بدى اليمن غائبا عن أجندات زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية، قائدة التحالف العربي ضد جماعة "أنصارالله" الحوثي، أو جرى تجاهله إلا من إشارات وردت في كلمات قادة في دول الخليج على هامش القمة التي انعقدت الأربعاء، الأمر الذي أثار شعورا بالخيبة في أوساط يمنية مختلفة من تحول بلادهم إلى ملف صغير بيد المملكة، وفق وصفها.



كما سجلت قمة الرياض التي انطلقت برئاسة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي ترامب، غياب القيادة اليمنية ممثلة برئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي الذي اتهم بالعجز وسط انتقادات حادة وجهت له والقيادات الحكومية الأخرى.

" ملف منسي وفشل الشرعية"

وفي السياق، قال الناشط السياسي والحقوقي اليمني، توفيق الحميدي إنه للأسف اليمن غائب منذ زمن في أجندة كثير من الدول بسبب فشل الشرعية في إثبات حضورها، والتعاطي بإيجابية وشجاعة مع أزمة اليمن.

وأضاف الحميدي لـ"عربي21" أن غياب اليمن من أجندات ترامب في أول زيارة له إلى السعودية، التي تعد أول تحرك خارجي له بعد عودته إلى البيت الأبيض، على الرغم من وقف القصف الأمريكي قبل أيام على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.. يعكس حجم التراجع المأساوي لمكانة الشرعية في أولويات الحلفاء الإقليميين والدوليين، مشيرا إلى أنه تأكيد أيضا؛ على فشل السلطات الشرعية في فرض حضورها أو إبراز قضيتها كملف رئيسي في معادلات الأمن والسياسة الإقليمية.

وتابع الناشط اليمني بأن هذا الفشل في مقابل الاهتمام بملف سوريا، ليس مجرد سهو بروتوكولي، بل هو انعكاس لمعادلة سياسية صريحة تفيد أن اليمن رغم ما يعيشه من حرب ونزيف، لم يعد ينظر إليه كطرف فاعل، بل كملف منسي، تتقاذفه الأطراف بلا مشروع وطني موحد أو قيادة تملك قرارها.



وبحسب الحميدي فإن سوريا الجديدة بقيادة أحمد الشرع حاضرة بقوة، وتحضر قضايا التطبيع مع الاحتلال والملفات الكبرى كإيران والطاقة وأمن البحر الأحمر، بينما اليمن يتموضع في الهوامش، ضحية ضعف الأداء السياسي وغياب الاستراتيجية الوطنية.

وأوضح أن تجاهل ترامب لليمن في زيارته ليس مجرد مؤشر دبلوماسي، بل صفعة سياسية يجب أن تقرأها السلطات اليمنية جيدا، بعد عجزها عن امتلاك أدوات القوة والحضور كصاحبة قرار عن بلادها.

"اليمن شأن سعودي داخلي"

من جانبه، قال وزير النقل اليمني السابق، صالح الجبواني إن في زيارته الأخيرة إلى الرياض، بدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكأنه يعيد رسم خارطة اهتمامات وأولويات واشنطن في الشرق الأوسط، إذ تناول معظم ملفات المنطقة بشهية واضحة، تحدث عن إيران، وتحدث عن انفتاح جديد على سوريا ورفع عنها العقوبات، تحدث أيضا عن لبنان، وأبرم صفقات اقتصادية وأمنية بمئات المليارات من الدولارات، لكن دون أن يذكر اليمن بكلمة واحدة إلا تحييده للحوثيين واحتوائهم بوقف الضربات عليهم.

وأضاف الجبواني في منشور له عبر موقع "فيسبوك" أن هذا التجاهل  لم يكن ذلك سهوا ولا خطأ بروتوكوليا، بل كأنه إشارة سياسية مقصودة، مفادها أن ترامب "لا يرى في اليمن قضية تستحق الاهتمام المباشر، ولا يجد فيها طرفا يستحق أن يخاطب أو ملفا يستحق أن يفتح".

