قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن التوجهات المتقلبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السياسة الخارجية، أربكت العواصم الأجنبية والمستثمرين، وبات الوضع يقوم على "عدم القدرة على التنبؤ"، ما يضع العالم أمام زعيم يتبع مصالحه الشخصية أكثر من أي رؤية استراتيجية.

وقالت الصحيفة في التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إن حلفاء أمريكا عبر الأطلسي كان لديهم ما يدعو للقلق قبيل قمة الناتو في لاهاي هذا الأسبوع.



فبعد أيام حافلة في السياسة الخارجية الأمريكية، شملت غارات جوية أمريكية على منشآت نووية إيرانية، بدا الرئيس الأمريكي غير مستعد للمجاملات وهو يتوجه إلى هولندا بعد أن تفاقم إحباطه من حالة المفاوضات مع إسرائيل وإيران مستخدما لغة حادة في الحديث عن الدولتين.



ومع ذلك، تحدى الرئيس المخاوف في القمة، مما سمح للاتفاقية التي دعمت الأمن الأوروبي منذ بداية الحرب الباردة بالصمود.

وذكرت الصحيفة أن ترامب كان راضيا لأنه حصل أخيرا على تعهدات من جميع أعضاء الناتو تقريبا بزيادة إنفاقهم الدفاعي بشكل حاد، وهي القضية التي انتقدها بشدة وهددهم بشأنها منذ بداية ولايته الأولى، كما تحسنت حالته النفسية بفضل الإطراءات الكثيرة التي تلقاها من مارك روته، رئيس الوزراء الهولندي السابق والرئيس الجديد لحلف الناتو.

غير أن المودّة في الناتو كانت صعبة المنال لدرجة فضحت مدى سيطرة نزوات الرجل في البيت الأبيض على العالم، ومدى تحكم تكتيكاته الصاخبة والمتقلبة في السياسة الخارجية.

ففي هذا الشهر فقط، غادر الرئيس الأمريكي قمة مجموعة السبع في كندا في وقت مبكر بطريقة دراماتيكية ليعود إلى واشنطن للنظر في توجيه ضربات ضد المنشآت النووية الإيرانية، ثم شرع في العمل العسكري في غضون خمسة أيام، ثم توسط على الفور في اتفاق لوقف إطلاق النار في محاولة لإنهاء الأعمال العدائية.

وقد وصل إلى قمة الناتو مجادلا بأن اتفاقية الدفاع المشترك التي تشكل جوهر التحالف "قابلة للتأويل"، مما تسبب في حالة من الذعر بين بعض الوفود، لكنه لم يقل أكثر من ذلك لتقويض التحالف في هولندا.

وأوضحت الصحيفة أن المسؤولين والمستثمرين على الصعيدين الدولي والمحلي يجدون صعوبة في فهم ما إذا كان ترامب مناصرا للتدخل الخارجي أم صانع سلام، أو ما إذا كانت هناك أي نظرية توجيهية لأفعاله وخطاباته.

وتحاول العواصم الأجنبية أيضا تقدير ما إذا كانت مقاومة ترامب هي الخيار الأفضل لحماية اقتصاداتها ومصالحها على الرغم من المخاطر الواضحة، أو ما إذا كان الرضوخ هو الخيار الأكثر أمانا، لكن جميعا يدركون أنهم سيضطرون إلى التعامل مع تقلبات ترامب ومطالبه الغاضبة، والتي تُنقل أحيانا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأشارت الصحيفة إلى أن قرار ترامب شن غارات جوية على المنشآت النووية الإيرانية كان لا يزال يتصدر قائمة اهتماماته عندما وصل إلى هولندا يوم الثلاثاء لحضور قمة الناتو.

وقد تمكن الرئيس الأمريكي وكبار مستشاريه من التوصل إلى هدنة هشة بين الاحتلال  وإيران عشية زيارته، مما خفف بعض المخاوف من تصعيد إقليمي واشتعال الوضع في الشرق الأوسط.

