحد وربع في المائة، ونحو 99% من الحريديم الذين تلقوا أمر التجنيد لم ينضموا إلى الجيش بتشجيع من حكومة نتنياهو.
وهناك 82 ألف شاب من الشباب الحريديم في سن التجنيد يتهربون اليوم من التجنيد الإجباري.
والعام الماضي بلغ عدد الحريديم الذين احتُجزوا للاستجواب لعدم التحاقهم بالخدمة العسكرية 340 شخصا، وتساءل: كم واحدا منهم رهن الاحتجاز الآن؟ على حد علمنا، واحد فقط.
وكانت هذه المعطيات بين أهم دوافع رئيس الأركان قبل أيام لإصدار أوامر استدعاء لألوف الحريديم، الأمر الذي فاجأ الحكومة والحلبة السياسية.
إعلانوفي نظره لا يمكن الكيل بمكيالين في مسألة تقاسم الأعباء، وهذا ما فاقم الأزمة التي يعاني منها ائتلاف نتنياهو الذي عجز حتى اليوم عن تمرير قانون إعفاء الحريديم من الخدمة، وهو ما يصرون حاليا على إقراره، مهددين بإسقاط الحكومة.
صراع في الليكودطالب رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست يولي إدلشتاين رئيس الوزراء ووزير الحرب بالحضور إلى اللجنة وتقديم تفسيرات "لماذا يستدعى الأشخاص أنفسهم مرارا وتكرارا" للخدمة الاحتياطية فيما لا يتم استدعاء آخرين؟
واستغل إدلشتاين -وهو زعيم ليكودي وسبق له أن ترأس الكنيست لسنوات بعد أن خدم وزيرا- إصدار رئيس الأركان عشرات ألوف أوامر استدعاء للخدمة الاحتياطية في نوع من الاعتراض على ما يجري.
وطالب بسن قانون يدعم ويكفل من يخدمون في الجيش ويضمن لهم امتيازات لتجاوز مثالب الوضع الراهن.
وأشاد ائتلاف منظمات لخدمة العسكرية بدعوة إدلشتاين، وقال بيان باسمه "يمر ائتلاف منظمات الخدمة العسكرية -الذي يمثل آلاف جنود الاحتياط وعائلاتهم- بأيام عصيبة مع عودة أوامر الاستدعاء، أحسن رئيس اللجنة إدلشتاين صنعا باستدعائهم، المزيد من جنود الاحتياط دون تجنيد المتدينين، هذا انتهاك للأمن القومي، أمر استدعاء آخر دون الأمر الأول، هذا ازدراء للعسكريين".
وأضاف البيان "نحن الذين ندافع عن العلم والوطن، نتوقع أن نرى من أرسلونا إلى ساحة المعركة مرارا وتكرارا يأتون إلى لجنة الخارجية والأمن، وأن نسمع منهم إجابات واضحة، لأن عائلاتنا وأعمالنا ووظائفنا وعقولنا وأجسادنا في حالة انهيار الآن، وأنتم تتعاملون مع احتياجات سياسية بدلا من احتياجات أمنية".
كما عقدت لجنة الرقابة على الدولة برئاسة عضو الكنيست ميكي ليفي جلسة طارئة لمناقشة وضع القوات الاحتياطية والنظامية في ظل الحرب الدائرة.
وعلى خلفية إرسال عشرات الآلاف من الأوامر في هذا الوقت تعاملت اللجنة مع استنزاف أفراد الخدمة الاحتياطية، حيث قدّم ممثل الجيش الإسرائيلي بيانات مثيرة للقلق بشأن حالة الذين يخدمون ومؤهلاتهم "يجب إعفاؤهم من العبء الهائل الواقع عليهم".
إعلانواعترف العميد رامي أبو رحيم -وهو من أركان القوات البرية- في المناقشات قائلا إن "انقضاء أكثر من عام ونصف العام على الحرب يفرض علينا تحديات كبيرة جدا من حيث حجم وكفاءة القوة البشرية".
وأضاف أن "هناك قدرا كبيرا من الإرهاق والتعب، سواء على المستوى الجسدي أو العقلي، لأن العديد من الوحدات النظامية كانت في قتال مستمر منذ 7 أكتوبر، لقد زادت الاحتياجات بشكل كبير في كل من الاحتياط والقوات النظامية".
وعرض رئيس قسم تخطيط القوى العاملة في جيش الدفاع الإسرائيلي العميد شاي طيب احتياجات التجنيد في هذا الوقت، وقال إن الجيش يحتاج إلى 12 ألف جندي في التشكيل النظامي وحده، منهم 7 آلاف مقاتلون والباقي قوات دعم قتالية.
وقال أيضا إنه ينبغي تخفيف بعض الأعباء الهائلة الملقاة على عاتق تشكيل الاحتياطي.
عموما، وفي ظل الحرب هناك إقرار من قيادة الجيش بأن أوامر الاستدعاء تنتهك أصلا وعد الجيش لأفراد خدمته والجمهور منذ بداية العام بأنه سيتم تجنيد أفراد الخدمة الاحتياطية في عام 2025 لمدة شهرين ونصف فقط، فكلام الليل يمحوه النهار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الخدمة الاحتیاطیة القوات الاحتیاطیة الجیش الإسرائیلی الخدمة العسکریة جنود الاحتیاط رئیس الأرکان توسیع الحرب
إقرأ أيضاً:
الخليل - استشهاد عبد الفتاح الحريبات برصاص الجيش الإسرائيلي
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية ، مساء الاربعاء 7 مايو 2025 ، استشهاد الشاب عبد الفتاح عاهد أحمد الحريبات (20 عاما) برصاص الاحتلال قرب مدينة الخليل.
وذكرت مصادر أمنية فلسطينية ، أن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص صوب شاب عند الحاجز العسكري في منطقة سدة الفحص، المدخل الجنوبي لمدينة الخليل، ما أدى إلى استشهاده، مشيرة إلى أن الاحتلال احتجز جثمان الشهيد.
وزعم جيش الاحتلال، أن "الشاب نفذ عملية دعس ضد قواته المتمركزة عند الحاجز العسكري، ثم ترجل من مركبته وحاول تنفيذ عملية طعن، قبل إطلاق النار عليه وتحييده"، وهو المصطلح الذي يستخدمه الاحتلال عند إعدامه للفلسطينيين أو عند إصابتهم واعتقالهم.
وذكرت مصادر محلية أن الاحتلال استنفر قواته في محيط حاجز "سدة الفحص"، وأغلق عدة طرق في المكان.
واقتحمت قوات الاحتلال بلدة دورا جنوب الخليل، وداهمت منزل الشهيد الحريبات، واحتجزت العشرات من أفراد عائلته واعتدت عليهم بالضرب المبرح بالأرجل وأعقاب البنادق، واستجوبتهم ميدانيا ونكلت بهم.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين العفو الدولية: أي تحرك لتهجير الغزيين قسرا نحو الجنوب يمثل جريمة حرب رويترز: مشاورات رفيعة لتولي واشنطن قيادة "إدارة مؤقتة" في غزة صورة: غزة: استشهاد صحفي بعد ساعات من ولادة طفلته الأكثر قراءة سعر صرف الدولار والدينار مقابل الشيكل اليوم الخميس 01 مايو عقب الأجواء الخماسينية.. أحوال طقس فلسطين اليوم الخميس محدث: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قطاع غزة زامير يتوعّد حماس: جاهزون لتوسيع العملية في غزة وتوجيه ضربة "حاسمة" عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025