أيام قليلة ويكتمل عقد ضيوف الرحمن الذين توافدوا للرحاب الطاهرة والمشاعر المقدسة من كل فج عميق تختلف أجناسهم وألوانهم وألسنتهم وتجتمع قلوبهم على كلمة واحدة كلمة التوحيد جمعهم طاعة الله عزَّ وجلَّ (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) آية (63) الأنفال.
يكاد يكون الحج هو المؤتمر الإسلامي العالمي الوحيد الذي تتفق فيه وجهات النظر، وتتسامح فيه القلوب، ويسوده الإخاء والتجرد من المطامع والمصالح والأهواء.
ما أحوج المسلمين لموسم الحج، فهو يذكِّرهم بما يجب أن تكون عليه الوحدة الإسلامية، والشعور بالآخرين، وهو الجواب لمن أراد أن يعرف حقيقة الإسلام أن ديننا الإسلامي الحنيف لا يقر النزعات العرقية ولا الفوارق الإقليمية فالناس في الاسلام سواسية لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى كل الناس لآدم وآدم من تراب والفارق بين الناس في الاسلام هو التقوى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) آية (13) الحجرات.
لقد عملت السياسة الغربية عملها في محاولة التفريق بين المسلمين، وإيجاد حواجز نفسية وصراعات داخلية تهدف من خلاله إلى تمزيق هذه الوحدة الناصعة بين المسلمين، لأنها تؤمن بسياسة (فرق تسد)، ومع الأسف الشديد حالفها التوفيق مرات عديدة، ونشأت الصراعات بين المسلمين على مر التاريخ، وتنازعوا وذهبت ريحهم في كثير من الأحداث التي شهد عليها التاريخ، وما تاريخ الأندلس إلا مثال على النتيجة الحتمية لتغييب الروح الاسلامية والمودة والرحمة بين المسلمين واستبدالها بالمصالح الاقتصادية والسياسية والنظرة المستبدة. ولو بحثنا عن الحل وعن العوامل التي توحد كلمة المسلمين، لوجدناها في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحم الله الإمام مالك القائل:( لن يصلح أمر هذه الأمة الا بما صلح به
أولها ). عندما كان المجتمع متآلفاً رغم الاختلافات الاقتصادية والعرقية المتباينة، فقد كان فيه الفقراء المدقعين فقرا، والأغنياء واسعي الثراء، وكان فيه العربي والرومي والحبشي والفارسي، إلا أن قلوبهم كانت متآلفة خلف قيادتهم، وكلمتهم سواء. ولعل هذا الموسم الذي يتكرر كل عام، ونرى فيه حجاج بيت الله الحرام في صعيد واحد، وهيئة واحدة رغم كل هذا التفاوت، فنتذكر العوامل التي تجمعنا وقول الله عزوجل: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) سورة آل عمران آية(103) ونسأل الله أن يصلح حال المسلمين ويرفع رايتهم ويعزهم بدينهم وينصرهم على من عاداهم.
جزى الله خيراً حكومة وشعب هذه البلاد المباركة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمين رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (حفظهم الله) على اهتمامهم الكبير بأعمال الحج وضيوف الرحمن، والتسهيلات الكبيرة لأداء نسكهم بكل أمان وطمأنينة ويسر وهم في صحة طيبة.
وبالله التوفيق ،،،
رئيس جمعية خيركم لتعليم القرآن الكريم وتحفيظه بمنطقة مكة المكرمة.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: عبدالعزيز حنفي بین المسلمین
إقرأ أيضاً:
مطار صلالة.. البوابة التي لم تُفتح بعد؟!
خالد بن أحمد العامري
يتكرر الحديث في المجالس العامة ومنصات التواصل الاجتماعي حول مطار صلالة وأسعار التذاكر، وتتسع التساؤلات حول سبب بقاء الوضع على ما هو عليه رغم مناشدات المواطنين، ورغم الإمكانات الكبيرة التي يمتلكها المطار وما يمكن أن يرفد به الاقتصاد الوطني.
