كيف كانت علاقة بن لادن بالجماعات الجهادية خلال تواجده في السودان؟
تاريخ النشر: 12th, May 2025 GMT
ووفقا لما قاله ولد الوالد خلال حلقة 2025/5/10 من برنامج "مع تيسير"، فقد كان تنظيم "القاعدة" عندما انتقل من أفغانستان إلى السودان، يعاني تفاوتا في وجهات النظر بشأن كثير من القضايا، واختلافا في النظرة حتى لحكومة الخرطوم الإسلامية آنذاك.
وكان السبب الرئيسي في هذه الخلافات -حسب المتحدث- أن غالبية أعضاء التنظيم لم يكونوا يمتلكون العلم الشرعي الكافي، وكانوا يسارعون للتكفير رغم قلة علمهم.
ومن أبرز الخلافات التي تحدث عنها ولد الوالد، كان الموقف من حكومة الخرطوم الإسلامية آنذاك، ومدى التزامها بالمشروع الإسلامي، الذي لم يكن يطبق عمليا.
لكن المفتي السابق للقاعدة، يقول إن بن لادن كان يرى أن السودان هو القارب الوحيد الذي يقل كافة المجاهدين، وأن عليهم التعامل بواقعية لإنقاذ هذا القارب الذي أغرقته حكومة الخرطوم لاحقا، كما يقول ولد الوالد.
ولمعالجة هذا الأمر، قرر بن لادن وضع منهج جديد للتنظيم، وكلَّف ولد الوالد بهذه المهمة التي حاول من خلالها وضع القواعد التي ستحكم علاقات القاعدة بالحكومات والجماعات الإسلامية الأخرى وما سيستجد من قضايا الأمة.
إعادة النظر في العلاقات
وخلال هذه المرحلة، بدأ بن لادن يعيد النظر في علاقاته مع الجماعات الجهادية الأخرى بناء على تصوراته الجديدة ورؤيته لما يجب أن يكون عليه تنظيم القاعدة، والقضايا التي يلزمه التدخل فيها والطريقة التي سيتدخل بها.
إعلانومن هذا المنطلق، تراجع دعم بن لادن للجماعات الجهادية التي كانت تربطه بها علاقات وثيقة خلال فترة الجهاد الأفغاني، والتي وصلت إلى السودان لاحقا.
وكانت جماعة الجهاد في مقدمة الجماعات التي تراجع دعم بن لادن لها خلال تواجده في السودان، رغم العلاقة الوثيقة بين الجانبين حيث شارك بعض مؤسسي الجماعة في تأسيس القاعدة، وفق ولد الوالد.
تراجع عن مواجهة الحكومات
بل إن أبو عبيدة البنشيري كان هو المسؤول العسكري في الجهاد وفي القاعدة، كما كان المدربون العسكريون للقاعدة في أفغانستان كلهم من أعضاء جماعة الجهاد، حسب ولد الوالد، الذي قال إن بن لادن كان يقدم الجزء الأكبر من تمويل هذه الجماعة.
وأحدث هذا التراجع في الدعم نوعا من الجفاء بين بن لادن والجهاد التي كانت ترى أنها صاحبة فضل في تأسيس وتدريب القاعدة، حسب ولد الوالد.
وخلال هذه الفترة، شنت جماعة الجهاد هجمات ضد الحكومة المصرية وضربت سفارة القاهرة في إسلام آباد، لكن هذا كله لم يكن بعلم بن لادن، مما دفعه للابتعاد تماما عن هذه الجماعة والتوجه بشكل أكبر لدعم العمل السلمي المنضبط بدلا من مواجهة الحكومات.
ومع ذلك، فقد تعاون القاعدة مع جماعة الجهاد في محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في أديس أبابا سنة 1995، كما يقول ولد الوالد.
ورغم أن حكومة السودان كانت قد وافقت على اغتيال مبارك عام 1993 لكنه لم يذهب إلى المكان المقرر للعملية، إلا أن المحاولة الفاشلة التي جرت بعد عامين كانت سببا في إخراج كافة الجماعات الجهادية من السودان.