ولكن في الوقت الذي كانت تردد فيه أصداء الصدمة الدبلوماسية والعسكرية التي أحدثتها الضربات الجوية الأمريكية في جميع أنحاء العالم، وُضع ترامب في موقف دفاعي بعد الكشف عن أن التقييم الأولي الذي أجرته الاستخبارات العسكرية وجد أن الضربات الجوية أدت إلى تراجع البرنامج النووي الإيراني بضعة أشهر فقط.

وقد سارع ترامب إلى رفض الاستنتاجات التي تتعارض مع ادعائه بأن المنشآت النووية قد "دُمّرت"، ثم شرع في مهاجمة وسائل الإعلام بما في ذلك شبكة "سي إن إن" وصحيفة "نيويورك تايمز" التي كانت أول من نشر هذه النتائج.

غير أنه وسط الضجة، برز تحول في سياسة ترامب تجاه إيران، إذ أعلنت واشنطن استعدادها لاستئناف المفاوضات النووية في وقت مبكر من الأسبوع المقبل، ما قد يمهّد لتخفيف العقوبات المفروضة على البلاد.

وأعرب السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام عن قلقه من اعتبار الأزمة مع إيران منتهية، رغم أن كثيرين في الحزب الجمهوري يرون أن إستراتيجية ترامب تجاه إيران كانت ناجحة حتى الآن.

ونقلت الصحيفة عن هيذر ناويرت، المسؤولة السابقة في الخارجية الأميركية، إن الإدارة ربما نجحت في دفع إيران للتفكير بالتخلي عن طموحاتها النووية، مشيرة إلى استعداد طهران للجلوس إلى طاولة الحوار بشأن مستقبلها.

وبحسب الصحيفة، قال جيم تاونسند، نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق، إن إدارة البيت الأبيض تبدو وكأنها تتخذ قراراتها بشكل مرتجل، مشيرا إلى أن المسؤولين لا يعرفون ما إذا كانت أقوالهم أو أفعالهم ستتعارض مع تغريدة مفاجئة من الرئيس.

وقالت الصحيفة إن نجاح قمة الناتو لم يكن مضمونا، خاصة مع تشكيك ترامب في المادة الخامسة، ورفض إسبانيا في اللحظة الأخيرة الالتزام بهدف إنفاق دفاعي بنسبة 5 بالمائة من الناتج المحلي، ما اعتبره ترامب "غير عادل لبقية الدول".



ونقلت الصحيفة عن أحد مستشاري السياسات الخارجية في حكومة دولة عضو في الناتو قوله إن على الأوروبيين "أن يفعلوا كل ما بوسعهم لإبقاء الولايات المتحدة ضمن التحالف"، حتى لو تطلب الأمر "الرقص كالقردة" لإرضاء ترامب.

وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء الهولندي مارك روتا أشاد بترامب ونعته بـ"بابا" خلال اجتماع ثنائي، وكتب له في رسالة نصية نشرها ترامب: "دفعتنا إلى لحظة مهمة، وستحقق ما عجز عنه رؤساء أميركيون منذ عقود".

ورسّخ إعلان قمة لاهاي التزام دول الناتو بإنفاق 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع بحلول سنة 2035، مشيرا إلى "التهديد طويل الأمد الذي تمثله روسيا على الأمن الأوروبي الأطلسي، والتهديد المستمر للإرهاب".

وأضافت الصحيفة أن إسبانيا رفضت الالتزام بهدف الدفاع، وهددها ترامب في مؤتمر صحفي بعقوبات تجارية، قائلا: "سنجعلهم يدفعون ضعف المبلغ، وأنا جاد في ذلك"، في إشارة إلى مفاوضات تجارية جارية بين واشنطن ومدريد.

ومن المرجح أن تتقدّم قضايا التجارة على حساب الأمن القومي في اهتمام ترامب خلال الأسابيع المقبلة، مع اقتراب موعد 9 تموز/ يوليو الذي حددته واشنطن للعديد من شركائها التجاريين للتوصل إلى اتفاق، وإلا سيواجهون زيادات في الرسوم الجمركية.

