لجريدة عمان:
2025-06-06@01:46:52 GMT

حرب ترامب على «هارفارد» غريبة وخطرة

تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT

عندما يكتب المؤرخون عن التحديات التي تواجهها الهيمنة العالمية للولايات المتحدة سيشيرون الى صعود الصين كأول منافسٍ نِدٍّ للولايات المتحدة على مدى عقود.

كما سيذكرون أيضا عودة روسيا ومساعيها لزعزعة النظام الأمني الذي تقوده أمريكا في أوروبا. هذه أنماط معهودة في صعود وانحدار القوى العالمية. لكن ما هو جديد ومدهش أن التحديات بدلا من توحيد أمريكا جعلتها تنقلب على نفسها.

فحكومتها تهدم العديد من العناصر الحاسمة لنجاحها الاستثنائي.

لننظر في مؤشر مجلة «نيتشر» والذي ربما هو المرشد الأكثر شمولا للبحوث الرفيعة المستوى في العلوم. يرصد هذا المؤشر المساهمات البحثية في الدوريات الأكاديمية الرائدة في العالم.

تكشف أحدث تصنيفات المؤشر ما يعلمه العلماء سلفا وهو أن الصين تحقق قفزات إلى الأمام. فمن بين المؤسسات الأكاديمية العشر الأولى في المؤشر تسْعٌ منها صينية. لكن لا تزال هنالك مؤسسة أمريكية تحتل المرتبة الأولى في القائمة وهي هارفارد. إنها الجامعة التي يحاول ترامب تدميرها.

حرب إدارة ترامب على هارفارد غريبة من نواحي عديدة. فبدعوى محاربة «اللاسامية» طالبت الإدارة الأمريكية بتنازل الجامعة عن السيطرة على مجالات عديدة من شئونها الأكاديمية وتسليم معلومات سرية عن الطلاب الأجانب.

لم توضح الإدارة أبدا سبب تخصيص هارفارد بذلك؛ فالمشاكل التي تدعي أنها قلقة بشأنها ليست فادحة بشكل خاص في هارفارد. واستهدفت بسلاحها الرئيسي (سحب التمويل الفيدرالي للأبحاث من هارفارد) أقساما من الجامعة ليست لها تقريبا أية علاقة بأيديولوجيا «اليقظة» التي يعارضها ترامب.

أكثر من 90% من الأموال التي هددت الحكومة بحرمان هارفارد منها خاصة بالأبحاث في علوم الحياة ودراسة الأمراض والأدوية ومجالات مماثلة. منع تمويل أبحاث السرطان لن يؤثر على أولئك الذين يتظاهرون من أجل الفلسطينيين. لكن من المؤكد تقريبا إنه سيُخرِج هارفارد من قائمة «مؤشر نيتشر».

جامعات أمريكا لها مشاكلها. لقد سبق لي أن كتبت عنها حاثَّا إيّاها على التخلي عن القضايا السياسية الرائجة وإنهاء الهوس بالتنوع والتهميش والعودة إلى التركيز على التميُّز.

لكن الجدير بالتنويه أن هذه الجامعات لا زالت تقود جامعات العالم وإلى حد بعيد في التعليم العالي في جوانب التدريس والبحث والبيئة الأكاديمية بشكل أعم. ويمكن التدليل على ذلك ببساطة في «سونامي» طلبات الالتحاق التي تصل إلى كبرى جامعات أمريكا من أذكى الطلاب حول العالم.

من الصعب إيجاد صناعات عديدة تتفوق فيها الولايات المتحدة مثل التعليم العالي. شي جينبينج ومنافسه السابق في رئاسة الصين بو شيلاي يختلفان حول أشياء عديدة. لكنهما كانا كلاهما يعتقدان أن أفضل مكان في العالم يمكن أن تذهب إليه ابنة الأول (شي) وابن الثاني (بو) للتعليم العالي هو جامعة هارفارد.

ليس صدفة أن شركات تقنية أمريكية عديدة توجد في شمالي كاليفورنيا وبوسطن. فهذه التجمعات الصناعية تشكلت حول جامعات عظيمة مثل هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وستانفورد.

لكن يبدو أن إدارة ترامب عازمة على القضاء على هذه الميزة الفريدة. لقد اقترحت خفض التمويل الحكومي للعلوم بأكثر من 25 بليون دولار في السنة المالية القادمة. وأعلنت الحرب على كبرى الجامعات الأمريكية. فمشروع قانون الموازنة الذي أجيز مؤخرا في مجلس النواب يعاقب أفضل الجامعات بفرض ضريبة على أوقافها (خصَّ القانون هذه الجامعات بذلك من بين كل المؤسسات غير الربحية.) كما يرفع معدل الضريبة بقدر كبير على كل مؤسسات الأبحاث الناجحة.