والسبب في ذلك، كما يقول ولد الوالد، أن محاولة اغتيال مبارك سنة 1995 جرت دون علم الحكومة السودانية التي كانت قد بدأت في تغيير مواقفها من الجماعات الجهادية.
وفيما يتعلق بالجماعة الإسلامية الليبية، يقول ولد الوالد إنها كانت على علاقة جيدة بالقاعدة خلال فترة القتال في أفغانستان، وعندما وصلت السودان عام 1994، نصحهم بن لادن بعدم الدخول في مواجهة مسلحة مع الرئيس الراحل معمر القذافي، لأنه كان واثقا من أنها ستفشل كما فشلت مواجهة مبارك في مصر وحافظ الأسد في سوريا.
إعلانلكن الجماعة الليبية لم تعمل بهذه النصيحة، وأعلنوا الجهاد المسلح ضد القذافي ثم انتهى بهم الحال إلى الفشل والفرار إلى أفغانستان لاحقا، كما يقول ولد الوالد.
دعم الجماعة الإسلامية بالجزائر
وعن موقف القاعدة من الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر (الجيا)، يقول ولد الوالد إن بن لادن دعم الجماعة عندما قررت مواجهة الحكومة التي سعت للتآمر على فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالانتخابات عام 1991.
وعندما أعلنت الجماعة بقيادة أبي عبد الله أحمد، المواجهة عام 1993، دعمهم بن لادن وأرسل إليهم سفينة محملة بالسلاح لكنهم لم يتمكنوا من تسلمها بسبب اختلاف في مكان التسلم.
ووفقا لولد الوالد، فلم يكن أحد من أعضاء التنظيم يعرف بطبيعة العلاقة بين بن لادن وبقية جماعات الجهاد حول العالم ولا ما يقدمه لها من دعم، لأن هذا الأمر كان حكرا على مؤسس التنظيم وكبار نوابه.
لكن بن لادن أوقف هذا الدعم بعد اغتيال زعيم الجماعة الإسلامية في الجزائر "أبو عبد الله" بداية 1995 في ظروف غامضة وخلفه في القيادة "أبو عبد الرحمن أمين"، الذي يقول ولد الوالد إنه أسرف في الغلو والتكفير وقتل المدنيين بطريقة بشعة، واستحلوا حتى نساء المسلمين وقتل بعضهم بعضا.
وكان دعم بن لادن للجماعة الإسلامية في الجزائر، مرده إلى أنها كانت حركة واسعة التأييد ولم تكن ضعيفة كما هي حال الجماعات الجهادية في مصر أو سوريا أو ليبيا، كما يقول ولد الوالد.
12/5/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجماعات الجهادیة الجماعة الإسلامیة جماعة الجهاد بن لادن
إقرأ أيضاً:
هل الأب أفضل أبواب الجنة؟.. 15 حقيقة يغفل عنها الكثيرون
تنبع أهمية الاستفهام عن هل الأب أفضل أبواب الجنة ؟ من أنه أحد وصايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والتي فيها حثنا على بر الوالدين، وكما شدد في وصيته بالأم ثلاثًا، فإنه كذلك حثنا على الأب كذلك وهو ما يطرح السؤال عن المقصود بكلمة الوالد في حديثه، هل الأب أفضل أبواب الجنة ؟، والذي قد ينبه أولئك الغافلين عن بر آبائهم، وبالتالي يغلقون على أنفسهم أحد أبواب الجنة، فلا تزال الحكمة المتمثلة في إجابة استفهام هل الأب أفضل أبواب الجنة ؟، أحد الأسرار الخفية.
ورد أن الوالد والوالدة أفضل أبواب الجنة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «الوالد أوسط أبواب الجنة فاحفظ البيت إن شئت أو ضع»، وقال العلماء من أبواب الجنة باب الوالد أي الوالدين وهذا الباب قد يدعى أناس عليه يوم القيامة أن ادخلوا من هذا الباب فيدخلون الجنة عن طريق هذا الباب.
جاء فيما أخرجه الترمذي وابن ماجة وأحمد واللفظ له، قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الوالد أوسط أبواب الجنة فاحفظ ذلك الباب أو دعه)، وهذا الحديث له سبب كما في مسند أحمد وصحيح ابن حبان: أن رجلا أتى أبا الدرداء فقال : إن أبي لم يزل بي حتى تزوجت وإنه الآن يأمرني بطلاقها قال : ما أنا بالذي آمرك أن تعق والدك ولا أنا بالذي آمرك أن تطلق امرأتك غير أنك إن شئت حدثتك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم سمعته يقول : ( الوالد أوسط أبواب الجنة فحافظ على ذلك إن شئت أو دع ) قال : فأحسب عطاء قال : فطلقها)، وقوله: (الوالد أوسط أبواب الجنة) أي طاعته سبب لدخول الولد من ذلك الباب، وهو يشمل الأم أيضا، بل هي أولى لكثرة الحث على برها، والحديث مسوق لذلك والمراد من الأوسط الخيار.
لماذا الأب أوسط أبواب الجنةورد فيه أن ضم الوالد إلى البر والإحسان بعد الأم يرجع إلى تسببه في إيجاده، ومحبته بعد وجوده وشفقته وتربيته الكسب له والإنفاق عليه، فقد ورد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رضا الله في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد، رواه ابن حبان في صحيحه، والعاقل يعرف حق المحسن ويجتهد في مكافأته، فالبر طاعة للرحمن وخير وبركة للإنسان، وسبب لاستجابة الدعاء ولسعة الرزق وطول العمر.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه. رواه البخاري ومسلم، والبر بالوالدين من شيم الكرام ودليل على الفضل والكمال والبار قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة.
حديث أوسط أبواب الجنةو أخرج الترمذي في سننه (1900) واللفظ له، وابن ماجه (3663)، وأحمد (27551)، أنه روى أبو الدرداء، أنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : ( الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ، فإنَّ شئتَ فأضِع ذلك البابَ أو احفَظْه)، وهو حديث صحيح .
صحة حديث الوالد أوسط أبواب الجنةروى عبدالله بن حبيب أبو عبدالرحمن السلمي | المحدث : | المصدر : في صحيح ابن ماجه ، الصفحة أو الرقم: 1712 ، وحدثه الألباني في حديث صحيح، أنَّ رجلًا أمرَه أبوهُ أو أمُّهُ شَكَّ شعبةُ أن يطلِّقَ امرأتَه فجعلَ عليهِ مائةَ محرَّرٍ فأتى أبا الدَّرداءِ فإذا هوَ يصلِّي الضُّحى ويطيلُها وصلَّى ما بينَ الظُّهرِ والعصرِ فسألَه فقالَ أبو الدَّرداءِ أوفِ بنذرِك وبِرَّ والديكَ وقالَ أبو الدَّرداءِ سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: (الوالدُ أوسَطُ أبوابِ الجنَّةِ فحافِظ علَى والديكَ أوِ اترُكْ).
شرح حديث الوالد أوسط أبواب الجنةورد في شرح حديث الوالد أوسط أبواب الجنة ، فيه أمَرَنا الشَّرعُ الحَكيمُ بالعدْلِ والإنصافِ، وإيتاءِ كلِّ ذي حَقٍّ حقَّه، دونَ جَورٍ أو إجحافٍ بحقوقِ طرَفٍ على آخرَ؛ وذلك لأنَّ الحُقوقَ ربَّما تتداخَلُ أو يتنافَسُ فيها بعضُ أصحابِ الحقوقِ علينا، وفي هذا الخبرِ يروي شُعبةُ، عن عطاءِ بنِ السَّائبِ، عن أبي عبدِ الرَّحمنِ السُّلميِّ: "أنَّ رجُلًا أمَرَه أبوه- أو أمُّه، شكَّ شُعبةُ- أنْ يُطلِّقَ امرأتَه"، أي: أمَرَه أحدُ والدَيْه أنْ يُطلِّقَ زوجتَه دونَ سبَبٍ شرعيٍّ، "فجعَلَ عليه مِئةَ مُحرَّرٍ"، أي: نذَرَ أنْ يُعْتُقَ مِئةَ نفْسٍ إنْ طلَّقَها، يُريدُ بذلك أنْ يُشْفِقَ عليه أبوه، أو أمُّه، أو هما معًا، مِن غَرامةِ العتْقِ، وتنازُلَهما عن إلْزامِه بطلاقِ زَوجتِه الَّتي يُحبُّها.
وروي في شرح حديث الوالد أوسط أبواب الجنة، والظَّاهرُ: أنَّ الآمِرَ مِن الوالدينِ لم يتنازَلْ عن أمْرِه؛ ولذلك جاء الرَّجلُ إلى أبي الدَّرداءِ يَستَفْتِيه في أمْرِه، "فأتى أبا الدَّرداءِ، فإذا هو يُصلِّي الضُّحى ويُطيلُها، وصلَّى ما بين الظُّهرِ والعصْرِ"، أي: صلَّى تطوُّعًا غيرَ صلاةِ الضُّحى؛ لأنَّ وقتَها مِن ارتفاعِ الشَّمسِ قيْدَ رُمْحٍ إلى الزَّوالِ، "فسأَلَه"، أي: طلَبَ فَتواهُ في الجمْعِ بين نذْرِه وإجابةِ والدَيْه في طلاقِ امرأتِه، فقال أبو الدَّرداءِ: "أوْفِ بنذْرِك"، أي: أدِّ ما نذَرْتَه وأعتِقْ مائةَ نفْسٍ، وطلِّقْها، "وبِرَّ والدَيْك"، أي: أدِّ إليهما حقَّهما مِن الصِّلةِ والإحسانِ والطَّاعةِ.
وجاء في روايةِ أحمدَ: "فقال له أبو الدَّرداءِ: ما أنا بالَّذي آمُرُك أنْ تُفارِقَ، وما أنا بالَّذي آمُرُك أنْ تُمْسِكَ"، ثمَّ قال: "سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول: الوالِدُ أوسَطُ أبوابِ الجنَّةِ"، أي: خيرُها، أو أنَّه سبُبٌ لدُخولِ الولدِ مِن أحسَنِ أبوابِ الجنَّةِ، "فحافِظْ على والدَيْك أوِ اتْرُكْ"، وليس المُرادُ التَّخييرَ بين الأمرينِ، بل المُرادُ التَّوبيخُ على ترْكِ الوالدينِ وإضاعتِهما، والحثُّ على حِفْظِ حُقوقِهما، كما قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23].
وورد في شرح حديث الوالد أوسط أبواب الجنة، ولكنْ طاعةُ الوالدينِ مُقيَّدةٌ بالمعروفِ؛ لقولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الحديثِ المُتَّفَقِ عليه: "إنَّما الطَّاعةُ في المعروفِ"؛ فإذا كانتِ الزَّوجةُ مُستقيمةَ الأحوالِ وذاتَ دِينٍ، وإنَّما أَمَراه بطَلاقِها لهوًى في نفْسَيْهما، فلا طاعةَ لهما في ذلك، ولا يلزَمُه طلاقُ امرأتِه، وليس تطليقُ زوجتِه في هذه الحالِ مِن بِرِّ والدَيْه. ... وفي الحديثِ: الحَثُّ على طاعةِ الوالدينِ ومعرفةِ حقِّهما. ... وفيه: مُراعاةُ الشَّرعِ لحُقوقِ جميعِ أطرافِ الأُسرةِ دونَ جَورِ أحدٍ على حقِّ غيرِه.
