حفل فني ترفيهي للأطفال على خشبة ثقافي حمص
تاريخ النشر: 17th, May 2025 GMT
حمص-سانا
ضمن أجواء من الفرح والتسلية وبحضور أكثر من 400 طفل من فئات عمرية مختلفة، استضافت خشبة مسرح قصر الثقافة بحمص اليوم، حفلا فنيا ترفيهيا قدمته فرقة هابي ماجيك للأطفال.
وتضمن العرض كرنفالا غنائياً راقصاً بمشاركة شخصيات كرتونية محببة للأطفال، ومسابقات وهدايا للفائزين، وفقرات كوميدية ضاحكة، وفقرة ألعاب الخفة.
وأشار سعيد طوقتلي مدير فرقة هابي ماجيك لمسرح الطفل والعائلة في تصريح لمراسلة سانا أن فقرات الحفل حملت عناوين منوعة، وفي مضمونها رسائل تربوية هادفة قدمت بقالب ترفيهي، لافتا إلى أن الفرقة تسعى ضمن حفلاتها لتقديم المتعة والفائدة التعليمية والتربوية بأسلوب يرسم البسمة ويدخل الفرح إلى قلوب صغارنا.
وأعرب عدد من الأطفال وعائلاتهم عن استمتاعهم بفقرات الحفل المنوعة وخاصة الفقرات الغنائية الراقصة، والتي أتاحت للأطفال المشاركة بالرقص والتفاعل مع الشخصيات الكرتونية التي يعشقونها.
تابعوا أخبار سانا علىالمصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
جائزة ابن بطوطة.. جسر ثقافي بين الأمس والغد
سعد عبد الراضي
حين يخطو الإنسان نحو المجهول، حاملاً قلبه المشحون بالأسئلة، ويرسل بصره إلى الأفق البعيد، كمن يبحث عن ذاته في وجوه الآخرين، تولد الرحلة، ليس كسرد عابر للمسافات، بل كحوار داخلي بين الذات والعالم، بين الإنسان وتاريخه، بين الروح وآفاقها المفتوحة على الإعجاب والدهشة والتأمل. ولعل أدب الرحلة هو أكثر الأجناس الأدبية قدرة على التقاط هذا الوهج العابر، إذ يدوّن الرحالة مشاهداته لا كعابر سبيل، بل كمؤرخ للمشاعر، وكاتب للوجوه التي تحمل آثار الزمن وحكايات الشعوب.
في قلب هذا المشهد المتجدّد، تٌطل جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة بوصفها الجائزة العربية الفريدة، والجسر الذي أعاد منذ تشييده عام 2002 وصل ما انقطع، بل وأعاد اكتشاف العالم بنظرة عربية معاصرة، حيث تتحول الرحلة إلى قصيدة إنسانية مكتوبة بالحبر والحلم، وبنبض الثقافات المتعددة التي يتلاقى عندها الإنسان أخاً للإنسان.
وفي احتفالية استثنائية احتضنتها الرباط وأبوظبي، جدّد مشروع «ارتياد الآفاق» وعده بأن تبقى الرحلة العربية، بجذورها العميقة وروحها المنفتحة، حاضرة في مشهد الثقافة العالمية، شاهدة على أن العرب مازالوا يعبرون البحار والصحارى والكلمات بحثاً عن المعنى.
في دارة السويدي الثقافية في أبوظبي، عاصمة الأفق الثقافي العالمي، وفي الرباط، مدينة الأنوار وحاضنة التاريخ، التأم الحضور الثقافي العربي والعالمي في مشهد احتفائي بهيج، بمناسبة تكريم الفائزين بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة في دورتها الثالثة والعشرين، تلك الجائزة التي أصبحت، ومنذ انطلاقها عام 2002، منارة مضيئة في سماء الأدب العربي، حيث أعادت لأدب الرحلة العربي وهجه وحيويته، وحولته من ذاكرة ماضية إلى جسر عبور بين الأمس والغد.
في هذه الدورة التي تواكب مرور ربع قرن على إطلاق مشروع «ارتياد الآفاق»، بدا واضحاً أن الجائزة تجاوزت كونها مسابقة أدبية إلى كونها مشروعاً ثقافياً استثنائياً يُعيد كتابة الذات العربية بلغة الذات في إطلالتها على الآخر، ويفتح أمام القراء العرب نوافذ على عوالم بعيدة، بتوقيع رحالة ومحققين وباحثين ومبدعين يعيدون رسم خرائط العالم بعيون عربية معاصرة.
