لا يُمكن النظر إلى النموذج الذي قدَّمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للدول العربية إلا على أنه نموذجٌ فاشل بل ومهينٌ لكرامة الشعوب العربية وسيادتها. فما فعله ترامب خلال زيارته لدول الخليج وما تبعه من سياساتٍ ينتهجها منذ وصوله للحكم في ولايته الثانية لم يكن سوى استغلالٍ فجٍّ للموارد العربية لصالح الشركات الأمريكية والمجتمع الأمريكي، تحت شعاراتٍ زائفة مثل “الصفقات التاريخية” و”محاربة الإرهاب”.


لقد ركز ترامب على تعزيز العلاقات مع الدول العربية، وخاصة الخليجية، ليس فقط من منطلق الشراكة الاستراتيجية المتوازنة، بل يعتبرها كفرصةٍ لاستنزاف ثرواتها من خلال اشهار ورقة “التبعية الأمنية” لبيع أسلحة أمريكية بمليارات الدولارات، والتي لم تكن في حقيقتها سوى ضخٍّ لأموال الخزائن العربية في الاقتصاد الأمريكي.
بل الأكثر إهانةً أن ترامب لم يُخفِ طموحه الاقتصادي الأناني، حين صرَّح بأن هذه الصفقات “ستوفر فرص عملٍ للأمريكيين”، وكأن الدول العربية ليست سوى سوقاً استهلاكيةً لتصريف منتجات الولايات المتحدة، دون أي اعتبارٍ لتنميتها الذاتية أو مصالح شعوبها.
كما ان ترامب لم يكتف باستغلال الدول العربية اقتصادياً، بل عمل على تفكيك أي محاولةٍ للتعاون العربي المستقل فسياسته شهدت دعم الانقسامات الخليجية.. كما أن اصطفافه مع الصهاينة تعد ضربةً قاصمةً لوحدة الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية، حيث حوَّل القضية من قضيةٍ عادلةٍ إلى مجرد سلعةٍ قابلةٍ للمساومة.
وقد يعتبر الأمر الأكثر إذلالاً هو كيف تعامل ترامب مع الحلفاء العرب كـ”عملاء” يُمكن إذلالهم علناً. فتصريحاته المُهينة سابقا وحاليا عن أن دول الخليج “لن تكون قائمةً دون الحماية الأمريكية”، أو تهديداته المتكررة بقطع المساعدات ما لم تُنفِّذ الدول العربية أجندته، كشفت أن النموذج الترامبي قائمٌ على التبعية المطلقة وليس على التعاون المتبادل وحتى الزيارة الخليجية لترامب التي تمَّ الترويج لها إعلامياً كـ”قمم تاريخية”، تحوَّلت إلى مناسبةٍ لإظهار الدول العربية وكأنها مجرد ممولين للهيمنة الأمريكية، دون أي مقابلٍ استراتيجي حقيقي.
إن التجربة مع ترامب أثبتت أن الاعتماد على الولايات المتحدة، خاصةً تحت قيادةٍ عنصريةٍ واستغلاليةٍ مثل قيادته، هو طريقٌ مسدود. فبدلاً من أن تكون الدول العربية شريكاً يُحترم، جعلها ترامب مجرد حلقة ضعيفة في النظام الإمبريالي الأمريكي وقد يكون الدرس الأهم هو أن العرب بحاجةٍ إلى استراتيجية تعاونيةٍ مستقلة، تقوم على التكامل الاقتصادي العربي بدلاً من التبعية للأسواق الخارجية إلى جانب صناعة قرارٍ سيادي لا يخضع للابتزاز الأمريكي والعمل على إعادة بناء التحالفات العربية على أساس المصالح المشتركة، وليس وفق الأجندات الأجنبية فقط بذلك يُمكن تجنُّب إهاناتٍ مثل “النموذج الترامبي”، الذي لم يكن سوى فصلٍ جديدٍ من فصول استغلال القوة الأمريكية للعالم العربي.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

تعرف على حجم تجارة الولايات المتحدة مع الدول العربية للعام 2024 (إنفوغراف)

تصدرت الإمارات والسعودية قائمة الدول الأكبر بحجم التجارة مع الولايات المتحدة مع الدول العربية خلال العام 2024، حيث بلغ إجمالي تجارة السلع الأمريكية مع الإمارات 34.4 مليار دولار، أما مع السعودية فبلغ الإجمالي 8.6 مليار دولار، وبلغ إجمالي توريد السلع الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 141.7 مليار دولار، وفقاً لبيانات مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة.

وفيما يلي إنفوغراف بحجم تجارة السلع الأمريكية مع الدول العربية للعام 2024:



مقالات مشابهة

  • النائب العام: جرائم الإرهاب تهديد مباشر للأمن المجتمعي والاقتصادي في العالم العربي
  • نجاح المؤتمر العربي للإعلام… علامة فارقة ومسؤولية متجددة
  • منظمة السياحة العربية: العلمين الجديدة نموذج للنهضة السريعة في العالم العربي
  • تعرف على حجم تجارة الولايات المتحدة مع الدول العربية للعام 2024 (إنفوغراف)
  • جامعة القاهرة: فوز أحمد طه بجائزة الطبيب العربي 2025 يعكس مكانة القامات العلمية
  • محمد الشحي رئيساً للجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان
  • جامعة الدول العربية تكرّم ولي عهد الفجيرة بجائزة يوم الاستدامة العربي
  • هشام العيسوي يحصل علي جائزة التميز العربي 2025 في المعرض العربي الأول للاستدامة
  • العيسوي: 70% من صادرات الحرف اليدوية تتجه إلى الأسواق العربية