مزيج من الأدوية قد يجعل كبار السن أكثر صحة
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
كشف فريق دولي من الباحثين عن تأثير الجمع بين دواءي راباميسين (rapamycin) وتراميتينيب (trametinib) على فئران المختبر، مُبيّنين أنهما أطالا عمر الحيوانات بنحو 30%.
ووُجد أن هذا العلاج المُركّب يُحسّن صحة الفئران في سن متقدمة، إذ يقلل من مدى الالتهاب المزمن في الدماغ والأنسجة الأخرى، ويبطىء ظهور السرطان.
وأجرى الدراسة باحثون من قسم الآليات البيولوجية للشيخوخة، معهد ماكس بلانك لبيولوجيا الشيخوخة، كولونيا، ألمانيا ومعهد الشيخوخة الصحية والهندسة الوراثية، كلية لندن الجامعية، لندن، المملكة المتحدة، ونشرت نتائجها في مجلة "نيتشر التقدم في العمر" (Nature Aging) في 28 مايو/أيار الماضي، وكتبت عنها مجلة نيوزويك الأميركية.
وصرحت الباحثة في علم الوراثة، الأستاذة دام ليندا بارتريدج، من كلية لندن الجامعية، في بيان: "لا نتوقع إطالة مماثلة في أعمار البشر كما وجدنا في الفئران". وأضافت "نأمل أن تُساعد الأدوية التي نُجري عليها أبحاثنا الناس على البقاء بصحة جيدة ومن دون أمراض لفترة أطول في المراحل المتقدمة من العمر".
إعلانيُستخدم كل من الراباميسين والتراميتينيب لعلاج السرطان، إذ يعملان على نقاط مختلفة في مسار إشارات يُنظّم نمو الخلايا واستقلابها وعمرها. وتمت الموافقة على راباميسين من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية لعلاج المرضى بعد زراعة الكلى ولعلاج عدد من السرطانات، وأظهر الراباميسين تأثيرا وقائيا فعّالا ومُثبتا ضد الشيخوخة.
ينتمي تراميتنيب إلى فئة من الأدوية تُعرف بمثبطات الكيناز. ويعمل عن طريق منع نشاط بروتين غير طبيعي يُرسل إشارات لانقسام الخلايا السرطانية، مما يساعد في وقف انتشار هذه الخلايا. يُستخدم تراميتنيب بمفرده أو مع أدوية أخرى لعلاج أنواع معينة من الميلانوما (نوع من سرطان الجلد).
وجد الفريق أن الجمع بين الدواءين أكثر فاعلية من استخدام أيّ منهما بمفرده، على الرغم من أنهما يعملان بالطريقة نفسها. على وجه التحديد، وُجد أن تراميتينيب وحده يزيد من عمر الفئران بنسبة 5-10%، بينما يزيد راباميسين وحده بنسبة 15-20%.
يقول الباحثون إن هذا المزيج يُحدث تأثيرات جديدة على نشاط الجينات، تتجاوز تلك المتوقعة من مجرد زيادة الجرعة. بعد اكتمال دراستهم الأولية، يعمل الباحثون الآن على تحديد الجرعة المثلى من تراميتينيب لإطالة العمر مع الحفاظ على الحد الأدنى من الآثار الجانبية غير المرغوب فيها.
وقال سيباستيان غرونكي، عالم الأحياء ومؤلف الدراسة من معهد ماكس بلانك لبيولوجيا الشيخوخة في كولونيا، ألمانيا: "يُعد تراميتينيب، وخاصة مع راباميسين، مرشحا جيدا لاختباره في التجارب السريرية (على البشر) كعامل حماية من الشيخوخة. نأمل أن يستفيد الآخرون من نتائجنا. ينصب تركيزنا على تحسين استخدام تراميتينيب في النماذج الحيوانية".
