منذ إعلانه التفاوض مع إيران حول ملفها النووي، وتجاهله أولوية العمل العسكريّ ضدّها، بدأ مسار واضح من الاختلاف يظهر بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول عدد من الملفات الاقليمية. ويعدّ ذلك من أبرز التحديات التي يلتزم ساسة الدولة العبرية الصمت حيالها حتى الآن. اعلان

تجاهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيارة إسرائيل خلال جولته الحالية في الشرق الأوسط.

وقد قوبل ذلك باعتباره مؤشّراً على تركيز إدارته المتزايد على الصفقات الاقتصادية الرابحة مع دول الخليج، بما فيها قطر، التي طالما اتهمها المسؤولون الإسرائيليون بدعم حركة حماس.

لكن حكومة بنيامين نتنياهو التزمت الصمت حيال ذلك خلال هذا الأسبوع، رغم أن الرئيس الأمريكي قام بخطوات عديدة تزعزع تصورات الساسة الإسرائيليين حول مكانة تل أبيب لدى حليفها الاستراتيجي الأول.

هذا المسار لم يبدأ من زيارة الدول الخليجية الثلاث. فقد ساد التوتر الأوساط السياسية الإسرائيلية، بسبب المفاوضات الأمريكية الإيرانية حول الملف النووي، وقرار ترامب عقد اتفاق وقف إطلاق للنار مع حركة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن، رغم استمرار الجماعة في استهداف إسرائيل بالصواريخ البالستية والمسيرات.

كذلك، أُجبر المسؤولون الإسرائيليون على الوقوف مكتوفي الأيدي بينما كانت واشنطن تفاوض للتوصل إلى صفقة مع حركة حماس لإعادة عيدان ألكسندر، آخر رهينة أمريكي على قيد الحياة في غزة.

ترامب وسوريا

ومن السعودية، أعلن ترامب إنهاء العقوبات على سوريا، ودعا إلى تطبيع العلاقات مع الحكومة الجديدة في دمشق، والتي تعتبرها إسرائيل "نظامًا جهاديًا إرهابيًّا" ولا يخفي مسؤولوها شكوكهم تجاهه، إلى درجة استدعت شن هجمات عسكرية على سوريا عبر تنفيذ مئات الغارات منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول / ديسمبر 2024.

وفي الوقت الذي تحدث فيه ترامب خلال وجوده في الرياض عن دوره الحاسم في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين، كانت صفارات الإنذار تدوّي في مناطق وسط إسرائيل، بما في ذلك تل أبيب، مع اقتراب صاروخ أطلقه أنصار الله من اليمن.

Relatedترامب: قريبون من اتفاق بشأن برنامج إيران النووي وطهران تبدو نوعا ما موافقة على بنودهترامب: سأكون فخورًا بتدخل أمريكي في غزة يُحوّلها إلى "منطقة حرية"خطة المساعدات الأمريكية لغزة: ماذا نعرف عنها؟ ومن يتولى تنفيذها؟أرامكو السعودية تبرم 34 اتفاقية مع شركات أمريكية بقيمة تقارب 90 مليار دولار

وكتب يوآف ليمور، المعلق في صحيفة "إسرائيل اليوم" اليمينية: "يُعاد تشكيل الشرق الأوسط أمام أعيننا من خلال سلسلة من الاتفاقيات والاجتماعات، بينما بقيت إسرائيل (في أفضل الأحوال) مراقبًا على الهامش".

لكن ترامب لا يرى في خطواته الأخيرة ما يضرّ بحليفته، وقد قال للصحافيين المرافقين له إنّ هذه الخطوات ستفيد تل أبيب في نهاية المطاف.

وأضاف: "هذا جيد لإسرائيل، أن تكون لدينا علاقة مثل علاقتي مع هذه الدول؛ دول الشرق الأوسط، في الأساس جميعها".

ولم يُدلِ نتنياهو بأي تعليق حتى الآن، باستثناء شكره لترامب على المساعدة في الإفراج عن الرهينة ألكسندر.

