في مفارقة تاريخية لافتة، لا تزال مكتبة "Peter Harrington" الشهيرة في لندن تحتفظ بعدد من أندر الوثائق والمطبوعات التاريخية التي لا تُقدّر بثمن، ومن بينها كتاب نادر بعنوان "حملة سوريا حتى الاستيلاء على يافا"، صدر عن "المطبعة الشرقية الفرنسية" في الإسكندرية، خلال السنة السابعة من الجمهورية الفرنسية وتاريخ الطباعة في مصر.

قوة الطباعة

لقد مثّل غزو نابليون بونابرت لمصر عام 1798 نقطة تحوّل فارقة في المسار الثقافي للمنطقة. فمنذ وصوله إلى الإسكندرية، أدرك نابليون قوة الطباعة كأداة للدعاية والحكم، فاستقدم معه مطبعة حديثة هي الأحدث في فرنسا آنذاك، لتكون أول مطبعة تدخل مصر على الإطلاق. وأُسّست هذه المطبعة تحت اسم "المطبعة الشرقية" في القاهرة، بإشراف المستشرق جان-جوزيف مارسل وبمساعدة تلميذه الشاب نيكولا كونتي.

تأسيس محمد على باشا لمطبعة بولاق

رغم أن المطبعة الشرقية لم تستمر طويلًا، حيث أُغلقت عقب انسحاب القوات الفرنسية من مصر، إلا أن أثرها تجاوز اللحظة الزمنية القصيرة التي عاشت فيها، فقد ألهمت نشوء مشروع أعظم لاحقًا، حين أسس محمد علي باشا مطبعة بولاق في عشرينيات القرن التاسع عشر. 

ومن المفارقات المثيرة أن نيكولا كونتي نفسه، الذي عمل مع نابليون، انضم لاحقًا إلى مطبعة بولاق، ما يُظهر تواصلًا مباشرًا بين بدايات الطباعة الفرنسية في مصر وبزوغ الطباعة العربية الحديثة.

مطبعة بولاق: منارة النهضة الفكرية

أسهمت مطبعة بولاق في إشعال شرارة النهضة الفكرية العربية في القرن التاسع عشر. فهي لم تكن مجرد مشروع طباعي، بل مؤسسة ثقافية نشرت آلاف الكتب والمجلات في العلوم والأدب والدين والتاريخ. امتد تأثيرها إلى أنحاء العالم العربي، بل إلى قلب الدولة العثمانية نفسها. ومن أبرز إنجازاتها إنشاء مطبعة ولاية مكة عام 1883، التي تُعد أول مطبعة في شبه الجزيرة العربية.

المطبعة الفرنسية في الإسكندرية

أما في الإسكندرية، فقد استُخدم جزء من معدات الطباعة التي أُبقيت بعد نقل المطبعة الرئيسية إلى القاهرة، فيما سُميت (المطبعة الشرقية الفرنسية)، حيث تم تخصصيها لإصدار المطبوعات اللازمة للجنرال كليبر أثناء وجوده في المدينة. وقد أشرف على التدقيق اللغوي فيها ألكسندر بيسون، لكن هذا المشروع لم يدم طويلاً، إذ بدأت المطبعة في التراجع بعد مغادرة نابليون في أغسطس 1799، وانتهى دورها تدريجيًا مع انتقال السلطة إلى كليبر في يناير من العام التالي.

مهد الطباعة العربية

تُعرف الكتب الأولى التي نُشرت في القرن الخامس عشر في أوروبا باسم "Incunabula"، أي "الكتب الوليدة"، التي تمثل المرحلة الانتقالية من المخطوطات إلى المطبوعات. وعلى نحوٍ مشابه، يُمكن اعتبار الكتب الأولى التي خرجت من المطبعة الفرنسية في مصر، ومن بعدها مطبعة بولاق، بمثابة (مهد الطباعة العربية). 

طباعة شارك الطباعة تاريخ الطباعة تاريخ الطباعة في مصر مطبعة نابليون حملة سوريا سوريا

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الطباعة تاريخ الطباعة حملة سوريا سوريا فی مصر

إقرأ أيضاً:

الجزائر ترفض "بشكل قاطع" إجراء وزارة الخارجية الفرنسية

 أعربت الجزائر، مساء الاثنين، عن رفضها بشكل قاطع للإجراء "التمييزي" المؤقت الذي اقترحته وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية يستهدف حصريا الموظفين الجزائريين المعتمدين للوصول إلى المناطق المخصصة في المطارات الفرنسية لأغراض نقل أو استلام الحقيبة الدبلوماسية.

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، عن مصدر مطلع، قوله إن المديرية العامة للبروتوكول بوزارة الخارجية استلمت المذكرة الشفوية من وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية بتاريخ 7 أغسطس، والمتعلقة باقتراح إجراء مؤقت جديد بشأن وصول الموظفين الجزائريين المعتمدين إلى المناطق المخصصة في المطارات الفرنسية لأغراض نقل أو استلام الحقيبة الدبلوماسية.

