فيزيائي الطبيعة.. الفلامينغو يصنع دوامات دقيقة ليصطاد طعامه
تاريخ النشر: 6th, June 2025 GMT
عادة ما يصنف مشهد طيور الفلامينغو الوردية وهي تخوض المياه الضحلة بأرجلها الرشيقة كمشهد هادئ، إذ يعتمد الفلامينغو على تصفية الطحالب والجزيئات الصغيرة من الماء ليتغذى.
لكن دراسة علمية جديدة قلبت هذا التصور رأسًا على عقب، مؤكدة أن الفلامينغو ليس مجرد "مصفاة طبيعية"، بل هو أقرب إلى "فيزيائي ماهر" يوظف إستراتيجيات مائية ديناميكية بالغة التعقيد لتناول وجبته، محولة المشهد الهادئ إلى آخر عاصف نابض بالأحداث.
نشرت الدراسة في دورية "بي إن إيه إس"، بمشاركة مهندسين وعلماء من مؤسسات بحثية متعددة، والتي فسرت كيفية استخدام الطائر لمنقاره المنحني، وقدميه المتحركتين المغطاتين بالأغشية، وعنقه الطويل المرن، في محاصرة فرائسه مثل الجمبري الملحي والقشريات المجهرية.
يشرح فيكتور أورتيغا خيمينيز، الأستاذ المساعد في علم الأحياء التكاملي، في جامعة كاليفورنيا – بيركلي الأميركية، في تصريحات حصرية للجزيرة نت، ما يحدث بدقة: "عندما يسحب طائر الفلامينغو رأسه بسرعة من الماء، يُحدث (شفطًا)، مُشكلًا دواماتٍ تشبه الإعصار".
الديناميكا المائية للصيدبحسب الدراسة، يبدأ الطائر تغذيته بتحريك قدميه الغشائيتين في حركة تشبه الرقصة، مما يحرك الرواسب ويرفعها من قاع البحيرة، ثم يولد دوامات أفقية قوية بمنقاره ليدفع الكائنات الدقيقة نحو فمه.
إعلانفي الوقت ذاته، يقوم الفلامينغو بحركة سريعة برأسه لأعلى، فيسحب المياه نحو الأعلى، كجهاز شفط، فيولد دوامات قادرة على رفع الفرائس الدقيقة من القاع. وبوضع رأسه في مقدمة قدميه أثناء الرقص، يستفيد الطائر من هذا التدفق لزيادة كفاءة الصيد.
تشكيل تلك الدوامات بالمنقار وحده أمر غريب، وأثار دهشة العلماء مما دفعهم لتصميم منقار ميكانيكي لمحاكاة العملية. يقول خيمينيز: "تمكنا باستخدام منقار ميكانيكي مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد من محاكاة الحركة السريعة لمنقار الفلامينغو، فوجدناها تُنتج تدفقًا قويًا موجهًا نحو المنقار، مما يُسهّل اصطياد الفريسة. أجرينا تجربة باستخدام منقار ميكانيكي يمتص الماء في نفس الوقت بمعدل ثابت باستخدام مضخة مياه، مُحاكيًا ضخ اللسان".
قارن الفريق بين عدد الروبيان الملحي الممكن اصطياده بواسطة النظامين بالشفط وحده (بالمضخة فقط ممثلة اللسان)، والشفط مع المطاردة (المضخة الممثلة للسان + حركة المنقار السريعة). وقد أشارت نتائج التجربة إلى أن الحركة السريعة للمنقار تزيد من عدد الكائنات التي تدخل إلى فم الطائر بمقدار 7 أضعاف، مقارنة باستخدام المضخة فقط دون حركة الفك، مما يثبت فعاليتها الهائلة في صيد هذا النوع من الكائنات تحت الماء.
شبّه الباحثون في هذه الدراسة الأسلوب الذي يستخدمه الفلامينغو لصيد فرائسه بتقنية العناكب في استخدام الشباك. إذ يصنع كلا الكائنين فخًا يقيّد حركة الفريسة، العناكب بشباكها وخيوطها الفتاكة، والفلامينغو بدوامته المائية القوية.
يقول خيمينيز: "هناك حاجةٌ إلى أبحاثٍ مستقبلية لتكوين فهم أفضل لكيفية تكيف طيور الفلامينغو لاصطياد الفرائس عبر الدوامات. أحدُ هذه الأساليب هو دراسة السجلات الأحفورية لأقارب طيور الفلامينغو من حيث ديناميكيات السوائل". وكبديلٍ لذلك، سيكون من المفيد تحليل طيور الفلامينغو الصغيرة، التي تولد بمناقير مستقيمة، لدراسة كيفية تحولها إلى استخدام مناقيرها المنحنية لاصطياد الفرائس.