لا زالت الولايات المتحدة تتصدر العالم في قدرتها على جذب أفضل الطلاب من مختلف بلدان العالم. أما الصين فتستفيد الصين أساسا من مواهب أذكى سكانها الذين يبلغ عددهم 1.4 بليون نسمة. لكن أمريكا لديها القدرة على انتخاب أفضل المواهب من بين كل سكان العالم (8 بلايين نسمة).

النتائج تتحدث عن نفسها. فمن بين الشركات العشر الأولى في أمريكا يتولى إدارة خمس منها أجانب. كما يفيد مجيء الطلاب من البلدان الأخرى الاقتصادَ الأمريكي ككل. لقد رفده بأكثر من 40 بليون دولار ودعَمَ ما يقارب 380 ألف وظيفة في العام الماضي فقط.

لكن أحدث هجومٍ شنه ترامب استهدفَ هؤلاء الطلاب تحديدا وذلك بتجميد إجراءات إصدار تأشيراتهم والتهديد بفحص تدويناتهم على وسائل التواصل الاجتماعي وإرسال إشارة عامة بأنهم غير مرحّب بهم وسيُراقبون ويمكن طردهم إيجازيا (على الفور) حسب المزاج (دون سبب وجيه).

لقد بدأنا نشاهد نتائج ذلك. فالبحث على الإنترنت عن برامج شهادات الدكتوراه الأمريكية تراجع بنسبة تتراوح بين 25% إلى 40% فيما ارتفع البحث عن برامج الدكتوراه الأسترالية والسويسرية حتى بأكثر من ذلك، حسب مجلة الإيكونومست.

قبل حوالي أربعة عقود عندما فكَّرتُ في التقديم للجامعات الأمريكية من الهند كنت معجبا بسمعتها في الأبحاث والتدريس. لكن أيضا جذبتني إليها فكرة أمريكا كمجتمع حر ومنفتح حقا يرحب بالناس من كل أرجاء العالم وحيث «أصولنا أقل أهمية من مصائرنا،» كما قال الرئيس الأمريكي رونالد ريجان.

في عالم تنافسي حيث لحقت بلدان أخرى بالركب بطرائق عديدة تظل هذه هي «الميزة» التي تنفرد بها أمريكا. هذا إذا أمكننا الحفاظ عليها وليس تدميرها.

فريد زكريا كاتب رأي في صحيفة واشنطن بوست ومقدم برنامج يتناول القضايا الدولية والشئون الخارجية على شبكة سي إن ان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من بین

إقرأ أيضاً:

ترامب يلمّح إلى صعوبة إبرام اتفاق مع الصين

ألمح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، إلى أنه لن يكون هناك اتفاق مع الصين بشأن النزاع التجاري بين البلدين في أي وقت قريب. 
وقال ترامب، عبر منصته «تروث سوشيال»: «كنت ولا أزال أحب الرئيس الصيني شي (جين بينج)، وسأظل أحبه، لكنه صارم للغاية، ومن الصعب للغاية إبرام اتفاق معه!!!».
وتوقف النزاع الجمركي بين أكبر اقتصادين في العالم منذ التوصل إلى اتفاق في منتصف مايو الماضي.
ونص الاتفاق على خفض الرسوم الجمركية الأميركية على الواردات الصينية من 145% إلى 30%، فيما يتم خفض الرسوم الجمركية الصينية على الواردات الأميركية من 125% إلى 10%.
وأوضح بيان مشترك صادر عن البلدين أن هذا الخفض سيكون مؤقتاً، لمدة 90 يوماً.
وتبادل الطرفان الاتهامات مؤخراً بعدم الالتزام بالاتفاقيات.
وكان البيت الأبيض قد أشار، الاثنين الماضي، إلى اتصال محتمل بين الرئيسين ترامب وشي خلال هذا الأسبوع.

أخبار ذات صلة جوف إلى نصف نهائي «رولان جاروس» الرسوم الجمركية الأميركية على الفولاذ والألمنيوم تدخل حيز التنفيذ المصدر: د ب أ

مقالات مشابهة

  • إندونيسيا تحقق الفوز على الصين في تصفيات كأس العالم
  • ترامب يمنع الطلاب الأجانب الساعين للدراسة بهارفارد من دخول البلاد
  • ترامب يمنع الطلاب الأجانب من الدراسة في هارفارد 6 أشهر
  • ترامب يمنع منح تأشيرات للطلاب الأجانب الجدد في هارفارد
  • أول تعليق لترامب على حظر السفر الجديد والدول التي يشملها
  • ترامب يلمّح إلى صعوبة إبرام اتفاق مع الصين
  • هارفارد في مرمى الاستبداد.. معركة التعليم والفكر الحر في وجه إدارة ترامب
  • للمرة الأولى.. البنتاغون يتدخل في أزمة إلغاء تمويل هارفارد
  • الرئيس ضد الجامعة.. القصة الكاملة للصراع بين ترامب وهارفارد