واختتمت بارتريدج قائلا "إن إجراء المزيد من الأبحاث على البشر في السنوات القادمة سيساعدنا على توضيح كيفية استفادة الناس من هذه الأدوية، ومن قد يستفيد منها".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
فلكية جدة: التلوث الضوئي يحجب درب التبانة عن مليارات البشر
حذر المهندس ماجد أبو زاهرة، رئيس الجمعية الفلكية بجدة، من أن مشهد مجرة درب التبانة، الذي طالما ألهم الإنسان وأسهم في فهمه للكون عبر آلاف السنين، أصبح اليوم مهدداً بالاختفاء عن أنظار جزء كبير من سكان الكوكب، بسبب التلوث الضوئي المتزايد الناتج عن الاستخدام المفرط وغير المنظم لمصادر الإضاءة.
أخبار متعلقة قمر الحصاد النادر.. أول قمر عملاق في عام 2025 يزين سماء المملكةخطة رقابية شاملة تستهدف كل أسواق النفع العام والمسالخ برنية
وقال أبو زاهرة: “لقد كان شريط مجرة درب التبانة على مدى العصور مرشداً للرحالة، ومصدراً للأساطير، ومحرّكاً للفضول العلمي، لكنه اليوم يغيب عن السماء بالنسبة لمليارات البشر، نتيجة ما نطلق عليه التلوث الضوئي، وهو أحد أكثر أشكال التلوث البيئي انتشاراً في عصرنا الحديث".
وأشار إلى أن دراسة علمية حديثة ضمن الأطلس العالمي للتلوث الضوئي كشفت أرقاماً مقلقة، حيث أصبح الشريط المضيء لدرب التبانة غير مرئي لـ60% من الأوروبيين، و80% من سكان أمريكا الشمالية، فيما فقد سكان دول بأكملها مثل سنغافورة والكويت ومالطا القدرة على رؤيتها تماماً.
وأضاف: “في المملكة المتحدة مثلاً، لا يستطيع نحو 77% من السكان رؤية المجرة إطلاقاً، وهو رقم يعبّر عن حجم الكارثة البصرية التي يعيشها العالم الحديث".
وأوضح رئيس الجمعية أن السبب الرئيس وراء هذا الاختفاء يعود إلى الإضاءة الصناعية المنبعثة من أضواء الشوارع والمباني والواجهات التجارية، التي تنثر أشعتها نحو السماء فتشكل ما يشبه الضباب المضيء الذي يغمر النجوم ويخفيها عن الأنظار.
إرث بصري
“إن هذا التلوث لا يحجب فقط جمال السماء، بل يسلب الإنسان إرثاً بصرياً وثقافياً رافق حضاراته منذ فجر التاريخ، وكل ذلك حدث خلال بضعة عقود فقط من عمر التمدن الحديث”، يقول أبو زاهرة.
ولم تقتصر التحذيرات على الجوانب الجمالية فحسب، إذ يؤكد أبو زاهرة أن التلوث الضوئي له تبعات بيئية وصحية خطيرة، مشيراً إلى أنه يربك سلوك الطيور المهاجرة والحشرات الليلية، كما يؤثر على النظام الحيوي للإنسان من خلال اضطرابات النوم وإيقاع الساعة البيولوجية.
إضاءة ذكية
رغم هذه الصورة القاتمة، يرى أبو زاهرة أن الأمل ما زال قائماً لاستعادة السماء النقية إذا ما تم اعتماد حلول علمية وعملية، مثل استخدام مصابيح مظللة توجه الضوء نحو الأرض فقط، وأنظمة إضاءة ذكية تعمل عند الحاجة، بعض الدول بدأت بالفعل بتطبيق هذه الحلول، وهناك مناطق تُعرف بمحميات السماء المظلمة تتيح تجربة مشاهدة درب التبانة بامتدادها المهيب وتفاصيلها الخلابة، كما كانت تُرى قبل قرون”، يضيف أبو زاهرة.
وختم رئيس الجمعية الفلكية بجدة حديثه قائلاً: “لقد نظر أسلافنا إلى السماء فاكتشفوا من خلالها مكانهم في هذا الكون، واليوم تقع علينا مسؤولية حماية ليلنا من التلوث الضوئي، كي تظل الأجيال القادمة قادرة على النظر إلى السماء والعثور على مكانها فيها".