وأكد الوزير اليمني السابق على أن اليمن تحول إلى "شأن سعودي داخلي" متابعا القول : "ليس لأن الرياض اضطرت إلى ذلك، بل لأنها اختارت بل أرادت إدارة هذا الملف ضمن رؤيتها الاستراتيجية الأوسع ".

ولذلك لم تسعَ المملكة حتى الآن، وفقا للجبواني، "إلى تسوية تنهي الحرب بصورة شاملة، بقدر ما عملت على إبقاء التوازنات كما هي، بلد منهك، بناه مهدمة، اقتصاده مشلول، وسكانه مرهقون جائعون في معركة مفتوحة لا تفضي إلى حل"، ويتم إبقاءه على هذا الحال حتى تنضج ظروف معينة ليعاد تشكيل هذا البلد وفق ما ترى وتريد الرياض.

وأوضح وزير النقل اليمني السابق ونائب رئيس مجلس محافظة شبوة الوطني أيضا، أنه لا يوجد طرف يمني يراهن عليه، ولا سلطة تملك شرعية شعبية أو مؤسسية، ولا خريطة سياسية يمكن البناء عليها.

ومضى بالقول : "هناك تشظ داخلي، وتعدد في مراكز القرار، وغياب لأي مشروع وطني جامع".

ولفت إلى أن ترامب يرى اليمن هكذا، والأسوأ من ذلك، أن الصراع في اليمن تحول إلى مرآة لصراعات القوى الإقليمية إيران من جهة، والسعودية والإمارات من جهة أخرى، مبينا أن الصديقتان السعودية والإمارات راغبتان في إدارة هذا الملف بهذه الطريقة، ولذلك فالرئيس الأمريكي سيبصم بالعشر..ما دام أن سوق الصفقات رائج".

وخلص الوزير اليمني السابق إلى أن اليمن سيبقى هكذا خارج المشهد، بلا صوت مسموع، ولا دور فاعل، ولا أفق قريب".

"مؤسف وخيبة"

من جهته، عبر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني، مصطفى عن أسفه من هذا التجاهل لليمن وأزمته في زيارة الرئيس الأمريكي للمملكة.

وقال نصر عبر منصة "إكس": "مؤسف أن يتم تجاهل اليمن وأزمتها في زيارة ترامب الأخيرة".

وأضاف "الحوثيون ضاعفوا البؤس على اليمنيين وخصومهم من الحكومة الشرعية سلموها كملف صغير للجيران".

وأشار رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي أن اليمني يشعر بالخيبة وهو يرى دول المنطقة تتنافس في مضمار التنمية بقيادات شابة طموحة واليمن العريق، الكبير جريح، فاقد السلطة والقرار.



والأربعاء، عقدت في العاصمة السعودية الرياض، القمة الخليجية الأمريكية، برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وفي كلمته، قال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إن دول المجلس تشارك الولايات المتحدة الأمريكية إيمانها بأهمية الشراكة الاقتصادية والتعاون التجاري، وتعد الولايات المتحدة الأمريكية شريكا تجاريا واستثماريا رئيسيا لدول الخليج العربي.

وقال إن الرياض وعواصم مجلس التعاون الخليجي، تعمل مع الولايات المتحدة من أجل وقف التصعيد في المنطقة، وإنهاء الحرب في غزة، وإيجاد حل دائم وشامل للقضية الفلسطينية وفقا لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية اليمن ترامب السعودية السعودية اليمن الحوثيين ترامب المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الیمنی السابق أن الیمن

إقرأ أيضاً:

عاجل - لماذا اختار ترامب السعودية كأول وجهة خارجية في جولته؟ (تفاصيل)

في لحظة جيوسياسية مشبعة بالتقلبات، وبينما العالم يعيد رسم خرائطه الاستراتيجية على وقع الحرب في أوكرانيا، وحرب غزة، والتوترات الإيرانية الإسرائيلية، اختار الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يبدأ جولته الخارجية الثانية من المملكة العربية السعودية.

اختيار ترامب لم يكن اعتباطيا، بل يحمل دلالات تتجاوز رمزية التحالف التاريخي بين الرياض وواشنطن.

