أميرة خالد

رغم أن المناسبات الاجتماعية والمواسم تُعد غالبًا أوقاتًا للفرح والاحتفال، إلا أن هناك شريحة من الناس تمرّ خلالها بمشاعر من الحزن والانقباض النفسي، فيما يُعرف بـ”اكتئاب المواسم”، وهي حالة لا تزال خارج التصنيفات الرسمية للاضطرابات النفسية، لكنها تتكرر في فترات مثل الأعياد والإجازات والتجمعات العائلية والمواسم الدراسية.

وأوضح استشاري الطب النفسي الدكتور علي زايري في حديثه لـ”العربية.نت”، أن هذا النوع من الاكتئاب يُشبه إلى حد ما الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD)، لكنه يتميز بارتباطه بأحداث اجتماعية دورية أكثر من التغيرات المناخية أو الموسمية المعتادة.

ويشير زايري إلى أن من أبرز العوامل المحفزة لهذه الحالة، شعور الفرد بضغط نفسي نتيجة التوقعات المجتمعية العالية بضرورة إظهار السعادة والانخراط في الأجواء الاحتفالية، حتى وإن كان لا يشعر بذلك داخليًا، مما يخلق فجوة عاطفية مؤلمة بين الواقع والشعور المفترض، ويدفع الشخص نحو مزيد من العزلة والتوتر النفسي.

كما لفت إلى أن هذه المناسبات قد تستدعي عند البعض ذكريات مؤلمة أو لحظات ماضية أكثر إشراقًا، وهو ما يُعرف في الطب النفسي بـ”الحداد غير المكتمل”، إذ يعيد العقل استحضار مواقف لم يتم التكيف معها سابقًا، فتتفجر عاطفيًا مع كل موسم أو مناسبة.

وأوضح أن كبت المشاعر الحزينة في وقتها، يتسبب أحيانًا في ما يشبه “الانفجار الوجداني” في المناسبات المقبلة، حيث تُستثار الأحاسيس المؤجلة عند التعرّض لمحفّزات معينة، مثل صور العائلة أو أجواء الاحتفال.

ومن الناحية البيولوجية، فإن التغييرات في نمط النوم خلال الإجازات أو السفر أو السهر لساعات طويلة قد تؤثر على الساعة البيولوجية للجسم، ما يؤدي إلى اضطراب إفراز هرمون الميلاتونين المرتبط بالمزاج.

وتشمل أبرز الأعراض التي ترافق هذه الحالة: شعور عام بالحزن رغم وجود محفزات للفرح، تراجع الشغف، صعوبة التفاعل مع الآخرين، الإحساس بالذنب أو عدم الاستحقاق، والرغبة في الانعزال، إضافة إلى اجترار الذكريات والتفكير السلبي، والذي قد يتطور في بعض الحالات إلى ميول لإيذاء الذات.

ويؤكد زايري أن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة تشمل كبار السن ممن فقدوا شركاء حياتهم، المطلقين، أصحاب الأمراض المزمنة، من لديهم تاريخ نفسي، العاملين خارج الوطن أو بعيدًا عن أسرهم، وكذلك الممارسين الصحيين، لافتًا إلى أهمية التدخل النفسي من خلال العلاج المعرفي السلوكي، والمشاركة في أنشطة إيجابية بديلة، إلى جانب تعزيز الجوانب الروحية والإيمانية التي تمنح الشخص قدرًا من التوازن الداخلي.

من جانبه، أوضح أخصائي علم النفس الإكلينيكي عبدالله آل دربا أن “اكتئاب المواسم” يرتبط بما يُعرف بالتشوهات المعرفية، وهي أنماط التفكير السلبية التي تدفع بعض الأفراد إلى ربط حاضرهم بكل التجارب السلبية في الماضي، مما يعزز مشاعر اليأس والتشاؤم.

وأشار آل دربا إلى أن هذا النوع من الاكتئاب يظهر بشكل واضح لدى من يعانون من ضعف في المهارات الاجتماعية أو الرهاب الاجتماعي، حيث يجدون صعوبة في الاندماج خلال الفعاليات أو التجمعات الكبيرة.

كما أضاف أن الحالة تظهر كذلك لدى الشباب العاطلين عن العمل، أو الذين يمرون بأزمات منتصف العمر، وأيضًا من يشعرون بتكرار نمط حياتهم دون تغييرات ملموسة، أو يواجهون صدمة العودة المفاجئة إلى الروتين بعد الإجازات.

ودعم آل دربا حديثه بنتائج دراسة أُجريت في شرق الرياض عام 2023 على عينة من 232 شخصًا من مراجعي مراكز الرعاية، حيث أظهرت أن 33.5% منهم يعانون من أعراض مرتبطة بالحزن الموسمي، وهي نسبة تتجاوز المعدلات المسجلة في بعض الدول الغربية.

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: الضغوط النفسية المناسبات الاجتماعية

إقرأ أيضاً:

تنظيم ندوات توعوية لمخاطر إطلاق النار في المناسبات الإجتماعية بشندي

تعتزم الشرطة المجتمعية بشندي تنظيم ندوات ضمن الحملات التوعوية لمخاطر اطلاق النار في المناسبات والأفراح .وقال مدير الشرطة المجتمعية بشندي الملازم أيمن حسين محمد عوض الله ان الحملات التوعوية لابد ان تأخذ اشكالا وانواعا حتى تصل الرسالة للجميع ويعرف كل الناس المخاطر المترتبة على اطلاق النار في الأفراح والمناسبات.واضاف مدير الشرطة المجتمعية بشندي ان الادارة ستشرك في هذه الحملات التوعوية القوات النظامية الاخرى والمقاومة الشعبية والقيادات الاهلية والشعبية في المجتمعات الريفية والحضرية.وابان ان الحملات التوعوية تشمل القوات النظامية وشبة النظامية.واوضح ان هذه الندوات والحملات التوعوية ستخرج بالعديد من النتائج والتوصيات وإن كل هذه المخرجات سترفع الى الجهات العليا للنظر فيها واتخاذ الاجراء المناسب تجاهها.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تقرير دولي: الشبكات الاجتماعية تفاقم أزمة الصحة النفسية للأطفال
  • يحيى عطية الله: تجربة الأهلي إيجابية.. والضغوط جزء من متعة كرة القدم
  • تقرير يدق ناقوس الخطر حول مخاطر الشبكات الاجتماعية على الصحة النفسية للأطفال
  • ندوة بالأغوار الشمالية حول مكافحة اطلاق العيارات النارية بالمناسبات
  • كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان: بوابتك للتميز في مجال الخدمة المجتمعية
  • صندوق استثمار أموال الضمان يحتفي بالمناسبات الوطنية: عهد من الإنجاز ومسيرة مؤسسية راسخة
  • الزعاق يفسر ظاهرة الانفجار التي حدثت بسماء المملكة وشغلت المواطنين.. فيديو
  • قانون الضمان الاجتماعي.. وقف الدعم النقدي في هذه الحالة | اعرف إجراءات التظلم
  • تنظيم ندوات توعوية لمخاطر إطلاق النار في المناسبات الإجتماعية بشندي