احذر.. الحبس عقوبة الموظف العام الممتنع عن تقديم إقرار الذمة المالية
تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT
تعمل الدولة جاهدة ممثلة في جهاز الكسب غير المشروع، على مكافحة الانحراف الوظيفي والفساد الإدراى، حيث عمم الجهاز على أكثر من 150 جهة بالدولة خطابات بشأن مواعيد تحرير إقرارات الذمة المالية الدورية لموظفيها لعام 2024، تمهيدا لاستقبال الإقرارات ذاتها اعتبار من يناير المقبل وحتى 30 مارس المقبل.
وللتسهيل على الموظفين خاصة المنتقلين إلى العاصمة الإدارية الجديدة، تمت ميكنة إقرارات الذمة المالية بحيث يمكن إرسالها عبر البريد الإلكتروني، حيث يقوم جهاز الكسب غير المشروع خلال شهرى نوفمبر وديسمبر بتوعية جهات الدولة بتحرير إقرارات الذمة المالية لكبار المسؤولين والموظفين بالدولة، وذلك بهدف مكافحة الانحراف الوظيفي والفساد الإدراى.
وحدد جهاز الكسب غير المشروع الفئات الملزمة بتقديم الإقرارات وهم القائمون بأعباء السلطة العامة من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء وسائر العاملين بالدولة، رئيس وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ ومن فى صفتهم، ورؤساء وأعضاء مجالس الإدارة وسائر العاملين بالهيئات والمؤسسات العامة والاقتصادية، والعاملون بالشركات التي تساهم الحكومة أو الهيئات العامة بنصيب في رأس مالها، ورؤساء وأعضاء مجالس إدارة النقابات المهنية والاتحادات العمالية والجمعيات الخاصة ذات النفع العام، ورؤساء أعضاء ومجالس الإدارة وسائر العاملين بالجمعيات التعاونية.
عقوبة التخلف عن تقديم إقرار الذمة المالية
وحدد القانون عقوبة لمن يتخلف عن تقديم الإقرار في موعده حيث أوجب على ادارة الكسب غير المشروع ابلاغ النيابة العامة عن واقعة التخلف عن تقديم الاقرار لإجراء شئونها فيها ولا يحول التخلف عن تقديم الاقرار دون قيام الهيئات المختصة بفحص عناصر الذمة المالية للمتخلفين.
ويواجه الذين تخلفوا عن تقديم اقرارات الذمة المالية عقوبة الحبس حيث تنص المادة 20 من القانون رقم 62 لسنة 1972 بشأن الكسب غير المشروع على أن "كل من تخلف عن تقديم إقرارات الذمة المالية فى المواعيد المقررة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيها ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".
مشاركة
المصدر: اليوم السابع
كلمات دلالية: إقرارات الذمة المالية الكسب غير المشروع جهاز الكسب غير المشروع إقرارات الذمة المالیة الکسب غیر المشروع عن تقدیم
إقرأ أيضاً:
زياد .. عبقرية «السهل الممتنع»
كان القاص الراحل عبد الستار ناصر يردّد كثيرًا أغنية فيروز (كيفك أنت؟)، وحين قرأ قصيدتي (زعل) ورأى فيها تناصًا مع أغنية فيروز (زعلي طول)، قال لي: لو أصغيت جيدًا إلى أغنية (كيفك أنت؟)، ستخرج بنصّ تمتزج فيه الأسئلة مع حرارة العاطفة، وراح يروي حكاية الأغنية التي وُلدت من سؤال عابر من فيروز لولدها زياد، حين تفاجأت بوجوده في بيروت وكان يومها مقيمًا في لندن. ذلك السؤال يكشف عن تلميحات لفجوة حصلت بينهما، لكنّ الفجوة لم تقطع حبل المودّة، والسؤال يندرج ضمن أسئلة عابرة عن الحال، نقول مثلها الكثير يوميًا على وزن «كيفك أنت؟» تعقبها جمل مبطّنة بعتب وتلميحات للفجوة: «عم بيقولوا صار عندك ولاد، أنا والله كنت مفكرتك برّات البلاد»، لكنّها بالنسبة لفنّان حادّ الإحساس مثل زياد الرحباني تعني لآلئ مختبئة في جوف صدفة تحتاج إلى يد بحّار ماهر لاستخراج الكنز المخبوء تحت قشور الصدفة. فتحوّل ذلك السلام، وتلك التحيّة، على يد زياد الرحباني إلى أغنية لامست الوجدان الجمعي، فردّدت كلماتها ولحنها الملايين من محبّي فيروز في الوطن العربي، رغم أنّ زيادًا حين عرضها على (فيروز) المعروفة بدقّة اختياراتها لكلمات أغانيها، تردّدت طويلًا قبل أن تغنّيها، ربمّا ظنًا منها أن كلماتها عاديّة لا ترقى أن تكون شعرًا. تلك (العاديّة) صارت ميزة لكلمات وألحان زياد، الذي كان يلتقط أغانيه من الطريق، فإذا كان الجاحظ يقول: «المعاني مطروحة في الطريق، إنما الشأن في إقامة الوزن، وتخيّر اللفظ، وسهولة المخرج، وكثرة الماء»، فإن معاني الأغاني أيضًا مطروحة في طرق الحياة، لذا يقول الشاعر سعدي يوسف:
«كلّ الأغاني انتهت
إلّا أغاني الناس»
في إشارة إلى أن الأغاني كلّما نبعت من حياة الناس، ومعاناتهم، ضمنت بقاءها وخلودها في قلوبهم.