إنها رسالة سياسية مشفرة للعالم بأسره، بأن "الشرق الأوسط الجديد" الذي لطالما تحدث عنه ترامب، يبدأ من الرياض.

إعادة تموضع الولايات المتحدة في المنطقة

يرى الدبلوماسي الأميركي السابق ألبرتو فرنانديز خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية أن هذه الزيارة تحمل في طياتها "اعترافا أميركيا صريحا بالدور القيادي الجديد للمملكة العربية السعودية في المنطقة والعالم".

وفي حديثه، وصف فرنانديز السعودية بأنها "لم تعد مجرد شريك إقليمي، بل باتت دولة ذات ثقل عالمي في ملفات كبرى تتراوح بين الطاقة والأمن، إلى التكنولوجيا والتسويات الدولية".

ويعزز فرنانديز تحليله بالإشارة إلى المفارقة بين سياسة إدارة الرئيس جو بايدن التي بدأت بحملة "تشكيكية" تجاه المملكة، وانتهت بإعادة تطبيع العلاقات، وبين ما يقوم به ترامب الآن من "توطيد مباشر للعلاقة بناءً على الثقة والشراكة العميقة".

ويضيف فرنانديز  "بالنسبة له (ترامب) السعودية (شريك ثابت) في منطقة تشهد اضطرابات غير مسبوقة، بينما تبقى إسرائيل وإيران، رغم أهميتهما الاستراتيجية، في موقع التذبذب وعدم اليقين".

وهنا يعكس تصريح فرنانديز نقطة تحول في التفكير الأميركي تجاه المنطقة: لقد ولى زمن الإملاءات والتدخلات المباشرة، وجاء زمن الاعتماد على "شركاء يتمتعون بالقدرة والحكمة في إدارة ملفات إقليمية شائكة".

ووفقا له فإن "أميركا اليوم تعترف بأنها ليست وحدها، وأن أصدقاءها الأقوياء كالسعودية يجب أن يأخذوا زمام المبادرة".

قراءة سعودية في عمق التحول الأميركي

أما الصحفي السعودي جميل الذيابي، رئيس تحرير "عكاظ"، فيقدم قراءة من الداخل السعودي لهذا التحول.

ففي نظره، الزيارة "ليست فقط تاريخية، بل تمثل نقطة انعطاف كبرى في مسار العلاقات السعودية الأميركية".

ويدلل على ذلك بأن السعودية كانت الوجهة الأولى لترامب في ولايته الأولى، وتعود لتكون محطته الأولى بعد إعادة انتخابه، ما يعكس "شراكة استراتيجية تمتد لأكثر من 80 عاما، ولكنها اليوم تدخل طورا جديدا من التكافؤ".

وأشار الذيابي إلى التحولات الداخلية التي جعلت من السعودية قوة صاعدة عالميا، وليس فقط إقليميا.

فالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، واستراتيجية "صفر مشاكل" مع دول الجوار، والانفتاح الدبلوماسي على قضايا مثل الملف الإيراني وحرب غزة، كلها تعكس "نضوجا استراتيجيا جعل من السعودية لاعبا لا يمكن تجاوزه في أي تسوية قادمة".

ويذهب الذيابي إلى أبعد من ذلك، حين يقول إن "بعض الحلفاء التقليديين لأميركا أصبحوا عبئا عليها"، في تلميح واضح إلى إسرائيل، التي أظهرت السعودية استعدادها لربط أي اتفاق تطبيع معها بوضوح بمسألة حل الدولتين والحقوق الفلسطينية.

ما وراء الرمزية...ملفات ساخنة على طاولة ترامب والرياض

الزيارة لا تحمل طابعا بروتوكوليا فحسب، بل تأتي محملة بملفات ثقيلة:

الملف النووي الإيراني: السعودية تلعب اليوم دورا مزدوجا، فهي تمارس ضغطا سياسيا على طهران، وفي الوقت نفسه تفتح قنوات تواصل دبلوماسي، كما أشار الذيابي في تطرقه إلى زيارة وزير الدفاع السعودي لطهران مؤخرا.

