في لحظة مفصلية من تاريخ سورية، وبعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، دخلت البلاد مرحلة جديدة بقيادة قوى الثورة. وفي خضم هذه التحولات، أعاد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات طرح ملف اللاجئين الفلسطينيين في سورية على طاولة البحث، بإصداره تقديراً استراتيجياً أعدّه الدكتور طارق حمود، أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشأن الفلسطيني والعلاقات الدولية.



يركز التقدير على ما يواجهه اللاجئون الفلسطينيون في سورية من تحديات معقدة وآمال معلّقة على مستقبل سياسي واجتماعي أكثر عدلاً، في ضوء التغيرات الحاصلة في البنية الحاكمة للدولة السورية. فقد طالت الهشاشة الأمنية معظم مكونات المجتمع السوري بعد سقوط النظام، وكان للاجئين الفلسطينيين نصيب وافر من هذه الارتدادات، سواء على مستوى الحقوق المدنية أو البنية التحتية لمخيماتهم.

وعلى الرغم من أن الملف الفلسطيني لم يتصدر أولويات السلطة الجديدة في الشهور الأولى، فإن مؤشرات لاحقة بدأت بالظهور، خصوصاً مع الحديث عن الشروط الأمريكية لرفع جزئي للعقوبات، والتي تضمنت مطلباً صريحاً بإنهاء الوجود العسكري والسياسي للفصائل الفلسطينية في سورية. وهو ما دفع الدولة الجديدة لإعلان التزامها بمنع أي تهديد ينطلق من أراضيها تجاه الدول المجاورة، وعلى رأسها "إسرائيل"، والتأكيد على حصر السلاح بيد الدولة.

التقدير أوصى بصياغة إطار قانوني انتقالي للفلسطينيين، يطور القوانين السابقة بما يضمن حقوقاً موسعة دون المساس بمكتسباتهم القانونية، كما دعا إلى إنشاء آلية تنسيقية سورية ـ فلسطينية بالتعاون مع منظمات دولية، لمتابعة ملفات العدالة الانتقالية والمعتقلين والحقوق المدنية.ووضع التقرير ثلاث سيناريوهات محتملة أمام الدولة السورية في تعاملها مع الفلسطينيين: إما الاستجابة الكاملة للشروط الغربية، أو الاكتفاء بحظر العمل المسلح مع الإبقاء على التمثيل السياسي، أو العودة إلى النهج السابق الذي يتيح وجوداً عسكرياً للفصائل. وقد رجّح التقدير السيناريو الثاني كخيار واقعي يوازن بين الاستحقاقات الدولية وضرورات الاستقرار الداخلي، مع الحفاظ على الرمزية السياسية للقضية الفلسطينية في الوعي السوري الرسمي والشعبي.

التقدير أوصى بصياغة إطار قانوني انتقالي للفلسطينيين، يطور القوانين السابقة بما يضمن حقوقاً موسعة دون المساس بمكتسباتهم القانونية، كما دعا إلى إنشاء آلية تنسيقية سورية ـ فلسطينية بالتعاون مع منظمات دولية، لمتابعة ملفات العدالة الانتقالية والمعتقلين والحقوق المدنية.

ومن جهة أخرى، شدد التقرير على ضرورة إعادة إعمار المخيمات الفلسطينية المدمرة، خصوصاً مخيمي اليرموك وحندرات، بتمويل مشترك من وكالة الأونروا والدول المانحة، مع إعطاء الأولوية للسكن والبنى التحتية كمدخل للاستقرار الاجتماعي والسياسي.

يأتي هذا التقدير في لحظة دقيقة تعيد فيها سورية رسم معادلاتها الداخلية والخارجية بعد سنوات من الحرب. وبالنظر إلى عمق العلاقة التاريخية بين الشعبين الفلسطيني والسوري، فإن مصير اللاجئين الفلسطينيين في سورية يشكّل اختباراً حقيقياً لمدى التزام الدولة الجديدة بمبادئ العدالة والمواطنة، فضلاً عن موقعها الإقليمي في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

فما بعد الأسد ليس فقط مرحلة سورية جديدة، بل هو أيضاً فرصة لإعادة تموضع فلسطين في قلب المشروع الوطني السوري، بعيداً عن الاستخدام السياسي الذي ميز العهد السابق، وبما يكرّس الشراكة التاريخية بين الشعبين في وجه الاحتلال والتهجير.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب سورية الفلسطينيين اللاجئون مستقبل التقرير فلسطين سورية لاجئون تقرير مستقبل كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی سوریة

