واصل الدفاع المدني السوري إخماد الحرائق التي امتدت إلى مناطق واسعة في جبل التركمان بريف اللاذقية، الذي بدأ خلال الأسبوع الأول من مايو/أيار الحالي.

وعادة ما تبدأ الحرائق الموسمية في سوريا في شهر مايو/أيار من كل عام، وقد تستمر لمدة تصل إلى 12 أو 15 أسبوعا، لكنها تأثرت هذا العام بالرياح وارتفاع درجات الحرارة، مما أسفر عن انفجار مخلفات الحرب والتي زادت من انتشار النيران، وسط صعوبات يواجهها الدفاع المدني لإخمادها، في ظل مساعدة تركية لإطفائها.

الحرائق الموسمية

وتعرف الحرائق الموسمية بأنها حرائق غابات تحدث بانتظام خلال أوقات محددة من السنة، وهي شائعة في المناطق التي تشهد مواسم جفاف وحارة خلال نمو النباتات، مما يُشكّل وقودًا للحرائق.

وفي كثير من الأماكن، يجلب الصيف أو أواخر الربيع الحرارة وانخفاض الرطوبة، فيجفّ الغطاء النباتي ويصبح سريع الاشتعال.

كما يساعد موسم الأمطار في وقت مبكر من العام النباتات على النمو بكثافة، ولكن عندما تموت هذه النباتات وتجف تصبح وقودًا مثاليا لحرائق الغابات.

وغالبًا ما تؤدي الممارسات الزراعية (مثل حرق بقايا المحاصيل)، أو إشعال النيران في المخيمات، أو خطوط الكهرباء، أو حتى الحرق المتعمد، إلى اشتعال الحرائق خلال المواسم المعرضة للحرائق، كما يعدّ البرق محفّزا طبيعيا، خاصةً في العواصف الرعدية الجافة.

إعلان

تظهر الحرائق الموسمية بوضوح في بعض دول البحر الأبيض المتوسط ​​(مثل سوريا واليونان)، وكذلك كاليفورنيا (بالولايات المتحدة الأميركية)، حيث تبلغ الحرائق ذروتها في أواخر الصيف وحتى الخريف، وتتفاقم بفعل الرياح الجافة.

وتشهد أستراليا موسم حرائق الغابات خلال فصل الصيف من ديسمبر/كانون الأول إلى فبراير/شباط، أما غابات الأمازون فقد تعاني من الأمر في الفترة بين أغسطس/آب وأكتوبر/تشرين الأول، حيث تبلغ الحرائق ذروتها.

واصل الدفاع المدني السوري إخماد الحرائق (رويترز) الوضع السوري

وبين عامي 2001 و2023، فقدت سوريا 17.4 ألف هكتار من الغطاء الشجري بسبب الحرائق، وتتركز الحرائق غالبا في المناطق الساحلية والزراعية، وتنتج عن مزيج من العوامل المناخية والبيئية والبشرية، فقد أصبح مناخ سوريا جافًا بشكل متزايد، مع ارتفاع درجات الحرارة وطول فترات الجفاف.

تؤدي هذه الظروف إلى جفاف الغطاء النباتي، ويفاقم تغير المناخ هذا التوجهَ عاما بعد عام، مما يؤدي إلى حرائق غابات أكثر تواترًا وكثافة وشدة.

وقد شهدت سوريا موجات جفاف شديدة بسبب التغير المناخي، فمثلا بين عامي 2006 و2010 واجهت البلاد أسوأ موجة جفاف في تاريخها المسجل، مما أدى إلى انهيار واسع في الإنتاج الزراعي، خاصة في مناطق مثل دير الزور والحسكة والرقة.

ومنذ عام 2020، شهدت سوريا موجات جفاف شديدة، حيث أظهرت نتائج تقرير بحثي نشر عبر منصة "ورلد ويذر أتريبيوشن" أن هذه الموجات من الجفاف أصبحت أكثر احتمالا بمقدار 25 مرة بسبب تغير المناخ الذي يسببه الإنسان.