ولفتت إلى أن نجاح تحركات ترامب الدفاعية سيُقاس بمدى صمودها، إذ حذّر رئول تقيه من أن الضربة ضد إيران والتزام حلفاء الناتو بزيادة الإنفاق قد لا يكونان دائمين، خاصة إذا طوّرت إيران سلاحا نوويا سرا أو انقسم التحالف بسبب خلافات حول تقاسم الأعباء.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية ترامب تقلبات امريكا ترامب تقلبات صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قمة الناتو ما إذا کان ترامب فی إلى أن

إقرأ أيضاً:

بعد وعيد ترامب لمدريد.. جنرال أمريكي يدعو لنقل القاعدة العسكرية الأمريكية في إسبانيا إلى المغرب

زنقة 20 | الرباط

تعيش العلاقات الأمريكية الإسبانية توترا كبيرا ، بعد التصريحات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال قمة الناتو في لاهاي.

ترامب وجّه صراحة تهديدا إلى إسبانيا إذا لم ترفع ميزانية الدفاع إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، كما فعلت جميع دول الناتو.

وصف ترامب، في مؤتمر صحفي خلال القمة، موقف إسبانيا بأنه “أمر فظيع” يصدر من “البلد الوحيد الذي لا يدفع”، مهدداً بأن الولايات المتحدة ستفرض عليها رسوماً جمركية مضاعفة في الاتفاقيات التجارية المقبلة، قائلاً: “سوف نتفاوض مباشرة مع إسبانيا على صفقة تجارية، وسنجعلهم يدفعون مرتين”.

توتر العلاقات بين واشنطن و مدريد ، دفعت مسؤولين أمريكيين كبار إلى دعم تصريحات ترامب و التوجه نحو فرض عقوبات صارمة خاصة في الجانب العسكري.

Time to relocate NAS Rota and Moron Air Base…to Morocco. https://t.co/8pKIUStLN4

— Robert Greenway (@RC_Greenway) June 27, 2025

في هذا الصدد دعا الجنرال روبرت غرينواي، نائب مساعد الرئيس الأمريكي السابق والمدير الأول لإدارة شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجلس الأمن القومي الأمريكي، الرئيس الأمريكي إلى نقل القاعدة الأمريكية في الجنوب الإسباني و المعروفة بقاعدة “روتا” إلى المغرب.

و نشر غرينواي مقطعا للرئيس الامريكي يهاجم فيه إسبانيا خلال مؤتمر الناتو ، وعلق عليه بالقول : “حان الوقت لنقل قاعدة روتا الجوية وقاعدة مورون الجوية إلى المغرب.”

غرينواي كان قد عبر أيضا عن دعمه لنقل مقر القيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) إلى المغرب بدل ألمانيا.

مقالات مشابهة

  • ترامب: إيران كانت قريبة من امتلاك سلاح نووي والعودة للاتفاق ممكنة بشروط
  • عاجل. القناة 12 الإسرائيلية: إلغاء جلسات محاكمة نتنياهو التي كانت مقررة خلال الأسبوع المقبل
  • اكتشاف علمي يربك مفاهيم الزمن.. سهمان متعاكسان للوقت | ما الذي تغير ؟
  • بولتون يكشف "السبب الحقيقي" الذي ضرب ترامب إيران لأجله
  • الألفية السعيدة.. توفيق عكاشة: هذه هي العلامات التي دفعت إسرائيل لضرب إيران -(فيديو)
  • تشكيك بتدمير نووي إيران يربك الإسرائيليين ويزيد مخاوفهم
  • ترامب يؤكد قدرته على إرسال صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا: القرار بيدنا
  • بعد وعيد ترامب لمدريد.. جنرال أمريكي يدعو لنقل القاعدة العسكرية الأمريكية في إسبانيا إلى المغرب
  • لحظة مرحة بين ماكسيما وترامب تسرق الأضواء في قمة الناتو .. فيديو