“بوتين يُفاوض من إسطنبول… وترامب يطارد الأشباح “
تاريخ النشر: 12th, May 2025 GMT
” #بوتين يُفاوض من #إسطنبول… و #ترامب يطارد #الأشباح “
بقلم: د. #هشام_عوكل أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولية
في الوقت الذي يحتفل فيه بوتين بعيد النصر الروسي الثمانين، جالسًا إلى جانب الرئيس الصيني شي جين بينغ، في مشهد رمزي أراد له أن يكون إعلانًا صريحًا عن التحالف الشرقي، خرج الرئيس الروسي من مشهد الاستعراض مباشرة إلى مشهد القرار: دعوة لحوار مباشر مع أوكرانيا، من إسطنبول، لا من جنيف، ولا من بروكسل، ولا حتى من واشنطن.
اختيار إسطنبول لم يكن عابرًا. تركيا ليست عضوًا في الاتحاد الأوروبي، لكنها عضو في الناتو. وهي ليست شريكةً كاملة للغرب، لكنها أيضًا لا تُحسب بالكامل على الشرق. رسالة بوتين كانت واضحة: الحوار من هنا، من منطقة رمادية تخدم المصالح الروسية، وتُقصي صراحةً العواصم الغربية عن أي دور مركزي في إدارة التفاوض.
هل طُردت أوروبا… وغُيبت أمريكا؟
بهذه الدعوة، بدا أن الرئيس الروسي يُقصي، أو على الأقل يُهمش، الدور الأوروبي التقليدي. ففرنسا وألمانيا لم تعودا لاعبين أساسيين في الملف الأوكراني، وواشنطن، رغم وجود رئيس أمريكي ترمب ، تبدو منشغلة بترتيب أولوياتها الداخلية أكثر من انخراطها في إنتاج حل فعلي للحرب
في هذا السياق، جاءت استجابة الرئيس الأوكراني زيلينسكي السريعة والمعلنة باستعداده لمقابلة بوتين، وكأنها تقرأ في اتجاهين: أولاً، أن زيلينسكي لم يعد يثق تمامًا بقدرة الغرب على فرض حل حقيقي. وثانيًا، أنه يمنح الرئيس الروسي منصة جديدة لإدخال الغرب مجددًا إلى المشهد، لكن هذه المرة كشاهد لا كمقرِّر. فهل هذا منطقي؟ هل الغرب – الذي فشل في حماية أوكرانيا ومنع الحرب – ما زال يملك شرعية الجلوس على طاولة الحل؟ أم أن اللعبة تغيّرت، وموسكو وحدها تُدير شروط الخروج؟
ترامب… يعود رئيسًا ولكن بأي مشروع؟
اليوم، دونالد ترامب لم يعد رئيسًا سابقًا أو مجرد مرشح قوي… بل هو الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية، وقد مضى على انتخابه أكثر من مئة يوم. ومع ذلك، لا تزال ملامح سياسته الخارجية غامضة، تتكرر فيها وعود قديمة دون أي مقاربة واقعية.
لطالما تفاخر ترامب بقدرته على إنهاء الحروب خلال ساعات، وتحديدًا حرب أوكرانيا التي قال إنه قادر على إيقافها في أقل من 24 ساعة. لكن سجلّه السياسي لا يُعزز هذا الادعاء:
رفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 145% ثم تراجع. هدد أوروبا بعقوبات، ثم تراجع. حاول شراء غرينلاند، فكان الرد دنماركيًا ساخرًا. طالب بملاحة مجانية للسفن الأمريكية في قناة بنما وقناة السويس، فقوبل بالرفض. توسط بين الهند وباكستان، ولم ينجز شيئًا.
استعراضات بلا نتائج، وشعارات بلا أثر.
زيارته للشرق الأوسط… مشروع سياسي أم حقيبة تبرعات؟
واليوم، مع زيارته المرتقبة إلى الشرق الأوسط، يتجدد التساؤل: هل يحمل ترامب مشروعًا جادًا للمنطقة؟ أم مجرد حقيبة دبلوماسية تبحث عن الدعم المالي والرمزي من أنظمة مأزومة؟
وفي خضم هذه الزيارات، تطفو غزة كساحة اختبار لا تقبل المناورة. القطاع الذي نُكِّل به بالحديد والنار، لا ينتظر مؤتمرات مانحين، بل ينتظر إجابات حقيقية.