ويشير الإجراء الفرنسي المؤقت إلى مرافقة الموظف أو الموظفين الجزائريين المكلفين بنقل أو استلام الحقيبة الدبلوماسية من قبل أعوان شرطة في جميع الأوقات. كما يفرض، قبل أي عملية نقل أو استلام للحقيبة الدبلوماسية، تقديم طلب مكتوب إلى وزارة أوروبا والشؤون الخارجية يجب أن يتم إيداعه قبل 48 ساعة من العملية المذكورة.

 وأوضح ذات المصدر أن هذا الإجراء الجديد يتعارض بشكل أساسي مع التزام فرنسا بضمان حسن سير البعثات الدبلوماسية والقنصلية الموجودة على الأراضي الفرنسية. كما يعيق حسن سير البعثة الدبلوماسية والمكاتب القنصلية الجزائرية في فرنسا.

ولفت أن المادة 25 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية تنص على أن الدولة المعتمدة تمنح جميع التسهيلات لأداء وظائف التمثيل الدبلوماسي. فيما تفرض المادة 5 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية على الدولة المضيفة السماح للمكاتب القنصلية بأداء وظائفها بكل حرية.

 وأبرز أن نفس الإجراء الجديد المبلغ عنه إلى الجانب الجزائري فيما يتعلق بنقل أو استلام الحقيبة الدبلوماسية، يعد انتهاكًا للالتزام الذي يقع على عاتق فرنسا، وفقا للمادة 27 الفقرة 7 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية. وينص هذا الالتزام صراحة على حق أي بعثة دبلوماسية في إرسال أحد أعضائها المعتمدين لاستلام الحقيبة مباشرة وبحرية من قائد الطائرة.

وقال المصدر المطلع، إنه في إطار احترام التزاماتها بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، تمنح فرنسا للبعثات الدبلوماسية والقنصلية المعتمدة بطاقات وصول دائمة إلى مناطق الأمان ذات الوصول المنظم في المطارات، موضحا ان أي إجراء يستبعد البعثة الدبلوماسية والمكاتب القنصلية الجزائرية من هذا النظام المعمول به يعد انتهاكًا صارخًا لالتزام معترف به بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والاتفاقية القنصلية الجزائرية-الفرنسية.

وكشف إن الإجراء الجديد للخارجية الفرنسية يستهدف حصريًا موظفي البعثة الدبلوماسية الجزائرية في فرنسا، كونه يمثل معاملة تمييزية تتعارض مع مبدأ عدم التمييز تجاه البعثات الدبلوماسية والقنصلية المعتمدة لدى الدولة المضيفة، وهو مبدأ معترف به بموجب المادة 47 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والمادة 72 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية.

 وأشارت الخارجية الجزائرية أن إلى الإجراء الجديد المبلغ عنه يتناول فقط حالة سفارة الجزائر في باريس، ويتجاهل وضع المكاتب القنصلية الجزائرية الموجودة على الأراضي الفرنسية التي يمنع على موظفيها من الحصول على بطاقات وصول دائمة إلى المناطق المخصصة في المطارات لأغراض نقل أو استلام الحقيبة الدبلوماسية.

وللأسباب التي تم ذكرها، عبرت الخارجية الجزائرية عن رفضها بشكل قاطع للإجراء المؤقت المقترح من قبل الخارجية الفرنسية، مشددة على أن الحل الوحيد الذي يتوافق مع الالتزامات الدولية والثنائية لفرنسا يكمن في استعادة بطاقات الوصول الدائم لصالح موظفي البعثة الدبلوماسية والقنصليات الجزائرية في فرنسا.

وأكدت أنه بمجرد استعادة هذه البطاقات، ستقوم الجزائر، من جانبها، برفع التدابير المماثلة التي اعتمدتها في إطار التطبيق الصارم لمبدأ المعاملة بالمثل.

 

مقالات مشابهة

  • حبس 4 متهمين كونوا شبكة أطفــ.ال للتسول فى شوارع إمبابة وبولاق الدكرور
  • يوم أسود للصحافة.. هكذا عالجت الصحف الفرنسية اغتيال أنس الشريف
  • الجزائر ترفض "بشكل قاطع" إجراء وزارة الخارجية الفرنسية
  • أحمد آدم يجيب عن الأسئلة الحرجة مع مجدي الجلاد: زوال إسرائيل وسر عادل إمام وعلاقته بربنا.. (ج٢)
  • حماية الصحفيين: ندين قتل الصحفيين الفلسطينيين ونطالب بحملة دولية لملاحقة قادة الاحتلال الإسرائيلي
  • التلة الفرنسية.. مستوطنة بنيت على أنقاض بلدة لفتا المقدسية
  • وزارة الصناعة تحذر من الاعتداء على وكالة "هايسنس" في اليمن وتوجه بحملة ميدانية لضبط المخالفين
  • السفارة الفرنسية معزية الجيش: نقف إلى جانب لبنان في هذه المحنة
  • عاجل: 25 ألف ريال غرامة صيد سمكة نابليون.. تعرّف على عملاقة الشعاب المهددة بالانقراض
  • المديرية العامة للأرصاد الجوية لـ سانا: الموجة الحارة التي بدأت سوريا بالتأثر بها خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، طبيعية ويستمر تأثيرها حتى نهاية هذا الأسبوع، وتكون ذروة تأثيرها اليوم وغداً وبعد غد