إقرأ أيضاً:

برلماني: 30 يونيو أنقذت الدولة من الفوضى .. وأعادت تصحيح المسار

قال النائب عصام هلال، وكيل اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشيوخ، والأمين العام المساعد لحزب مستقبل وطن، إن يوم 30 يونيو لم يكن مجرد لحظة سياسية عابرة، بل محطة تأسيسية أعادت الاعتبار لفكرة الدولة الوطنية الحديثة، في مواجهة محاولات طمس الهوية وتفكيك المؤسسات، مضيفا أن الثورة أنقذت الدولة من الفوضى وأعادت تصحيح المسار.

وأوضح هلال في بيان له اليوم، أن ما جرى في هذا اليوم لم يكن فقط حراكًا جماهيريًا واسعًا، وإنما إعلانًا شعبيًا لاستعادة المسار، بعد أن كادت الدولة تتحول إلى أداة في يد فصيل لا يعترف بمفهوم الوطن الجامع، ولا يرى في مؤسسات الدولة إلا وسيلة للتمكين الحزبي والإقصاء المجتمعي.

الحرس الثوري يعلن استشهاد مجموعة من الإيرانيين في هجوم وحشي لجيش الاحتلالإيران: لن نتنازل عن حقنا في الطاقة النووية السلمية

وأضاف الأمين العام المساعد لحزب مستقبل وطن ،  أن 30 يونيو دشّنت تحولًا دستورياً وتشريعيًا عميقًا، حيث شهدت مصر بعدها عملية بناء مؤسسي متكاملة، بدأت بوضع دستور توافقي، ومرت بتحديث شامل لمنظومة القوانين، بما يكرّس الحقوق ويضمن التوازن بين السلطات، ويُعيد رسم العلاقة بين الدولة والمواطن على أسس من الشفافية والعدالة.

وأكد هلال، أن الجمهورية الجديدة التي تنطلق اليوم بثبات، هي امتداد مباشر لما تحقق منذ 30 يونيو، حيث وضعت الدولة الإنسان في صدارة أولوياتها، وشرعت في تنفيذ إصلاحات هيكلية جريئة، إلى جانب الاستثمار في الوعي والتعليم وتمكين الفئات المهمشة، بهدف خلق مجتمع قوي ومتجانس يستند إلى القانون ويحترم التنوع.

وشدد النائب عصام هلال على أن الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو تذكّرنا بأن بقاء الدولة ليس أمرًا مفروغًا منه، بل هو مسؤولية مشتركة تتطلب وعيًا وطنيًا يقظًا، ومشاركة فاعلة من الجميع في حماية المكتسبات، ومواصلة الإصلاح، والحفاظ على هوية الدولة التي دفع المصريين ثمنها غاليًا من أجلها.

طباعة شارك 30 يونيو مجلس الشيوخ النائب عصام هلال مستقبل وطن حزب مستقبل وطن

مقالات مشابهة

  • إيران تحتشد في ساحة الثورة وتؤكد صمودها في وجه التحديات الإسرائيلية
  • "ثورة 30 يونيو وبناء الجمهورية الجديدة" فى ندوة لمجمع إعلام أسيوط
  • برلماني: 30 يونيو أنقذت الدولة من الفوضى .. وأعادت تصحيح المسار
  • برلمانية: احتياطات الدولة جسدت رؤية استباقية لمواجهة التحديات الدولية الراهنة
  • “الأحرار الفلسطينية” تحمل العدو الصهيوني المسؤولية عن حياة الأسرى الفلسطينيين
  • المدير التنفيذي للهلال الأحمر المصري تكشف جهود الدولة في دعم الأشقاء الفلسطينيين
  • السودان.. فرص نجاح الحكومة الجديدة في ظل التحديات الماثلة
  • تجارية سوهاج: لجنة الأزمات تجسد استعداد الدولة لمواجهة التحديات العالمية
  • قيادي بمستقبل وطن: 30 يونيو أنقذت الدولة من مصير مجهول
  • عربية النواب: الاستقرار بالمنطقة لن يتم إلا بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة