في إسطنبول، وعلى ضفتَي البوسفور، كان يتم التحضير في موقعَين مختلفَين لأحد أهم الاجتماعات في العالم.
أحدهما في الجانب الأوروبي، في مكتب العمل الرئاسي بجانب قصر دولما بهتشه، والآخر في الجانب الآسيوي في قصر فهد الدين، وهو أيضًا مكتب عمل رئاسي.
كلا الموقعَين كانا يُجهزان من أجل محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا.
لأنه في حال حضر بوتين وترامب، فسيتم استقبالهما في قصر فهد الدين في الجانب الآسيوي. أما إذا لم يأتيا، فستُعقد المحادثات بين وفدَي البلدين، كما حصل من قبل، في مكتب دولما بهتشه.
وكان المسؤولون والموظفون يُنهون الاستعدادات الأخيرة في كلا المكتبين بحالة من النشاط المكثف.
كل شيء بدأ بعد أن قال بوتين: "يمكننا إجراء محادثات السلام مع أوكرانيا في إسطنبول".
وبعد هذا التصريح، اتصل بالرئيس أردوغان ليسأله إن كان بإمكان تركيا استضافة المحادثات. وأبلغه أردوغان- بسرور- بأن تركيا ستقوم بالاستضافة. وهكذا، كما حصل في عام 2023، تم تحديد إسطنبول كموقع للقاء من أجل إنهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا.
في الواقع، كانت المحادثات مقررة بين وفدي البلدين فقط. ولكن زيلينسكي أدلى بتصريح مفاجئ قائلًا: "سأنتظر بوتين في إسطنبول من أجل اللقاء به". أثار هذا التصريح دهشة المسؤولين في تركيا، لكن المفاجأة الكبرى جاءت من الولايات المتحدة. ما جعل هذا المسار برمّته استثنائيًا هو تصريح ترامب الذي قال: "إذا جاء بوتين إلى تركيا، فسآتي أنا أيضًا"، ما حول كل الأنظار فورًا نحو الاجتماع في إسطنبول.
إعلانومع احتمال مجيء ترامب، بدأ القادة الأوروبيون أيضًا يعلنون نيتهم الحضور. الرئيس الفرنسي ماكرون، المعروف بعدم تفويته لمثل هذه اللقاءات، ورئيسا وزراء بريطانيا وألمانيا قالوا إنهم سيحضرون إلى إسطنبول.
ما هي اعتراضات بوتين؟عقب تصريحات ترامب والقادة الأوروبيين، تسارعت التحضيرات في مكتب عمل قصر فهد الدين بعد مكتب دولما بهتشه. لكن بوتين كان يُصرّ على عدم الحضور. اتصل به الرئيس أردوغان ليدعوه شخصيًا، لكن كانت لدى بوتين اعتراضات.
ففي اللقاء الذي جرى مع القادة الأوروبيين وترامب، تم الاتفاق على هدنة لمدة 30 يومًا، وكان ترامب يريد أن تُوقّع الاتفاقية في إسطنبول وعلى مستوى القادة، وبحضوره شخصيًا.
أما بوتين، فكان يرى أن التوقيع على مستوى القادة يجب أن يتم من أجل سلام دائم، لكن الوضع الحالي غير مناسب لذلك.
وفي الواقع، كان بوتين منزعجًا من تصرّف زيلينسكي الذي فرض اللقاء عليه بشكل مفاجئ.
غير أن ترامب، الذي بات مهووسًا بإنهاء الحرب الروسية- الأوكرانية، أصرّ على لقاء إسطنبول.
وأثناء زيارته السعودية ومنها إلى قطر، واصل تكرار قوله: "إذا جاء بوتين، فسآتي إلى إسطنبول".
في الواقع، كان ترامب يضغط على بوتين من أجل إبرام سلام دائم، وكان بوتين يعلم ذلك ولهذا لم يكن يريد المجيء.
هذه المرّة، أراد ترامب أن يجرّب ذلك بالاستعانة بأقرب أصدقاء بوتين، وهو أردوغان.
لكن في صباح 15 مايو/ أيار، أعلن مسؤولون في موسكو أن بوتين لن يأتي إلى إسطنبول، وأوقف المسؤولون في قصر فهد الدين استعداداتهم المحمومة.
يعرف بوتين أنه في موقع قوي للغاية أمام زيلينسكي، الذي أُذلّ في البيت الأبيض من قبل الرئيس ونائبه.
وبينما يتوق ترامب لأن يُسجَّل في التاريخ بوصفه الرجل الذي أنهى هذه الحرب، ويطمع في معادن أوكرانيا الثمينة، يعرف بوتين أيضًا أن هذه فرصة لا تُعوض بالنسبة له.
على الأرض، في ظل تراجع حماس الولايات المتحدة لتقديم المساعدات العسكرية، وعجز أوروبا – التي باتت بلا قيادة – عن تقديم الدعم الكافي، فإن الكفة لا تزال تميل لصالح بوتين.
يعرف ترامب أنه إذا فرض عقوبات مفرطة على بوتين وأغضبه، فقد يتجه نحو الصين. ولهذا فإن بوتين لا يستعجل، وسيواصل موقفه الحالي بإصراره المعروف حتى يحصل على ما يريد.
أما زيلينسكي، فحتى وإن لم يُحقق نتيجة من مبادرته المفاجئة، إلا أنه يحاول إنقاذ الموقف من خلال ظهوره إلى جانب أردوغان في أنقرة.
أثناء كتابتي هذا المقال، كان مئات الصحفيين في مكتب عمل دولما بهتشه على ضفة البوسفور الأخرى ينتظرون وصول الوفود، لكن الضبابية كانت لا تزال سيدة الموقف.
وعندما رفعت رأسي نحو شاشة التلفاز، كانت الأخبار العاجلة تنقل تصريح ترامب:
"إذا لزم الأمر، سأحضر إلى إسطنبول يوم الجمعة. قلت لكم، إن لم آتِ، فلن يأتي بوتين".
كما ترون، فإن الحماسة في البوسفور لم تنتهِ بعد.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إلى إسطنبول فی إسطنبول فی مکتب من أجل
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي وأردوغان يناقشان هاتفيا تفاصيل اجتماع إسطنبول بشأن أوكرانيا
ناقش الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، خلال محادثات هاتفية، اليوم الاثنين، مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، تفاصيل محادثات 15 مايو المقبلة في إسطنبول، والتي من المتوقع أن يشارك فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكتب زيلينسكي - في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي- «تحدثت مع الرئيس التركي لمناقشة التفاصيل الرئيسة للاجتماع في تركيا، والذي قد يسهم في إنهاء الحرب».
وشدد الرئيس الأوكراني على ضرورة أن يضمن الشركاء مراقبة وقف إطلاق النار.
وتابع زيلينسكي: «نحن مستعدون لإجراء محادثات مباشرة مع بوتين، ومن الأهمية بمكان أن نواصل نحن في أوروبا العمل معًا لضمان أمننا على المدى الطويل، وسنبقى على اتصال دائم مع الولايات المتحدة، واتفقنا أنا والرئيس أردوغان على مواصلة جهودنا المشتركة لضمان السلام».
على صعيد متصل، أعرب زيلينسكي عن دعمه لمشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المحادثات بين أوكرانيا وروسيا في إسطنبول.
وقال زيلينسكي «لقد استمعت للتو لتصريح الرئيس ترامب، وهي كلمات بالغة الأهمية، ولقد أيدت فكرة دونالد ترامب بوقف إطلاق نار كامل وغير مشروط - لفترة كافية لإرساء أساس للدبلوماسية».
وأضاف في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي «نحن نريد ذلك ونحن مستعدون للالتزام بالصمت من جانبنا، لقد أيدت الرئيس ترامب في فكرة المحادثات المباشرة مع بوتين، وأعربت صراحة عن استعدادي للقاء، وسأكون في تركيا».
وتابع: «بالطبع، جميعنا في أوكرانيا سنكون ممتنين لو تواجد الرئيس ترامب معنا في هذا الاجتماع في تركيا، هذه فكرة صائبة، وبإمكاننا تغيير الكثير» مشيرا إلى أن الرئيس أردوغان قادر بالفعل على استضافة اجتماع رفيع المستوى، وشكرا لكل من ساهم في هذا.
اقرأ أيضاًزيلينسكي: سألتقي الرئيس بوتين يوم الخميس القادم في تركيا
زيلينسكي: مستعدون لإجراء محادثات مع روسيا شريطة وقف إطلاق النار من غد
ترامب: زيلينسكي مرحب به في البيت الأبيض