” لبسوا الكفافي ومشوا “
د. #حفظي_اشتية
ــ خيبات واقعنا المتكررة تحاصرنا وتكاد تخنقنا، وينحبس فينا الكلام طويلا في انتظار أن ينبجس الأمل، لكنّ المطلب عزيز، والطريق شاقّ وطويل، والفم الغارق بالماء مسجون في سلاسل القهر والقلق، قد عزّ عليه النطق، فيشرد الذهن الكليل نحو تصاوير المعاناة التي تجود بها قرائح فحول الشعراء، يبحث فيها عن التأسي والسلوى، وليأخذ منها قبسةً من نور ونار ترسم بعض ملامح التفاؤل في هذا الليل البهيم.
ــ ” طلال حيدر ” الشاعر اللبناني المُفلق، ابن بعلبك الذي يغذّ الخُطا نحو التسعين من العمر، لم تثقله، ولم تكبح جماح تمرده، تربّع فوق ثمانية عقود وهو يحمل مشعل الشعر المحكيّ، فصاغه بنبض القلب ندىً ومسكاً يفوح شذىً على ورق الورد. من ذلك مقطوعة متفجرة بالمعاني من كلمات قليلات، تعانق الأخيلة المتعَبَة بالبحث عن الأمل وسط أكوام الأوهام وبريق السراب الغادر.
ــ ” لبسوا الكفافي ومشوا…. ما عرفت مينُن هِنْ…. ما عاد رح يرجعوا…. يا قلب حاجي تعِنّ…. لا حصان جايب حدا…. ولا سرج عمْ بِرِنّ…. اضحك سنّك ذهب…. خليه يبان السنّ…. خليك مثل القصب…. كل ما عِتق بِحِنّ……..”
ــ تتوارد الخواطر الحائرة العاصفة المشبعة بالأمل والحنين والحزن والقلق الجارف من المجهول وهي ترود رياض هذه المقطوعة، فتثور أسئلة تصطخب بين الجوانح: مَن هؤلاء الغامضون الغرباء الراحلون الذين لبسوا الكفافي؟ وإلى أين مشوا؟ ولماذا ذهبوا ولم يرجعوا وأوجعوا القلب فأَنّ وعَنّ؟ ولماذا غرق المشهد في يأس مرير غاب فيه الحصان العائد بالفارس وتوارى السرج عن صهوته؟ لكنّ الأمل يجب أن يُستنبت من جديد لتشرق ابتسامة سنّ الذهب، والذهبُ النفيسُ الذي يقهر الزمان سيلامس أنفاس القصب كلما عتق عذُب وصاغ أروع الألحان.
ــ لحّن المقطوعة ” مارسيل خليفة ” الفنان الملتزم بقضية الأمة، وتعاقب على غنائها فنانون مرموقون مثل : ” ماجدة الرومي “، و” أميمة خليل “، ثم صفا اللحن، وارتقت الكلمات عاليا بحنجرة ” وديع الصافي “، وسَرَتْ نسماتٌ نديّةٌ في أرواحنا العليلة، فرسمتْ بسماتٍ تطل من عيون عربية سوداء تلوح في الخيال، تظلّل أهدابَها الكفافي التي تحضن الشرف العربي، وتكتم أسرار الغياب، لكنها تبوح بوجهتها وهي ترنو بشوق نحو الوطن السليب الجريح، فيتردّد الصدى عبر المدى جيلا فجيلا: لا بدّ من القدس وإن طال السفر، ومهما عظُمتْ التضحيات وغلا المَهر.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: حفظي اشتية
إقرأ أيضاً:
المنافقون دُمى “الصهيونية”
أسماء عبدالوهاب
يسعى المنافقون باستماتة للقضاء على القضية الفلسطينية والفلسطينيين في آن واحد. وما هو أبعد من ذلك. ويتمثل بعمل كل ما يلزم لتحقيق مآرب الصهيونية في البلاد العربية والإسلامية.
يهدون تريليونات الدولارات لمجنون أمريكا الذي سيقدمها للصهاينة -دون شك- لشراء المزيد من الأسلحة الفتاكة والمدمرة كما يفعل وتفعل أمريكا دائمًا.
ومعروف ستصبها على رأس من !
وإضافة إلى كل المآسي الكارثية التي لم تعد الكلمات تسعف للتعبير عنها في غزة. ومع هذا الدعم الخرافي لأعداء الله وأعداء الأمة. يبدو جليًا حجم التآمر وحجم الاستهداف الذي يريدون ان يلحقوه بغزة وأهلها على وجه الخصوص. وكأنَّ كل ما حصل ويحصل فيها لم يرضِ قبحهم وخبث أنفسهم وهم من اعتادوا أن يعبدوا أعداء الله -من دونه سبحانه-، ويقدموا لأعداء الأمة أموال شعوبها قرابينًا تحت اقدامهم واستجداءًا لرضاهم عنهم.!
وإلى جانب الدعم اللا محدود والمواقف المعروفة من قبل حكومات التطبيع والخيانة المعروفة. بالذات الدول المجاورة لفلسطين المحتلة والخيانة الكبرى لحكومة المغرب مؤخرًا في التقارب الخطير مع عدو الأمة.
بل ان هؤلاء مشاركون في كل معاناة وقطرة دم تنزف في غزة وفلسطين المحتلة.
وإضافةً لكل ما سبق يطفو على السطح التقارب السعودي السوري. الذي في ما معناه تقديم الدعم والغطاء الديني الوهابي -هيئة الترفيه حديثًا- لجماعات الشرع التكفيرية في سوريا -ومن سينضوي تحت لواءها- والشديدة على كل شيء ما عدا إسرائيل والصهاينة الذين يسرحون ويمرحون ويفعلون ما يحلو لهم. دون حتى كلمة واحدة من هذه الجماعات. ودورها الحالي والمرتقب لخدمة الأجندات الصهيونية.
وفي الجانب الآخر نجد أيضا التقارب التركي السوري. ودور صهيوغان أو أردوغان تركيا في دعم الجماعات التكفيرية ودوره الكبير في إيصالها إلى سدرة الحكم اخيرا في سوريا.
وستكشف الأيام القليلة القادمة السيناريوهات المرسومة لهذه الجماعات ودورها في خدمة الصهيونية العالمية. وأولها موقف اللا موقف تجاه تحركات واعتداءات إسرائيل في سوريا. وإلى أين ستصل في مطامعها، خاصةً مع تجمّد الشرع و زمرته امام كل تحركاتها؛ ولن يكون آخرها زعزعة الأمن في الدول المجاورة لها والمنطقة خدمةً لأمريكا وإسرائيل.
هذه باختصار بعض من الأوراق التي تديرها الصهيونية العالمية -من وجهة نظري- في الوقت الراهن وتراهن عليها. والتحديات التي يواجهها محور الجهاد والمقاومة من غزة الأبية إلى يمن الكرامة وحزب الله العنفوان والحشد الشعبي البطل في العراق وغيره ممن لا يزال ينبض فيهم الإيمان وتجري في عروقهم النخوة والكرامة. وإنَّ حزب الحق منصور وإن قلَّ عتاده وعدته. وإنًّ حزب الباطل مدحورٌ ومهزوم. مهما سعى المنافقون لإعلاء رايته.
والعاقبة للمتقين.