شكل معرض الكتاب ظاهرة استثنائية فـي دورته التاسعة والعشرين التي أسدل عليها الستار مساء السبت من الأسبوع الماضي؛ وذلك بتحقيق إقبال كبير لرواده، حيث قفزت نسبة الإقبال عليه إلى 60% عن الدورة السابقة وبلغ عدد زواره أكثر من 600,000 نسمة خلال أيام تنظيمه، كما شهد المعرض زيادة فـي نسبة دور العرض المشاركة التي بلغت 674 دار نشر من 35 دولة، وسجلت العناوين والإصدارات المدرجة فـي المواقع رقما عاليا حيث بلغت 681041 عنوانا منها 467413 عنوانا عربيا و213610 كتب أجنبية، وسجلت الإصدارات العمانية منها 27464 كتابا إلى جانب عديد الفعاليات اليومية والندوات وحفلات التوقيع على الإصدارات وتنوع الزوار من مختلف الدول العربية.
إن جميع هذه الأرقام بارتفاع مؤشراتها عن الدورات الماضية تسجل حضورا ثقافـيا بارزا لهذه التظاهرة الثقافـية التي تقترب من الثلاثين عاما من عمرها، وتعكس مجموعة من الحقائق لعل أولها، أن الكتاب لا يزال مفعما بالحيوية وبحالة مطمئنة واستطاع أن يفرض نفسه على المثقفـين والنخب التي زارت هذه الدورة، وأيضا مثَّل معرض الكتاب حالة استثنائية من حيث الإقبال المتنوع للأعمار السنية بين مرتاديه، كما أنه وفر عناوين واسعة تلبي العديد من الرغبات والميول خاصة للقراء والباحثين والطلبة وأصحاب الدراسات العليا والمفكرين.
كما أكد على أن مستوى الشغف لدى الفئة المثقفة لا يزال يتسم بالسعة من الاهتمام بالكتاب والعناوين الجديدة التي تطرح فـي هذا المعرض، رغم ما يطرح من بدائل فـي عالم متسارع من وسائل نقل المعلومة، وهذا يدلل على أن الكتاب سيبقى قادرا على مقاومة متغيرات العصر ومحافظا على العلاقة بينه وبين المثقف.
عليه فإن النظرة القادمة إلى معرض الكتاب يجب أن تتجاوز مفهوم العلاقة بين المثقف والكتاب، والنظر إليه برؤية أكثر شمولية، تتمثل فـي تعزيز رسالة المعرض خلال دوراته القادمة وكيف يمكن أن يسهم هذا المعرض فـي بناء أجيال شغوفةً بالكتاب؟ وكيف يستطيع أن يعزز فـي الناشئة أهمية المعلومة؟ وأيضا كيف يمكن أن نوجد من خلال هذه المساحة الثقافـية العناوين التي تناسب الطلبة؟ وذلك من خلال قراءة وتحليل مؤشرات هذه الدورة التي يمكن أن تدلنا على اتجاهات هذه الفئات ورغباتها.
الأهم أن يكون هذا المعرض بزخمه الحالي الذي أثرى فـي فعالياته المتنوعة وساهم فـي استقطاب العديد من المفكرين والباحثين والمهتمين، وعزز مفهوم الانفتاح على الحضارات غير الناطقة باللغة العربية والاستفادة من تجاربها وخلاصات فكرها حول مفاهيم الحياة وبناء الحضارة، قادرا على تحقيق الاستدامة فـي أهدافه بما يسهم فـي مد جسور التقارب مع الثقافات الأخرى وفهم عوالمها المختلفة فـي عالم يتقارب يوما بعد آخر.
نتطلع إلى أن تكون دورات معرض مسقط الدولي للكتاب القادمة تعكس ثقله الأدبي والتاريخي والعلمي فـي دولة ورثت كنوزا من حضاراتها المتنوعة ومن تاريخها الاستثنائي فـي المنطقة ومن علمائها الأفذاذ فـي مجالات العلم الواسعة، وأن يواصل المعرض تقديم وجه عمان الحقيقي وفكرها الأدبي وحركة تطور ثقافتها وتاريخها.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
حلب تستعيد وهجها الثقافي عبر معرض دوري للكتاب لأول مرة منذ عقود
حلب-سانا
بروحٍ تتوق إلى الإحياء الثقافي، افتُتح مساء اليوم “معرض حلب الدوري الأول للكتاب” في منتدى حلب عاصمة الثقافة بشارع القوتلي، بجهد تشاركي بين دار الوثائق الورقية، مكتبة آغورا، مكتبة رفوف الكتب، ومتجر مليكا للكتب.
ويمتد المعرض على مدار خمسة أيام، مقدّماً أكثر من 3000 عنوان في شتى المجالات الفكرية والأدبية والعلمية والدينية والروايات وكتب الأطفال، بأسعار تبدأ من 5 آلاف ليرة سورية، ما يعكس خطوة جادة لإعادة ترسيخ حلب كمنارة ثقافية في المنطقة بعد انقطاع دام أربعة عقود.
شهد الافتتاح حضوراً لافتاً من المثقفين والمهتمين، حيث افتُتحت الفعاليات بحفل توقيع للمجموعة القصصية “لا شيء يستحق الذكر” للقاص معن العمر، أعقبه أمسية موسيقية أطرب فيها الفنان عابد حيلاني الحضور بألحان ومواويل حلبية أصيلة.
وأكد المحامي محمود حمام، صاحب المنتدى، أن المعرض يمثل مساحة تفاعلية لإعادة التلاحم المجتمعي وشفاء الذاكرة عبر الكلمة والفن، مشيراً إلى موقع المنتدى الحيوي بين دور السينما والمسرح ومقر اتحاد الكتّاب.
ومن جهته، أوضح المحامي علاء السيد، مؤسس دار الوثائق، أن المعرض يُعدّ الأكبر من نوعه في المدينة منذ عقود، بينما أشار المهندس كرم الزيبق من مكتبة آغورا إلى أن الحدث يُعيد كتباً كانت محرومة من التداول، ويفتح المجال أمام القارئ لاكتشاف أعمال عربية وعالمية متنوعة.
كما نوّه الزوّار بتنوع العناوين وتوازن الأسعار، مؤكدين أن المعرض يقدّم مزيجاً من الكتب الأدبية والعلمية وكتب الأطفال والروايات، بما يلبي مختلف الأذواق.
وتتواصل الفعاليات الثقافية المرافقة يومياً، وتتضمن حفلات توقيع كتب وأمسيات ثقافية من أبرزها: توقيع “الأمثال والهناهين” للباحث سامر أبو شالة، جلسة بعنوان “ذكريات صحفية حلبية” يقدّمها الصحفي وضاح محيي الدين، وتوقيع كتاب “تاريخ تجارة حلب” للصحفي عز الدين النابلسي، إضافة إلى ثلاثية الكاتب خالد سليم عقيل.
يُفتح المعرض يومياً من التاسعة صباحاً حتى الحادية عشرة مساءً، في دعوة مفتوحة لجميع أبناء المدينة وزوارها لعيش تجربة ثقافية غنية تعكس روح حلب الأصيلة وتعيد إليها صوتها الثقافي الدافئ.
تابعوا أخبار سانا على