غزة بعد الحرب… مشاريع أمريكية أم خرائط فارغة؟
تتداول الأوساط الغربية والعربية عدة سيناريوهات لما بعد الحرب في غزة: تغييب حماس، تمكين السلطة الفلسطينية، أو تشكيل حكومة تكنوقراط بإشراف إقليمي. لكن كل هذه التصورات تتجاهل حقيقة أن التجربة الأمريكية في إدارة المناطق المأزومة أثبتت فشلها.
العراق، الذي أدارته واشنطن بعد الغزو، تحول إلى دولة خارج التاريخ. وغزة ليست حقل تجارب جديد. من ينجو من القصف لا يخضع لخرائط خارجية.
واشنطن اولا ٫٫٫٫والبقية في خانة الاحتمالات
وفي خضم هذا المشهد، تبدو المعادلة مختلفة تمامًا عمّا يُشاع: فالحوثيون يمتنعون عن استهداف السفن التجارية العابرة في البحر الأحمر، في وقت تُظهر فيه الولايات المتحدة تركيزها الكامل على حماية مصالحها وسفنها فقط، دون الدخول في أي التزام مباشر يتعلق باستهداف إسرائيل. وكأنّ واشنطن تقول ضمنًا: “اضربوا من شئتم، ما دمتم لا تقتربون منّا”.
فهل نحن أمام تكتيك أمريكي يهدف إلى تحييد نفسها عن الصراع المباشر مع محور المقاومة، مقابل إتاحة مساحات مبهمة في الرد على إسرائيل؟
وهل إعلان ترامب عن استعداده للاعتراف بدولة فلسطينية يُقرأ كرسالة ضغط على تل أبيب… أم كغطاء تفاوضي جديد يُعيد ترتيب أوراق واشنطن في المنطقة دون أن يدفعها ذلك إلى مواجهة مفتوحة؟
خاتمة: من يكتب التاريخ؟
وهكذا، بين رئيس يحتفل بالنصر ويُعيد رسم الخرائط من موسكو وإسطنبول، وآخر يطوف الشرق الأوسط باحثًا عن نفوذ مفقود، تبقى الحقيقة في الميدان: الخرائط لا تُرسم بالأمنيات، والتاريخ لا يُكتب بالشعارات.
ومن يُقصي اللاعبين الحقيقيين عن الطاولة، سيجد نفسه لاحقًا خارج اللعبة كلها.
لكن السؤال الذي نتركه مفتوحًا في كل زاوية حادة يبقى: إذا كانت الحرب لا تُحسم بالسلاح فقط، فهل تُحسم بالخداع الدبلوماسي؟ أم أن الشعوب المنهكة هي وحدها التي تدفع ثمن الحروب المؤجلة؟
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: بوتين إسطنبول ترامب الأشباح رئیس ا
إقرأ أيضاً:
دول الناتو ترفع إنفاقها العسكري إلى 5%..وترامب يشيد بـانتصار عظيم
لاهاي"أ.ف.ب": تعهدت دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) اليوم الأربعاء خلال قمة في لاهاي زيادة إنفاقها العسكري بشكل كبير، وهو ما وصفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه "انتصار عظيم".
وأصر زعماء حلف شمال الأطلسي(ناتو) اليوم على أنه لم يتم الموافقة على "أي خيار للانسحاب" من زيادة ضخمة مقررة في الإنفاق الدفاعي، خلال اجتماعهم في قمة للتحالف الدفاعي في لاهاي للموافقة بشكل رسمي على الخطط.
وبذل الزعماء جهودا حثيثة لإظهار الوحدة بشأن زيادة الإنفاق والتي تعتبر فوزا كبيرا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي إعلانها الختامي، تعهدت الدول الأعضاء الـ32 في الحلف استثمار 5% من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي في مجال الدفاع بحلول عام 2035.
يريد الحلفاء تخصيص "ما لا يقل عن3.5% من الناتج المحلي الإجمالي" للإنفاق العسكري، و1.5% إضافية للأمن الأوسع مثل "حماية البنى التحتية الحيوية" والأمن السيبراني.
لكن عددا من القادة الأوروبيين، من بينهم الزعيم الإسباني، حذّروا من صعوبة تحقيق هذا الهدف، معتبرين أنه "غير معقول". في المقابل، أشاد الرئيس الأمريكي بهذا "الانتصار العظيم للجميع".
وقد اختار ترامب الذي انتقد مرارا أوروبا، استخدام لهجة تصالحية خلال القمة في لاهاي.