المطار يتمتع بطاقة استيعابية تصل إلى مليوني مسافر سنويًا، مع جاهزية بنيوية وتقنية لرفع هذه القدرة مستقبلًا إلى أكثر من ستة ملايين مسافر، ما يجعله أصلًا استراتيجيًا غير مستغل بالشكل الذي يتناسب مع مقوماته الحالية. كما يُعد ثاني أكبر مطار في سلطنة عمان بعد مطار مسقط الدولي، وحائز على تصنيف خمس نجوم للمطارات الإقليمية من "سكاي تراكس" (Skytrax) نظير جودة خدماته.
لقد أصبح واضحًا أن المشكلة لا تكمن في «الجدوى الاقتصادية» كما يشاع؛ بل في منهجية التخطيط التي تحد من نمو القطاع وتقلل الاستفادة من الإمكانات المتاحة؛ فعند مطالبة المواطنين بخفض أسعار التذاكر على خط صلالة- مسقط، تأتي الإجابة بأنه "خط غير مُربح". ومن حق المواطن هنا أن يتساءل: كيف يمكن لخط داخلي يعتمد عليه الآلاف في الاتجاهين يوميًا أن يكون غير مرُبح؟
وإذا كان البعض يرى أن هذا الخط غير مُجدٍ اقتصاديًا، فإن الحل المنطقي هو فتح المجال أمام مشغل اقتصادي ثالث يتخذ من مطار صلالة مركزًا لعملياته؛ بما يعزز المنافسة ويخفض الأسعار، ويخلق ربطًا جويًا أوسع على المستويين الإقليمي والدولي.
ويمتلك مطار صلالة مقومات مهمة تؤهله ليصبح مركزًا محوريًا للربط الجوي بين مناطق ذات كثافة سكانية وتجارية عالية، وخاصة شرق إفريقيا وشرق آسيا ودول الخليج العربية.
كما إن عقد شراكات في مجال الطيران والخدمات اللوجستية، إضافة إلى برامج تحفيز الاستثمار، كفيل بتحويل مطار صلالة إلى مركز دولي ومحوري أمام شركات الطيران المختلفة، مما سيسهم في خلق فرص عمل واسعة في الوظائف المباشرة لقطاع الطيران والخدمات المساندة، وكذلك الوظائف غير المباشرة في السياحة والنقل والشحن والخدمات الملاحية، وزيادة عدد السياح طوال العام وليس فقط خلال موسم الخريف.
وفي هذا السياق، فإن إنشاء ورشة لصيانة الطائرات داخل المطار، إلى جانب مبنى تموين الطائرات، سيجعل من مطار صلالة محطة تشغيلية مكتملة، وهو ما من شأنه تشجيع شركات الطيران الاقتصادية والإقليمية على اتخاذه مقرًا لعملياتها.
أما على مستوى الشحن الجوي، فإنَّ إنشاء قرية لوجستية متكاملة داخل المطار سيرفع طاقة الشحن ويعزز التكامل اللوجستي مع ميناء صلالة، بما يحولهما معًا إلى منظومة واحدة تدعم سلاسل الإمداد العالمية وتعزز موقع السلطنة على خارطة التجارة الدولية. فرغم أن توسعة ميناء صلالة خطوة مهمة، إلّا أنها تبقى ناقصة دون ربطها بمركز شحن جوي فعال داخل المطار.
إنَّ تحقيق هذه الرؤية لن يكون مجرد تحرك اقتصادي؛ بل خطوة استراتيجية لتعزيز مكانة الاقتصاد الوطني، ورفع كفاءة منظومة النقل، وتحقيق مستهدفات رؤية «عُمان 2040»؛ فمطار صلالة يحتاج إلى قرار يطلق إمكاناته الكامنة؛ ليصبح بالفعل البوابة التي تفتح آفاقًا اقتصادية واعده.