“دبي الرقمية” تختتم مشاركتها في جيتكس أوروبا وعالم الذكاء الاصطناعي 2025 ببرلين
تاريخ النشر: 24th, May 2025 GMT
اختتمت دبي الرقمية مشاركتها في معرض جيتكس أوروبا وعالم الذكاء الاصطناعي 2025 الذي أقيم في العاصمة الألمانية برلين خلال الفترة من 21 إلى 23 مايو بمشاركة واسعة من جهات دولية رائدة في مجالات التكنولوجيا والتحول الرقمي.
وقد شهد جناح دبي حضوراً لافتاً سلط الضوء على التطورات المتسارعة التي تشهدها الإمارة في مجالات الرقمنة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والخدمات الذكية بمشاركة 12 جهة حكومية وخاصة ضمن جناح موحد عكس رؤية دبي في التعاون المؤسسي المتكامل وشاركت إلى جانب دبي الرقمية كل من شرطة دبي والإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب والقيادة العامة للدفاع المدني ومحاكم مركز دبي المالي العالمي ومركز دبي للأمن الإلكتروني ودائرة الاقتصاد والسياحة وجمارك دبي ومؤسسة دبي للمستقبل ومركز محمد بن راشد للفضاء بالإضافة إلى شركتي إي آند وإماراتك كشركاء بلاتينيين.
وتضمنت المشاركة جلسات حوارية واجتماعات ثنائية رفيعة المستوى حيث شارك سعادة حمد عبيد المنصوري مدير عام دبي الرقمية في جلسة بعنوان بناء الأمم بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي كما عقد سعادة يونس آل ناصر الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للبيانات والإحصاء لقاءات مع مسؤولين تنفيذيين من شركات عالمية رائدة من بينها أكوينكس وكرنشبيز وكوهير إلى جانب اجتماعات مع ممثلين حكوميين من ألمانيا واليونان لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات.
وشهد اليوم الثاني جلسة نقاشية بعنوان التكاليف الخفية للذكاء الاصطناعي شارك فيها نخبة من الخبراء الدوليين تناولوا التحديات الأخلاقية والتقنية المرتبطة باستخدام هذه التقنيات وشارك فيها إلى جانب آل ناصر كل من مسؤولين من أمازون ويب سيرفيسز ولينوفو وديكاتلون وجمعية الذكاء الاصطناعي الألمانية كما قام وفد دبي الرقمية بزيارة ميدانية إلى استوديو ميرانتكس للذكاء الاصطناعي في برلين الذي يشكل حاضنة للمشاريع الناشئة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي ويعد من أبرز البيئات الابتكارية في أوروبا.
وسلطت دبي الرقمية الضوء على عدد من المبادرات الذكية أبرزها لوحة دبي التفاعلية ومرصد دبي وتطبيق الموظف الذكي الذي يخدم أكثر من 76 جهة حكومية إلى جانب تطبيق دبي الآن والهوية الرقمية الإماراتية التي توفر بوابة موحدة وآمنة للوصول إلى الخدمات الحكومية باستخدام تقنيات التحقق البيومتري.
وأكد سعادة حمد عبيد المنصوري أن مشاركة دبي في هذا الحدث العالمي عكست ريادة الإمارة في مجال التحول الرقمي واستعدادها لمواكبة مستقبل المدن الذكية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي بما يعزز مكانة دبي كنموذج عالمي لمدن المستقبل.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي.. أمل اللغات المهددة
بعد عقود من التراجع، تجد لغة الأينو اليابانية القديمة، التي كانت يومًا صوتًا نابضًا لسكان شمال البلاد الأصليين، فرصة جديدة للحياة، لكن هذه المرة عبر الخوارزميات. مشروع بحثي جديد بقيادة جامعة كيوتو يوظّف الذكاء الاصطناعي لتحليل وترميز مئات الساعات من التسجيلات الصوتية النادرة، في محاولة لإعادة بناء هذه اللغة الموشكة على الاندثار.
من الشريط إلى الشيفرة
في غرفة ضيقة داخل أحد المعامل الجامعية، يدير البروفيسور تاتسويا كاواهارا فريقًا من الباحثين وهم يستمعون إلى مقاطع صوتية مهترئة سُجلت قبل عقود على أشرطة كاسيت. تدور البكرات، ويتكرر الطنين، ثم يصدح صوت امرأة مسنة تروي حكاية من التراث الشفهي لشعب الأينو. هذه التسجيلات، التي كانت في طي النسيان، أصبحت اليوم المادة الخام لبناء نظام ذكاء اصطناعي يتعلم كيف «يفهم» لغة الأينو، وينطقها.
يقول كاواهارا: «الكثير من المواد الصوتية تعاني من رداءة واضحة، فهي مسجلة بأجهزة تناظرية قديمة وفي بيئات منزلية مليئة بالتشويش، رغم ذلك استطعنا بفضل أدوات المعالجة الحديثة رقمنة حوالي 400 ساعة من المحتوى وتحويلها إلى بيانات قابلة للتعلم»
بناء نظام لا يعرف اللغة
بخلاف أنظمة التعلم الآلي التقليدية التي تعتمد على قواعد لغوية وهيكل نحوي موثق، يواجه مشروع إحياء لغة الأينو تحديًا فريدًا يتمثل في ندرة البيانات اللغوية وتضاؤل عدد المتحدثين الأصليين.
وبسبب غياب مصادر كافية، اعتمد فريق جامعة كيوتو على نموذج «نهاية إلى نهاية» (end-to-end) يتيح للذكاء الاصطناعي تعلم اللغة مباشرة من التسجيلات الصوتية، دون الحاجة إلى معرفة مسبقة بالبنية اللغوية.