لكنه يواجه انطباعًا عامًا واسع النطاق بأن إسرائيل قد باتت في مؤخرة قطار التفاوض في المنطقة، وأنها تتعرض لضغوط دولية بسبب الحرب في غزة التي عرقلت بدورها تطبيع العلاقات مع السعودية.

ووقّع ترامب صفقة كبيرة خلال زيارته قطر تمحورت حول شراء طائرات بوينغ.

ترامب ونتنياهو في البيت الأبيضAP Photo

وخلال فترة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أبدى نتنياهو دعمه العلني لترامب في مواجهة الرئيس السابق جو بايدن، الذي أوقف بعض شحنات الذخيرة الثقيلة المتوجهة لإسرائيل، وفرض عقوبات على عدد من المستوطنين الإسرائيليين بسبب ممارستهم العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

اعلان

وفي مقابلة مع وكالة رويترز، يرى جوناثان بانيكوف، نائب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية السابق لشؤون الشرق الأوسط، إنّ أحداث الأسبوعين الماضيين تشير بوضوح إلى وجود "اختلاف واضح في الأولويات"، وأن المعاملة الخاصة التي كانت إسرائيل تتمتع بها من الإدارات الأمريكية قد لا تكون متوفرة اليوم.

وقال بانيكوف، الذي يعمل اليوم في مركز أبحاث المجلس الأطلسي في واشنطن: "من الواضح أن ترامب مصمم على المضي قدمًا في أجندة تركز على التجارة والاستثمار والمعاملات".

وتابع: "إذا لم تتماشى القضايا السياسية أو الأمنية التقليدية التي كانت الولايات المتحدة وإسرائيل تنسقان بشأنها تاريخيًا بشكل جيد مع أولويات ترامب، فسيمضي قدمًا بها على أي حال".

ويعدّ ترامب من أبرز حلفاء إسرائيل بين الرؤساء الأمريكيين، فهو من أعلن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، في إشارة إلى اعترافه بها كعاصمة لإسرائيل، كما وافق على ضمّ مرتفعات الجولان السوريّ لها، فضلًا عن انسحابه من الاتفاق النووي مع إيران عام 2018، في خطوة اعتبرتها تل أبيب انتصارا لها.

اعلان

وعلى الرغم من التأكيدات بأن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لا تزال قوية، فقد أعرب مسؤولو إدارة ترامب في بعض الأحيان عن إحباطهم من نتنياهو في أحاديث خاصة، بينما يسعى ترامب لتحقيق وعده الانتخابي بإنهاء الحروب في غزة وأوكرانيا بسرعة.

ويطالب المسؤولون الأمريكيون نتنياهو ببذل جهود أكبر للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حماس، كما أنهم أبدوا اهتمامًا محدودًا بدعم أي ضربة إسرائيلية لمنشآت إيران النووية، في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى حل دبلوماسي.

ويكرّر نتنياهو بين وقت وآخر تصريحاته بشأن عزم إسرائيلتدميرالمنشآت النووية الإيرانية.

اعلان

وقال جيمس هيويت، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، إن الإدارة تواصل العمل مع إسرائيل لتحرير الرهائن الـ58 المتبقين في غزة وتعزيز الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط.

وأضاف: "لم يكن لإسرائيل في تاريخها صديق أفضل من الرئيس ترامب".

وقد لزم المتشددون في الحكومة الإسرائيلية، الذين كانوا قد ابتهجوا سابقًا بإعلان ترامب عن خطة لتهجير سكان غزة وتحويلها إلى منتجع ساحلي، الصمت إلى حد كبير، كما حرص جميع المسؤولين الإسرائيليين على تجنب توجيه أي انتقادات للإدارة الأمريكية.

وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية هذا الأسبوع، عند سؤالها عما إذا كانت هناك مخاوف من أن إسرائيل قد تم تهميشها في موضوع إطلاق سراح ألكسندر: "الولايات المتحدة دولة ذات سيادة"، وأن "الحوار الحميم" بين إسرائيل والولايات المتحدة سيُجرى "بشكل مباشر وليس من خلال وسائل الإعلام".