إعلانإلى جانب الاكتشافات البيولوجية، تفتح نتائج هذه الدراسة الباب أمام تطبيقات هندسية جديدة. فالقدرة الطبيعية للفلامينجو على توليد تيارات مائية موجهة يمكن أن تلهم المهندسين والعلماء بتقنيات جديدة. يقول خيمينيز: "من التطبيقات المحتملة لبحثنا تطوير نظام ترشيح مُهندَس بيولوجيًا مستوحى من ديناميكية تغذية طيور الفلامنجو" ويضيف "لاستخراج المواد البلاستيكية الدقيقة من المياه الملوثة وإزالة الكائنات الحية الدقيقة الضارة، بما في ذلك الطحالب السامة".
تكشف هذه الدراسة بوضوح عن الوجه الخفي لطائر الفلامينغو، الذي لم يعد مجرد طائر جميل وردي ذي ساقين طويلتين، بل فيزيائي دقيق يستغل قوانين فيزياء الماء لتأمين طعامه في بيئة قاسية. من الرقصة الغريبة التي يقوم بها في المياه الضحلة إلى حركات الرأس والمنقار المعقدة، يُظهر الفلامينغو كيف يمكن للطبيعة أن تطور حلولًا مدهشة تجمع بين الجمال والبراعة الهندسية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
دون إبر..لقاحات باستخدام خيط الأسنان
#سواليف
يُعد #تنظيف_الأسنان بالخيط مرة واحدة على الأقل يومياً جزءاً أساسياً في العناية بصحة #الفم. ولكنه قد يحمي أيضاً أجزاء أخرى من الجسم يوماً ما، حيث ابتكر العلماء نهجاً جديداً للقاحات دون إبر باستخدام نوع خاص من خيوط التنظيف.
وهذه الطريقة في #توصيل #اللقاح، فعالة لأن مناطق اللثة بين الأسنان شديدة النفاذية، ما يسمح لها بامتصاص جزيئات اللقاح بسهولة. وفي الدراسة، أظهر الباحثون فاعلية خيط تنظيف أسنان مُضافة إليه مكونات لقاح للحيوانات والبشر.
على الحيوانات
مقالات ذات صلة تحذير هام بشأن واقيات الشمس التي تستخدم “مرة واحدة في اليوم” 2025/07/26وفي التجربة على الحيوانات، استخدم الباحثون أعواد خيط تنظيف الأسنان مع 50 فأراً كل أسبوعين مدة 28 يوماً، وهي مهمة لم تكن سهلة. فلتنظيف كل فأر بالخيط، كان يجب سحب فك الفأر برفق لأسفل باستخدام حلقة معدنية من سلسلة مفاتيح ليتمكن آخر بذلك.
ووفق “دورية نيتشر”، بعد 4 أسابيع من الجرعة الأخيرة من اللقاح، تعرضت الفئران لسلالة قاتلة من الإنفلونزا. لكنها نجت بعد التلقيح بخيط تنظيف الأسنان، بينما ماتت الفئران غير الملقحة. وإضافة إلى ذلك، أظهرت الفئران التي طُعمت بالخيط استجابة مناعية أوسع في جميع أنحاء أجسامها. ووُجدت أجسام مضادة للإنفلونزا في البراز واللعاب، والرئة، والطحال، وحتى في نخاع العظم.
ويشير وجود الأجسام المضادة في نخاع العظم إلى أن أجسام الفئران طورت استجابة مناعية طويلة الأمد.
على البشر
بعد ذلك، أراد الباحثون معرفة إذا كان استخدام خيط تنظيف الأسنان نهجاً فعالًا مع البشر. لذلك طلبوا من 27 متطوعاً استخدام أعواد تنظيف أسنان مطلية بصبغة طعام. وفي المتوسط، وصلت الصبغة إلى اللثة في حوالي 60% من الحالات.
التغلب على العقبات
ويُعد الفم والأنف نقاط الدخول الرئيسية للعديد من الفيروسات، ما يجعل تجويف الفم موقعاً مثالياً لإيصال اللقاح. ومع ذلك، واجه العلماء عقبات كبيرة في تطوير بدائل لقاحات خالية من الإبر لهذه المناطق نظراً لقوة دفاعات الجسم ضد الغزوات الخارجية.
ويمكن للنهج القائم على خيط تنظيف الأسنان تجاوز هذه التحديات، مقدماً طريقة جديدة واعدة.