ولو دقّقنا في الأغاني التي كتبها ولحّنها زياد الرحباني، للاحظنا أنّ القاسم المشترك فيها بساطة التعبير، فهو مبدع أغاني (السهل الممتنع). فلو أصغينا إلى أغنية (عَ هدير البوسطة) التي غُنّيت للمرّة الأولى في مسرحيّة زياد الرحباني (بالنسبة لبكرا.. شو؟) المعروضة عام 1979م، فمن يعرف موضوعها ويقرأ كلماتها لا يمكن أن يتخيّل أنّها يمكن أن تُغنّى، بل وتنال شهرة كبيرة حتى عُدّت من أشهر أغاني فيروز! فكلماتها تتحدّث عن مجموعة شباب ركبوا حافلة النقل (البوسطة) التي تسير على الطريق الواصل من (حملايا) إلى (تنّورين) القريتين اللبنانيتين، وخلال الرحلة تحضر عينا (عليا) الجميلتان، ثم تتداعى تفاصيل الرحلة عبر رسم صور كاريكاتيرية، فقد كانوا:
«طالعين بهالشَّوب وفطسانين
واحد عم ياكل خسّ وواحد عم ياكل تين
وفي واحد هوّي ومرتو
وْلُو شو بشعة مرتو
نيّالُن ما أفضى بالُن
ركّاب تنّورين
مش عارفين عيونِك يا عليا شو حلوين»
والكلام نفسه ينطبق على كلمات أغنية (عودك رنّان) البسيطة، الخالية من البلاغة التقليدية، والتكلّف، والكلمات التي تنبع من القلب تدخل القلب بلا استئذان:
«عودك رنّان.. رنّة عودك إلي
عِيدا كمان.. ضلّك عيد يا علي
سمّعني العود عَ العالي، عيدا كمان»
ومن الخفّة في أداء الجمل القصيرة التي ترتكز عليها كلمات الأغنية، إلى الأداء الساخر في أغنية (تلفن عيّاش) الساخرة، التي تتحدّث عن عيّاش الذي اعتاد على الكذب عليهم حتى صار أصحابه يتقبّلونه منه برحابة صدر، لتتحوّل أكاذيبه إلى موضوع للتندّر:
«تلفن عيّاش لمّا توقّعنا وناطرينه
تلفن عيّاش تلفن يعني الله يعينه
تلفن عيّاش ما بيحلف إلّا بدينه»
وجاء اللحن منسجمًا مع الكلمات، فهو سريع، وخفيف، وفيه من روح السخرية الكثير، فقد استمدّ مادّته وإيقاعاته من بساطة المفردات، كما هو الحال مع أغنية «الحالة تعبانة يا ليلى» لجوزيف صقر، الذي غنّى «عَ هدير البسطة» قبل فيروز، وقد غنّتها تحيّة لروحه:
«الحالة تعبانة يا ليلى خطبة ما فيش
إنتِ غنيِّة يا ليلى .. ونحنا دَرَاويش
إنتِ بِوادي ونحنا بِوادي
وكل لحظة تبعّدنا زيادة
أرض الْـ عنّا بلا سجادة
وإنت معوّدة تمشي عالريش»
وتحت هذه البساطة والسخرية يقبع فكر عميق، ومواقف وطنية وإنسانية معروفة عن زياد الرحباني، الذي ذكر في لقاء له أنّ والده عاصي كان معجبًا ببساطة أغاني سيّد درويش، لكنّ مرضه حال دون إظهار تلك البساطة في فنّه بشكل أوضح، ويبدو أنّ الابن حمل على عاتقه ذلك الهدف، فأكمل ما كان يخطّط له والده، حبًا به وبفن سيّد درويش، الذي وُلدت أغانيه من رحم الواقع، والثقافة الشعبية، والموروثات. والمعروف أن الأغاني التي تنتمي للواقع، وتنبع منه، تحظى بنجاح، وأغاني زياد الرحباني من النوع المعجون بطين الواقع، فجاءت قريبة من تطلّعات وأحاسيس الناس، لذا ستبقى أغانيه خالدة، فقد نالت فرادتها كونها من أغاني (السهل الممتنع).