اعلان"لم يكن لإسرائيل في تاريخها صديق أفضل من الرئيس ترامب"
المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض

وقد أرسلت الدولة العبرية فريقا إلى العاصمة القطرية الدوحة للانضمام إلى محادثات وقف إطلاق النار التي ينسقها المبعوث الخاص لترامب، ستيف ويتكوف، لكن القوات الإسرائيلية كثفت ضرباتها في غزة، مما أسفر عن مقتل العشرات من الفلسطينيين يوم الأربعاء.

وقد أشار نتنياهو بنفسه إلى أن إسرائيل، التي أعلنت في وقت سابق من هذا الشهر عن خطط لحملة مكثفة في غزة، لا تزال متمسكة بأهدافها الحربية، بما في ذلك تفكيك حماس كقوة عسكرية وحاكمة. "حتى بعد تبادل الأسرى، سنستأنف الحرب ضد حماس" أضاف، مشيرا إلى "إسرائيل لن تتوقف ولن تستسلم".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب غزة إسرائيل قطر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة دونالد ترامب غزة إسرائيل قطر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة قطاع غزة إسرائيل الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب بنيامين نتنياهو دونالد ترامب غزة إسرائيل قطر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة فولوديمير زيلينسكي ألمانيا روسيا الضفة الغربية فلاديمير بوتين الحرب في أوكرانيا الولایات المتحدة الشرق الأوسط تل أبیب فی غزة

إقرأ أيضاً:

نتنياهو: صفقة أشبه بالمعجزة!

أطلق الرئيس دونالد ترامب في الخامس من هذا الشهر ما عرف بوثيقة الأمن القومي الأمريكي التي جاءت في 29 صفحة حملت ما يشبه خريطة تصنيفية جديدة للعالم، اعتبرت الشرق الأوسط برمته مساحة استثمارية بحتة.

ترامب المصر على أنه قد فرض وقفاً فعلياً لإطلاق النار في غزة، رغم عدم وجود ما يفيد بذلك إطلاقاً، يصر أيضاً على الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطته المزعومة قبل نهاية الشهر الحالي، بحيث يعلن عن مجلسه المستحدث «للسلام» وقوة «الاستقرار» الدولية والمساهمين فيها، واستكمال ما تشمله تلك المرحلة من خطوات أخرى. استعجال ترامب بات ملحوظاً وكأنه بدأ يستشعر ضيق الوقت المتاح أمامه قبيل البدء بالتحضير للانتخابات النصفية الأمريكية المقبلة العام المقبل، واستماتته الملحوظة للبقاء في السلطة عبر دورة رئاسية ثانية ستحتاج لمعجزة ضخمة لتمريرها.

معجزة ترامب تتطلب منه الذهاب نحو انقلاب دستوري، ومنازلة قضائية كبيرة تسمحان له بالترشح، إضافة إلى حاجته الماراثونية لتطبيق وثيقة الأمن القومي الجديدة بما يشمل وضع الشرق الأوسط في مسار الاستثمار الذي يريده.

هكذا حال يستوجب الاستعجال الصاروخي في ترتيب أوضاع شريكه اللدود بنيامين نتنياهو الذي لا يستسيغه ترامب شخصياً، لكنه يرى فيه العنوان الوحيد القادر في إسرائيل وأمريكا على التأثير على أباطرة المال اليهود، ودفعهم نحو دعم نزوات ترامب الاستثمارية في الشرق الأوسط. لكن هذا الأمر يعني بالنسبة لترامب الحاجة الملحة لسرعة إطفاء نار الحرب، والحفاظ على نتنياهو في السلطة، عبر إقناعه باستكمال خطوات الحصول على العفو الرئاسي المنشود، بما يشمل الإقرار بالذنب والخروج من الحياة السياسية وهو ما يرفضه نتنياهو جملة وتفصيلا.

ترامب ورجالاته، رغم هذا الرفض، يقتربون من طرح صيغة، يبدو أن نتنياهو بدأ بالتفكير فيها.