أعمال بر الوالدينورد أن الله سبحانه وتعالى أوصانا ببِرِّ الوالدين، والإحسان إليهما، كما ورد بقول الله تعالى في كتابه الحكيم : «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا» الآية 36 من سورة النساء، ويكون بر الوالدين بالإحسان إليهما بالقول اللين الدال على الرفق بهما والمحبة لهما، وتجنب غليظ القول الموجب لنفرتهما، وبمناداتهما بأحب الألفاظ إليهما، كيا أمي ويا أبي، وليقل لهما ما ينفعهما في أمر دينهما، ودنياهما ويعلمهما ما يحتاجان إليه من أمور دينهما، وليعاشرهما بالمعروف.
وجاء من أعمال بر الوالدين ، العمل بكل ما عرف من الشرع جوازه، فيطيعهما في فعل جميع ما يأمرانه به، من واجب أو مندوب، وفي ترك ما لا ضرر عليه في تركه، ولا يحاذيهما في المشي، فضلا عن التقدم عليهما، إلا لضرورة نحو ظلام، وإذا دخل عليهما لا يجلس إلا بإذنهما، وإذا قعد لا يقوم إلا بإذنهما، ولا يستقبح منهما نحو البول عند كبرهما أو مرضهما لما في ذلك من أذيتهما.
فضل بر الوالدينقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إنه فيما أخرجه الترمذي في السنن في :( 3545) وحسنه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الجَنَّةَ».
وأوضح «مركز الأزهر» في شرحه للحديث الشريف ، أنه في المعنى الإجمالي للحديث، يرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى خصال من أهم ما يتوسل به إلى دخول الجنة، ويتوصل به إلى الوصول إليها ، ومن هذه الأمور بر الوالدين ، ومما يثير الانتباه في هذا الحديث النبوي الشريف هو أسلوبه البياني العجيب الذي يعلن فيه النبي - صلى الله عليه وسلم- هذا الحكم الخطير بقوله «رغم أنف».
وأضاف أنه يحمل على معنيين : المعنى الأول: رغم أنفه أي: أصرعه الله لأنفه فأهلكه وهذا يكون في حق من لم يقم بما يجب عليه من هذه الخصال، المعنى الثاني: رغم أنفه أي: أذله الله لأن من لصق أنفه – الذي هو أشرف أعضاء الوجه – بالتراب – الذي هو موطئ الأقدام – فقد انتهى من الذل إلى النهاية القصوى.
وتابع: وهذا منه- صلى الله عليه وسلم- محمول على معنى الدعاء أو الإخبار بأن هذا مصير من فوت هذه الخصال ولم يقم بحقها، فالخصلة الأولى: ترك الصلاة على الحبيب - صلى الله عليه وسلم- عند تعطير المجالس بذكره إذ أن في هذا جفاء وبخل بالمودة.
وأشار إلى أن الخصلة الثانية: من أدرك رمضان وقد يسرت سبل الطاعة وفتحت أبواب الجنان ففاته الشهر وهو مازال قائما على معاصيه خائضا في شهواته، والخصلة الثالثة: من لم يبر والديه، وذكر الرجل في الحديث وصف طردي فإن المرأة مثل الرجل في ذلك ولا فرق، وفي تقييد البر بحال الكبر مع أن بر الوالدين مأمور به في كل حال ؛لشدة احتياجهما للبر والخدمة في تلك الحال.
عقوبة عقوق الوالدينورد أن عقوق الوالدين من صفات اللئام، ودليل الخسة والرذالة، والعاق بوالديه بعيد من الله، وبعيد من الناس، بعيد من الجنة، قريب من النار، فيقول العلماء: كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة إلا العقوق، فإنه يعجل له في الدنيا، وكما تدين تدان، فاتقوا الله أيها المسلمون في والديكم وقوموا بحقوقهما وقدموا رضاهما على كل شي على أنفسكم وأبنائكم وزوجاتكم تفلحوا وتسعدوا ورحم الله والدا أعان ولده على بره.
قال تعالى: « وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)» من سورة الإسراء.