حرب غزة والتطبيع: ترامب، حسب الذيابي، يسعى إلى إعادة فرض أجندته التي لطالما تبناها في فترته الأولى، والتي ترتكز على "السلام الاقتصادي". لكن الرياض تضع شروطا صارمة لأي تقدم في ملف التطبيع، وفي مقدمتها وقف التصعيد الإسرائيلي والاعتراف بحدود 1967.

التحول الاقتصادي والتكنولوجي: فرنانديز أشار بوضوح إلى أن السعودية لم تعد فقط لاعبا سياسيا، بل باتت "محورا اقتصاديا واستثماريا مهما في المعادلة العالمية".

ومن المتوقع توقيع اتفاقيات ضخمة على هامش المنتدى الاستثماري في الرياض، ما يعكس محورا جديدا للعلاقة: التكنولوجيا والاقتصاد كركيزتين للتحالف.

السعودية.. من الدفاع إلى المبادرة

أبرز ما يتفق عليه كلا المحللين هو أن السعودية اليوم تمارس دورا قياديا مبادرا، لا انتظاريا. إنها لم تعد فقط منخرطة في الملفات الساخنة، بل تسعى إلى قيادتها.

الأمير محمد بن سلمان كان قد صرح قبل سنوات بأن "الشرق الأوسط سيصبح أوروبا جديدة"، ويبدو أن هذا التوجه بدأ يجد صدى لدى النخبة الأميركية، كما يؤكد فرنانديز: "هناك جاذبية لهذا النموذج السعودي في واشنطن".

والأهم أن الرياض باتت تتحدث "بلغة شروط وليس طلبات"، كما يقول الذيابي. لم تعد تخضع للضغوطات، بل هي من تملي شروطها، لا سيما في ملف التطبيع والقضية الفلسطينية، ما يمنحها وزنا تفاوضيا غير مسبوق.

إن اختيار الرئيس ترامب للمملكة العربية السعودية كمحطة أولى لجولته الخارجية لم يكن مجرد مجاملة دبلوماسية، بل كان إعلانا استراتيجيا صريحا: السعودية لم تعد حليفا إقليميا فحسب، بل شريك عالمي يُعتمد عليه في تشكيل مستقبل المنطقة. من أمن الطاقة إلى أمن المنطقة، ومن ملفات التسوية إلى الاقتصاد والاستثمار، تثبت الرياض أنها أصبحت اليوم العاصمة السياسية الجديدة للشرق الأوسط.

وإذا كان العالم اليوم يعيد تعريف توازناته الكبرى، فإن ما يحدث في الرياض ليس مجرد زيارة، بل لحظة مفصلية تؤرخ لبداية مرحلة جديدة من العلاقات السعودية الأميركية، مرحلة عنوانها "الشراكة على قدم المساواة"، وقوامها: الثقة، المصالح، والاستقرار المشترك.

في هذا المشهد، لا مكان لمن يقف في المنتصف. فالشرق الأوسط يتغير، وترامب اختار أن يواكب التغيير من بوابة الرياض.

مقالات مشابهة

  • هل منح ترامب الشرعية إلى الشرع وحكومته بعد لقاء الرياض؟
  • لماذا لم يشرب ترامب القهوة في السعودية؟ "فيديو"
  • لماذا بدأ ترامب جولته الخليجية بزيارة السعودية؟.. سر اختيار هذا التوقيت
  • زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للخليج.. اجتماعات أمنية واقتصادية في الرياض والدوحة
  • لماذا تجاهل الرئيس الأمريكي إسرائيل في خطابه بالرياض؟ هبة القدسي تكشف التفاصيل
  • بدلا من الأحمر.. لماذا استقبلت السعودية ترامب على سجاد بنفسجي؟
  • عاجل - لماذا اختار ترامب السعودية كأول وجهة خارجية في جولته؟ (تفاصيل)
  • لماذا اختار ترامب السعودية كأول وجهة خارجية في جولته؟
  • مقاتلات سعودية ترافق طائرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدى وصوله إلى الرياض في زيارة رسمية