بدأ المشروع بتحليل نحو 40 ساعة من قصص «أويبيكير» النثرية، رواها ثمانية متحدثين وتم الحصول عليها من متحف الأينو الوطني ومؤسسات ثقافية في نيبوتاني. وبحسب كاواهارا، فإن الأرشيف الكامل يضم نحو 700 ساعة من المحتوى الصوتي، معظمها مخزنة على أشرطة كاسيت قديمة.
من التسجيل إلى التحدث
لم يقتصر مشروع جامعة كيوتو على التعرف الآلي على لغة الأينو، بل امتد إلى تطوير نظام لتوليد الكلام، في محاولة لإعادة إحياء النطق الشفهي للغة المهددة بالاندثار.
وباستخدام تسجيلات لأشخاص ناطقين بالأينو قرؤوا نصوصًا بلغتهم لأكثر من عشر ساعات، درّب الباحثون نموذجًا صوتيًا قادرًا على تحويل النصوص إلى كلام منطوق. والنتيجة، بحسب الفريق، كانت صوتًا اصطناعيًا يحاكي نبرة وإيقاع امرأة أينو مسنّة، يروي قصصًا شعبية بإلقاء طبيعي نسبيًا، وإن بدا أسرع من المعتاد.
أكد البروفيسور كاواهارا إن الأطفال أصبحوا قادرين على الاستماع إلى القصص التقليدية بلغة الأينو عبر مساعدين افتراضيين، مضيفًا أن الفريق يسعى لتوسيع نطاق المبادرة لتشمل لهجات مختلفة ومحتوى حديث يعبّر عن الجيل الشاب.
الدقة تحت الاختبار
على الرغم من التقدم التقني، تظل التساؤلات قائمة بشأن دقة أنظمة الذكاء الاصطناعي المستخدمة في إحياء لغة الأينو. ويقول الفريق البحثي إن نظام التعرف على الكلام يحقق دقة تصل إلى 85% في التعرف على الكلمات، وأكثر من 95% في تمييز وحدات الصوت «الفونيمات»، إلا أن هذه النسب تنخفض عند التعامل مع لهجات محلية أو متحدثين غير مدرّبين.
مايا سيكينه، شابة من أصول أينو تدير قناة على يوتيوب لتعليم اللغة، تنظر إلى المشروع بعين متحفّظة. وتقول: «التقنية مثيرة للإعجاب، لكن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه التقاط التفاصيل الدقيقة في نطق الأينو. هناك أخطاء قد تصبح شائعة إذا لم تُراجع بدقة».
وتشير سيكينه إلى أن بعض أفراد المجتمع أعربوا عن قلقهم من المشروع، في ظل تاريخ طويل من الإهمال والتعامل غير المناسب مع الثقافة.
وتقول سيكينه: «هناك خشية من إساءة استخدام اللغة مجددًا».
وأضافت: «لكن مشاركة مراجعين من الأينو داخل المشروع ساعد على تخفيف هذا القلق جزئيًا».
السياق أهم من النطق
وفي السياق ذاته، تقول سارة هوكر، مديرة مؤسسة «Cohere for AI»: «القلق لا يتوقف عند النطق. إن الخطر الحقيقي في تقنيات اللغة النادرة هو فقدان السياق».
وأضافت هوكر: «اللغة ليست فقط أصواتًا أو نصوصًا، بل بيئة وثقافة. عندما يختفي المتحدثون، تفقد اللغة معناها الحقيقي حتى لو تم توليدها تقنيًا».
ويتفق معها فرانسيس تايرز، مستشار علم اللغة الحاسوبي في مشروع «Common Voice» التابع لمؤسسة موزيلا، مشيرًا إلى أن المستقبل الحقيقي لتقنية اللغة يكمن في أن يقودها المجتمع نفسه. في مناطق مثل إسبانيا، طوّر متحدثو الباسك والكاتالان أدوات الترجمة الخاصة بهم بأنفسهم.
الملكية والشفافية
لا تزال مسألة ملكية البيانات الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعي في إحياء لغة الأينو مثار جدل. ويؤكد البروفيسور تاتسويا كاواهارا أن التسجيلات الصوتية الأصلية تعود ملكيتها إلى المتحف الوطني للأينو، وقد جُمعت بموافقة عائلات المتحدثين، في حين تحتفظ جامعة كيوتو بحقوق النظام التقني المطوّر.
وقال كاواهارا: «النظام ببساطة لا يعمل بدون البيانات، وفي نهاية المطاف، لا يمكن إحياء لغة بصورة حقيقية من دون المتحدثين الأصليين»
ويرى الباحث ديفيد أديلاني، أستاذ علوم الحاسوب بجامعة ماكغيل الكندية، أن بناء الثقة مع المجتمعات المحلية يجب أن يكون أساس أي مبادرة لغوية.
وقال أديلاني: «غالبًا ما يشعر الناس أن بياناتهم تُؤخذ ثم تُستخدم لتحقيق أرباح، دون إشراكهم الحقيقي في العملية. السبيل الأمثل هو تدريبهم ليكونوا في موقع القيادة بأنفسهم».
في نهاية المطاف، يثبت مشروع جامعة كيوتو أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة فعالة في حماية اللغات المهددة، شرط أن يُستخدم بحذر، وأن يرافقه تمكين حقيقي للمجتمعات الناطقة. هكذا تتحول الأصوات القديمة إلى مستقبل حي، يحافظ على الذاكرة الثقافية ويعزز التنوع اللغوي في عالم سريع التغير.