في ظل استمرار العدوان وغياب التدخل الدولي الفاعل، يعيش أهالي غزة مأساة إنسانية تتفاقم يوما بعد يوم،  الجوع لم يعد تهديدا محتملا، بل واقعا مأساويا يزهق الأرواح ويقوض الكرامة الإنسانية، وسط سياسات ممنهجة تمعن في إذلال المدنيين وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة.

 وفي هذا الصدد، يقول الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، أن أدى استمرار العدوان إلى تصاعد غير مسبوق في معدلات الجوع، مما ساهم في تعميق الأزمة الإنسانية في قطاع غزة.

وأضاف الرقب- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"،   أن في مشهد مأساوي يعكس حجم الكارثة، شهدت مدينة رفح تدافعا مؤلما للمدنيين بحثا عن الطعام، ما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا نتيجة الفوضى والاستهداف المباشر للباحثين عن الغذاء، وهذا السلوك الوحشي يعكس سياسة تجويع ممنهجة تمارس ضد سكان غزة، في انتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية.

وأشار الرقب، إلى أن الواقع الإنساني الكارثي يتطلب تحركا عاجلا من المجتمع الدولي، واتخاذ قرار حاسم يجبر إسرائيل على السماح الفوري بإدخال المواد الغذائية والإغاثية إلى القطاع، لتفادي مزيد من الانهيار في الأوضاع المعيشية والإنسانية.

11 شهيدا وعشرات المصابين في قصف إسرائيلي وإطلاق نار قرب مركز مساعدات في غزةمؤسسة غزة الإنسانية تعلن إعادة فتح مواقع توزيع المساعدات بعد إغلاقها

ومن جانبها، أعلنت مؤسسة غزة الإنسانية، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، مساء السبت أنها ستعيد فتح موقعين لتوزيع المساعدات في رفح جنوب قطاع غزة، بعد أن أُغلقا مؤقتا بسبب ما وصفتها بـ"تهديدات من حركة حماس لموظفيها".

وأوضحت المؤسسة في بيان نشرته على صفحتها الرسمية على "فيسبوك" باللغة العربية أن الموقعين سيُفتحان ظهر الأحد، محذرة السكان من التوجه إلى مواقع التوزيع قبل موعد الافتتاح الرسمي، مشيرة إلى أن من يخالف التعليمات قد لا يحصل على المساعدات.

كما أكدت المؤسسة على ضرورة توجه النساء بأنفسهن إلى الموظفين للحصول على المساعدات، في محاولة لتنظيم عملية التوزيع بعد الازدحام الشديد الذي شهدته المواقع منذ بدء عمليات التوزيع في 26 مايو الماضي، وهو ما يعكس حجم الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، حيث يضطر كثير من السكان للسير لمسافات طويلة وحمل صناديق ثقيلة من الطعام.

انتقادات أممية 

في السياق نفسه، انتقدت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى آلية التوزيع الحالية، مؤكدين أن المدنيين المحتاجين لا ينبغي أن يجبروا على المرور عبر نقاط تسيطر عليها قوات الجيش الإسرائيلي للحصول على المواد الغذائية.

من جانبها، ردّت مؤسسة غزة الإنسانية بنقد حاد للأمم المتحدة بسبب رفضها التعاون مع المبادرة التي تعتمدها المؤسسة والتي تسمح بها إسرائيل لتوزيع المساعدات على نطاق أوسع، معتبرة أنها "المبادرة الوحيدة الفعالة" في الوقت الراهن.

حركة حماس تنفي علمها بالتهديدات 

في الوقت ذاته، اتهمت المؤسسة حركة حماس بأنها تمارس ضغوطًا وتهديدات على موظفيها، موجهة اللوم إليها في عدم تمكن مئات الآلاف من السكان في غزة من الحصول على الغذاء خلال الأيام الماضية.

لكن مسؤولا في حركة حماس نفى لـ"رويترز" أي معرفة لديه بـ"التهديدات المزعومة"، مؤكداً عدم وجود أي موقف رسمي من الحركة بشأن هذا الموضوع، مما يفتح الباب أمام استمرار التوترات حول آليات توزيع المساعدات في القطاع الحساس.


والجدير بالذكر، أن ما يعيشه الفلسطينيون في غزة ليس مجرد أزمة غذائية، بل مأساة إنسانية وصمة في جبين العالم المتحضر.

 والصمت الدولي، والتراخي في اتخاذ مواقف حاسمة، يساهم في تعميق المأساة، وآن الأوان لموقف دولي حازم يعيد للإنسان الفلسطيني حقه في الحياة، ويحمي المدنيين من سياسة الموت البطيء التي تمارس بحقهم.