وجد التقرير كذلك أنه لولا ارتفاع حرارة الأرض بمقدار 1.2 درجة مئوية نتيجة حرق الوقود الأحفوري لكان الجفاف، المصنف حاليًا على أنه "شديد" على مقياس مراقبة الجفاف، قد صُنف على أنه "ظروف طبيعية أو رطبة".

في عام 2020 وحتى مع متوسط ​​هطول الأمطار الطبيعي استمرت حرائق الغابات (رويترز) النشاط البشري

وتساهم الأنشطة البشرية، مثل إزالة الغابات والتوسع الزراعي وسوء إدارة الأراضي، بشكل كبير في أخطار حرائق الغابات، كما أدت الحرب التي استمرت حتى سقوط النظام وفرار رأسه بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى تدهور الموارد الطبيعية، مما زاد من قابلية التعرض للحرائق.

إعلان

وتستكشف الدراسة المعنونة بـ"الصراع والمناخ.. عوامل حرائق الغابات في سوريا في القرن الحادي والعشرين" والصادرة من جامعة ماريلاند الأميركية، كيف أسهم كلٌّ من تغير المناخ والحرب في زيادة حرائق الغابات في جميع أنحاء سوريا.

ففي عام 2019، على سبيل المثال، شهدت سوريا هطول أمطار غزيرة تفوق المعدل المتوسط، مما أدى إلى نمو نباتي وفير. ورغم أن هذا الأمر بدا مفيدًا في البداية، فإن موسم الجفاف اللاحق حوّل هذا الغطاء النباتي إلى وقود للحرائق.

ونتيجة لذلك، أثرت حرائق الغابات على 4.8% من مساحة الأراضي السورية في عام 2019، وهي زيادة كبيرة عن النسبة المعتادة البالغة 0.2%.

وفي عام 2020، وحتى مع متوسط ​​هطول الأمطار الطبيعي، استمرت حرائق الغابات، مما يشير إلى وجود عوامل أخرى غير المناخ تؤدي لاندلاع الحرائق، وأبرزها الحرب التي فاقمت الحرائق المدمرة للأراضي الزراعية، لا سيما في الشمال الشرقي، وهي منطقة حيوية لإنتاج الغذاء في سوريا.

تتأكد تلك النتائج بدراسة نشرت في دورية "إنفيرونمنتال ريسيرش ليترز"، وتشير إلى أن مزيجا من العوامل المناخية، إلى جانب الحرب، كان السبب في جعل سوريا أكثر تأثرا بالحرائق الموسمية عاما بعد عام.

حلول مطروحة

مع بدء الاستقرار في البلاد، فإن ذلك يطرح فرصة لانخفاض شدة مواسم الحرائق مستقبلا، خاصة مع بدء تطوير خطط شاملة لإدارة الحرائق تجمع بين الوقاية والتأهب والإخماد والتعافي، ويُقدم المركز العالمي لإدارة الحرائق التابع لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو) إرشادات لتنفيذ هذه الإستراتيجيات بفعالية.

يمكن كذلك أن يمثل دمج الأشجار في النظم الزراعية (الزراعة الحراجية) حواجز طبيعية للحرائق ويقلل من أحمال الوقود ويعزز احتباس رطوبة التربة، مما يخفف من مخاطر الحرائق.

وإلى جانب ذلك، يمكن أن يسهم تحسين إعادة زراعة النباتات المحلية واستعادة النظم البيئية المتدهورة في التنوّع البيولوجي والقدرة على مواجهة حرائق الغابات.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حرائق الغابات فی سوریا فی عام

إقرأ أيضاً:

إسبانيا تجلي أكثر من ألف شخص مع اتساع حرائق الغابات

أعلنت السلطات الإسبانية أنها اضطرت إلى إجلاء أكثر من ألف شخص من بلدات وقرى في شمال غرب البلاد، بعدما خرجت النيران عن السيطرة في الغابات بفعل موجة الحر المستمرة والرياح العاتية.