أيقونة الحوار
لم يكن اختيار ابن بطوطة ليكون العنوان البارز لهذه الجائزة مصادفة عابرة، بل لأنه النموذج الأمثل لذلك العربي المفتوح على العالم، المشغوف بالتعرف على الآخر، المتسلح بوعي ثقافي جعله شاهداً على التحولات الكبرى في العالم القديم.
وفي هذا السياق، أكد محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي، خلال كلمته في معرض الرباط الدولي للكتاب مؤخراً: «ابن بطوطة لم يكن مجرد رحالة، بل أيقونة إنسانية متجدّدة تؤكد أن الإنسان قادر على عبور الثقافات، والتواصل مع العالم، دون أن تفقد هويته لغتها، ودون أن تتعطل قنوات الحوار والتلاقح الثقافي. والجائزة اليوم تعيد لهذا الرمز الإنساني حضوره، وتقدمه إلى العالم في زمن باتت فيه الحاجة ملحة لتجديد جسور الحوار الحضاري».
من جانبه، أكد الشاعر والأديب محمد أحمد السويدي، مؤسس الجائزة وراعيها، أن ربع قرن من العمل أثمر منجزاً فريداً للثقافة العربية المعاصرة. وقال السويدي: «منذ البداية راهنّا على أن أدب الرحلة ليس مجرد سرد للأسفار، بل هو أدب يضيء الذات ويكشفها في مرآة الآخر. واليوم، وقد مضى أكثر من عقدين من العمل، نرى أن خزانة الرحلة العربية اغتنت بنصوص كانت مهددة بالنسيان، وتحولت إلى إرث حي في وجدان الثقافة العربية الحديثة».
وأعلن السويدي عن مبادرات جديدة ضمن مشروع «ارتياد الآفاق»، أبرزها إطلاق مبادرة «رواد الآفاق» لاستكتاب الرحالة من الإمارات وإليها، كنافذة جديدة لتقديم صورة الإمارات بعيون أهلها، وبعيون الرحالة الأجانب، إلى جانب إنجاز ستة عشر عنواناً جديداً ضمن مشروع طموح لترجمة مئة عمل أدبي وجغرافي من اللغات العالمية إلى العربية.
كما شهد الحفل تدشين النسخة الإلكترونية من تطبيق «منازل القمر»، وعرض العمل الوثائقي «على خطى ابن بطوطة في الهند»، في إطار مشروع القرية الإلكترونية «على خطى ابن بطوطة» الذي يعيد استحضار الرحلة كوسيلة للاكتشاف والتأمل والتعلم.
بدوره، اعتبر الشاعر نوري الجراح، مدير عام المركز العربي للأدب الجغرافي، أن جائزة ابن بطوطة تحولت إلى «ذاكرة ثقافية متجددة» تسهم في ترسيخ الحوار بين الثقافات، وتعيد قراءة الذات العربية من خلال الآخر. وقال الجراح: «ما تحقق خلال 23 دورة ليس مجرد احتفاء بأعمال أدبية، بل هو تأسيس لمسار ثقافي عربي جديد، يؤكد أن الثقافة العربية، ومنذ نشأتها، ثقافة منفتحة على العالم، تسعى للتعارف والحوار لا للانغلاق والانكفاء، وهو ما تثبته الجائزة عاماً بعد عام».
وأشار الجراح إلى أن هناك تنسيقاً كبيراً بين المركز ووزارة الثقافة المغربية لإقامة احتفالية ضخمة خلال العام المقبل، تزامناً مع اختيار الرباط عاصمة عالمية للكتاب، وأن من بين هذه الاحتفالية إقامة ثلاث ندوات من بينها ندوة عالمية عن ابن بطوطة.
ذاكرة لا تنضب
منذ تأسيسها، نجحت جائزة ابن بطوطة في إعادة الاعتبار لأدب الرحلة العربي في كل مساراته: من تحقيق المخطوطات الكلاسيكية، إلى دراسة الرحلة، واليوميات، والرحلة المعاصرة، والترجمة، والرحلة الصحفية.
وفي دورتها الثالثة والعشرين، استقبلت الجائزة 43 مخطوطاً من تسع دول عربية، حيث جرت عمليات التصفية بسرية تامة وفق معايير صارمة وضعتها لجان علمية وتحكيمية متخصّصة.
وبرزت من بين الأعمال الفائزة هذا العام الرحلات المكيّة، والرحلة النادرة للفرنسي فولني إلى مصر وسوريا، ويوميات الشاعر اللبناني عيسى مخلوف في باريس، ويوميات الكاتب المغربي محمد الخطابي في أميركا الجنوبية، إلى جانب الدراسات وسلسلة من الرحلات المحققة التي أضاءت نصوصاً خفية من أدب الرحلة العربي القديم.