وتقوم هذا الصيغة على دعوة نتنياهو لانتخابات عامة في إسرائيل يعقبها قبول الأخير بتنفيذ شروط العفو الباقية، وحصوله عليه، ثم الذهاب فوراً نحو ترشيح نفسه للانتخابات، مع الشروع بتغيير تحالفاته للتخلص من حلفائه اللدودين بن غفير وسموتريتش، اللذين لا يمكنهما ان يتقاطعا مع نزعة ترامب الاستثمارية، ورفض معظم دول الخليج التعامل معهما في حال بقائهما في السلطة وهو ما عبرت عنه قطر مؤخراً، بينما تستمر السعودية في رفضها للتطبيع من دون قيام دولة فلسطينية.

هذا الموقف يدعمه إصرار كلتا الدولتين على عدم دفع قرش واحد نحو إعادة الإعمار في غزة، دون التأكد من عدم اندلاع حرب جديدة، وهو ما يعني ضرورة تغيير الخريطة السياسية الإسرائيلية، وضمان سلام شامل في المنطقة قائم على استبعاد دعاة الحرب في إسرائيل وبشكل قاطع، ووقف مشروع التهجير واستئناف السلطة حسب المصادر السعودية لدورها في غزة.

لكن نتنياهو لا يرى الأمور بهذه السهولة ولا تجده يملك استعجال ترامب لكونه يعرف أن مغادرة الحياة السياسية، من ثم العودة عبر انتخابات مباشرة سوف لن تقنع جمهور المتربصين، خاصة أنهم يعتبرون أن نتنياهو سيخرج من الباب ليعاود القفز من النافذة، ولأنهم أيضاً يريدون فعلياً التخلص من نتنياهو بلا رجعة حتى لا يشكل لهم نداً لطالما خشوه، وثعلباً محترفاً قادراً على المناورة والعودة إلى الصدارة. خصوم نتنياهو لن يضيعوا فرصة الإطاحة به اليوم قبل الغد، خاصة وأنهم يعتبرون انضمامه لأي إئتلاف معهم لم يعد يشكل إضافة نوعية. ومع ذلك فإن توليفة متكاملة تضمن خروج المستوطنين من المشهد، والإطاحة بسموتريتش القابض على المال والتحكم به في دولة الاحتلال، ربما تجعل الأمر مقبولاً لدى بعض أركان المعارضة، خاصة إذا ما كانت مشفوعة بضغط وتعهدات كبيرة وملزمة من ترامب.

في المقابل فإن نتنياهو وبعقلية الذئب، يعود من جديد للمناورة، خاصة مع إبدائه بعض المرونة، التي يبدو أن ترامب قد طلبها منه، عبر الإعلان قبل أيام عن نيته تفكيك 14 بؤرة استيطانية واعتقال 70 مستوطناً، وحتى جاهزيته الوصول إلى سلام «ممكن» مع جيرانه الفلسطينيين. هذه اللغة غير المعتادة من نتنياهو، جعلت الجميع يتساءل عن «تغيير» كهذا في الموقف وأسبابه. العجب في مواقف ترامب سيبطله السبب في حال وصلنا إلى السيناريو أعلاه والذي سيكون بمثابة المعجزة الصعبة، فهل يشهد المشهد السياسي الإسرائيلي هكذا تطورات؟ ننتظر ونرى.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
  • ترامب مستاء من مواقف كييف وموسكو ويشترط للمشاركة بالاجتماعات
  • رسالة غير مسبوقة من نتنياهو إلى إسرائيل
  • ترامب "مستاء" من مواقف أوكرانيا وروسيا حيال خطة إنهاء الحرب
  • إعلام إسرائيلي نقلا عن مسؤول: لقاء نتنياهو وترامب المرتقب سيحدد موقف إسرائيل من التصعيد في لبنان
  • رحلة مشبوهة أم دبلوماسية؟ نتنياهو يرفض وجود الصحفيين في طائرته خلال زيارته إلى فلوريدا
  • خبير استراتيجي: “نتنياهو” يحاول إبقاء إسرائيل في حالة حرب
  • باحث سياسي: نتنياهو يدرك ضعف موقفه الانتخابي ويسعى لإبقاء إسرائيل في حالة حرب
  • نتنياهو: صفقة أشبه بالمعجزة!
  • هل يلتقي نتنياهو والسيسي في قصر ترامب؟ مطالب مصر وتحذير في إسرائيل