وتم إجلاء نحو 400 شخص من بلدة كاروسيدو والمناطق المحيطة بها في إقليم قشتالة وليون، بينما نزح نحو 700 آخرين من بلدات قريبة من موقع لاس ميدولاس المدرج على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونسكو)، المعروف بتضاريسه الفريدة وتاريخه كأكبر منجم ذهب في العصر الروماني.

بدوره، قال رئيس حكومة الإقليم، ألفونسو مانويكو، إن المؤشرات الأولية تدفع للاعتقاد بأن عدة حرائق أشعلت عمدا، متوعدا عبر منصة إكس بملاحقة من وصفهم بـ"المجرمين الذين يعتدون على الأرواح والسلامة العامة وتراثنا الطبيعي والتاريخي".

وتكافح فرق الإطفاء ألسنة اللهب وسط حرارة تقترب من 40 درجة مئوية في مناطق عدة، في موجة حر تدخل أسبوعها الثاني، ويتوقع استمرارها حتى الخميس المقبل.

وأكد رجال الإطفاء أن الرياح القوية والمتقلبة تعيق جهود السيطرة على الحريق، في حين حذرت سلطات الحماية المدنية من أن معظم أنحاء البلاد تواجه مستويات عالية إلى قصوى من خطر اندلاع حرائق جديدة.

من جهته، قال رئيس الوزراء بيدرو سانشيز إنه يتابع الحرائق عن كثب، وشكر فرق الطوارئ على "عملها الدؤوب".

حرائق تمتد إلى فرنسا

وفي جنوب فرنسا، تسبب حريق ضخم اندلع الثلاثاء في مقاطعة "أود" بمقتل شخص وإصابة 9 آخرين، أحدهم بحالة حرجة، بعدما التهم نحو 10 آلاف هكتار وأجبر على إخلاء مواقع تخييم وقطع الطريق السريع "إيه-9" الرابط بين فرنسا وإسبانيا.

أما في أقصى جنوب إسبانيا، فقد أخلت السلطات 7 فنادق وموقعين للتخييم في منتجع تاريفا الساحلي نتيجة حريق غابة اندلع في جبل لا بينيا وانتشر بسرعة بفعل الرياح العاتية، مما استدعى نقل أكثر من 5 آلاف سيارة.

إعلان

وتأتي هذه الحرائق ضمن موسم استثنائي تشهده أوروبا هذا الصيف، مع اشتداد موجات الحر والجفاف، مما أدى إلى اندلاع حرائق واسعة النطاق في إسبانيا وفرنسا واليونان والبرتغال، وسط تحذيرات متزايدة من تأثيرات تغير المناخ على تواتر وشدة هذه الظواهر.

مقالات مشابهة

  • الحرائق تجبر السلطات على إخلاء شواطئ يونانية
  • إزمير التركية تتحول إلى اللون البرتقالي بسبب حرائق الغابات.. فيديو
  • التضاريس والظروف المناخية تعوقان جهود مكافحة حرائق الغابات في سوريا
  • فريق الإطفاء الإماراتي يبدأ مهامه في إطفاء حرائق غابات ألبانيا
  • عاجل: صور| اندلاع المزيد من حرائق الغابات في مناطق سياحية شهيرة باليونان
  • اندلاع المزيد من الحرائق باليونان
  • تنفيذا لتوجيهات رئيس الدولة.. فرق إماراتية لدعم إطفاء حرائق الغابات في ألبانيا
  • تنفيذاً لتوجيهات رئيس الدولة.. فرق إماراتية لدعم إطفاء حرائق الغابات في ألبانيا
  • تركيا تجلي المئات مع استمرار مكافحة حرائق غابات
  • إسبانيا تجلي أكثر من ألف شخص مع اتساع حرائق الغابات