بين القصف والمجاعة.. غزة تواجه الموت المزدوج وسط صمت دوليانتشال جثماني شهيدين من منطقة معن شرقي خان يونس جنوبي غزة طباعة شارك غزة قطاع غزة المساعدات الإنسانية رفح أهل غزة فلسطين القدس

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة قطاع غزة المساعدات الإنسانية رفح أهل غزة فلسطين القدس حرکة حماس

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يقرّ بتسليح جماعات معارضة لحماس اتُّهمت بنهب المساعدات الإنسانية في غزة

أقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتسليح جماعات فلسطينية في قطاع غزة تعارض حركة حماس، في إطار ما وصفه بـ"خطة أمنية" تهدف إلى دعم الجيش الإسرائيلي على الأرض. اعلان

وجاء ذلك بعد تقارير إعلامية إسرائيلية كشفت عن قيام إسرائيل بتزويد مجموعة يقودها ياسر أبو شباب بأسلحة بينها بنادق كلاشينكوف، صودرت لاحقًا من حماس.

وقال نتنياهو في مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي: "بناءً على توصية الجهات الأمنية، فعّلنا العشائر في غزة التي تعارض حماس، فما المشكلة في ذلك؟ هذا الإجراء ينقذ حياة جنودنا، والإفصاح عنه لا يخدم سوى حماس".

وبحسب التقارير، فإن ياسر أبو شباب، وهو من سكان رفح ومن أصول بدوية، يُعرف محلّيًا بنشاطه الإجرامي ويقود مجموعة تطلق على نفسها اسم "خدمة مكافحة الإرهاب". وقد تبيّن أن بعض هذه الجماعات، المتعاونة مع القوات الإسرائيلية، متورطة في نهب مساعدات إنسانية.

ليبرمان يهاجم نتنياهو

شنّ وزير الدفاع الإسرائيلي السابق والمعارض أفيغدور ليبرمان هجومًا حادًا على نتنياهو، متهمًا إياه بتسليح "مجرمين ومطلوبين" على صلة بتنظيم الدولة الإسلامية، في إشارة مباشرة إلى مجموعة أبو شباب، التي سبق اتهامها بتهريب أسلحة بالتنسيق مع "جماعات جهادية" تنشط في مصر.

وتزامن ذلك مع تداول نشطاء فلسطينيين مقاطع مصورة تُشير إلى تعاون عناصر هذه المجموعة مع القوات الإسرائيلية في مناطق خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي، ما دفع عائلة أبو شباب في غزة إلى إعلان براءتها منه رسميًا، والدعوة إلى تصفيته.

وكان رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، جوناثان ويتال، قد صرّح في 28 أيار/مايو، بأن "السرقات الفعلية للمساعدات منذ بداية الحرب نُفذت من قبل عصابات إجرامية، تحت أنظار الجيش الإسرائيلي"، فيما بدا أنه اتهام مباشر لمجموعة أبو شباب.

ما دور جماعة أبو شباب في عمليات النهب؟

أوردت مذكرة داخلية صادرة عن الأمم المتحدة اسم ياسر أبو شباب باعتباره القائد الرئيسي لعمليات نهب ممنهجة ومنظمة تستهدف المساعدات الإنسانية الوافدة إلى قطاع غزة.

وبحسب وسائل إعلام فلسطينية، فقد شكّل أبو شباب قبل إغلاق إسرائيل للمعابر قوة خاصة في مدينة رفح الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، زعم أنها مخصصة لتأمين دخول المساعدات الإنسانية.

Relatedشركة استثمار خاصة في شيكاغو على خط المساعدات في غزة.. ما الذي يحدث خلف الكواليس؟غزة: مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة 2 بكمين في خان يونسجدة فرنسية تلاحق إسرائيل قضائيًا وتتّهمها بارتكاب "جرائم إبادة" بعد مقتل حفيديها في غزة

وتتراوح أعداد عناصر هذه القوة بين 100 و300 عنصر، ينتشرون في مواقع لا تبعد سوى عشرات الأمتار عن مواقع الجيش الإسرائيلي، ويتنقلون بأسلحتهم تحت إشراف مباشر من القوات الإسرائيلية، ويتحركون تحديدًا شرق رفح قرب معبر كرم أبو سالم، وغربها قرب نقطة توزيع المساعدات ضمن ما يُعرف بالآلية الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات الإغاثية.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال يعلن استهداف أحد عناصر حماس في جنوب سوريا
  • بن جفير يطالب نتنياهو بمناقشة عاجلة بشأن المساعدات الإنسانية لغزة
  • مؤسسة غزة الإنسانية: تهديدات من حماس تجبرنا على تعليق المساعدات في القطاع
  • مقررة أممية: “مؤسسة غزة الإنسانية” تستخدم المساعدات سلاحا للحرب والتهجير
  • مقررة أممية: مؤسسة غزة الإنسانية تستخدم المساعدات سلاحا للحرب والتهجير
  • رغم شهداء المساعدات.. واشنطن تدعو العالم لدعم مؤسسة غزة الإنسانية
  • الإعلام الحكومي بغزة: 110 شهداء برصاص الاحتلال ضحايا مراكز توزيع المساعدات
  • نتنياهو يقرّ بتسليح جماعات معارضة لحماس اتُّهمت بنهب المساعدات الإنسانية في غزة
  • مؤسسة غزة الإنسانية تعلق توزيع المساعدات الغذائية