وأبدى الرئيس الأمريكي سروره بأن الحلفاء سينفقون "قريبا جدا" ما يعادل إنفاق الولايات المتحدة، وأكد "لطالما طالبتهم بالوصول إلى نسبة 5%، وسيصلون إليها. إنها نسبة هائلة... سيصبح حلف الناتو قويا جدا معنا".
تم الاعتناء بأدق التفاصيل أثناء زيارة الرئيس الأمريكي المتقلّب، انطلاقا من تخفيف الجزء الرسمي من الاجتماع وصولا إلى استضافته لتمضية ليلته في القصر الملكي.
وقلل الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته من المخاوف بشأن مدى التزام الولايات المتحدة بالناتو، وقال "بالنسبة إلي، من الواضح تماما أن الولايات المتحدة تدعم بالكامل" قواعد الحلف.
على متن الطائرة الرئاسية، أربك دونالد ترامب حلفاءه مجددا من خلال التهرب من الحديث عن موقف الولايات المتحدة في حال وقوع هجوم على أحد أعضاء حلف شمال الأطلسي.
وقال للصحافيين وهو في طريقه إلى لاهاي إن الأمر "يعتمد على التعريف الذي يتم تبنيه. هناك العديد من التعريفات للمادة الخامسة".
وتنص المادة على مبدأ الدفاع المتبادل، فإذا تعرضت دولة عضو للهجوم، فإن كل الدول الأخرى تهرع لمساعدتها.
وأكد البيان الختامي للقمة هذا المبدأ بشدة، عبر تأكيد الأعضاء في النص "التزامهم الراسخ" الدفاع الواحد عن الآخر في حال تعرضهم لهجوم.
كما أكد أعضاء حلف شمال الأطلسي "دعمهم" لأوكرانيا "التي يساهم أمنها في أمننا"، وأشاروا إلى "التهديد الطويل الأمد" الذي تشكله روسيا في فقرة قصيرة تم التفاوض عليها بشراسة مع دونالد ترامب الذي كان يفضل بيانا ختاميا بدون ذكر الروس.
ويتم تضمين المساعدات المقدمة لأوكرانيا في مساهمات كل دولة البالغة 5% من ناتجها المحلي الإجمالي المخصصة للدفاع.
في كندا، طغى على القمة الأخيرة لمجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، الانسحاب المبكر للرئيس الأمريكي وغياب بيان مشترك يدين "العدوان الروسي" على أوكرانيا، على عكس السنوات السابقة حين كان جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة.
وفي لاهاي، تطرق دونالد ترامب أيضا إلى الوضع في الشرق الأوسط، مؤكدا أن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل "يسير بشكل جيد للغاية".
وفي محاولة لكسب ود الرئيس الأمريكي، بعث مارك روته برسالة متوهجة له قبل القمة مباشرة، لم يتردد دونالد ترامب في مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتزامنا مع اجتماع الناتو، اعلنت ألمانيا عزمها شراء صواريخ كروز جديدة من النرويج لتسليح مقاتلاتها المستقبلية اف35-، بحسب اتفاق بقيمة 677 مليون يورو (786 مليون دولار) تم توقيعه على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في لاهاي.
وقال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس بعد التوقيع" هذا الترتيب ينفذ ما وضعناه كهدف لنا في أوروبا والناتو، المشتريات المشتركة لتقليص الوقت والبيروقراطية والتكلفة". وأضاف" بفضل هذه المبادرة المشتركة، سوف نحصل على أول صواريخ باليستية قبل نهاية 2027".
ويعد النظام، الذي يعرف باسم نظام الصاروخ جوينت ستايك، صاروخ كروز طويل المدى يتم توجيهه بدقة.
وقالت وزارة الدفاع الألمانية إنه يمكن استخدامه ضد أهداف على الأرض وفي البحر.
ويشار إلى أن الحكومة الألمانية أصدرت أمرا بشراء 35 مقاتلة من طراز اف 35- من الولايات المتحدة.
وسوف يتم شراء المقاتلات بصورة أساسية من أجل برنامج ألمانيا للمشاركة النووية، الذي يعد خطة ردع تابعة للناتو يمكن من خلالها أن تحصل الدول الحلفاء على الأسلحة النووية الأمريكية في حال اندلاع حرب.
زعماء المشاركين في قمة حلف شمال الأطلسي، يقفون امام قصر هويس تين بوش في لاهاي، هولندا. 24، 2025. رويترز/كريستيان هارتمان/بول