هكذا، يثبت أدب الرحلة، من خلال جائزة ابن بطوطة ومشروع «ارتياد الآفاق»، أنه ليس مجرد انعكاس للطرق والمسافات، بل هو رحلة نحو الذات العميقة، ونحو الآخر المختلف، ونحو عوالم تستحق أن تُروى وأن تُكتشف بعينٍ ترى التفاصيل، وبقلب يؤمن بأن الإنسان، مهما تناءت به الطرق، تظل الرحلة الكبرى بداخله، في اكتشاف معاني الحياة وتعدد وجوهها.
وفي زمن يُعيد العالم فيه ترتيب خرائطه، تأتي هذه الجائزة لتذكرنا أن الخريطة الأهم ليست تلك المرسومة على الورق، بل تلك التي تُرسم في الوجدان، حيث تصبح الرحلة سفراً نحو الأمل، وتجسيداً لحوار لا ينقطع بين حضارات تتلاقى، لتكتب فصولها الجديدة بحبر المحبة والدهشة والإنسانية.
الفائزون يتحدثون
ثمنَّ الفائزون في حديثهم إلى «الاتحاد» الدور المهم الذي تلعبه الجائزة في المشهد الثقافي العربي، معبرين عن افتخارهم بالفوز بها. وأكد الدكتور محمد محمد خطّابي، من المغرب، الفائز في فرع اليوميات عن كتابه «على وقع خطوات كريستوفر كولومبوس - رحلة إلى أميركا الجنوبية»، أن رحلته سعت إلى استكشاف بلدان أميركا الجنوبية وتسليط الضوء على سكانها الأصليين وعاداتهم وثقافاتهم. وأوضح أن كتابه استعاد خطى كولومبوس منذ 1492، مستعرضاً الوقائع التي غيّرت وجه التاريخ والجغرافيا. وعبّر عن اعتزازه بتتويجه بهذه الجائزة المرموقة، مؤكداً أنها تتويج لجهد معرفي طويل.
وعبّر الدكتور مشعان المشعان، من السعودية، الفائز في فرع اليوميات عن كتابه «ما أحمله معي – حياة وأسفار وتصورات أخرى»، عن سعادته الغامرة بفوزه، مشيراً إلى أن الكتاب استغرق منه خمس سنوات من الإعداد المتواصل، وكان بمثابة مساحة للبوح والانعتاق، حتى شعر بأن فوزه أطلق الكتاب إلى القارئ بحرية. وأكد أن جائزة ابن بطوطة لها مكانتها الرفيعة في أدب الرحلة، وأن هذا التتويج يضاعف مسؤوليته تجاه هذا الحقل الإبداعي.
وقال محمد سالم عبادة، من مصر، الفائز في فرع الرحلة المعاصرة عن كتابه «الفُتوحاتُ البُوهِيمِيَّة – رحلات في التشيك والمجر وإيطاليا»، إن تتويجه بالجائزة يمثل محطة مضيئة في مسيرته، كونها تسهم في وصول الكتاب إلى القراء، وتفتح أمام أدب الرحلة بالعربية آفاقاً جديدة. وأوضح أن الجائزة دعّمت هذا النوع الأدبي المهم.
وأشارت الدكتورة حرية الريفي، من المغرب، الفائزة في فرع الرحلة المحققة عن تحقيق «شفاء الغرام في حج بيت الله الحرام»، إلى أن فوزها يحمل طابعاً مضاعفاً، كونه جاء عن عمل علمي يثري أدب الرحلة الإسلامية، وأيضاً لأنها تمثل المرأة العربية الوحيدة بين الفائزين في هذه الدورة، مما يزيد من فخرها ويحفّزها لمواصلة العمل البحثي. وأكدت أن الجائزة تفتح لها أفقاً جديداً في مسيرتها الأكاديمية.
وأوضح محمد النظام، من المغرب، الفائز في فرع الدراسات عن: «الرحالون المغاربة وفرنسا (في عصر الحماية)»، أن فوزه يمثل تكريماً للعمل الذي اشتغل عليه طويلاً، مؤكداً أن الجائزة تمنحه دفعة قوية للاستمرار في دراسة وتحقيق نصوص الرحلة المغربية..
وأعرب الدكتور محمد الأندلسي من المغرب، الفائز في فرع الرحلة المحققة عن تحقيق «الرحلة المكية - فرنسا - الحجاز - الجزائر»، عن بالغ اعتزازه بفوزه بهذه الجائزة المرموقة، مؤكداً أن هذا التتويج جاء تتويجاً لمسار علمي طويل قضاه في خدمة أدب الرحلة المغربية.